|
كتاب ( النصر ) ف 2 : النصر : معنى النصر في الدنيا
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6754 - 2020 / 12 / 7 - 22:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كتاب ( النصر ) ف 2 : النصر : معنى النصر في الدنيا ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51) غافر ) النصر في الدنيا في الحروب 1 ـ خدع الشيطان آدم وزوجه بما أسماه ( شجرة الخلد ) التي تعنى الملكية المطلقة والخالدة التي لا موت فيها . قال جل وعلا : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى (120) طه ). هبط آدم وزوجه من أرض برزخية الى هذا الكوكب الأرضى المادي ، ونزل معهم قانون الصراع فيما بينهم ، قال جل وعلا : 1 / 1 :( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) البقرة ) 1 / 2 :( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) الاعراف ) 1 / 3 : ( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ (123) طه ). 2 ـ هذا العداء يفجر التصارع حول ( المُلك الذى لا بد أن يبلى ) : ( المُلك ) هو تملك الأرض ومواردها وما تعنيه هذه الموارد من أموال ، بسبب الانشغال بهذا المُلك ينسى المتصارعون الموت الحتمى الذى لا مهرب منه ، يموتون ويأتي بعدهم من يواصل الحرب ، وهكذا . وفى النهاية فالله جل وعلا هو الذى يرث الأرض ومن عليها ، قال جل وعلا يعظهم : ( وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (39) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40) مريم ) 3 ـ في هذه الحروب منتصر ومهزوم ، وهذه الحروب ليست في سبيل الله جل وعلا ، إنّما هي في سبيل ( المُلك الذى يبلى ) ، أي هي حروب في سبيل الشيطان ، مهما رفعت من شعارات دينية كما فعل الخلفاء الفاسقون والصليبيون أو شعارات قومية أو وطنية أو اجتماعية . لا دخل لنصر الله جل وعلا لأحد المتصارعين في هذه الحرب الشيطانية . 4 ـ يأتي نصر الله جل وعلا حين تكون الحرب في سبيله هو جل وعلا ، ويضطر اليها قوم مؤمنون مسالمون يتعرضون للعدوان لأنهم يقولون ربنا الله جل وعلا . هم ينصرون الله جل وعلا ، ويرفضون الوحى الشيطانى وعبادة المخلوقات ، فيتسلّط عليهم المجرمون بصنوف الأذى ومنها إخراج المؤمنين من ديارهم وأموالهم . ولأنهم ينصرون الله جل وعلا فالله جل وعلا ينصرهم في حربهم . قال جل وعلا : 4 / 1 : عن بنى إسرائيل بعد موت موسى عليه السلام : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ) (246) البقرة ) ( وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ)(251)البقرة ). هزموهم بإذن الله جل وعلا . 4 / 2 : عن المؤمنين في عهد النبى محمد عليه السلام : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج ). بصيغة التأكيد الثقيل قال جل وعلا : ( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ). 4 / 3 : في تشريع القتال في الإسلام : ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) البقرة ) . نتوقف بالتدبر مع الآية الكريمة : 4 / 3 / 1 :( فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) يعنى القتال الدفاعى فقط ضد من يهاجم معتديا ( الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ) . 4 / 3 / 2 : ومنعا لأى لبس أو تلاعب بالمعنى جاء النهى : ( وَلا تَعْتَدُوا ). 4 / 3 / 3 : وجاء الوعظ : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ). 4/ 3 / 4 : بالتالى فإن فتوحات الخلفاء السابقين في سبيل الدنيا وزينتها هي فتوحات شيطانية ، والنصر فيها ليس من عند الله جل وعلا ولكن من عند الشيطان . والشيطان الذى أغواهم وأغراهم بالفتوحات هو أيضا الذى أغواهم وأغراهم بالحروب الأهلية فيما يُعرف بالفتنة الكبرى ، ولا يزال الشيطان يغويهم ويغريهم فتاريخ المحمديين صفحة واحدة من حروب مع الخارج وحروب مشتعلة في الداخل ، وينتصرون بالشيطان وينهزمون بالشيطان ، ولا يزالون يفعلون .! النصر في الدنيا في الدعوة جهادا سلميا 1 ـ الأساس في الدعوة الإسلامية أنها في سبيل الله جل وعلا وحده إبتغاء مرضاته وأملا في الأجر من عنده في اليوم الآخر وأن يكون الداعية شاهدا على قومه مع الأنبياء والمرسلين . بعد الأنبياء الذين اصطفاهم رب العزة جل وعلا فالمجال مفتوح أمام المؤمنين لمن يدخل هذا المجال متسلحا بالعلم القرآنى قادرا على التدبر فيه مع ما يلزم هذا من ثقافة علمية تساعد على التدبر ، ثم هو لا يأبه باعجاب الناس أو إزدرائهم ، إذ لا غرض له إلا في رضا الرحمن جل وعلا . ليس كل المؤمنين مؤهلين لهذا . ولكن المؤمنين مطالبون بتعضيد دُعاة الحق ، فالداعية للحق لا يستطيع بنفسه مواجهة الاضطهاد والتضييق ولا يستطيع بمفرده أن تصل دعوته الى الآفاق ، لا بد من وجود من مجاهدين بالمال والطاقة بجانب الدعاة ، والدعاة ورفاقهم هم معا سيكونون ـ إذا صدقوا ـ شهداء على أقوامهم يوم القيامة . 