|
الاسلام والارهاب والعنصرية وموقف اليسار حول الاحداث الاخيرة في فرنسا
عواد احمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6726 - 2020 / 11 / 7 - 02:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الاسلام والارهاب والعنصرية وموقف اليسار حول الاحداث الاخيرة في فرنسا الاحداث الارهابية الاخيرة في فرنسا ، ذبح المدرس ساموئيل باتي الذي تم بفتوى دينية كما تقول الحكومة الفرنسية ثم احداث الطعن في مدينة نيس جنوب شرق فرنسا حيث قتل ثلاثة أشخاص أحدهم على الأقل نحرا، وجرح ستة آخرون الخميس (29 أكتوبر/تشرين الأول) على يد شخص يحمل سكينا وتم اعتقاله بحسب مصدر حكومي، فيما أعلنت نيابة مكافحة الإرهاب فتح تحقيق في الهجوم. وأوضح مصدر في الشرطة لوكالة فرانس برس أن شخصين هما رجل وامرأة قتلا في كنيسة نوتردام بينما توفيت سيدة أخرى بعد إصابتها بجروح خطيرة في حانة قريبة كانت قد لجأت إليها بعدما تعرضت لطعنات عديدة. ) ووفقا لصحيفة لوفيغارو الفرنسية فإن جثة سيدة مقطوعة الرأس وجدت إلى جانب حوض الماء المقدس داخل الكنيسة، بينما عثر على جثة رجل في مكان غير بعيد عن الجثة الأولى. اعادت هذه الاحداث الدموية الى الواجهة طرح مشكلة العلاقة بين الاسلام والارهاب والعنصرية وموقف اليسار الماركسي والاشتراكي من هذه القضايا الشائكة ، ظاهرة الارهاب الاسلامي هي ظاهرة عالمية اليوم تقوم على فكرة اسلمة المجتمعات وان كل الارض هي مسرح للجهاد الاسلامي وهي مرتبطة بالإسلام الجهادي السلفي الذي يستقي افكاره ومبادئه من الترات الاسلامي في جذوره الاولى اي من العهد النبوي ومن كتب الصحاح والفقة الاسلامي المختلفة . ان ظاهرة التطرف والارهاب الاسلامي المتسمة بكراهية الاخر وتكفيرة هي ظاهرة ايديولوجية متعصبة روجتها السلفية الاسلامية المعاصرة ومولت بواسطة اموال البترودولار الخليجية والسعودية خاصة . المهاجرون في فرنسا والمانيا والولايات المتحدة ونيوزلندا واستراليا وغير هذه البلدان هربوا من جحيم مجتمعاتهم الاسلامية بحثا عن الحرية والعدالة والمساواة في هذه البلدان فتلقفتهم الجماعات الاسلامية الاصولية ليعاد تأهيلهم بواسطة الدروس الاسلامية في الجوامع والمدارس الخاصة التي سمحت الحكومات ببناءها كجزء من سياسة قبول الاخر واحترام المعتقد والتعددية الدينية والثقافية تلك الجوامع والمساجد اصبحت اوكارا للإرهاب يسيطر عليها الشيوخ السلفيين المتطرفين . تعاملت الحكومات الغربية مع المهاجرين المسلمين وفق سياسة (النسبية الثقافية ) بمعنى انها تقول للمسلم (( ثقافتك يحددها دينك وتراثك )) تحت زعم احترام خصوصيات هؤلاء الناس . وفي واقع الامر لم تخطو الحكومات الغربية خطوات جدية ابدا لدمج المهاجرين في المجتمعات الغربية القائمة على العلمانية وحقوق الانسان والحرية والديمقراطية ، وبدلا من ذلك تم عزلهم في كانتونات ((دينية وعرقية معزولة كجزر ثقافية و دينية. هذه السياسة لم تكن وليدة صدفة او نتيجة ضغط اجتماعي بل كانت سياسة شرعت منذ اوائل التسعينات ثم ترسخت اثر تطبيق موديل امريكا في العراق في العام ٢٠٠٣)) اي بعد سقوط الكتلة السوفييتية في العام 1991 وتمهيدا لمرحلة استعمارية جديدة من اجل اعادة تقسيم مناطق السيطرة والنفوذ للدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا . ان قيم الحرية والمساواة والعلمانية وحقوق الانسان مرغتها الانظمة الرأسمالية الغربية بالوحل ففقدت قيمتها واعتبارها الاجتماعي والانساني وفقا لمعايير النسبية الثقافية وتقسيم المجتمعات على اساس الدين والمذهب والعرق ودعم الحركات الارهابية واحداث الفوضى في الشرق الاوسط وتدمير دول مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا من اجل اعادة الهيمنة الامبريالية تحت يافطة الديمقراطية والحرية مرة ومرة تحت زعم الدفاع عن المدنيين امام قمع الانظمة الحاكمة . الارهاب الاسلامي في فرنسا وغيرها من الدول الاوربية هو نتيجة لسياسة المعايير المزدوجة للحكومات الغربية الفصل العنصري الثقافي والديني للمهاجرين وعدم دمجهم في مجتمعات اللجوء وتسليمهم بأيدي الملالي وشيوخ الدين الذين قيدوا حرية المرأة وزرعوا بذور الارهاب بين صفوف