عبد القادر البصري
الحوار المتمدن-العدد: 6727 - 2020 / 11 / 8 - 01:43
المحور:
الادب والفن
المشهد …
بدأَ المشهدُ
عندما جاءَ الوداعُ بحقائبهِ المتربةِ
مرتجفةً كنتِ
وكانت عيناكِ ماطرتين
وأنفاسُكِ تبحثُ عن رئتي
لم أستطع حينها لملمةَ حزني
رغم ماأُتيحَ لي من زمن ٍ
لأقبلَ يديك الحانيتين
وألمسُ سخونةَ دمعتِكِ
إذ تسقطُ على هشيمِ روحي
وكان الوقتُ غبشاً سديمياً ، يترددُ
على حديقةِ أحزاني ،
ونخلتي والسدرةِ التي ستذكرُ نزقي وطفولتي ،
والرازقيةِ الباكيةِ قرب السياج الصامتِ الكئيب..
ذاكَ هو المشهدُ الملتبسُ بالحيرةِ
والندمِ المترقبِ خطوتي على العشبِ الغافيّ
إذ تفززه.. ليشكي الوداع َ
وأنسكابَ الألمِ في شريان ِ حياتي !
ذاك هو المشهدُ..
حين أُقتلُعُ كشجرةٍ حالمةٍ من أرضها
حيثُ تسقطُ تمائمُها ،
ويسقطُ مكرُ أوراقها مضرجاً بالرحيل..
ذاك هو المشهد ..
الخطوةُ على العتبةِ
البابُ يفتحُ ..
تخرجُ ..
فيغلق ..
ويهبُ آخرُ ماكان من الهواء البيتي
لأكفِهم الملوحةِ بالرجاء
وأنتِ تجمعينَ ماتكسرَ من عناقٍ
وما سالَ من وجع ٍ
ذاكَ هو المشهد ..
أَحسُ بعريّ اللحظةِ
وأنكشافِ عالم الخسارةِ
وثقلِ الضياع..
وأنا أرى الى غدي المريبِ ،
حاملاً حرارةَ لوعتِك الأولى ..
محتفظاً بإرتباكِ عباراتِكِ
ونظرةِ الفقدِ في عينيكِ الماطرتين !
ذاك هو المشهدُ ..
حين حدثتني عن أبي
الذي غادرنا مثخناً بالإنكسار
قلتِ كنتَ صغيراً لاتذكر
وحدثتني عن أحلامه..
ورددتي بعضاً من أشعارهِ
وقلتِ وقلتِ
وحين داهمني النعاسُ
نمتُ ..
لم أركِ..
حينَ صحوتُ
ووجدتُ أبي مسجاً
والشمسُ الغاربةُ
تأخذُ ماتبقى منه
وترحل !
ذاكَ هو المشهد ..
الحقائبُ التي أضعُ فيها الذكريات
تزدادُ ثقلاً ،
وأزدادُ خفةً
حينَ أحسبُ ماتبقى من سنيني
في العام الذي عدتُ الى الدار
عدتُ كشيخٍ ٍ منهكٍ
لم تكوني منتظرةً عند الباب
كما كنتِ ..
حين أأتي في تلك الأماسي الماضيات
الدارُ تغيرت ..
السدرةُ وحدها شائخةٌ
في الحديقةِ التي إختفت
ولما تأتين !
27/7/2020
#عبد_القادر_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