|
كتاب ( النصر ) ف1 : أمثلة لتحقق الوعد الإلهى ( 3 )
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6744 - 2020 / 11 / 26 - 00:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كتاب ( النصر ) ف1 : أمثلة لتحقق الوعد الإلهى ( 3 ) ثالثا : وعد في وقت نزول القرآن وتم تحقيقه وقت نزول القرآن : ( النصر في المعارك ) الحرب والنصر في الإسلام 1 ـ السلام أحد أعمدة الشريعة الإسلامية ، لذا فالحرب فيها إستثناء ومُقيد بشرطين : أن يكون دفاعيا فقط ، وأن يكون الجيش قد وصل الى مرحلة الاستعداد العسكرى ، وقد فارق المؤمنون مرحلة الاستضعاف وليس قبل ذلك . 2 ـ بعد أن أرغمت قريش النبى والمؤمنين على الهجرة من مكة الى المدينة تابعوهم بحملات هجومية وقت أن كان المؤمنين في المدينة مأمورين بكفّ اليد وعدم الرّد ، إستمرت قريش في هجومها ، قال جل وعلا عنهم في هذه الحالة : ( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا ) (217) البقرة ) ، بعد أن أتمّ المؤمنون إستعدادهم الحربى نزل لهم الإذن بالقتال الدفاعى وفيه الحيثيات التشريعية ، أنهم يتعرضون لقتال هجومى من الذين أخرجوهم من ديارهم ظلما وعدوانا ، ولهذا فهم يستحقون أن يدافع عنهم رب العزة جل وعلا ، قال جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج ) . 3 ـ قوله جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) الحج ) يفسره قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) محمد ) . فالاعتداء من الكافرين وحده لا يكفى لنصر المؤمنين ، لا بد من شرط آخر هو أن يكون المؤمنون ينصرون الله جل وعلا جهادا وقتالا في سبيله وليس لغرض دنيوى كالغنائم والأموال والأنفال . حينئذ ينصرهم الله جل وعلا ويتحقق فيهم وعده ، ومتى نصرهم الله جل وعلا فلا غالب لهم ، وإن خذلهم الله جل وعلا فلا ناصر لهم ، قال جل وعلا : ( إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (160) آل عمران ). 3 ـ وقت تعرض المؤمنين في المدينة الى موجات الهجوم من قريش كانوا يعيشون في خوف يخافون ملاحقة قريش وأن تتخطفهم غاراتهم الحربية ، حينها نزل لهم الوعد بالاستخلاف في الأرض ، وأن يتبدل حالهم من الخوف الى الأمن طالما ينصرون الله جل وعلا بأن يؤمنوا به جل وعلا وحده ، قال جل وعلا : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )النور 55 ). 4 ـ كانوا بالتعبير القرآنى ( أذلّة ) ، إختلف الأمر بعد إنتصارهم في موقعة ( بدر ). قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) آل عمران ). بعد هذا الإنتصار لم يعودوا ( أذلّة ) ، وقد ذكّرهم رب العزة جل وعلا بتحقيق وعده فيهم ، قال جل وعلا : ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) الانفال ). فى موقعة ( بدر ) 1 ـ فيها تحقق الوعد الالهى بالنصر برغم صعوبات وقتها. 2 ـ كانت أول مواجهة حربية بين مؤمنين تعودوا السلام والخنوع أمام جبروت قريش . كانوا مستضعفين في مكة ، وهاجروا منها يحملون الرّهبة من قريش وسطوتها ، خصوصا وحملاتها كانت تتابع الهجوم على المدينة . كانت قريش تتاجر في قوافلها بأموال المؤمنين بعد طردهم من مكة ، وتمرُّ بالقرب منهم تذكّرهم بما حدث لهم ولأموالهم وديارهم التي صادرتها قريش . كان للمؤمنين حق في تلك القافلة التي تتربّح من أموالهم . 3 ـ بعد الاستعداد الحربى نزل لهم الإذن بالقتال ، وبعض الذين تعودوا المسالمة واستراحوا للأمر بكف اليد عن القتال الدفاعى أزعجهم هذا التشريع الجديد بالقتال ، قال جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77) النساء ). وقال لهم جل وعلا في خطاب مباشر : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (216) البقرة) . القتال الدفاعى خير لهم لأنهم لو ظلوا على حالهم لأبادتهم قريش قتلا . 