|
أرض الصحراء الغربية بقيت دائماً تحت الرماد ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6721 - 2020 / 11 / 2 - 15:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ واصلت هذه الحال محصول وإعادة محصول لبواعث امتناع الموضوعية والخصوصية على حد سواء ، فالصحراء التى انقلبت عشية الجلاء الكبير ، كان الانقلاب أشبه بالقنبلة الموقوتة التى تركها المستعمر من أجل استنزاف قوة الدولة وعدم تمكنها من الاستفاقة لعقود طويلة ، إذن ، خير ما فعلت دولة الامارات العربية عندما أفتتحت قنصليتها في الصحراء الغربية المغربية ، بالطبع هو إعتراف عربي ميداني الأول من نوعه بعد سلسلة إعترافات أفريقية مماثلة ، وهنا نؤكد على أهمية الوجود الدبلوماسي في هذه المنطقة الحساسة والتى حملت عبر التاريخ صراعات طويلة ، لأن منذ سقوط سبتة ومليلة والجزر الخمسة المتوسطية بيد المستعمر الإسباني في القرن الخامس عشر ، يتعبر التداخل فيها كان ومازال لاعتبارات سياسية واقتصادية ودينية وجغرافية واستراتيجية ، بل الصحراء الغربية مجرد استحضارها في أي منافشات أو مفاوضات ، يحضر معها تاريخ المغرب على الأخص وتاريخ البحر الأبيض المتوسط وتاريخ الصراع الإسلامي النصراني كما كان يسمى في الماضي وبات يطلق عليه حديثاً عبارتين ( الإسلام والغرب ) كعلاقة متلاقتين التى يقيمها واو العطف وتاريخ التوسعي للطرفين ، بالطبع كان حديثاً الكاتب الأمريكي هنتنغتون قد توسع حول هذه المسألة في كتابه الشهير صدام أو صراع الحضارات بعد وصول الخميني في إيران لسدة الحكم والإعلان عن مشروع ثورته الإسلامية ، وبالتالي لم تكن قضية الصحراء المغربية بعيدة عن ما يجري بين العراق وإيران ، شهدت ثلاثة عقود من الحروب الكاملة والمتقطعة ومن ثم المفاوضات المتأهبة ، وهو أمر كان ومازال يحتاج إلى فكفكة المصطلح المستجد قبل كل شيء ، ( الغرب والإسلام ) الذي يتم شحنه بعلامات عويصة ومعقدة تجمع بين ارتياب الحاضر وتخوف على المستقبل ، إذن الصحراء الغربية التى تتداخل بين المغرب والجزائر ومورتانيا ، تحتضن أرضها لقبائل التى انبثقت منها جبهة البوليساريو وشهدت إحتلال إسباني وقديماً برتغالي ، وبالتالي التفكيك يتعلق بتلك البواطن الأيديولوجية الظاهرة والكامنة .
بعد ما تعرضت له المنطقة من استخفاف أو حتى تراخي واقعي بفضل صعود قوة مقابلة ، قال أبن خلدون ابو العلم الاجتماع ، وقوله يضرب في جذور التعبير والتسديد البليغ والأسلوبي المختار ، لقد بدأت الدولة الإسلامية تفقد حضورها الطبيعي في حوض البحر الغربي للمتوسط منذ معركة طريف ( ريو سالادو ) 1340م التى تم فيها ذبح أولاد ونساء السلطان ابو الحجاج ، كانت المنطقة قد استوطنتها قبائل الصنهاجة الشهيرة ( الأمازيغية ) ، من جنوبي المغرب وأقصى الجنوب الموريتاني ، وبعد ذلك أسسوا المرابطون دولتهم على كامل الأراضي المغربية والأندلسية ، لكن ذلك أتَ بعد سلسلة تحالفات عقدتها هذه القبائل وشهدت بناء دولة بني زيري ولاحقاً دولة أوغست الإسلامية ، تعتبر جميع المعارك التى خاضتها المغرب في التاريخ سابقاً أو اليوم ، هي معركة واحدة ، السيطرة على ركيزة الاقتصاد الصحراوي كما فعلوا البرتغاليين في التاريخ ، فالصحراء غنية بأنواع الأسماك والثروة الحيوانية وايضاً أرضها تختزن معادن الفوسفات والنفط والغاز ، كما أنها منطقة جاذبة للسياحة ، لديها رمال ذهبية معشوقة من الغرب وشواطئ أطلسية ، كما أنها تحتوي على خزانات ضخمة من الملح وتُصدر ذلك إلى الخارج مع خامات النحاس والحديد والرخام والزركون والتيتان ، وتحديداً في عام 2000م بدأت شركة توتال الفرنسية بعمليات التنقيب في مجال الغاز والنفط .
