أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن مدن - هل للدماغ هوية؟














المزيد.....

هل للدماغ هوية؟


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6725 - 2020 / 11 / 6 - 19:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


للمعتز بيت من الشعر يقول: "وحلاوة الدنيا لجاهلها / ومرارة الدنيا لمن عقلا"، ما يذكرنا ببيت الشعر الشهير للمتنبي والقائل: "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله/ وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم"، وكان الحسن البصري يقول: "لما رأيت الدهر دهر الجاهل/ لم أرَ المغبون غير العاقل" .
لكن هذا الذم للعقل، هو مدح في صورة الذم، فهو اعتراف بقيمة العقل وضرورته، وللباحث سالم القمودي كتاب سماه: "الإنسان ليس عقلاً"، وهو عنوان يستفز ما استقر في أذهاننا من أن ما يميز الإنسان عن بقية الكائنات هو عقله، فإذا جاء أحدهم ليفند هذه الأطروحة، فذلك ليس للتقليل من أهمية العقل، وإنما للقول بأنه ليس به وحده يحيا الإنسان.
يلفتنا الباحث إلى أن الصراع بين النفس والقلب يشتد بين الحين والآخر، خاصة إذا ما كانت النفس قلقة وتتمتع بذكاء حاد متوقد لا يهدأ، مما يزين لها أمر الهروب من قيوده أو الانفلات من هديه وحججه وبراهينه، ويوفر لها، تبريراً لكل سلوك ومخرجاً لكل مأزق.
الحكمة ليست الذكاء، فالحكمة تكمن في السلوك أكثر من تمثلها في المعرفة، لأن الإنسان قد يكبو ويتعثر ضحية طغيان ذكائه على حكمته ورشاده وعلى فعله وسلوكه.
إن أشكال الجنون التي يعرفها علم النفس جيداً، كجنون العقل وجنون الذكاء وجنون العظمة وجنون الطغيان، وهي أمراض متفشية في ثنايا حياتنا: في السياسة والثقافة والسلوك قادتنا إلى الخراب.
ولا يتصل الأمر بدرجة أعلى من الذكاء، بقدر ما يدور عن نرجسية مَرضية تُبرر لأصحابها، خاصةً حين يكونون في موقع القرار أو السلطة، اقتراف الجرائم، لأنهم لا يرون في ذلك سوى أداء لواجبٍ منوط بهم، وسيّان إن كان هو في قرارة أنفسهم موقنين من ذلك أم لا، فإنهم يوظفون آلة دعائية معقدة لإقناع الجمهور بصواب ما يفعلون.
يمكن للعقل أن يكون بنّاءً ودليل خير وصواب، ويمكن أن يكون هادماً ومدمراً لصاحبه وللمحيط الذي يؤثر فيه، فالعقل يتأثر بالبيئة التي يعيشها صاحبه، وإذ نشهد اليوم مظاهر التعصب التي يظهرها أصحاب الملل والعقائد لما يؤمنون به، حدّ تكفير وتخوين واستباحة دم سواهم من الملل، يجدر بنا التساؤل ماذا سيكون عليه هؤلاء أنفسهم لو ولدوا ونشأوا في بيئة من ينبذونهم، وتشربوا بأفكارها ومعتقداتها، أما كانت الحال ستكون معكوسة، رغم أن العقل واحد؟
ترى هل خطر في بال أحدنا أن يتصوّر بأن للدماغ هوّية، وليكن السؤال أكثر دقة: هل الدماغ هو المسؤول عن تحديد الهوية الثقافية أو الفكرية أو الدينية لأحدنا؟
لو أننا بحثنا عن تعريف للدماغ، فسنجد تعريفاً تشريحيا، طبياً إن صحّ القول، فهو يتكوّن من المخ، والمخيخ والجذع الدماغي، ويوجد داخل الجمجمة، على ما تقوله المصادر، وأنه المعني بالتحكم في معالجة وتنسيق المعلومات التي يتلقاها من الأجهزة الحسية، ويرسل التعليمات المختلفة إلى أجزاء الجسم الأخرى.
طبعاً هناك شروحات وإضافات على هذا التعريف ليس هنا محلها، حول تكوين المخ ووظائفه، تحملنا على الاعتقاد بأن المخ، على أهميته، ليس سوى جزء من الجسد، يتولى وظائف، كما تفعل بقية أجزاء هذا الجسد، وعليه ليس بوسعنا تخيّل أن يكون دماغ شخص ذي ميول ليبرالية أو تقدّمية مختلف، حين يتصل الأمر بهذه الوظائف، عن مخ شخص آخر ذي ميول محافظة أو متزمتة.
لكن دراسة حديثة أجرتها أربع جامعات أمريكية، كاليفورنيا وبيركيلي وستانفورد وجونز هوبكنز، تخلص إلى أن استجابة كل من الليبراليين والمحافظين للمادة الواحدة تختلف بسبب اختلاف استجابة المخ من شخص لآخر للكلمات والمصطلحات المستخدمة في الرسائل السياسية، وبالتالي فإن تكوين هذا المخ هو الذي يجعل الواحد منا محافظاً أو ليبرالياً.
ومرة أخرى نقول إن الأمر لا يتصل بما يقوم به المخ، كونه موقع التفكير، من تنسيق لقدرات الإنسان على "التحرُّك واللمس والشم والتذوق والسمع والرؤية"، كما جاء على موقع مختص، أي أنه يتلقى ما يكتسبه المرء من معارف وينسقها، وإنما يقوم هو نفسه باختيار ما على المرء اكتسابه من معارف ومفاهيم، فكأنه بذلك يختار له هويته بالنيابة عنه، أي أن الواحد منا يصبح محمولاً على اتباع فكرة بعينها لأن التكوين الفيزيولوجي لمخه يفرض ذلك، وبالتالي فالأصح القول عن أحدهم إن مخه تقدّمي أو محافظ، من أن نقول إن ثقافته محافظة أو تقدمية.
حسب الدراسة المشار إليها فإن العلماء يعتقدون بأن منطقة بالمخ هي المسؤولة عن إدراك وفهم معاني الأشياء، وعن أحد أعضاء فريق البحث يُنقل اعتقاده ب "وجود أساس عصبي في المخ خلف الانحيازات الحزبية والاستقطاب، وأن الاختلافات الأكبر في النشاط العصبي تقع عندما يستمع الناس لرسائل تحمل كلمات تتعلق بالدين والأخلاق والعواطف والتهديدات".
يعيدنا هذا إلى مربع النقاش الأول الذي شغل الفلاسفة منذ القدم حول من يُحدّد الآخر أو يسبقه: المادة أو الوعي، الواقع الموضوعي أم الوعي به؟



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم تخلينا عن ابن رشد
- مجيد مرهون ابن البحرين المعدم الذي طافت موسيقاه العالم
- عن أي (ليبرالية) يجري الحديث؟
- التاريخ حاضراً
- من يصنع الطاغية؟
- العابرون للطوائف
- للمقهورين أجنحة
- (كوتا) للنساء
- الوطني والعالمي
- معارف أم معلومات؟
- حديث عن (الأقليات) في العالم العربي
- سوبر ماركت كبير
- زمن جيفارا
- ردّ الصاع صاعين
- بين التاريخ والرواية
- بطل سرفانتس
- المثقف النقدي
- تعددية الثقافات لا مركزيتها
- الناس تحب الأساطير
- المدينة التي تتذكر كل شيء


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسن مدن - هل للدماغ هوية؟