أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - الإصلاح الشامل للدستور بحاجة إلى تأهيل بنيات المجتمع ثقافيا وسياسيا














المزيد.....

الإصلاح الشامل للدستور بحاجة إلى تأهيل بنيات المجتمع ثقافيا وسياسيا


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1611 - 2006 / 7 / 14 - 10:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تتناول هذه المقالة النموذج الثاني الذي يؤجل موضوعيا إجراء إصلاح جذري للدستور المغربي . ويتعلق الأمر بحزب العدالة والتنمية بما يقدمه من تصورات وما يتخذه من مواقف لا تنسجم فقط مع قيم الديمقراطية ، بل تغلق آفاق التطور الإيجابي في وجه النظام السياسي والدولة والمجتمع . ويمكن رصد بعض تلك التصورات والمواقف كالتالي :
1 ـ على المستوى السياسي : نعلم جميعا حرص المغرب على تطوير قوانينه وملاءمتها مع ما هو متعارف عليه دوليا في مجال حقوق الإنسان . إلا أن حزب العدالة والتنمية لم يستوعب أهمية اللحظة ولم ينفتح على رحابة الأفق . إذ لا زال يصر على ضرورة إلغاء " جميع التشريعات والقوانين التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية" . وهذا الموقف ، في جوهره ، يدخل ضمن الحق الذي يراد به باطل . إذ ليس المقصود هو الاستفادة من الحكمة الإنسانية في مجال وضع تشريعات وقوانين تضمن حقوق الإنسان وتصون كرامته ، كما تدعو إلى ذلك التعاليم الإسلامية ( الحكمة ضالة المسلم أنى وجدها فهو أحق بها ) ، بل ما يقصده الحزب هو فرض تصور أحادي للدين يُصادر بموجبه حق التمتع بما راكمته البشرية من حقوق سياسية ومدنية . وانطلاقا من هذا التصور المنغلق أنتج الحزب ثقافة متشبعة بعقيدة الولاء والبراء التي تلزم معتنقيها بالتمييز بين المواطنين على أساس عقائدي ، ومن ثم "موالاة" من يعتبرهم الحزب "مؤمنين" و"معاداة" من هم في حكمه "كفار" . وهذا الموقف يتعارض كلية مع النهج السياسي العام الذي اختاره المغرب ، والذي يحرص على تكريس وإشاعة قيم المواطنة والمساواة . إن هذا الموقف ينتج بالضرورة ثقافة الكراهية والعداء ويضع المجتمع على حافة الانقسام والاقتتال الداخلي . بل تزداد خطورته لمّا تَضْمَنُ الإصلاحات الدستورية لأصحابه امتلاك السلطة التنفيذية والآليات القانونية لتحويله إلى واقع معاش . حينها سيصبح المغاربة غير المسلمين ممنوعين من تولي الوظائف والمهام التي تدخل ضمن حكم "الولاية العامة" ( رئاسة إدارة أو أية هيئة ، العضوية في البرلمان ، المسئولية الوزارية الخ ).
2 ـ على المستوى القانوني : تبعا لهذا التصور الانغلاقي ، فإن مخاطره لا تقتصر على المواطنين غير المسلمين ، بل ستشمل عموما المجتمع من خلال وضع ترسانة من القوانين الغاية منها منع ما يراه أصحاب هذا الموقف "مخالفا" للشريعة الإسلامية . ولا بأس من التذكير بعدد من الإجراءات والتدابير التي سطرها حزب العدالة والتنمية في البرنامج الذي قدمه لخوض الانتخابات التشريعية لسنة 2002 ، ومنها :
أ ـ ( مناهضة الأنشطة "السياحية" و "الفنية" المنافية لأحكام الدين والحشمة والوقار) .
ب ـ ( الدعوة إلى تطهير مداخيل الدولة من كل مصادر الدخل الحرام ).
ج ـ ( مناهضة مختلف صيغ التعامل الربوي ) .
د ـ ( العمل من أجل حظر إنتاج وبيع الخمور للمسلمين وإشهارها ، وإغلاق الحانات والخمارات ) .
هـ ( سن قوانين لزجر مختلف مظاهر الاستخفاف بالمقدسات والمشاعر الدينية ) .
هذا مجرد مثال لما ستؤول إليه أوضاع المجتمع والدولة متى تمكن الحزب من آليات تنفيذ برنامجه . وللتوضيح فالحزب لا يناهض فقط المهرجانات الثقافية التي يجعلها، قسرا ، تنافي أحاكم الدين والحشمة . بله يناهض حتى تلك التي تهتم بالحيوان . وحسبنا ، في هذا الصدد ، ما نشرته جريدة "التجديد" عدد 1429 ، حول "كرنفال الحمير الرابع" الذي تنظمه جمعية قدماء تلاميذ بني عمار بدائرة زرهون ، حيث لم تستسغ إدارة الجريدة على لسان صاحب المقال تنظيم المهرجانات على امتداد المملكة . بل كراهيتها للمهرجانات لم تسلم منه حتى الحمير . هذه الإجراءات وغيرها كثير مما يسعى الحزب إلى تطبيقها ، لا تعرقل فقط مسيرة التطور ، ولكن ستضع المغرب خارج التاريخ وتزيد مشاكله تعقيدا.
3 ـ على المستوى الاجتماعي : يقدم الحزب تصورا لمجتمع لا مكان له إلا في المتاحف . فبقدر ما يجتهد المغرب في وضع تشريعات وقوانين تكرس مبدأ المساواة بين الجنسين ، وما يتخذه من تدابير لرفع جل تحفظاته على المواثيق والعهود الدولية المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء ؛ نجد حزب العدالة والتنمية يبذل كل وسعه لتكريس التمييز واللامساواة بين الجنسين ، ويناهض ، في المقابل ، الجهود التي تبذلها الدولة لتكريس مبدأ المساواة . وتكفي هنا الإشارة إلى المذكرات التي أصدرها الحزب ومعه حركة التوحيد والإصلاح سواء في موضوع مناهضة مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية ، أو فيما يتعلق بتعديل مدونة الأحوال الشخصية . كل تلك المذكرات تصر على شرعنة التمييز ضد النساء . الأمر الذي يضع الحزب في تناقض مع خيار التحديث والدمقرطة الذي اختاره المغرب ، وقرر على لسان جلالة الملك ،ألا رجعة فيه . من هنا يمكن القول إن الإصلاح الشامل للدستور يقتضي تأهيلا سياسيا وثقافيا حقيقيا للمجتمع بكل قواه السياسية والمدنية حتى تصون ما تحقق من مكتسبات وتدعم الانفتاح على آفاق مستقبلية أرحب . لهذا لا مناص من انخراط كل فئات المجتمع وقواه الحية في عملية التأهيل الشامل حتى يصير مطلب الإصلاح الجذري للدستور ذا مضمون واحد وغاية مشتركة