فضلاً عن وقائع متبعثرة ليست قليلة الأهمية ، تماماً تأسست جبهة البوليساريو في20 أيار من عام 1973م وهو توقيت تزامنا مع جلاء الجيش الإسباني من الصحراء الغربية مع إبقاء الاحتلال على الجزر الأخرى ، سبتة ومليلية والجعفرية وباديس وليلى والخالدات ، جميعها مواقع استراتيجية ومناطق خلابة وساحرة وجاذبة وآخذة وأغلبها تبعد مئات الأمتار عن المياه الإقليمية للمغرب ، حاولت الدولة المغربية بشتى السبل إيقاظ قضايا الجزر عالمياً بالطرق السليمة ، لكن لا أحد لديه النية الاستماع ، بل نشط المغرب في منتصف السبعينيات بتنظيم مسيرة سلمية عرفت آنذاك بالخضراء ، شاركت وفود عربية وأجنبية من أجل دفع الإسبان للتخلي عن إحتلالهم للجزر ، كما دعى الرئيس الجزائري الأسبق بومدين المغرب أثناء وجوده بالقمة العربية بالرباط ، بضرورة استرداد الجزر الخمسة وحقها في الصحراء الغربية ، لكن الجزائر قدمت تاريخياً مصالحها على مصلحة الأمن القومي العربي ، عندما دعمت ومازالت تقدم الدعم لجبهة البوليساريو وهذا ساهم بشكل كبير في زعزعت الأمن الوطني المغرب ، وايضاً خلق أزمة المواطنة والهوية في الصحراء ومنع عنها التنمية ، وبالتالي ما جرى في الصحراء الغربية يتشابه في الواقع لتلك المحاولات الهادفة بنزع شبه جزيرة سيناء عن مصر ، من خلال تحريض الحكومات السابقة بإهمالها لكي تتعزز فكرة الانفصال .
تراكمت أوراق لجنة مينورسو في الملف ، اللجنة التى شكلتها الأمم المتحدة بعد وقف انطلق النار ، ولم تُنعش أي علامات على توافق حسي ، فما بالك أيها القارئ أن يكون رفيع مركزي ، باختصار الاستفتاء الذي ترغب به جبهة البوليساريو يهدف في جوهره إلى الانفصال ، وهو مشروع أوسع من مسألة الصحراء الغربية ، لأن بمجرد رضوخ الرباط للاستفتاء سيظهر تباعاً مطالبات مماثلة في الجزائر وتونس وليبيا ومورتانيا ، طالما مصطلح شمال أفريقيا يمتد من الشواطئ الأطلسية في الغرب إلى قناة السويس البحر الأحمر في الشرق ، وهذه المنطقة تعج بالقبائل والقوميات والأعراق ، وبالتالي فتح مثل هذا الباب هو في مضامينه تهديد للمنطقة بالكامل ، بل مساندة البعض لانفصال الصحرويون عن الرباط يؤكد عن قصور في الوعي كما كان الحال مع الخليفة يعقوب المنصور الموحدي ، فكل من هو ممعن بتاريخ العلاقات المغربية المشرقية يعي حجم التكلفة التى تكبدها صلاح الدين الأيوبي عندما الأول رفض مساعدة الأخير بمده بقطع بحرية من الأسطول المغربي .
بقيت النار ذاتها مضمرة تحت الرماد ، تركد تارةً وتحتدم سعيرها تارةً أخرى ، لهذا لكي يغلق المغرب ملفه الصحراوي بالكامل ويتحرر كلياً من أجل الالتفات بقوة للجزر المحتلة ، لا بد من فتح قنصليات عربية هناك وايضاً وضع مشروع وطني يلامس المواطن ، تماماً كما انكبت الحكومة المصرية الحالية في إعادة الأواصر التاريخية والوطنية في سيناء عبر حضور الدولة ، أي عندما قدمت الحكومة الخدمات وبدأت تتوالى المشاريع الكبرى ، بالطبع ، تغيرت نظرة ساكن سيناء ولم تعد فكرة الانفصال ضرورة طالما الدولة يتغير حالها للأفضل ، وبالتالي الانتماء لها يصبح غاية عامة ومطلب شخصي . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ترتيب بيت المسلمين في فرنسا ضرورة عبر مؤتمر جامع ...
-
القذافي من الصحراء إلى المدينة / زنقة زنقة على ايقاع قرية قر
...
-
مهمة الدولة تتجاوز التدابير الأمنية ...
-
موقع المناظرات الأمريكية / جامع المدينة أول جامعة شاملة ومجا
...
-
هستيريا المذهبية والاستخفاف بالفيروس وجدانيات ترمب ...
-
رسائل هيلاري الافتراضية أسقطت أنظمة افتراضية ، فكيف لو إستخد
...
-
الهدف واحد والاختلاف بالمعجم / درويش والمتنبي .
-
أهم واحة للتكنولوجيا في العالم / الثورة الهبيزية أنتجت الثور
...
-
المطلوب الانتقال من التشابك إلى التضامن ، أما الخطب الديماغو
...
-
واحة الإحساء ...
-
أخطاء من الصعب تصحيحها ...
-
الرئيس ترمب والعالم ...
-
وكالة سي آي أيه CIA نقلت البشرية بخفة من التملك الطبيعي إلى
...
-
أنه يحدث كل يوم ...
-
ماذا يحتاج الأردن في ظل محيط يغلي غلي ...
-
الاعتماد على قصور الناس للإدراك ، من حرق سوريا ...
-
موليير الفرنسي وموليير العربي ابن البلد ...
-
تونس فرصة العرب في التجديد ...
-
لبنان في العناية الفائقة ...
-
بروكرست والأسد ...
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|