|
تُفْرَجْ يَاعِرَاق
عَبْد الخَالِقِ البُهْرزي
الحوار المتمدن-العدد: 1613 - 2006 / 7 / 16 - 09:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا أعرف لماذا تبادرت هذه المفردة إلى ذهني وأنا أقرأ مقالة الأستاذ نبيل طامي محسن في صفحة كتابات المعنونه (عاشت كردستان... يسقط العراق)*. أحاول استذكار لماذا هذه الكلمات...!! لا أعرف كيف أعادني هذا المقال إلى الماضي..!! ماضي العراق المجيد.. و ماضي المنافي الذي لا زلت أعيشه، أذكر أني في كل مراحل حياتي وبالتحديد أيام المنافي و البعد عن الوطن كنت أحاول رؤية العراق من خلال أغنية وطنية أو ثورية أو عاطفية تتغنى له ومن أجله. إن تذكر العراق و حبي له يشعرني بأن قلبي مجبول من طين دجلة والفرات ونهر ديالى، و شموخي طوال الوقت كنت أستمده من شموخ النخيل الذي يعانق السماء، و ما شعرت بجمال روحي إلا لأنها امتداد لعراق الحضارات.. كما أذكر أن دمائي كانت تتدفق بحرارة عبر روحي مع كل ترنيمة لأغاني الحرب العراقية الإيرانية، و إن كانت مشوبة بعض الأحيان ببعض الشوائب التي يصعب عليَّ تجاوزها لانحيازي المُطْلق للوطن الممتد من زاخو الى الفاو، فكنت أتعاطف دون قيد أو شرط على مشاعري، بالرغم من إدانتي للحرب منذ اليوم الأول لنشوبها، كونها ضد مصالحنا كعراقيين، و ذلك بالاستماع وترديد أغاني الحرب: (يلعب يلعب صكر السمتية إلــ ما يتعب)، (ها يا جنود الحق..، ها دكوهم دك)، مثل هذه الأغاني كانت تحتوي على الكثير من القيم الوطنية التي أعتز بها كعراقي.. بل كانت تزيد من رصيد شوقي للوطن و تُرسّخ محبتي و فخري وانتمائي له، مع معرفتي وقتها أنها كانت تُجَيّر لصالح الدكتاتور ونرجسيّته، و قد كنت أتفاخر بالجيش العراقي المدافع عن وطنه بكل مايملك من مهارات وخبرات حينما كان الجنود النشامى يستعيدون أجزاءً من الأرض العراقية التي احتلها القوات الايرانية خلال المعارك، كانت الصور لأولئك الجنود تتكامل مع تلك الأغاني. وأتذكر أغنية (منصورة يابغداد) كم تكاملت و التحمت مع صورة بغداد الجميلة الزاهية بدجلتها. أما أغنية كاظم الساهر (أطفال بغداد الحزينة) التي تتحدث عن العراق الذي عاش في ظل الحصار ودمار الحرب في الزمن البغيض الظالم، كان كل حرف تترنم به الجوقة و كأنها تخرج من حنجرتي عبر أفواههم. وعند بدايات التحضير للعدوان الأمريكي كانت أغنية قاسم السلطان (فوت بيها) تجسد بالنسبة لي حلمي في ارادة العراقي المدافع عن وطنه. كان الخطر المحيق بالعراق هو هاجسي الوحيد الذي جعلني أردد هكذا أغاني دون أية نظرة نقدية، بل إن كل هذه الأغاني أصبحت جزءاً من حياتي الشخصيه المقترنة لمسيرتي مع العراق... طبعاً هناك الكثير من الأغاني الأخرى التي شكلت جزءاً لا يتجزأ من كياني مثل (هربجي كرد و عرب رمز النضال) لأحمد خليل الذي يجسد فيها محبته لكل العراق موحداً عرباً وأكراداً من شماله إلى جنوبه. وللمنفى أيضاً أغانيه التي اقتطعت جزءاً من روحي، مثل أغنية فؤاد سالم (دكيت بابك ياوطن وأنا غريب اببابك). أما أغنية ماجد المهندس: (تُفْرَجْ يَـاعِـرَاق) هي ما أرددها اليوم، إنها نوع من الدعاء لنصرة العراق والكف عن مظلوميّة كل العراقيين في ظل الاحتلال بكل توابعه ولواحقه. أتساءل متى سنغني للعراق الجميل و من كل الأفواه أغاني النصر و لا زلنا نعيب على إخواننا الأكراد انجرارهم وراء قادة الحزبين الشوفينيين أبطال "معارك الكمارك" وتقسيم الحصص، و في ذات الوقت ننسى أن نعيب اللاهثين وراء فتاوى غض النظر عن المحتلين وعدم المساس بجنودهم لأنهم ضيوفاً عندنا، بحجة أنهم جاؤوا لتحريرنا حتى وإن اغتصبونا واعتدوا على بناتنا وانتهكوا حرمات بيوتنا.. ؟؟ و لا ننسى من الذكر المتشبثين بالسفير الأمريكي خليل زاده (الحاكم الفعلي لأمريكا في العراق)، لأنه يحمل اسم (أبو عمر) ليس إلا..!! أعتقد بأن علينا أن نتوقف عن التحدث حول مظلوميّة الشيعة والأكراد، والآن السنة، و إن كان بها نوعاً من الصحة، فلو بقينا ضمن هذا الاطار الضيّق، فإننا بذلك نمزق العراق، كل العراق، و نساهم في ضياع هويته و اندثار تاريخه، و نلغي وجوده من الخارطة، و لن يكون لاسمه أي ذِكر سوى في كتب التاريخ. ولكن لو تحدثنا عن مظلوميّة الشعب العراقي بكل أطيافه ومذاهبه، عندها سنكون قد أضأنا الشمعة الأولى في الدروب المظلمة من متاهات النفق الذي أدخلنا فيه الدكتاتور والحصاروالاحتلال وعملائه... ولو كنا أكثر ذكاءً و فطنة حسب التعبير الشعبي العراقي: (امفتحين باللبن) لوضعنا أيادينا بأيدي بعضنا، و لثبّتنا أقدامنا باتجاه الخطوة الأولى نحوالطريق إلى: (تُفْرَجْ يَـاعِـرَاق)
*رابط مقال الاستاذ طامي محسن
http://kitabat.com/i18115.htm
#عَبْد_الخَالِقِ_البُهْرزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|