أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - الحزب العلماني المصري..كفكرة سيئة















المزيد.....


الحزب العلماني المصري..كفكرة سيئة


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 6753 - 2020 / 12 / 6 - 21:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الطبيعي وراء أي فكرة لإنشاء حزب هي (الإصلاح) واعتباره ضروريا والضغط من أجل ذلك للحُكم ، وعن طريق النظام السياسي الجديد يتم التمكين لبرنامج هذا الحزب..

فكرة إنشاء حزب علماني هي جيدة نظريا، ومع احترامنا لكل رموزه في مصر لكنه من حيث الواقع العملي فاسد جدا ويضر عملية الإصلاح، وسأشرح ذلك من عدة نواحي:

أولا: لو فشل هذا الحزب ألا يستدعي ذلك النظر في مبدأ العلمانية نفسه وتقبيحه شعبيا؟..ألم يفشل الإخوان المسلمين في الحكم لنفس السبب وهو أنهم خلطوا بين القيمة الأخلاقية والفكرية التي تجمعهم – وهي الدين - وبين الحُكم والسياسية؟

البعض يقول لكن هناك أحزابا بهذا الإسم ومشتقاته في الغرب – كالليبرالية – أقول أن رسوخ العلمانية كثقافة حُكم في أوروبا صار مهيمنا على الدستور وسابقا للوعي الشعبي نفسه، أي لا يدور بخيال أي أوروبي أن ضعف الحزب الليبرالي هو فشل لليبرالية ومن ثم ننظر في مدى جدية أي نموذج مختلف، فقد امتلكوا الوعي الكافي للتفريق بين عمل الحزب وبين القيمة العليا المهيمنة فوق الدستورية التي تجمعهم، بينما في مصر هذا ليس موجودا..والشعب المصري لا زال يرى الخلافة حلّاً ذات جدوى بل وضرورية أحيانا، مما يُهدد مدنية الدولة كليا في حال فشل الحزب العلماني واستثمار الإسلاميين لذلك شعبيا وفكريا.

ثانيا: بقاء العلمانية كتيار فكري ونخبوي (ناقد) مهم لإقناع السلطة والأعيان على الأقل بأهميتهم، ومن ثم يُحسِن النظام السياسي في تقديم العلمانيين للشعب بأثر ذلك ، فالتعلمن كان ولا يزال فكرة غير شعبية يهددها رجال الدين بما في ذلك المجتمع الغربي الذي تظهر عثراته بين حينٍ وآخر فما كنا نظنه اختفاء تام لأي خلط في الدين بالسياسة كان وَهما ، وأن نفوذ رجل الدين لا زال محتفظا بحده الأدنى من وجوده الاجتماعي وأحيانا السياسي..

ثالثا: الإصلاح في مصر مرتبط بالماضي ، هذا يعني إن لم يكن للحزب العلماني أرضية معرفية لتصور ذلك الماضي وانتقاده فمشروعه يفشل قبل أن يبدأ، وبالاطلاع تبين عندي أن العديد من مشاهير الحزب العلماني مثقفين فعلا ويملكون هذه الأرضية..لكنهم إذا وُضعوا في خيارٍ بين مصالحهم وحزبهم يختارون الأولى..فلم نشهد لكبار الحزب العلماني حضورا معرفيا ثقافيا ولا ندوات (لنقد هذا الماضي) أستثني محاولة على استحياء جرت في صالون علمانيون لفترة وجيزة ثم انتهت لأسباب غير معروفة..

الشق الآخر في هذا الجزء أن فئة كبيرة من علمانيين مصر تحولت للادينية العنيفة وصار لها موقفا شرسا من الدين، فلم يعد تصورهم النقدي للماضي يحمل بصمات الإصلاح بل صار يحمل أيدلوجيا للتغيير أقرب لمعاداة الأديان منها إلى التعايش معها والقبول، وهذه الشق كان ولا يزال مصدر تشويه لعلمانيين مصر وحزبهم المفترض الذي سيسقط شعبيا مع أول مواجهة تحوي تلك الرموز

رابعا: الحزب العلماني المصري سائر قياداته ينتمون للطبقة المتوسطة، وهذا طبيعي بحكم الوعي..لكنهم لا يريدون الاعتراف بهذا الانتماء ويصرون على أحقيتهم في توجيه خطابات للجمهور الفقير والطبقة العليا والحاكمة..وهذا قصور ذهني لا يدرك أهمية أن يكون من بينهم رجال أعمال كبار ومراكز قوى سياسية وشباب كادح مؤمن بالفكرة وشريحة من الجمهور الفقير الأمي يرى أن مبادئ العلمانية من الحرية والمواطنة ستجعله يعيش بشكل أفضل، ويتضح ذلك القصور بشدة في ندواتهم المغلقة التي أهملت تماما ما يسمى ب (الثقافة الشعبية) والفنون التي رعاها تقدميين مصر في القرن 20 وكانت سببا في ارتقاء الوعي بأهمية الفن قبل تحريمه على أيدي الجماعات..

