|
في الكفر والكفار
خليل الشيخة
كاتب وقاص
(Kalil Chikha)
الحوار المتمدن-العدد: 6739 - 2020 / 11 / 21 - 07:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المرحلة الإبتدائية، كنا ندرس السيرة النبوية عن كفار قريش وعلى رأسهم أبو جهل (الوليد بن المغيرة) والذي كانت قريش تعتبره من مثقفيها لعلومه الغزيرة. ثم عندك أبو لهب (عبد العزى بن عبد المطلب) ، ولا ننسى ابو سفيان بن حرب قبل اسلامه. عندما كبرنا وقرأنا التاريخ، تعرفنا على الفتنة الكبرى والصغرى، قالوا لنا أن الاختلاف كان عبارة عن اجتهادات بين الصحابة أدت إلى تلك الحروب المدمرة. فقبل أن تقوم الحروب، سبقتها عمليات قتل لثلاث خلفاء راشدين. فقد قام أبو لؤلؤة المجوسي بقتل الفاروق في المسجد انتقاما منه لتدمير امبراطورية فارس. ولم يحققوا في تلك الفترة معه، بل قتل معه الهرمزان. وخرجت كثير من الكتب تقول أن قتل الفاروق، كان عبارة عن مؤامرة من بني أمية كي يعجّلوا بالاستيلاء على الحكم اهمهم الباحث اللبناني إبراهيم بيضون في كتابه (الدولة الأموية والمعارضة). حادثة القتل الثانية كانت للخليفة الثالث عثمان بن عفان. كانت اليد التي قتلت مسلمة، بل انهم لقبوا الخليفة بنعثل ( نسبة لنعثل اليهودي الذي كان يعيش بالمدينة). رغم أن الخليفة طلب من ابن عمه معاوية أن يرسل له جيشا لحمايته عندما حاصره المتمردين، لكن الجيش لم يأت، وجرّت هذه الحادثة حروبا لم تنتهي حتى الان. لأن معاوية بن ابي سفيان طالب بالثأر وحمل مايسمى قميص عثمان حتى أضحى هذا القميص مثل نردده حتى الآن. ولم يطل الزمن حتى حدثت حرب الجمل بين السيدة عائشة والخليفة علي بن ابي طالب ويقال قُتل فيها 15 الفاً من المسلمين. وما إن أنتهت هذه الحرب حتى تبعتها حروب كثيرة منها صفين والنهروان. وتكاد أن تكون ولاية أمير المؤمنين علي كلها حروب مثلها في ذلك مثل ولاية الخليفة ابي بكر، مع فارق أن حروب ابي بكر مع المرتدين لكن ولاية علي بينه وبين المسلمين. كل هذا جزء من التاريخ الإسلامي وليس من تاريخ الاسلام. لأن الإسلام دين منزّه عن أهواء البشر والتاريخ هو حول نشاطات البشر. التكفير له تاريخ طويل في تاريخنا، فقد أعتبر الخوارج علي ومعاوية كفار لايحكمون بما أنزل الله. ثم أعتبر يزيد بن معاوية أهل المدينة كلهم كفار لأنهم نقضوا البيعة، فشن عليهم حربأ قتل فيها الالاف واغتصبت النساء. هذه المدينة التي قامت فيها الدعوة الاسلامية واستقوت على سيوف أهلها الأنصار. كل هذه الحروب تمخضت عن شق صفوف المسلمين إلى ملل وطوائف مازلنا نحمل وزرها حتى يومنا هذا. في عصرنا الحديث، سبق القاعدة وداعش قيام الثورة الاسلامية في إيران. والسؤال الآن هو : هل الدولة الاسلامية في إيران هي جزء من التاريخ الاسلامي أم هي جزء من تاريخ الفرس؟ وماذا عن دولة القاعدة في افغانستان وطالبان؟ وهل داعش هي جزء من تاريخ سوريا والعراق أو العرب أم هي جزء من التاريخ الإسلامي؟ وكما نعرف أن القاعدة وداعش كفرت كل المسلمين من سنة وشيعة لنفس السبب في عدم الدخول في البيعة لأمير المؤمنين ابو بكر البغدادي (قبل اغتياله بواسطة الامريكيين). وفعلت ذات الشيء في السبي والقتل في رقاب المسلمين السنة قبل غيرهم لانهم يعتبرون كل من لم يدخل البيعة كافر يحق لولي الأمر قتله أو حرقه أو رميه من أعالي الأبنية. وبغض النظر عن الأراء التي أنتشرت بيننا حول نشوء داعش : فقد ذهب البعض بأن داعش هي نتاج غربي بشكل عام وامريكي بشكل خاص لتدمير المجتمعات العربية والاسلامية. وكأن المجتمعات الاسلامية غير مدمرة من الداخل. فقد كشف الاحتلال الامريكي للعراق والحرب في سوريا أن مجتمعاتنا تحمل أحقاداً ضد بعضها البعض ما إن تتفلت الأمور حتى تتولى الناس قتل بعضهم البعض لأنهم مازالوا يحملون أحقاداً تارخية ضد بعضهم. الرأي الآخر يقول أن داعش هي الصورة المثلى للإسلام الحقيقي والنصي. وهذا الرأي يحمله الملاحدة والمستشرقين والمبشرين المسيحين. داعش نشأت في بيئة ليس فيها دولة. أو كانت الدولة مدمرة . ثم هي وجدت حاضنة في المجتمعات القبلية التي مازالت تعيش حالة البداوى. أما التنظير فهو قديم يمتد من الفقية أحمد بن حنبل إلى مايسمى بشيخ الإسلام أبن تيمية إلى أبو يعلى المودودي الباكستاني ولا يتوقف عند سيد قطب. خاصة في كتابه ( معالم في الطريق) الذي ردد ذات الجملة التي رددها أبو يعلى المودودي والخوارج ( لاحكم إلا لله). وهذه العبارة هي من أخطر الجمل في عصرنا. لأن هؤلاء سيأخذون على عاتقهم أسلمت المجتمات العربية على طريقتهم. وكما قال مرة الخليفة علي عندما رفع جيش معاوية المصاحف يريدون الاحتكام إلى القرآن، قال أن القرآن ينطق به الرجال. بمعنى آخر لايستطيع القرآن أن يحكم بنفسه بل يحتاج للبشر وهؤلاء البشر لديهم أهواء في السلطة وأهواء دنيوية قد تكون مبطنة في الدين. وإذا كنا نعيش حجيم الطائفية والأحقاد التاريخية فلأننا لم نستطع أن نستفيد من تاريخنا كما فعلت أوروبا وأمريكا. ولنا في التاريخ عبرة يا أولي الألباب.
#خليل_الشيخة (هاشتاغ)
Kalil_Chikha#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحمار والعصفور
-
المتواجد هناك للروائي جيرزي كوزنسكي
-
عفاش..من الرئاسة إلى البطانية
-
استعدوا لأحداث جلل
-
روبنسون كروزو والتوحش
-
أزمة الخليج وترامب
-
يا إسلام ... يا مسيحية
-
ديموشراسية
-
شتاء في الدم
-
أستاذ الحساب
-
ليوناردو بيلتير وحكايات مفقودة
-
موغابي وسرقة الدجاج
-
جاستا والرز
-
الموسيقى حرام
-
أولاد القردة الخنازير
-
استيعاب التاريخ البشري (2)
-
دراخيش
-
كتاب : استعاب التاريخ البشري
-
بائع الشنان والغولة
-
شنت منت فين
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|