4 ـ نزل لهم الوعد إما بالنصر وإما بالحصول على القافلة التي تتاجر بأموالهم . وخرجوا لقطع الطريق على القافلة وهم يودون أن يقتصر الأمر على تحقيق الوعد بالحصول على القافلة دون الوعد بالحصول على النصر الذى يعنى القتال ، ولكن الله جل وعلا أراد أن تكون المواجهة الحربية والنصر فيها ليُحقّ الحق بكلماته ويحقق وعده ويهزم الكافرين المعتدين . عندما أفلتت منهم القافلة وتحتّم عليهم أن يواجهوا جيش قريش الذى يفوقهم عددا وقوة إرتعب فريق منهم وأخذوا يجادلون النبى محمد عليه السلام ، وحين إضطروا للمواجهة كانوا كأنما يواجهون الموت . قال جل وعلا : ( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمْ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8) الأنفال ). 5 ـ وصف الله جل وعلا تحقق الوعد بالانتصار في بدر بالأمر المفعول ، وهذا الأمر المفعول يشمل تحديد مكان المواجهة وتحديد رؤية جيش المؤمنين لجيش الكافرين ورؤية جيش الكافرين للمؤمنين ، إذ أرى الله جل وعلا الجيش الكبير لقريش قليلا في أعين المؤمنين ليشجعهم على الاشتباك الحربى ومنعا للفشل والتنازع بينهم ، وأرى الله جل وعلا جيش المؤمنين القليل قليلا جدا في أعين جيش قريش ليشجعهم على القتال غرورا واستسهالا ، قال جل وعلا : ( إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) إِذْ يُرِيكَهُمْ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذْ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (44) الانفال ) في موقعة أُحُد : 1 ـ فيها تحقق قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) محمد ). الخروج الى ( بدر ) كان للحصول على القافلة وكان الوعد كان إما الانتصار أو الغنائم ، لذا أصبح توزيع الغنائم ( الأنفال ) مشكلة بعد الانتصار ، هل هي من حق المقاتلين فقط أم من حق المهاجرين أصحاب الأموال التي صودرت في مكة وتاجرت بها قريش وهذا يعنى حرمان المقاتلين من الأنصار . إختلفوا في التوزيع ، وسألوا النبى محمدا عليه السلام ، وكالعادة فإنه عليه السلام ليس له أن يجيب من عنده ، بل لا بد أن ينتظر نزول الوحى بالاجابة ، ونزلت الإجابة في قوله جل وعلا : ( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) الانفال ) . 2 ـ ظلت ( الغنائم ) مشكلة لدى بعض المؤمنين ، وتسببت في هزيمتهم في موقعة ( أُحُد )، هذا لأن الله جل وعلا ينصر المؤمنين إذا نصروه ، أي أن يكون قتالهم في سبيل الله جل وعلا وحده وليس في سبيل الغنائم وحُطام الدنيا . صدقهم الله جل وعلا في أول المعركة حين نصروه جل وعلا ، وهرب جيش قريش ، عندها برز الطمع في الغنائم عند البعض فالتفتوا الى جمع الغنائم عصيانا لأوامر الله جل وعلا وإرادة للدنيا وليس لنعيم الجنة ، لذا حلت الهزيمة ، قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) آل عمران ). في موقعة الأحزاب 1 ـ جمعت قريش أحلافها وأحزابها وتحركت جيوشهم نحو المدينة لتدميرها ، كان أمرا مُرعبا حتى على المؤمنين ، وقد جاء النصر من عند الله جل وعلا حسب وعده ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتْ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11) الاحزاب ). 2 ـ قبل النصر ورجوع الأحزاب فاشلين كان وعد الله جل وعلا بالنصر للمؤمنين ، وعند حصار الأحزاب إختلفت مواقف المؤمنين والمنافقين . إعتبر المنافقون وعد الله جل وعلا غرورا ، قال عنهم جل وعلا : ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا ) الأحزاب 12 ). أما المؤمنون فقد قال عنهم جل وعلا : ( وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) الأحزاب 22 ). 