أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مسعود عكو - تسلية أمنية وسذاجة كردية















المزيد.....

تسلية أمنية وسذاجة كردية


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 1612 - 2006 / 7 / 15 - 10:33
المحور: حقوق الانسان
    


مرت 44 عاماً على جريمة الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة, الذي صدر بموجب المرسوم التشريعي رقم /93/ بتاريخ 23/آب/ 1962 و طبق قراراته في 5/10/من العام نفسه, وتم بموجبه تجريد ما يزيد عن /120/ألفاً من الكرد السوريين من هويتهم الوطنية, وتسميتهم بأجانب, ومكتومي محافظة الحسكة, والذي يناهز عددهم اليوم أكثر من ربع مليون كردي, لا يملكون أية وثيقة تثبت انتماءهم إلى أي أرض, أو وطن, أو حتى أي انتماء يثبت هويتهم على أنهم بشر, وليسوا بكائنات أخرى.

عاشت تلك الفئة من الكرد على آمالٍ, ووعودٍ كثيرة فقد كانت بين الحين, والآخر تقوم مجموعات مختلفة كردية, وعربية. رسمية, وغيرها بإطلاق بالونات هوائية بأن الحكومة ستعيد الجنسية إليهم, وسيتم تعويض المتضررين من جراءها إلا أن مصير هذه البالونات كانت دوماً دبوس حاد من يد لا يعرف أحد هي لمن, أو على أقل تقدير نخاف أن نحدد صاحبها , وما يتبقى من بالوناتنا العزيزة ينتهي بها المطاف لسجن مؤبد في أحد أدراج مسؤول بلا مسؤولية, هذا إذا لم يقم بإحراقها ليشعل بها سيجاره الكوبي.

الغريب في الأمر, هو لماذا لا تعيد السلطة الجنسية إلى هؤلاء المجردين منها؟ ما هي دوافعها لتمتنع عن منحها الحق الطبيعي لأي إنسان يعيش لأكثر من خمس سنوات على أراضيها؟ وهذا الإنسان لم يخل بأي قانون من قوانين, وأنظمة البلاد لا بل ظل دائماً خير شخصٍ يخدم هذا البلد, ويقوم بتنفيذ كل ما يتوجب عليه من الواجبات كأي مواطن في حين لا يأخذ أي حق من حقوقه التي من المفترض حصوله عليها تلقائياً طالما يقوم بأداء واجباته كمواطن في حين لا تمنح سلطة هذا الوطن ورقة تعريف بإنسانيته.

السؤال الجامح الذي يشذ عن قاعدة الأسئلة الكونية كونه بدون أي إجابة حقيقية, وواقعية, ومنطقية من قبل أي مسؤول حكومي, لماذا لا تعيد السلطة الجنسية للمجردين منها؟ وبفرض أن ادعاءات السلطة هي حقيقية, وأن كل الأجانب, والمكتومين, ومن في حكمهم هم مهاجرون أتوا من دول الجوار, وهذا السبب الرئيس الذي تم بذريعته في الخامس من تشرين الأول من عام 1962 إجراء إحصاء استثنائي في محافظة الحسكة, وكانت الحكومة متذرعة في ذلك الوقت باكتشاف عدد الذين عبروا الحدود السورية التركية قادمين من تركيا بعد الثورات الكردية فيها إلا أنه لم تحقق المطلوب منها بل عمدت إلى تجريد /120/ ألفاً من الكرد السوريين الذين كانوا يتمتعون بالجنسية قبل هذا المرسوم حيث الكثير من الذين تحولوا إلى أجانب, ومكتومين خدموا في الجيش السوري, ولهم سندات تمليك الأراضي بالإضافة إلى حملهم للبطاقات الشخصية التي تثبت هويتهم, ونسبهم, ولكن هذا الإجراء الاستثنائي قد مر عليه الآن /44/ سنة, ولا زالت وعود الحكومة لم تنفذ, ولم ترعى حقوق تلك الفئة من المجتمع السوري أي اهتمام علماً أن الكرد لم يحاولوا حتى الآن الحصول على أي جنسية ما, ولا رغبة لهم في ذلك وجل اهتمامهم حصول أبنائهم على الجنسية لكي لا يلقوا مصير آبائهم من الفشل, والحرمان من أبسط حقوق المواطنة, والتمتع في هذه الحياة بهوية ذات طابع إنساني حقيقي.

الرئيس الأسد, وفي زيارة لمحافظة الحسكة وعد بأن تكون نهاية مشكلة الإحصاء فور عودته إلى العاصمة دمشق بعد أن التقى بالعشرات من هؤلاء المتضررين بهذا الإحصاء الاستثنائي الجائر, والمجحف بحق أكثر من ربع مليون كردي, بالإضافة كان حل هذه المشكلة في سلسلة توصيات المؤتمر العاشر لحزب البعث التي أقرها في صيف عام /2005/ لكن أيضاً تلك الوعود, والآمال تحطمت على شواطئ الكلمات, ووئدت تلك الأحلام.

