أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - في ذكرى الثورة اليمنية، هل نعلم وجهتننا؟ (2-2)















المزيد.....

في ذكرى الثورة اليمنية، هل نعلم وجهتننا؟ (2-2)


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 6720 - 2020 / 11 / 1 - 19:11
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إذا كانت أهداف القوى الداخلية المتعارضة معروفة للبعض، كما بيَّنا في الحلقة السابقة، المؤرخة في 26 سبتمبر 2020، فأن ما هو غير معروف للكثيرين، هو ماذا تريد القوى الخارجية من اليمن.
هل القوى الخارجية مفتونة بالقوى الداخلية، وتريد مساعدتها لوجه الله، في استعادة الشرعية، وتحقيق الاستقرار والسلام، أم أنَّ لها أهداف خبيثة، ظاهرة ومستترة، خاصة بها، تتجاوز ما هو مُعلن؟ وهل تلك الأهداف الماكرة للقوى الخارجية، مجهولة للقوى الداخلية، أم أنها تعلم عنها، ولكنها تتغاضى عنها لكي تحظى بالدعم الخارجي اللازم، وتتمكن من تحقيق أهدافها الخاصة على حساب القوى الأخرى المناهضة لها، حتى لو كان ذلك على حساب السيادة الوطنية لليمن؟

واضح أنَّ القوى الداخلية منغلقة ضمن أهدافها الضيقة، "لهوياتها القاتلة"، الدينية والقبلية والجهوية، وتعلم ماذا تريد لنفسها، ولكنها تبدو مشوشة، وقد لا تعلم ماذا تريد القوى الخارجية من اليمن، أو أنها تعلم، ولكنها، كما أشرتُ مرتهنة بشكل كلي للقوى الخارجية. ولئن كانت اليوم نسبة ضئيلة، ولكن متزايدة من القوى الداخلية، قد كشفت عن نضجٍ سياسيٍ، وأصبحت تدرك مرامي القوى الخارجية، وأبدتْ تذمرها الصريح مما يجري، إلاَّ أنها محاصرة من قبل القوى الخارجية، ولا تحظى بنفوذ قوي داخل القوى السياسية المحلية حتى تتمكن من تغير مسار الأحداث بما يخدم الخط الوطني.
ولكن الأمر الجلي الذي لاريب فيه هو أنَّ القوى الخارجية، على النقيض من القوى الداخلية، تعرف ماذا تريد من اليمن. ولمزيد من توضيح الموضح، دعونا نقارب المسألة، بشكل أعمق، ونحدد أهداف إيران والسعودية، والإمارات وقطر وتركيا في اليمن، على النحو التالي:

أ‌) إيران:
إيران تسعى لبناء قوة سياسية دينية في اليمن، ترتبط بها بشكل وثيق عبر الدين والسياسية والمصالح الاقتصادية والاستراتيجية. وهذه القوى اليمنية المحلية المُشكَّلة لا بد وأن يكون في مقدورها أنْ تمنح إيران موضع قدم في اليمن، وتشكل نقطة ارتكاز لها، تتيح لها توسيع إمبراطوريتها الناشئة والطموحة، لتتمكن من الإشراف على بحر العرب، وباب المندب والبحر الأحمر، ومحاصرة السعودية من الجنوب، في تناغم وثيق مع الضغط الذي يمكن أن تقدمه الدولة العراقية الطائفية، حليفة إيران، من الشمال. وبالتالي تفكيك السعودية من الداخل، وخاصة بين المناطق الشرقية والغربية، وصولاً إلى تمكنها من الإشراف المباشر، أو التحكم عن بعد، ولكن بشكل مُحكم، بالأماكن المقدسة في الحجاز، وفق رؤية مذهبية جديدة، ومغايرة للسائد، وبالتالي إحياء ثورة الحسين، وتحقيق أهدافها المُجهضة، والولوج في مرحلة إسلامية جديدة، قوامها سيطرة أتباع علي على أتباع معاوية، كما أُريد لها أن تكون قبل أحداث كربلاء في القرن الأول الهجري. وتكوين إمبراطورية إسلامية جديدة، ليست مجرد تكرار لماضي غابر، ولكن ضمن رؤية جديدة، تأخذ في الاعتبارات الابعاد والدلالات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للعالم المعاصر.