3 ـ وفى النهاية رجعوا فاشلين وتحقق وعد الرحمن ، قال جل وعلا : ( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً (25) الاحزاب ) في مواقع أخرى ليس القرآن الكريم كتابا في التاريخ ، والقصص القرآنى له منهجه القائم على العبرة والهداية ، لذا لا إهتمام بأسماء الأشخاص وتحديد المكان والزمان ، وبالنسبة للمعارك التي خاضها النبى محمد عليه السلام فهى كثيرة إنتصر فيها المؤمنون ، ومع هذا فليست كلها مذكورة في القرآن الكريم،قال جل وعلا : ( لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ )(25) التوبة ). المواقع الحربية التي انتصر فيها النبى والمؤمنون تحقق فيها وعد الله جل وعلا ، وقام فيها المؤمنون بنُصرة الله جل وعلا فنصرهم الله جل وعلا . ختاما : فتح مكة 1 ـ أول إشارات لفتح مكة جاءت في سورة ( الفتح ) والتي بدأت بقوله جل وعلا : ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً (3) الفتح ). هنا تأكيد على حدوث الفتح بالحديث عنه بصيغة الماضى ، أي المتحقق الحدوث . 2 ـ كانت قريش تصُدُّ النبى والمؤمنين عن الحج ، ورأى النبى في المنام أنه يحج ، فأعلن عزمه على الحج مسالما ومعه المؤمنون ، فحشدت لهم قريش جيشا ليصدهم عن دخول مكة ، قال جل وعلا : ( هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (26) الفتح ) 3 ـ وكان الأمر حرجا للمؤمنين فهم لم يأتوا مستعدين للحرب ، ومع ذلك فقد بايعوا النبى بالدفاع ، فحازوا رضى الله جل وعلا ، قال جل وعلا يعدهم بالنصر وبالغنائم : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) ( وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) ( وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) الفتح 18 : 20 ). 3 ـ أي هنا وعدان ، وقد تحققا . وعد بالظفر أو النصر ، قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (24) الفتح ) ، ووعد بدخول النبى والمؤمنين المسجد الحرام آمنين ، قال جل وعلا : ( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (27) الفتح) . 4 ـ هذا الفتح القريب ( زمنيا ) تحقق عندما دخل العرب أفواجا في الإسلام السلوكى ( بمعنى السلام ) ، جاءوا اليه في المدينة أفواجا يعلنون دخولهم في دين الله ، قال جل وعلا له :( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً (3) النصر ). هو عليه السلام لم ير مكنون قلوبهم ، ولكنه رأى الإسلام الظاهرى بمعنى السلام .
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتاب ( النصر ) ف1 : أمثلة لتحقق الوعد الإلهى ( 1 : 2 )
-
كتاب ( النصر ) ف1 : الوعد بالنصر: التأكيد على وقوع الوعد وال
...
-
كتاب ( النصر ) ف1 : الوعد بالنصر : أولا : لمحة عن الوعد :
-
( أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَاف
...
-
( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّ
...
-
عن حُمق الحسين ..للمرة الأخيرة
-
من خفايا التاريخ: أبو ركوة الأموي يثور على الخليفة الفاطمى ا
...
-
سخرية البشر في رؤية قرآنية
-
( خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِي
...
-
الكتاب كاملا :( مسلسل الحُمق في ذرية : علىّ بن أبى طالب )
-
خاتمة كتاب ( مسلسل الحُمق .. )
-
مقدمة كتاب ( مسلسل الحُمق في ذرية - على بن أبى طالب - ). ( ا
...
-
مسلسل الحُمق في ذرية (على بن أبى طالب ) : فشل ثورة إبراهيم و
...
-
هذا الشّعار الشيطانى ( إلّا رسول الله ) الذى يفضح تأليه المح
...
-
مسلسل الحُمق في ذرية (على بن أبى طالب ) : ثورة محمد النفس ال
...
-
مسلسل الحُمق في ذرية (على بن أبى طالب ) : ثورة محمد النفس ال
...
-
مسلسل الحُمق في ذرية (على بن أبى طالب ) : ثورة محمد النفس ال
...
-
إستنكارا لجريمة ذبح مدرس فرنسى بتهمة الإساءة للنبى محمد عليه
...
-
مسلسل الحُمق في ذرية (على بن أبى طالب ) : ثورة محمد النفس ال
...
-
مسلسل الحُمق في ذرية (على بن أبى طالب ) : ثورة يحيى بن زيد
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|