أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - الحرية لا تحل في إطار الدين















المزيد.....

الحرية لا تحل في إطار الدين


حميد زناز

الحوار المتمدن-العدد: 6735 - 2020 / 11 / 17 - 09:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أجرى الحوار: عزيز المجدوب
بين خطاب ماكرون الأول الذي أعقب حادث مقتل أستاذ التاريخ وخرجته الأخيرة على قناة الجزيرة .. كيف يمكن قراءة تصريحاته وهل يتعلق الأمر بتحول في وجهة النظر أم توضيح لموقف ثابت؟

لا يمكن أن يغير رئيس جمهورية منتخب في ديمقراطية كفرنسا وجهة نظره في مسألة تهم أمن بلاده بين عشية وضحاها. من المؤسف ان نقرأ و نسمع في بعض الإعلام العربي أن ماكرون قد تراجع و اعتذر عبر مقابلته مع قناة الجزيرة. كما ذكرت في سؤالك هو توضيح لموقف ثابت. طبعا تختلف النبرة حسب الزمان و المكان والمتلقي أو المخَاطب. لقد حاول أن يشرح للمشاهد العربي الذي تم تغليطه من طرف الإسلاميين قصدا و على رأسهم الرئيس الإسلاموي التركي رجب اردوغان أن فرنسا لا مشكلة لها مع الإسلام أو المسلمين، وإنما تحارب التطرف و المتطرفين العنيفين. ومن المؤسف أيضا أن ينخدع كثير من أبناء المغرب والجزائر وتونس الذين يعرفون وضع المسلمين جيدا في فرنسا ويجارون ما يروجه هؤلاء الإسلاميون من أنهم مضطهدون في فرنسا.

هل يتعلق الأمر إذن بسوء فهم معمم .. وما هي خلفيات ذلك؟

في الحقيقة هو سوء فهم مفتعل، يهدف إلى تحقيق أهداف أخرى لا علاقة لها بمحتوى ما جاء في خطاب إيمانويل ماكرون. من لا علاقة لهم بما يحدث في فرنسا هم الذين تشنجوا أكثر مثل الرئيس التركي اردوغان وهذا لأهداف سياسية داخلية وإخفاء للفشل الذي يتخبط فيه في ليبيا وصراعه مع اليونان في المتوسط وتصفية حسابات مع فرنسا التي تقف دوما ضد مشاريعه التوسعية. وكذلك المتشبث برئاسة وزراء ماليزيا مهاتير محمد وهو في سن الخامسة والتسعين حتى مارس الماضي والذي أصبح يدعو إلى العنف ضد الفرنسيين بطريقة مقززة على حسابه في تويتر والذي لو لم نكن نعرف تاريخه في جماعة الإخوان لكنا قلنا بأنه مجرد عجوز يهرف إذ كيف يمكن إن يشجع إنسان عاقل الإرهابيين على قتل ملايين الفرنسيين؟ لقد عرف "الإخوان" أن أمور الأسلمة ستتعقد في فرنسا أكثر فأكثر و لذلك هم يحركون كل الدمى.
ولا يعمل هؤلاء الذين يهيجون "إنسان الجموع" أي شي من أجل تغيير الأمور في بلدان الإسلام ولو كانوا يسعون للخير فعلا لكان اهتمامهم منصبا على تحقيق تلك الحرية التي ينعم بها المسلمون في فرنسا في تلك البلدان. أليس من واجب شيخ الأزهر أن يكون قلقا على حرية المسيحيين والشيعة واللادينيين واللاأدريين في مصر؟ ألا يعرف بأن الكثير منهم مقصيون، ومهمشون، ومحتقرون بدل تنصيب نفسه محاميا على مسلمي فرنسا؟ ألا يباع علنا كتاب "النفائس في أدلة هدم الكنائس" علنا في مصر؟ أليس مبرمجا ضمن الكتب الواجب تدريسها في معاهد الأزهر؟

هل يمكن أن نتحدث عن خصوصية فرنسية في التعاطي مع الإسلام السياسي نجم عنها اصطدام.. ولماذا لم نلمس ذلك في دول علمانية مجاورة؟
أكيد فرنسا ليست كغيرها من الدول المجاورة فهي لا تعترف بالانعزالية الثقافية أو الدينية أو ما يسمى في لغة الإعلام القديمة بـ"التعددية الثقافية"، كما هو الحال في بريطانيا وهولندا وبلجيكا وغيرها، حيث توجد شبه مجتمعات موازية تطبق في بعضها الشريعة في شبه سرية. و حتى في كيبك تذهب الأمور نحو هذا الاتجاه. بمعنى غض الطرف عن خلق مجتمعات مصغرة داخل المجتمع . وهذا ما يريد الإسلام السياسي فرضه في فرنسا مستثمرا الأحياء المأهولة من أغلبية مسلمة. وبالمناسبة البلدان المجاورة ليست علمانية مثل فرنسا، هي بلدان نصف علمانية تدفع أجور رجال وأساتذة الدين وغيرهم، في حين أن هذا غير مقبول في فرنسا، فهي جمهورية لائكية موحدة غير قابلة للتقسيم ولا تتحمل الانعزال الإثني أو الديني . ولكن هذا لا يعني عدم قبول الاختلاف والتنوع بالعكس التنوع من خصائص البلد والحريات حقيقة على أرض الواقع. في الحقيقة تنطبق هنا عبارة "ضعف الحائط يغري اللصوص" إذ أن تساهل السلطات الفرنسية منذ 30 سنة مع الإسلاميين جعلهم يعتقدون بأنهم انتصروا، وأن كل شيء ممكن في فرنسا. الجمهورية الفرنسية والإسلاموية خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا.