ب) السعودية
تريد السيطرة بشكل دائم، على المهرة وحضرموت ومأرب والجوف والصليف وجزءاً من شبوة، وإقامة كيان سياسي رخو في بقية الأجزاء اليمنية، تنحصر مهمته في حراسة المصالح السعودية وخدمة أهدافها التوسعية. وبذلك تكون السعودية قد حجمت دور إيران، وحققت أهدافها في اليمن التي فشلت في تحقيقها منذ سنة 1935، عقب احتلالها لجيزان ونجران وعسير. وهناك قوى اجتماعية يمنية ويمينية، في الشمال والجنوب، لن تتوانى عن أنْ تكون نعلاً للسعودية، تعمل في خدمة هذه الأهداف. وهذه الخطوة ستسمح للسعودية أن تعزز مكانتها الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية، وتفرض هيمنتها بشكل مطلق على الجزيرة العربية، توطئة لتوسيع نفوذها في العالم العربي والإسلامي، واستغلال مشروع معاوية السني والتلاعب فيه، لتقوية المشروع الرأسمالي والإمبريالي في المنطقة.

ج) قطر وتركيا:

قطر تخشى السعودية والإمارات، وليس أمامها من وسيلة بحكم حجمها الصغير، سوى أن تدعم بعض القوى المحلية في اليمن وتنصع لها مرتكزات سياسية منافسة لأنصار السعودية والإمارات، وتتحالف مع الأحجام الكبيرة والفاعلة، المناهضة لهاتين الدولتين داخلياً وخارجياً. ولهذا تقدم قطر دعماً مالياً وإعلامياً لحزب الإصلاح الإسلامي في اليمن، وتقيم علاقة ملتبسة مع الحوثين. وعلى صعيد آخر تقيم علاقات اقتصادية وسياسية مع إيران، وتستغل هذه الأخيرة وضع قطر وتعمل على استغلالها بمهارة فائقة. كما تقيم قطر علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية وثيقة مع تركيا. وتجد تركيا الطموحة، ذات التطلعات الإمبراطورية الصاعدة، في ظل هذه الظروف والمعطيات السياسية المعقدة، فرصتها لكي تتدخل في اليمن في نشاط متناغم مع التدخل القطري. وعلى الرغم من أنَّ اليمن ليس محاذياً جغرافياً لقطر وبعيداً جغرافياً عن تركيا إلاَّ أن الدولتين توفران مساعدات مالية وإعلامية للقوى الدينية في اليمن، وخاصة السنية الإخوانية، كما أنَّ لتركيا قوات عسكرية في قطر والصومال، وتسعى لتعزيز علاقاتها بسلطنة عمان القريبة من المهرة.

د) الإمارات وإسرائيل:

الإمارات ذات القوة الاقتصادية المتنامية والمكانة الجغرافية المتناهية، والقوة السكانية المتلاشية، تسعى للتوسع، وتريد سقطرى والسواحل اليمنية، التي تشمل على وجه التحديد: ميناء المكلا، وميناء بلحاف، وميناء عدن، وجزيرة ميون، وميناء المخاء، والسيطرة على مناطق الصيد البحري، والتنسيق مع السعودية، بما يحقق مصالح الطرفين. والإمارات التي لا ترتبط بحدود جغرافية مع اليمن، خططت لأهدافها بشكل دقيق، وخلقت بشكل تدريجي، خلال السنوات الماضية، وتحديداً منذ حرب 1994، قوى سياسية واجتماعية محلية، تخدم أهدافها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، مقابل حصولها على المال والتسليح بدرجة أساسية، ومساعدتها على تحقيق بعض مصالحها الضيقة التي لا تتعارض مع المصالح الكلية للإمارات. وهناك اليوم قوى مرتهنة ومُتحكم بها من قبل الإمارات تسعى بحماسة شديدة لتحقيق تلك الأهداف. غير أنَّ الإمارات الغنية والطموحة، ولكن الصغيرة حجماً والأقل قوة من الناحية العسكرية، تعاني من مشاكل كثيرة: فهي تخشى الذوبان الديمغرافي وسط الأغلبية السكانية: الإيرانية والهندية، وتسعى لتعزيز مكانتها الاقتصادية والديمغرافية في اليمن، وهي حذرة من التمدد السعودي، ولكن هذا البُعد مسكوت عنه في الوقت الحاضر لاعتبارات تكتيكية. وهي شديد القلق من التمدد الإيراني، كما أنَّها تخاف من النفوذ الإسلامي المدعوم من قطر وتركيا، والعاملين الأخيرين، هما اللذان دفعاها لتعزيز علاقاتها بإسرائيل، لتحقيق هدفين مزدوجين: صد التمدد التركي، وكبح التوسع الإيراني.
ولا شك أنَّ هذه الخطوة قد تمت بمعرفة ودعم السعودية، ولكن لم يُعلن عنها؛ بسبب المكانة الدينية للسعودية، والتداعيات السياسية التي يمكن أنْ تنجم عن ذلك. كما أنَّ إسرائيل وجدتْ في هذا المعطى السياسي الجديد فرصة مواتية، لأول مرة منذ اتفاقية كامب ديفيد سنة 1978، لفك الحصار عن نفسها، ووأد القضية الفلسطينية، واستثمار العالم العربي اقتصادياً، والتمدد سياسياً، وتحقيق أهدافها الخاصة الإقليمية، وأهداف القوى الإمبريالية الكبرى في الشرق الأوسط. ولكن هناك عوامل موضوعية عميقة جمعت بين الإمارات وإسرائيل وهي أنَّ الدولتين مندمجتان في الاقتصاد الرأسمالي العالمي، وتشغلان مركزين مهمين، اقتصاديا وسياسياً واستراتيجياً، للإمبريالية الغربية والأمريكية في المنطقة، وتواجهان عدواً مشتركاً، هي إيران.
***
الآن وبعد أن أتضحت الصورة، وعرفنا ماذا تريد القوى السياسية اليمنية المتخلفة، وماذا تريد القوى الخارجية التوسعية المساندة لها، فهل ينبغي أن نبقى رهنًا للقوى الداخلية الشوهاء، وأتباعًا للقوى الخارجية التوسعية التي تستهدف وطننا، أم أن علينا أن نحدد بوضوح أهدافنا، ونسعى بدأب لتحقيقها؟
ثمة خيارات متعددة أمام الشعب وحركته السياسية الوطنية، وسأعرض لها في شكل تساؤلات على النحو التالي:
التساؤل الأول: هل علينا أن نكف عن النزعات الثأرية ونوقف عمليات الانتحار الجماعي، بذرائع ودوافع دينية وقبلية وجهوية، بالنظر إلى كون هذه التوجهات غير حضارية ومنافية للوطنية، ولها نتائجها المأساوية، أم أنَّ علينا أن نواصل المسيرة الآثمة، ونعتبر الثأر بطولة، والانتحار الجماعي منتهى الشجاعة، والخيانة والاستسلام وطنية، وبالتالي نوغل في تدمير وطننا ونواصل مسيرة القتل والفناء لشعبنا؟
التساؤل الثاني: هل علينا أن نبقى في الدرك الأسفل في هذا الزمن البائس الملطخ بالعار، أم أنَّ علينا أن نتجاوز محنتنا ونحاول الصعود إلى المجد والحرية والتقدم؟
التساؤل الثالث: ألا يحق لنا أن نطمح مثل أعدائنا، ونبني وطننا الذي دمرته القوى المتخلفة في الداخل والقوى العدوانية التوسيعية في الخارج، أم أنَّ مثل التفكير لا يجوز البتة، وأنَّ علينا أن نبقى عبيداً لهم، كما تعمل القوى السياسية المحلية في بلادنا؟
التساؤل الرابع: أليس أمراً مشروعاً أن نتحرر من قبضة الأوباش المحليين وأسيادهم الغادرين في الإقليم، ونحظى بوطن ديمقراطي موحد، قوي، متقدم، متحرر من الأوهام والخرافات، وقائم على العلم، ينعم فيه الشعب بالمواطنة المتساوية والعدل والحرية والعيش الكريم؟
فكروا بشكل عميق، وبمسؤولية وطنية وإنسانية، عن الأوضاع في وطننا، وعند الإجابة عن التساؤلات الجوهرية التي عرضنا لها في هذه المقالة، ولن تخسروا سوى أغلالكم!



#منذر_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى الثورة اليمنية هل نعلم وجهتننا؟ (1-2)
- العرب والعلاقات مع دولة إسرائيل الصهيونية
- ماذا جرى في الرياض بشأن اليمن؟
- ما هي الأسئلة المهمة في زمن العدوان والجائحة ؟
- الوحدة اليمنية والحلم المجهض!
- تأملات في السياسة البريطانية عشية الخروج ( 4/4)
- تأملات في السياسة البريطانية عشية الخروج (4/3)
- تأملات في السياسة البريطانية عشية الخروج(4/2)
- تأملات في السياسة البريطانية عشية الخروج(4/1)
- تأملات حول ثورة 11 فبراير 2011 اليمنية المُجهضة!
- فشلت اتفاقية الرياض بين اليمنيين وربحت القوى الإقليمية!
- اليَمَنِيُّونَ وَكَيْفيَّةَ الشِّفاءِ مِنْ الشَّقاءِ المُقيم ...
- ماذا تعمل أمريكا وإيران وأتباعهما المحليين بوطننا العربي ؟
- إسرائيل والسعودية وقاسم سليماني و اليمن!
- جار الله عُمر ما زال يضيء ليلنا المعتم!
- فاز المحافظون ولكن الاشتراكية منتصرة!
- الانتخابات البريطانية العامة وشيكة!
- حال اليمن العتيد في ذكرى الاستقلال المجيد!
- إنقاذ اليمن أَوْلَى من إسقاط الكهنوت الحوثي!
- تشريح للمشهد اليمني عشية سبتمبر / أيلول 2019


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - في ذكرى الثورة اليمنية، هل نعلم وجهتننا؟ (2-2)