أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - منهل السراج - مي شدياق .. أنا أنا لم أتغير














المزيد.....

مي شدياق .. أنا أنا لم أتغير


منهل السراج

الحوار المتمدن-العدد: 1613 - 2006 / 7 / 16 - 12:21
المحور: الصحافة والاعلام
    


حين رأيت سمير القصير لأول مرة، كان يعبر الطريق. وقف على حافة الرصيف وسلم علينا. رحت أنظر في وجهه: هذا الشاب الجميل، كل يوم عراك مع أصحاب السلطات. سألوه عن الأحوال. أجاب: ممنوع من السفر ووو..
بعد ثلاث سنين من هذا اللقاء القصير، أذيع نبأ تفجيره.
أعرف أن الناس تقتل برصاصة، أما التفجيرات فتكون لمدينة، لمنشاة، لثكنة، لدبابة. أما تفجير بني آدم!
كنا عادة حين نتلقى خبراً صعباً، نتصل ببعضنا أو نطرق الأبواب لنعيد الخبر على أنفسنا أو على بعضنا نعلق عليه أو حوله، ثم نخلص إلى نتيجة غالباً ماتكون شتيمة "نفش" القلب المحتقن ونتودع ثم نعود لتفاصيل يومنا.
لم يتصل بي أحد، ولم أتصل بأحد. لم أطرق باب أحد ولم يطرق بابي أحد، فقط، انتبهت أني أضرب غبار التلفزيون الأسود بالخرقة التي كنت أنظف بها.
وبعد فترة، نبأ تفجير جبران تويني، أنباء وقحة تسخر من عقولنا. وجدت نفسي أجلس لأخمن من سينفجر في المرة القادمة.
أما كل يوم فأنباء لاتنتهي عن تفجيرات في فلسطين والعراق. كانت تعلن كأخبار عاجلة وطارئة، بعد أن كثرت، صارت تعلن أخباراً عادية كأحوال الطقس، وبديهة مثل الشمس والمطر والغيم.
ـ ماهو العلاج؟ ماذا نقول وماذا نفعل، كي يكفوا عن القتل؟.

مي شدياق. كنت إذن في مزار القديس شربل، حين استدرت كي ترتبي أشياءك في السيارة وحدث الانفجار.
وجهك الواسع وجديتك التي أجبرتنا مراراً على التأمل والتأني عند كل مايحدث، هو مادفعني إلى قول شيء ما. ماهو؟
اللعنة على قاموسي اللغوي، كم تبدو الكلمات فقيرة في هذه الأحداث، التي تقول أمي عنها: من علائم القيامة.
هم لم يرجعوا من تفجيرهم، أما أنت فقد رجعت من تفجيرك.
عدت.. ضاحكة بقوة ومقتحمة بقوة.، هذا إيجابي من أجل الحياة. لكن في الوجه الواسع آلاماً عنيفة، آلاماً إرهابية، أخافتني آلامك. لم يشهدها أحد ولن يشهدها.
طمرتها يامي، أنكرتها، مشطت شعرك ورجعت تطلين على الناس كأن شيئا لم يكن.
تابعنا ما تقولين ونحن متأثرون متألمون ومقهورون. لكن ماإن بدأت تعملين حتى انجذبنا إلى ماتقولين. وكدنا ننسى أن هذا الوجه مر بهذه المحنة، نعم تجاوزت المحنة. لكن بحدسي أقول: كان عليك أن لاتتجاوزيها.
هل عليك أن ترجعي كي تقولي إنهم لم يهزموك؟
عليك أن ترجعي، نعم.. لكن ليس إلى العمل. بل ترجعين كشاهد متألم جداً. يلزمنا الألم والأنين، من قال إن الأنين يعني الهزيمة، إذا كان الأنين هزيمة، فنحن مهزومون. انهزمي واستسلمي واصرخي. عليك كل يوم أن تذكرينا بالجريمة وتئني.
تقولين لا؟ سأعود بقوة. وكدت تنسين وانغمست بالعمل.
رجعتك أمنية، وكم أتمنى أن يرجع كل من فجر نفسه في العراق وفلسطين ويرجع كل القتلى.
كان عليك أن تظلي على كرسيك، مقطعة، تصرخين كل يوم: انظروا ماذا فعلتم بي.
من قال إن الصمود يجدي..؟ لدينا شهود كثر، لكن كلهم يلملمون مصائبهم ويعودون للواقع، ليمارسوا حياتهم، باسم الصمود والقوة. أسطورة فلسطين التي بدأت ومازالت تعزف اللحن نفسه. صمود أهالينا. لاتصمدوا ياناس. ابكوا واستسلموا وقولوا لمن لايريدكم امحينا إن استطعت.
تألمي، ولاتكوني جبهة لطيفة وإيجابية ومفيدة كما رجعت.
العبيد يحقدون ويركضون وحين تسنح الفرصة يعضون. افضحيهم. هكذا تكون الطبيعة. أنا اليوم أدعوك للاستسلام.
الاستسلام يدفعه للوقوف مع ذاته. يرتاح القاتل حين يهلك قتيله، دعيه يرتاح، اتركيه يقف مع ذاته قليلاً ولاتحرضيه على القتال.. بعودتك، قوية وحاضرة كأن شيئا لم يكن، ستدفعينه ليجرب أكثر. إذا كان التماسك والاستبسال أمام العدو يجدي كما علمونا، لماذا أرى كلما زاد عدد الضحايا زاد تدهور أوضاعنا وخسائرنا؟
مافعلته مي هو السلام، لكن لم أصدقه. لاتكابري على آلامك. لاتكفريها. لاتترفعي عليها. ولاتجمليها. آلامك صارخة.
عدت للعمل؟ مامعنى العمل مع كل الموت الذي يحدث. والانفجار كان بالأمس وأخذ ماأخذ منك. ـ لاتعنيك آلامك؟
اسمعي. هل لديك تصوير بصراخك؟ هل لديك تصوير بأنينك ليال طويلة.. هل لديك تصوير لبكاء من أحبوك؟ هذا ماعليك ان تبثيه. ولاأريدك أن ترجعي كأن شيئا لم يحدث.



#منهل_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعترافات عن عارف دليلة
- كما ينبغي لنهر
- تمرين صعب من اجل السلام
- بين الضفتين
- حقيبة فاتح جاموس
- وصفة لشهرة. وصفة للسترة
- جمعيات سقط عتب
- ترى... من هو عريس الليلة!
- أما أنا فأفهمك يانجيب
- بترحلك مشوار؟
- بأي حق يغتالون الصداقة


المزيد.....




- كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
- إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع ...
- أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من ...
- حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي ...
- شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد ...
- اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في ...
- القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة ...
- طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
- الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
- الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - منهل السراج - مي شدياق .. أنا أنا لم أتغير