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لهذه الأسباب سيتأجل الإصلاح الشامل للدستور
- الإصلاح الشامل والجذري للدستور مطلب لم تنضج بعد شروطه
- أية نكسة هذه لما توجه حماس صواريخها ضد الفلسطينيين؟
- موسم هرولة الإسلاميين لاسترضاء الأمريكيين 2
- موسم هرولة الإسلاميين لاسترضاء الأمريكيين - 1
- مواجهة الإرهاب مسئولية الجميع
- بعد ثلاث سنوات أين المغرب من خطر الإرهاب ؟
- هل يمكن تعميم المنهج السعودي في مواجهة الإرهاب الإسلاموي ؟
- الشيخ ياسين يجعل من الخرافة فُلك النبي نوح
- هل يفلح الحوار المتوسطي في تفعيل الحوار المغاربي ؟
- هؤلاء هم أعداؤك يا وطني
- رسالة إلى الدكتور شاكر النابلسي
- القرارات السياسية تتغذى على الأعراف وتوظفها لتهميش المرأة وإ ...
- الفقه شرعنة للعرف وتشريع للتمييز ضد المرأة
- عولمة الإرهاب وعولمة الحرب عليه 2
- لما تصير المرأة ضحية العُرف والفقه والسياسة(1)
- أصبح ممكنا الحديث عن عولمة الارهاب وعولمة محاربته 1
- الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب ...
- شيوخ التطرف هم ملهمو الرسام الدنمركي وشياطينه
- أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن 2


المزيد.....




- استمع إلى ما قاله بايدن في أول تصريحات علنية له منذ ترك منصب ...
- شاهد.. متظاهرون يتعرضون للصعق أثناء جلسة حوارية للنائب مارغو ...
- الرئيس الإيطالي يخضع لعملية جراحية
- هل تعرقل قرارات ترامب خطة مكافحة تغير المناخ العالمية؟
- المساعدات تنفد في غزة وسط حصار مطبق وأزمة إنسانية متفاقمة
- فرنسا والجزائر.. علاقة يحكمها التوتر والأزمات المتلاحقة
- مفتاح جديد للسيطرة على ضغط الدم المرتفع
- الجيش الإسرائيلي يعلن مهاجمته بنية تحتية تابعة لـ-حزب الله- ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على المساعد الأبرز لقائد لواء غ ...
- الدفاعات الروسية تسقط 26 مسيرة أوكرانية غربي البلاد


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - الإصلاح الشامل للدستور بحاجة إلى تأهيل بنيات المجتمع ثقافيا وسياسيا