|
الشخص الوحيد الذي يجب أن تتبعه
امنة الراضي
الحوار المتمدن-العدد: 6750 - 2020 / 12 / 2 - 23:50
المحور:
المجتمع المدني
ينال الناس حول العالم شهرة واسعة و جاه و نفوذ عظيم ، أحيانا لاجتهادهم الشخصي بجذب الأنظار نحو أعمالهم الجيدة ، لكن في الأغلب يملك البعض تلك الشهرة الواسعة بسبب من يتبعوهم .. بفضل من يقتدون بهم و يتخذون من نمط حياة " المؤثرين " نمطاً لهم و لأسرهم..
و لكن كيف يملك المؤثرون تلك القدرة على التأثير في المجتمع ؟ هناك عدة طرق يستطيع عبرها المؤثرون السيطرة على عقول البعض ، منها : - أن يكون لأحد أقاربهم نفوذ واسع بسبب أعمالهم التي أفادت المجتمع أو جزءً منه ، فيقلد المؤثرون أشكال أقاربهم الخارجية و يقلدون بعض أعمالهم الحسنة و عبر تلك السمعة المرموقة يتمكنون من التأثير بالمجتمع . - أن يختلقوا مشكلة ، ثم يطرحون الحلول لها . و حقيقةً إنه من السهل اختلاق مشكلة جديدة ووضع حلول لها .. بدلا من حل المشاكل القديمة في المجتمع ، و إن ما سيعود غالبا على المؤثرين من بيع أو تطبيق تلك الحلول لمشاكلهم ، فائدة مالية أو اكتساب سمعة مرموقة . - أحيانا اعتلاء المنبر أو المنصة و سحر الناس ببعض الكلام الحسن المزين و المقفى ( سحر البيان ) هو ما يؤثر على المجتمع و يجعل من أولئك المتحدثين مؤثرين . هذا بغض النظر عن الأعمال الحسنة التي من الممكن أن ترتفع شهرة المؤثرين عبرها ، كمساعدة الفقراء و نشر ذلك علناً ... أو بناء مركز عبادة لإثارة عواطف الناس ، فالتاريخ الحسن و إن كان زائفاً يؤثر على عواطف البعض فيتحكم بأفكارهم و النتيجة الاقتداء بأفعال أولئك المؤثرين .
أين تكمن المشكلة في إتباع شخصٍ ما و الاقتداء به ؟ عندما تقتدي بشخص فإنك تخبر عقلك الباطن بأن جميع أعماله جيدة و تستحق التقليد ، بل و إنك على المدى البعيد لن تتمكن من اتخاذ قراراتك الشخصية من أبسطها إلى أعمقها دون الرجوع لمن تقتدي به، فتجعل من تفكيرك نتيجة لتفكيرهِ و تأثيرهِ عليك ، و تجعل من قراراتك نسخةً عن قراراتهِ ، أي أنكَ جعلتَ من نفسك امتداداً لذلك الشخص الذي يؤثر عليك ( يتحكم بعقلك ) . فكلمة قدوة كلمة كبيرة و تصف شخص عظيم و حسن بكل تصرفاته و في جميع جوانب حياته ، حيث لا يمكن اختيار أي شخص كقدوة ، بناءً على بعض التصرفات الحميدة أو الأعمال الحسنة أو بفضل ماضي عائلته ذا السمعة المرموقة .
حين تقرأ ما كتبه شخص ما أو تعجب بعمل حسن ، فإنكَ تعجب بما قرأته و بما رأيته أو سمعته من أعماله .. لا أن تعجب بالشخص نفسه فلا يجب أن تخلط بين هذا و ذاك فتتخذ نمط حياة المؤثر بمحاسنه و عيوبه نمطاً لحياتك ، فمثلاً أنك أحببت قصة الأجنحة المتكسرة للكاتب جبران خليل جبران ، هذا يعني أنك أحببت ما طرحته تلك القصة ، لا اقتديت بالكاتب و بأفكاره جميعها ، أو سمعت خطبةً لعلامة فأحببتها و طورت من أفكارك ، فلا تتخذ من ذلك العلامة قدوة لكَ بكل تصرفاته ، لأنه في النهاية بشر و له محاسن كما إن لهُ أخطاء .. فبالنتيجة يجب أن تجعل من عقلك مصفاة أفكار ، و أن لا تدع قلبك يُشعل في صدرك عواطف تبرر الأفكار الخاطئة ، فمعظم التبريرات تأتي من المشاعر الجيدة ، تَفَكر فيما تجعله نمط لعيشك ، تفكر بمعتقداتك و غير السيئ و المضر من أفكارك و طوّر الحسن منها بنفسك ، لا تسمح لغيرك مهما كانوا أن يفكروا نيابة عنك ، فالله ما منحنا العقل لنسكته ، و لا منحنا إياه لنعمل بعقول المؤثرين ، لا تسمح لنفسك بأن تخاف و تتزعزع عندما ترى أو تسمع نقيضاً حسناً للأفكار التي اتخذتها من مؤثريك ، تَفَكر بجميع الأفكار و الاحتمالات و طوّرها لتتناسب معك و مع محيطك ، فكثيراً ما نخاف أن يعاقبنا الله لأننا نعتقد أن علينا إتباع من هم أكثر منا خبرة ليكونوا حجتنا أمام الله ، و لكن ما لا نعيه أن الله لم يغلق باباً واحدة قط من أبواب العلم فلا ضير إذا ما بحثنا و تفكرنا في العلم ، يجب أن نشكك كل الأفكار التي تحوم في عقولنا حتى نصل الى اليقين منها ، لا أن نتبنى أفكار المؤثرين التي من المحتمل أن تكون خاطئة ! . فلنتفكر فيما نتبع و الأفضل أن لا نتبع أشخاصاً ، بل أفكاراً حسنة ... ففرضاً / بدلاً عن الاقتداء بنمط حياة عالم الفيزياء نيكولا تيسلا و فعل ما كان يفعل بحسنه و وسيئاته ، فلنقتدي بقوة إرادته و باجتهاده لعمله على جميع تلك الاختراعات التي حسّنت و لا زالت تحسّن من حياتنا .
#امنة_الراضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشخص الوحيد الذي يجب أن تتبعه
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|