2 ـ هذا خلاف أئمة وشيوخ وكهنة الأديان الأرضية الذين يتخذون من دينهم الأرضى تجارة ، وبه يؤازرون المستبد في طغيانه ، أو قد يزايدون عليه بدينهم الأرضى ليشاركوه في السلطة أو ينتزعوها منه . 3 ـ نحن في عصر ردىء ، أصبح الكلام في الدين مسرحا لكل من هبّ ودبّ ، كلهم يفتى في الدين كما يفتون في الرياضة والفن والسياسة ، هم بهذا متشجعون بجهل أئمة الأديان الأرضية . هم جميعا يجمعهم الجهل والافتراء . الوضع في مجال الدعوة الدينية حسّاس جدا، يجعل الداعية الدينى كمن يسير على حدّ السيف ، لأنه بما يقول قد يهتدى به الناس وقد يضلون . إذا أضل الناس بما يقول فسيأتى يوم القيامة يحمل وزره ووزر من طبّق كلامه في حياته ، شأن من يفتى بالإرهاب فينفذ فتاويه شباب متدينون يؤمنون بخرافاته . قال جل وعلا عن فقهاء الشيطان : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25) النحل ) 4 ـ الداعية في الدين إذا أراد النجاة من عذاب يوم الدين عليه أن يعلن الحق صريحا ، يضع النقاط فوق الحروف . مجرد كتمانه الحق مراعاة لإرضاء الناس يجعله خصما لرب العزة جل وعلا يوم القيامة. قال جل وعلا عن دعاة الأديان الأرضية :( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175)البقرة) 5ـ تطبيق هذا الميزان عسير جدا على من أمضى حياته ينشر الإفك . تخيل أحد أئمة الأديان الأرضية ( القرضاوى ، السيستانى ، شيخ الأزهر ، البابا ..الخ ) يقف علانية يعلن توبته ويعترف بأنه كان يُضل الناس فيما سبق ، ويعتذر عما أذنب . مستحيل أن يفعل بعد أن أمضى عمره في الاضلال ، ولو فعل فسينجو من لعنة الله جل وعلا شريطة أن يتوب توبة نصوحا وأن يُصلح ما أفسده ويبيّن الآيات البينات التي كان من قبل يتلاعب بها ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة ). 6 ـ قال جل وعلا عن الدعوة الإسلامية : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )(125) النحل ). نتوقف مع الآية الكريمة : 6 / 1 :( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ ) سبيل الله جل وعلا ، السبيل هو الصراط المستقيم ، وهو يعنى هنا ما جاء في القرآن الكريم في توضيح ماهية الكفر وماهية الإسلام ، وما يعنيه هذا من تكفير من يؤمن بحديث غير حديث الله جل وعلا في القرآن الكريم ، ومن يقدس البشر والحجر . الكافرون يعتبرون وصف آلهتهم بصفات البشر سبّا وشتما وإعتداءا على مقام ألوهيتهم ، هذا مع أن الداعية الاسلامى لا يسبُّ ولا يشتم آلهتهم بل يصفها بالوصف الحقيقى ، وعندما يقول الداعية الاسلامى وصف رب العزة للكفار فهو أيضا لا يسبُّ ولا يشتم بل يقول حقائق أكّدها رب العزة جل وعلا في كتابه الكريم . وفى النهاية فكل ما يقوله الداعية الاسلامى من حقائق قرآنية هي للوعظ . وهى كما قال جل وعلا : 6 / 2 :( بِالْحِكْمَةِ ) ( وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) ، أي بالقرآن الكريم ، ف ( الحكمة ) من أسماء القرآن الكريم ، وفيه الموعظة الحسنة . 6 / 3 : ( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ). أحسن الجدال هو التوضيح القرآنى الذى يتميز فيه الحق عن الباطل ، فيصبح الباطل زهوقا : ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81) وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82) الاسراء ) 7 ـ المثل الأعلى للداعية المسلم جاء في قوله جل وعلا : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصلت ). جعلنا الله جل وعلا من أصحاب هذا الحظ العظيم . 8 ـ صاحب هذا الحظّ العظيم لا يطلب من الناس أجرا : 8 / 1 : كل الأنبياء كانوا لا يطلبون أجرا من أقوامهم لأن أجرهم عند الله جل وعلا :( هود : (29 ). (51) )( الشعراء (109) ( 127 ) ( 145 ) ( 164 ) ( 180 ). ونفس الحال مع خاتم النبيين ، كان لا يسألهم أجرا لأن أجره على رب العزة جل وعلا ، وبهذا أمره ربه جل وعلا :( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) الانعام ) ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (87) ص ) ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) الطور ) ( القلم 46 ) الأجر هو لمن يهتدى : ( قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) سبأ ) ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً (57) الفرقان ) ، ومنه أن يقدم المودة لأقاربه ويعمل الصالحات : (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) الشورى ). 