وفي معرض لقاء مع الرئيس الأسد من قبل قناة الجزيرة القطرية قبل سنتين عن أحداث القامشلي, وموضوع الإحصاء أكد الرئيس الأسد أن "موضوع الجنسية هي قضية عمرها الآن اثنان وأربعون عاماً تقريباً من عام اثنين وستين كان هناك قانون الإحصاء، كان فيه ثغرات، فأشخاص أُعطوا الجنسية، وأشخاص تحقّ لهم الجنسية، كما يُطرح، لم يُعطوا هذه الجنسية. أنا قمت بزيارة لمدينة, أو لمحافظة الحسكة، والتقيت بفعاليات مختصة من مختلف الشرائح, وطرحوا هذا الموضوع, وأعطيتهم جواباً في ذلك الوقت بأن هذا الموضوع سوف يُحل، وفعلاً لا توجد مشكلة بالنسبة لهذا الموضوع. الشيء الوحيد الذي كان يؤخره هي الأمور السياسية المختلفة، ولكن وُضعت أسس, ونوقشت هذه الأسس فكان الموضوع في المراحل الأخيرة، فهم يمتلكون جواباً حول هذا الموضوع، ولا توجد أية معارضة من أية جهة في سورية. فهم مواطنون سوريون يعيشون بيننا، والقومية الكردية جزء أساسي من النسيج السوري, ومن التاريخ السوري، ومندمجة بشكل كامل. فهذا الموضوع محلول. هكذا هي القصة بكل بساطة".
إذاً لا توجد مشكلة في إعادة الجنسية لهؤلاء المجردين منها, وأكبر دليل على ذلك حديث الرئيس الأسد, وقناعته شخصياً بأحقية هؤلاء الناس الحصول على جنسية هذا الوطن رغم أنهم سيكونون مواطنين عرب سوريين كون سورية لا تعترف بوجود قوميات أخرى, وتسمي كل مواطنيها بعرب سوريين.

على ضوء ذلك لماذا تلتجئ السلطة, أو البعض من كياناتها إلى إجهاض هذه الحقيقة الواضحة, ومماطلة حلها نهائياً, وإيجاد صيغة عمل حقيقية لإنهاء أزمة شريحة واسعة من المجتمع السوري تفتقر إلى التمتع بشيء اسمه السفر, أو المبيت في فندق, أو إنهاء الدراسات الجامعية, أو ممارسة حق الانتخاب, والتصويت, والترشح لهيئات الدولة المختلفة, والعيش كباقي أبناء الوطن.

تسلية أمنية جديدة تحاول من خلالها أجهزتها المماطلة في حل هذه الأزمة, وخاصة عندما تم تعيين الدكتورة نجاح العطار لتكون هي المفاوض الحكومي مع بعض الأطراف الكردية, والذي تم لقاء بينهم في الآونة الأخيرة بغية إيجاد حل منطقي, وواقعي لهذه الأزمة فالسيدة العطار نائبة الرئيس الأسد للشؤون الثقافية, وقضية الأجانب, والمكتومين هي سياسية بامتياز, والأصح من السلطة أن تعيّن شخصية سياسية حكومية للتفاوض, والأجدر بالكرد الذين قبلوا الحوار أن يلتزموا بأسس, وقواعد الحوار المنطقي. اللهم إذا كان الاثنين لا يعلمون لماذا سيلتقون, وتلك مشكلة بحد ذاتها هي أكبر بكثير من قضية أجانب, ومكتومين, وبشر بدون أي انتماء.

الأمر الآخر الذي غفلته السلطة, وتجنبته الأطراف الكردية إن تلك الأحزاب ليست الممثل الشرعي, أو الوحيد للشعب الكردي في سوريا, وليسوا بمحامي الدفاع عن أكثر من ربع مليون كردي بدون هوية, وقبولهم, أو رفضهم لأي حل هو بحد ذاته تجاوز لحق هذه الشريحة, وهو اعتداء على حقوق الأحزاب, والتيارات السياسية الكردية الأخرى العاملة في هذا المضمار, والتي تقاسم تلك الأحزاب قيادة شريحة لا بآس بها من الشارع الكردي السياسي الكردي رغم أنها تفتقر إلى مشروع سياسي ممنهج, وخطة ناضجة إلا أن وجودها خير من عدمه.

رغم أن منظمة اللاجئين الدولية توصي الحكومة السورية بضمان المواطنة لكل الأفراد المحرومين من الجنسية بما يتوافق مع المادة الثالثة من قانوني الجنسية السورية, والقانون الدولي, والبدء في برنامج إعادة تأهيل, و تطوير للكرد الذين فقدوا جنسيتهم, وممتلكاتهم عام /1962/ والاعتراف بالثقافة, واللغة الكردية ضمن المجتمع السوري, والتأكيد على أن كل طفل يولد في سورية له الحق في الحصول على جنسية, وأن لا يكون بلا وطن, وسن تشريع للسماح بتمرير الجنسية من الأم للطفل, والمصادقة على معاهدة عام /1954/ المتعلقة بحالة الأشخاص عديمي الجنسية, واتفاقية /1961/ حول منع التجريد من الجنسية.