الاطفال والشباب هذا من جهة ومن جهة اخرى موجات الكراهية والعنصرية التي يقودها اليمين العنصري ضد اللاجئين باعتبارهم دخلاء وغرباء عن الثقافة والعرق الاوربي ويجب طردهم هذه هي جذور الارهاب والصراع التي تتحمل نتائجها الحكومات الغربية سواء في فرنسا وغيرها موقف اليسار الاوربي ضد التمييز والعنصرية ودفاعه عن اللاجئين باعتبارهم يعانون من اضطهاد اليمين العنصري والحكومات الاوربية وفقا لحقوق الانسان هو موقف ايجابي لكنه ناقص ، فاليسار في الغرب بتعدد احزابه ومنظماته يدافع ايضا عن ( الخصوصيات الثقافية والدينية ) للاجئين المسلمين ويشترك مع الحكومات البرجوازية بنفس النظرة القائمة على مفهوم النسبية الثقافية (( دينك وتقاليدك هي ما يحدد هويتك )) وهذه النظرة الناقصة لا تدافع عن ضرورة الاندماج وتأهيل المهاجرين ومساواتهم في الحقوق مع السكان الاصليين بل انها تنطلق من خصوصياتهم ومن كونهم مضطهدين فحسب ، كما ان اليسار الغربي عامة لم يدرك بعد حقيقة خطر ظاهرة الاسلام السياسي والتطرف الجهادي الذي يقوم على فكرة اسلمة العالم واوربا والسيطرة عليها ونشر القيم الاسلامية القروسطية والرجعية بدلا من قيم المساواة والعلمانية والحداثة . ان دفاع اليسار في فرنسا عن اللاجئين والوقوف الى جانب الجمعيات والمنظمات التي تمثلهم ضد الحكومة واليمين العنصري كونهم يتعرضون للاضطهاد والتمييز ادى الى وسم اليسار في فرنسا بتسمية ( اليسار الاسلامي ) من قبل الاحزاب الليبرالية والاحزاب العنصرية القومية التي تكن العداء والكراهية للاجئين ولليسار بنفس الدرجة . وبوجه عام يجب على اليسار الاوربي توجيه نقد جذري للايديولوجية الاسلامية المولدة للارهاب والعنف والكراهية ذات الاهداف الرجعية الخطيرة ليس في اوربا بل في العالم اجمع وفضح طبيعتها المضادة للتحرر والتقدم والعلمانية ومساواة البشر في الحقوق . لقد تحولت قضية اللاجئين في فرنسا الذين يقدر عددهم حوالي 4 ملايين الى معضلة خطيرة فغالبية اللاجئين الذين هربوا من بلدانهم للبحث عن فرص عمل وحياة افضل هم اليوم ضحايا بين مطرقة اليمين العنصري وسندان الجماعات الارهابية الموتورة .ولا مصلحة لهم فيما كل ما يحدث . ادانة اعمال القتل والذبح في فرنسا التي قام بها ارهابيون اسلاميون يجب ان يترافق مع ادانة المعايير المزدوجة والمنافقة التي تدير بها الحكومة الفرنسية سياستها تجاه اللاجئين وادانة سياسة النسبية الثقافية ومواقف اليمين العنصري المتطرف كما يجب بلا هوادة فضح خطر الارهاب الاسلامي واهدافه الرجعية المحملة بالتكفير والكراهية ، والدفاع عن حقوق الانسان والمساواة بين جميع السكان في فرص العمل والتعليم والثقافة والحياة وادانة كل اشكال الفصل العنصري والكراهية أيا كان مصدرها .
30/ 10 / 2020
#عواد_احمد_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي : مكانة ودور الح
...
-
محاولة اخرى لتحليل تجربة عبد الكريم قاسم وحركة 14 تموز
-
كلمة حول أزمة القوى اليسارية وابعادها ازمة الواقع ام النظرية
...
-
الاحتجاجات الجماهيرية الحالية وغياب العامل الذاتي
-
مطالب الجماهير المحتجة في العراق والسلطة البديلة
-
احتجاجات اكتوبر الجماهيرية في العراق خلفياتها وابعادها السيا
...
-
توقف الصناعات المحلية (الوطنية ) في العراق الاسباب والنتائج
-
حول التحشيد الأميركي ضد إيران واحتمالات الحرب
-
الماركسية في ركودها وتقدمها ( في ذكرى ولادة كارل ماركس )
-
اللاسلطوية والقيادة والتحزب
-
الدعم الاميركي غير المحدود ومأزق دولة اسرائيل الصهيونية العن
...
-
قراءة اولية في اعادة الانتشار العسكري الاميركي في العراق
-
رد على رسالة السيد سعد محمد حسن (حول الاستقالات في الحزب الش
...
-
رد على الرفيق رزكار عقراوي وتوضيح موضوعي لحقيقة الخلاف داخل
...
-
استفتاء البرزاني ... القشة التي قسمت ظهر البعير
-
موضوعات حول قضية الاستفتاء واستقلال كردستان
-
محاولة اخرى لتقييم تجربة عبد الكريم قاسم
-
أي تحالف لليسار في العراق ممكن ؟؟
-
ثورة 14 تموز رؤية جديدة لتجربة عبد الكريم قاسم
-
اطروحات عن بعض خصائص الحزب الشيوعي ...
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|