8 / 2 : وقالها لقومه رجل داعية مؤمن : ( اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) يس ). الداعية المؤن لا يسأل أجرا ممّن يدعوهم ، وهو في نفس الوقت ملتزم بتطبيق ما يدعو اليه . 8 / 3 : وعليه ، فالداعية الاسلامى لا ينخرط في الصراع السياسى ولا يخلط السياسة بالدين ، وليس له أي طموح دنيوى . العمل السياسى يسترضى الناس ويخدعهم وينافقهم ويقول لهم ما يرضيهم . الداعية المؤمن طبيب للقلوب يصف المرض بصدق ويصف العلاج بصدق ، لا يهمه إن رضى المريض أو رفض . في كل الأحوال فالداعية الاسلامى يصدع بالحق كاملا مُعرضا عن الجاهلين الكافرين المشركين . قال جل وعلا : 8 / 3 / 1 : ( خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199) الاعراف ) 8 / 3 / 2 : ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (94) الحج ) 8 / 3 / 3 : ( اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (106) الانعام ) 8 / 4 : وقال جل وعلا عن دُعاة الحق : ( يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) المائدة ) 9 : لأن الدعوة خالصة لوجه الله جل وعلا وليس فيها أي شبهة لاحتراف دينى وتجارة دينية أو منافع شخصية فإن الداعية الاسلامى ليس له موقف شخصى من خصومه ، بل هو يقابل إساءاتهم بالاعراض عنهم والصفح عنهم : ( وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89) الزخرف )، فيكفى ما ينتظرهم من خلود في الجحيم ، لذا يصفح عنهم الصفح الجميل : ( وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) الحجر ). معنى النصر للمؤمنين في الدنيا : 1 ـ تحديد النصر في المعارك الحربية هو نصر للدولة الإسلامية المُعتدى عليها . 2 ـ أما تحديده في الدعوة فهو نصر للدعوة . فالذى ينشر الدعوة للحق أساسا هم خصومها ، إذا يضطهدون الدُّعاة للحق ، ويوجهون لهم الأنظار ، ويرددون بعض ما يستشهدون به ، فيقومون بدعاية مجانية للحق ، فينتصر الحق بحُمق خصوم الحق في الدنيا . العادة أن دُعاة الحق أقلية ويسبقون عصرهم . وهم يعانون في عصرهم من الاضطهاد ، ويموتون ولكن يظل ما يقولون حيا بعد موتهم . 3 ـ قد يطغى مؤقتا ما يقوله خصومهم من تهريج وأكاذيب وخرافات ، قد تزدهر ولكن لا تلبث أن تندثر ويتمدد الحق . قال جل وعلا : 3 / 1 : ( كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ (17) الرعد ) 3 / 2 : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) ابراهيم ) . 3 / 3 : أعظم إنتصار لدعاة الحق عندما يكونون أشهادا على قومهم يوم القيامة .
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحقق وعود الآخرة قريبا
-
كتاب ( النصر ) ف1 : سادسا : استعجال وقوع وعد اليوم الأخر ، و
...
-
كتاب ( النصر ) ف1 : خامسا : الوعد بخروج يأجوج ومأجوج قبيل قي
...
-
كتاب : ( النصر ) ف1 : الوعد بالنصر: وعود تحققت بعد نزول القر
...
-
كتاب : ( النصر ) ف1 : أمثلة لتحقق الوعد الإلهى : وعد آخر في
...
-
كتاب ( النصر ) ف1 : أمثلة لتحقق الوعد الإلهى ( 3 )
-
كتاب ( النصر ) ف1 : أمثلة لتحقق الوعد الإلهى ( 1 : 2 )
-
كتاب ( النصر ) ف1 : الوعد بالنصر: التأكيد على وقوع الوعد وال
...
-
كتاب ( النصر ) ف1 : الوعد بالنصر : أولا : لمحة عن الوعد :
-
( أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَاف
...
-
( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّ
...
-
عن حُمق الحسين ..للمرة الأخيرة
-
من خفايا التاريخ: أبو ركوة الأموي يثور على الخليفة الفاطمى ا
...
-
سخرية البشر في رؤية قرآنية
-
( خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِي
...
-
الكتاب كاملا :( مسلسل الحُمق في ذرية : علىّ بن أبى طالب )
-
خاتمة كتاب ( مسلسل الحُمق .. )
-
مقدمة كتاب ( مسلسل الحُمق في ذرية - على بن أبى طالب - ). ( ا
...
-
مسلسل الحُمق في ذرية (على بن أبى طالب ) : فشل ثورة إبراهيم و
...
-
هذا الشّعار الشيطانى ( إلّا رسول الله ) الذى يفضح تأليه المح
...
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|