ألا تلاحظ أن الطبقة السياسية والمثقفين الفرنسيين في الغالب تركوا ماكرون يواجه مصيره في أزمته مع الإسلاميين وكأن في الأمر صمتا مريبا أو تخاذلا؟

< فرنسا بلد التعدد و الصراع السياسي والنقاش ولا يمكن تصور الوصول الى وجهة نظر موحدة مهما كانت خطورة المسألة. و لكن بعد فظاعات الإرهاب الأخيرة يبدو لي أن معظم الطبقة السياسية والثقافية باتت متفقة على وجوب الوقوف بصرامة أمام صعود الإسلام السياسي في البلد باستثناء اليسار المتطرف. يعاني هذا اليسار الفرنسي والأوروبي عموما مشكلة عويصة هي عدم فهمه لجوهر الظاهرة الدينية، لسبب بسيط هو أن أوروبا قد أبعدت الدين من تسيير شؤون المدينة منذ ثلاثة قرون. ومن هنا فاليسار وحتى بعض اليمين لم يفهم بعد بأن حرية الضمير والحق في التفكير والتسامح واستقلالية الفرد والمساواة بين الجنسين وغيرها من المسائل لا يمكن أن تحل في إطار الدين. ولكن الأغبى من كل ذلك هو اعتقاد البعض منهم أن الإسلاموية حركة ثورية، يمكن أن تكون حليفا لهم في صراعهم مع الرأسمالية.


الملاحظ أن العلمانية التي اتخذتها إطارا للتعايش وضمان الحريات.. لم تعد مهددة فقط بتزايد مد الإسلام السياسي في فرنسا.. بل أيضا هناك أيضا تيار يميني بخلفية دينية صار يدعو إلى تشذيبها وإعادة النظر فيها .. ما تعليقكم؟

هذا الأمر كان في زمن الرئيس ساركوزي حينما كان وزيرا للداخلية ثم رئيسا للجمهورية حيث بدأ يدور حديث عن علمانية من نوع جديد اختلق لها دعاتها عنوانا براقا: علمانية منفتحة. ولكن بأي معنى؟ كانوا يهدفون بحيلة الانفتاح إلى تدمير العلمانية الفرنسية بشكل غير مباشر بوصمها بالانغلاق. واستبدالها بعلمانية بديلة منفتحة في زعمهم، تتساهل مع الذين يريدون خنقها وفرض منظومة أخلاقية تتماشى مع قيم كنيسة كاثوليكية آفلة وإسلام أصولي صاعد. لقد طرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قضية دور الدين في المجتمع وعبّر صراحة عن نيته في إعادة النظر في مفهوم اللائكية ووجوب إعادة تقييمها، لكن كان يهدف إلى حصد بعض أصوات كاثوليكية ما زالت تحن إلى العهد القديم وأخرى إسلامية تحلم بمستقبل لاعلماني (تطبيق الشريعة في أحيائها). كان الرئيس ساركوزي مسكونا بكيفية إعادة الاعتبار للدين المسيحي في بلده و في أوروبا عموما، وهو هاجس نابع من مقاربة سطحية بل ساذجة للظاهرة الدينية، إذ يعتقد ككل إخوانه المؤمنين أن في قلب كل إنسان نوع من التوق الغريزي للمطلق بل حاجة طبيعية للدين،بكلمة أسرع. ولكن ما هو سبب هذا التعلق العلني بالمسيحية؟هل هو حب متيم بالمسيح أم هو رد فعل تجاه المد الإسلامي في أوروبا؟ تحت يافطة منح المسلمين مؤسسة رسمية تعبر عن هويتهم، استغل ساركوزي حينما كان وزيرا للداخلية بعض الذين ينصبون أنفسهم ممثلين للجاليات الإسلامية في فرنسا لتأسيس هيكل جديد أطلق عليه تسمية المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، بغية اعتقال العرب وكل الذين تربطهم علاقة ما بالدين الإسلامي في هذا السجن اللاهوتي. وقد تزامن ذلك مع بداية خروج أعداء اللائكية في فرنسا إلى العلن عن طريق تشجيعهم لمطالب الجماعات الإسلاموية لتضبيب الرؤية وزرع فوضى مفهومية تمكنهم من إعادة النظر في اللائكية على الطريقة الفرنسية. و كل ذلك ليس دفاعا عن حقوق المسلمين كما يدعون، وإنما استعمال المسلمين كمنفذ يعيدون عبره المسيحية إلى الفضاء السياسي.



#حميد_زناز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المنفى تحرّرت من الجاذبية الثقافية المحلية
- -خيار الشعب- أكذوبة الإسلاميين الجزائريين
- كيف عكّر الاسلاميون صفو ثورة الابتسامة في الجزائر؟
- هل يُضطهد المسلمون في فرنسا؟
- مرحبا أيتها الطوباوية المضادة !
- دونالد ترامب او الطوفان؟
- تشرفتُ برحيلك : رواية جزائرية تكشف عن وجه الاصولية الحقيقي
- لماذا انتصرت الغابون على الجزائر ؟
- وأصل الجمود ثقافة
- إرهابيون في نجدة النظام الجزائري
- الجزائر بلد مريض على فوهة بركان
- الأصولية كما فسرتها لابنتي
- متى يشفى المسلمون من مرض - و أعدوا- ؟
- لن تفلح أمة حكمها الإخوان
- أمينة هي الواقفة و أنتم الراكعون..
- عن أمينة ، لن نسكت يا أيها الرئيس
- لا للديمقراطية الإسلامية العرجاء
- رسالة مفتوحة إلى حاليلوزيتش ، سماحة المدرب المنتظر
- المسلمون: تيه في الحداثة
- أصوليون في ثوب محللين سياسيين !


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد زناز - الحرية لا تحل في إطار الدين