أما المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة فتوصي الحكومة السورية بتوسيع التركيز, والعمليات لتشمل الأشخاص عديمي الجنسية بالإضافة إلى اللاجئين, والعمل مع الحكومة السورية لإنهاء حالات عدم الجنسية في البلد، بما في ذلك الكرد, وتأمين فوري, وإسعافي لتسجيل الأشخاص المجردين، وذلك بالتنسيق مع الوكالة المتخصصة, وتعيين فريق للعمل بفعالية لإنهاء حالة التجريد في سورية, وفتح فروع للمفوضية في المناطق التي يتواجد فيها المجردون من الجنسية بكثرة.

إلا أن الحكومة السورية ترفض حتى هذه اللحظة أن تنفذ كل هذه التوصيات لا بل تحمل الحكومة الحالية وزر حكومة قد انتهى نظامها منذ عقود, وتستمر في تنفيذ قراراتها رغم أنه منطقياً تنتهي صلاحية قرارات حكومة بانتهاء نظامها, ويستمر السياسيين الكرد المخضرمين في سذاجتهم لتصديق وعود منتهية الصلاحية, وحل قضية هؤلاء الكرد المجردين من أي انتماء قومي, أو وطني حقيقي هو اتخاذ قرار سياسي الأمر الذي تحتاجه, وليست مواعيد, ولقاءات بين جهتين كلاهما لا يمثل الطرف الصحيح في المعادلة الأمر الذي سيؤول بكل تأكيد إلى أن تكون المعادلة مستحيلة الحل كون الدلتا أصغر من صفر. اللهم إذا حصل في الكون معجزة تدهش الجميع!!!

دكتور يبيع البُشار، محامي يعمل حلاقاً، أكاديمي ينقل أكياس القمح, والشعير، صيدلاني يعمل مندوباً تجارياً لأحد شركات الدعاية, وآخر ترك عائلته ليعمل في مطعم, أو فندق, وآلاف الأسر انتقلت إلى الداخل السوري ليكون رب أسرتها ناطوراُ لبناية, أو حارساً لمدجنة, أو مزرعة, أو بستان ناهيك عن آلاف الشباب الذين تحولوا تلقائياً إلى كراسين, وبياعي اليانصيب, والدخان, ومعلمي الأركيلة في منتزهات, ومطاعم وكافيتريات دمشق, وحلب, وغيرها. فإلى متى ستكون نهاية أجنبي بهذه التعاسة؟ هل سيصبر هؤلاء المجردون عقود أخرى؟ وترمى أوراقهم في سلة مهملات السلطة, والمسؤولين كما هي العادة, أم السماء ستحن على أبناءها, ويهدي الرب المسؤولين لينهوا مشكلة ملّ أصحابها من كثرة الوعود المتلاشية في فضاءات كلماتها الطنانة, وخطبها الرنانة, حينها سيكون حل أزمة إنسانية منذ عقود يلوح في الأفق, هذا إذا كان هناك أفق!!!



#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من صنع الزرقاوي, ومن أتى بنهايته ...؟
- معشوق الله
- الأمم تحتل قامشلو
- محكومون بالأمل - إلى محمد غانم وفاتح جاموس وآخرين...
- إيران النووية وأوراق جديدة للمساومة
- مجازر الأرمن ذكرى ألم متجدد
- حوار مع الكاتب والصحفي مسعود عكو
- أيُّ جلاءٍ نريد؟
- إنهم يقتلوننا... اللهم فاشهد!!!
- نوروزونا كل يوم
- حلبجة الشهيدة عروسة الحجل الحزين
- آذار نامه
- أطوار... وأشياء أخرى
- التبعية البعثية في مسودة قانون الأحزاب السورية
- ثقافة الأغبياء في الإساءة للأنبياء
- في البحث عن وطن
- نادي الجهاد:أزمة رياضية أم قضية سياسية؟
- ربيعنا الذي صار خريفاً
- الشعب سيحاسب مجلس الشعب
- انشقاق خدام: صفقة أم انتقام؟


المزيد.....




- دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا ...
- قرار المحكمة الجنائية الدولية: هل يكبّل نتانياهو؟
- بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه..رئيس الوزراء المجري أوربان يبعث ...
- مفوضة حقوق الطفل الروسية تعلن إعادة مجموعة أخرى من الأطفال ...
- هل تواجه إسرائيل عزلة دولية بعد أمر اعتقال نتنياهو وغالانت؟ ...
- دول تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو وزعيم أوروبي يدعوه لزيارت ...
- قيادي بحماس: هكذا تمنع إسرائيل إغاثة غزة
- مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط
- كيف -أفلت- الأسد من المحكمة الجنائية الدولية؟
- حماس تدعو للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لجلب نتنياهو و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مسعود عكو - تسلية أمنية وسذاجة كردية