خامسا: علمانيون مصر دائما يقولون أنهم قادرين على إنجاز الإصلاحات لكن لم يقولوا ما هي قدراتهم والأجواء التي نعيشها هل تسمح لهم بذلك الإنجاز أم لا؟..فالرغبة وحدها لا تكفي بل القدرة أهم..ومن علامات غياب القدرة هي فشل قيادات ورموز الحزب – مع احترامنا لهم – في التواصل وعقد تحالفات مع أحزاب أخرى وتيارات سياسية مختلفة..والذي قلته منذ سنوات أنه لو فشل علمانيين مصر في التواصل مع السلفيين فلن يحكموا أبدا..ليس إيمانا بدور السلفيين في الحكم ولكنها (كناية) عن قدرة عناصر الحزب للذهاب أقصى اليمين واليسار..بمعنى اختبار قدرات فعلي
سادسا وأخيرا: علمانيون مصر في الحزب لا يعرفون سوى طريقا واحدا للإصلاح وهو المشاركة في الانتخابات..والسؤال الذي طرحته عليهم منذ أعوام ماذا لو أغلقت أبواب الانتخاب؟؟؟

كان الهدف وقتها دفع عناصر الحزب لتصور طرق بديلة كالحضور في النقابات والعمل الأهلي والإعلامي والمدني والدخول بقوة في قطاعات النيابة والقضاء والأمن..وبالمناسبة فالإخوان المسلمين كانوا أذكى من علمانيين مصر في هذا الجانب لأنهم طرقوا هذه الأبواب ودخلوها..حتى أن بعض النقابات كانت حكرا للإسلاميين ومستوطنات خاصة بهم تحولت بعد ذلك لحصان طروادة لاختراق الدولة حتى نجحوا في الصعود لحكم مصر..

هذا الإهمال سببه عدم وجود تصور تاريخي ووعي فلسفي لعناصر الحزب، فهم يظنون أن الوعي التاريخي يتحقق بعدم استنساخ التجارب..ويغضون الطرف عن ما هو أولى بأن التجارب قد تُستنسخ بالفعل بمقدمات مختلفة..فالقاعدة المشهورة أن المقدمات المتشابهة تعطي نتائج متشابهة لا تصح في كل الأحوال..بل قد تختلف المقدمات وتُعطي نفس النتيجة..

والدليل على ذلك ما حدث للإخوان المسلمين حين حكموا مصر، ظنوا أن تجربة الخمسينات لن تتكرر لقوتهم في الرئاسة والمجلس التشريعي، لكن ثغرة بسيطة لم يدركوها وهي طبيعة تصورهم للدولة الحديثة أوقعتهم في ذلك المأزق وحفّزت ضدهم السلطات وثارت عليهم الدولة بالكامل، فلو استبقوا هذا الوقوع بالملاينة والمداهنة - كما فعل الغنوشي في تونس - وصاروا أكثر كياسة وسياسة لبقيوا حكاما لمصر حتى اليوم..ولربما نجحوا في تحويل مصر كما يريدون لنموذج سني من الخلافة متعايش قدر الإمكان مع الحداثة..

ليس المطلوب أن تظل خلف القافلة وتندب الفرص الضائعة، لكن الوضع بالفعل صار أكثر سوءا..فالإسلاميين لم يختفوا من المشهد كما نظن بل هم في حالة سكون ونشاط دفاعي وقائي عبر شيوخ أزهريين مشاهير وعناصر نشطة في مؤسسات الدولة والعمل المدني، وأفكارهم لا زالت متجذرة في الإعلام والصحافة..ولم يعد يبقى سوى ظهور جماعة أخرى بإسم آخر – أو بنفس الإسم – تُعيد أحزان الماضي، أما علمانيين مصر..فحدث ولا حرج..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دخول الإسلام بنجلاديش وأندونيسيا بالحرب لا بالدعوة والتُجار
- طموح شيخ الأزهر السياسي
- القصة الأصلية لصحيح البخاري
- روشتة الحكم الرشيد للسيد جو بايدن
- الإسلام السياسي والحرية الصحفية
- رسالة لشيخ الأزهر
- رحلة في سيكولوجيا المرأة والجنس
- خرافات حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية
- فرنسا وصراع الوجود
- العلمانية ..ضرورة حياة
- مسلمو فرنسا وجريمة الشيوخ
- برلمان مصر والشريعة الإسلامية
- قصة الأشاعرة والماتوريدية
- الوساطة الروسية في ملف كاراباخ
- في ذكرى حرب أكتوبر..حقائق فاصلة
- شرح مشكلة إقليم ناجورنو كاراباخ
- حقيقة سفر أخنوخ ومعراجه
- أغزوا تغنموا بنات الأصفر
- أصول قصة السندباد البحري
- كيف نفهم الوحي؟


المزيد.....




- كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
- طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21 ...
- ” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ ...
- 21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا ...
- 24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل ...
- قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با ...
- قائد الثورة الاسلامية:غزة الصغيرة ستتغلب على قوة عسكرية عظمى ...
- المشاركون في المسابقة الدولية للقرآن الكريم يلتقون قائد الثو ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - الحزب العلماني المصري..كفكرة سيئة