أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فراس حاتم - ليلة في الزنزانة















المزيد.....


ليلة في الزنزانة


فراس حاتم

الحوار المتمدن-العدد: 6742 - 2020 / 11 / 24 - 09:29
المحور: حقوق الانسان
    


القصة القصيرة هذه من تاليفي تتحدث عن الواقع المؤلم للكوادر و الكفاءات العلمية و ماتتعرض له في العراق من معاناة و ظلم الغاية منه ان تبقى الجريمة المنظمة في المجتمع من اجل ان تبقى الديكتاتوريات السياسية ماضية في تخريبها و ارجو ان تنال رضاكم .
حيث تبدا القصة من ان يفتح الشرطي باب الزنزانة يدخل منها شاب و قد بانت عليه علامات التعذيب النفسي و الجسدي فقال له رجلان بصوت واحد : مرحبا بك في جناح الخمس نجوم .
فقال لهم : من انتم ؟ و ماذا تفعلون هنا ؟
قال له احدهم : انا القاضي حامد سعد و هنا الطبيب الجراح لطيف صالح من اشهر الجراحين في العراق ... و انت من تكون ؟
قال لهم : تشرفت بمعرفتكم و انا المهندس مازن عبدالله معاون امين بغداد السابق اعتقد انتم لستم بغرباء عني فالدكتور لطيف صالح انقذ حياتي و انا طفل عندما اجرى لي جراحة من اصابة حادث سيارة في راسي .
فرد الدكتور لطيف : نعم يا ولدي تذكرتك كانت جراحة دقيقة و معجزة ربانية لدرجة اني و الفريق الطبي من شدة الفرح دمعت عيناي و معي الطاقم الطبي دموع الفرح لم تقف لانك كنت ميتا فعشت و بقت الذكرى في راسي الى يومنا يا هذا يا ولد رغم كل ما قاسيته و لا زلت اقاسي .
فرد القاضي حامد : من منا لم يقاسي و يشرب كاس المر في الوقت الذي يكون المجرم يشرب الحلاوة فرحا على معاناة الابرياء و المساكين الذين لا ذنب لهم سوى انهم مواطنون عاديون لا يطلبون شيئا سوى العدل و العدل هو ليس بمنة بل هو هبة الله للحياة و حجرها الاساس .
فرد المهندس مازن : حضرة القاضي .. اين هي الاخلاق ؟ اين هي القيم ؟ حتى نتحدث عن العدل ؟
فقال له القاضي : لا تقول لي حضرة القاضي ارجوك يا ولدي ! الاحترام ليس لي من هو يكشف العصابات التي سرقت المصارف و فجرت المدنيين وسط الشوارع و في ذات الوقت يرحم و يصلح من يسرق من اجل العيش لياتي من يريد ان ينتزع منه الشرف من اجل التستر على هذه العصابات و عدم الانصاف بين الناس ليحل العدل في البلاد و يعم الامن بين العباد .
فيرد الطبيب : صدقت يا اخي كيف نتكلم عن شرف المهنة و اخلاقها و الشرف يرمي في سلة المهملات و المهنة يتم افسادها ؟ّ! بالله عليكم و استحلفكم باقدس مالكم انا طبيب مشهور و زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية هل يعقل يتم تعيين وزير كان مضمدا سابقا عندي و عندما رفضت تعيينه كتبوا على بيتي (مطلوب دم) لتاتي سيارة مدججة بالسلاح و تقودني الى هنا بتهمة خطا طبي و هذا كذب و الحقيقة اني عارضت تعيين المضمد بمنصب وزير و قلت هذا لا يجوز عقلا و منطق فقالوا لي : يجوز و اذا بنفسي هنا منذ سنتين و لا يعرف اهلي اين انا و لا اعرف اين هم ؟ و اخرها تم وضعي في حبس انفرادي بزعم اني مصاب بفايروس كورونا !؟ عجبا يا بلادي عليكي كيف للعدل ان يغيب عن عينيكي ؟!
فقال لهم المهندس مازن : اما انا حكاية خيالية لا تقرا الا في القصص و الروايات .. انا من المتفوقين على دفعتي في كلية الهندسة المعمارية بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف بعد التخرج فقررت اني اعمل مع والدي في مكتبه الهندسي في بغداد بعد ان كان والدي مهندسا قديرا و عمل عدة مشروعات عملاقة في مجالات عدة مثل البنى التحتية و الطرق و الجسور و بعدها بسنتين من عملي قررت ان اذهب الى دبي في دولة الامارات العربية المتحدة بعدما والدي فتح فرعا للشركة هناك و عملت هناك لسنوات عدة في مجال المقاولات و نفذنا مشاريع هناك و تزوجت و رزقت باطفال و بعد تحسن الاحوال في بغداد فكرت باني اعود الى بغداد لاخدم بلدي بعد اقناع والدي و خالي الذي كان صديقا لامين بغداد الذي قال له نرحب بالافكار الجديدة و المشروعات التي ستكون سببا في انعاش بغداد خصوصا و العراق عموما و انا رحبت و تحمست لاني منذ صغري و لي حلم اني اعيد بناء المناطق القديمة في بغداد مثل الشناشيل و جعلها قبلة للسواح من كل انحاء العالم لكن الصدمة الاولى كانت سرقة الفكرة و الثانية التحجج بان التمويل شحيح لهكذا مشاريع و انها لا يمكن ان تحدث و تدور الايام لاكون معاون امين بغداد حيث ارى باعيني ما يحدث من تحزب طائفي و محسوبيات داخل الامانة تارة من خلال قطع الرواتب عن الموظفين الشرفاء و اخرى بخطفهم و مساومتهم على الخضوع لشروط الاحزاب .
يضيف القاضي : نعم هذا هو روتين الحياة اليومي .
و الطبيب يضيف ايضا : اه اسالوني انا فلا احد لديه خبرة مثلي .
و يكمل المهندس حديثه : في يوم من الايام اشتكى الموظفون من انا منذ ثلاثة اشهر لا يوجد رواتب فذهبت الى الامين و قلت له لما نوزع الرواتب و العلاوات فقال امين بغداد : نعم نعم سنفعل لاحقا ان شاءالله . و مرة اخرى ذهبت فقال لي نفس الجواب في اخر المطاف قررت اني ابلغ المسؤولين و المعنيين بالامر و اتحدث بالاعلام و لكن ليس قبل ان احل مازق الرواتب فدفعت لهم من جيبي الخاص بما اقدر عليه . و طرت في تلك اللحظة من الفرح و لكن لم اعرف ان الفرحة لم تدم بعدما عرفوا بما فعلت و سافعل .
و ساله القاضي : ماذا هل كرموك بجائزة نوبل للسلام ؟
قال له المهندس: نعم تقدر ان تقول هذا و لكن على طريقتهم ؟
و ساله الطبيب : اخشى ان تكون يا ولدي مثل تكريمهم لي ؟
فقال له المهندس : نعم يا دكتور و افضل فقط في ليلة ظلماء رايت سيارات تنزل منها مسلحين و تعصب عيني امام اعين اهلي و تاخذني الى جهة مجهولة لمدة شهر حتى اتيت الى هنا بعدما اخذت على الاقل شهادة حسن السلوك تصور اتت فترات نسيت فيها اسمي و من اكون و ماذا احب .
فرد عليه الطبيب و قال له : من شهر هذا قليل جدا نحن هنا منذ سنة يا ولدي ؟
فاستطرد القاضي قائلا : تصوروا هذا يحدث في بلد كانت اول شريعة حكم فيها شريعة حمورابي و اول نظام قضائي في العهد السومري يكون المتهم برىء حتى تثبت ادانته الذي غالبية دول العالم يكون اساس العدل فيها هذا المبدا لنتخيل بلد هذا المبدا تطبق فيها شريعة الغاب .
فقال الطبيب : صدقت يا اخي صدقت و لكن ليس في اليد حيلة .
ورد المهندس : نعم صحيح .. فالواقع مرير و لا امل في تغيره .
فيرد القاضي : يا ولدي من اين ياتي التغيير و عائلات الشهداء على ابواب المحاكم ينتظرون حقوق ذويهم الشهداء يوما ما تسترد ؟ من اين ياتي التغيير و حقوق الانسان هي الاسوء و حياة الانسان اصبحت ارخص ؟ من اين ياتي التغيير و الفساد اصبح دستور حكم ؟ اتعرف يا ولدي تعز علي نفسي و انا ارى طفلا يسرق طعاما او محفظة حينما اكون رحيما معه بحكم لا يؤذيه بل يعيده الى حياته مع اهله بنصحه و اقناعه بالتوبة لان لا الومه بل الوم الواقع الذي فيه.
و يضيف الطبيب : اما انا فالوضع مختلف عندي اني ارى المرضى في المستشفيات يرقدون لسنين من دون علاج و حتى احيانا اصرف للبعض دواء مجاني بسبب وضعهم المادي هذا ان عثرت اصلا على الدواء في الصيدليات ان لم يكن يسرق او يباع في السوق السوداء فيعتصر قلبي عليهم و اقول : مالذي فعلوه ليحرموا من العلاج او التعليم و يعيشوا مثل باقي البشر بكرامة بينما البعض يذهب للعلاج في الخارج من دون ان يفكر باخيه الانسان الذي يعاني من المرض و في ذات الوقت يتكلم عن الانسانية و الخير ؟
فيرد الاثنان : اضحكتنا في عز حزننا عن الانسانية و الخير فعلا شر البلية ما يضحك.
و فجاءة يدخل حارس السجن عليهم فيقول لهم : افراج عنكم جميعا .
و يخرج الثلاثة من السجن و قد بانت عليهم علامات خليط من الحزن و الاعياء و قليل من الفرح ليستقلوا سيارة الاجرة و يعودون الى منازلهم بعدما تعهدوا بالا يتكلموا بشيء للمحقق و يكتمون اين كانوا و ماذا حل بهم و فقط يقولون انهم مذنبون و متهمون لا ابرياء .
تحياتي



#فراس_حاتم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويبقى عميد الادب العربي صرحا شامخأ في التاريخ
- خطوة كوسوفو الشجاعة
- زها حديد ذكرى ميلاد لا يمحوها الزمن
- ذكرى الدكتور محمد فاضل الجمالي في يوم تاسيس الامم المتحدة
- التنمية في العراق حلم ام واقع؟
- ماذا علمنا جدار برلين ؟
- سنغافورة التي بكت كثيرا و ضحكت اخيرا
- الاخلاق سر نجاح العمل الدبلوماسي
- سلاما من بغداد الى بيروت
- في ذكرى ميلاد شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري
- في ذكرى ابو السلام العالمي نيلسون مانديلا
- الانتقال الديمقراطي في اسبانيا
- وداعا قيصر الكرة العراقية الكابتن احمد راضي
- مستقبل الهند في بناء مئة مدينة ذكية
- نظرة على الصناعة في العراق
- مالذي يجب ان نتعلمه من السودان في التغيير ؟
- قطاع الاتصالات في العراق الى اين ؟
- ميلاد سعيد نور الشريف
- علاج موريتانيا الحديدي مع الكورونا
- دمت عطاء و ابداع دكتور سعد الوتري


المزيد.....




- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فراس حاتم - ليلة في الزنزانة