عزيز اليوسفي
الحوار المتمدن-العدد: 6720 - 2020 / 11 / 1 - 03:20
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
قال كارل ماركس الكبير في قولته الشهيرة ، إن تاريخ البشرية كله ، هو تاريخ البحث عن الطعام . المهاجر الذي رمت به ظروف الحياة خارج حدود بلده ، لم يكن بتاتا و على إقتناع تام أن الهجرة هي قدر مفروض ، بل كانت أسباب و دوافع الهجرة واضحة و بينة ، ناتجة عن واقع بائس لا يحتمل الإستمرارية و المواجهة غير حل حزم الحقيبة و مغادرة الوطن المسلوب . البؤس لا ينتج إلا الإغتراب بمختلف تأويلاته ، و نزوة الإشباع الذاتي الطبيعية ، تقتضي البحث عن الطعام أينما وجد في حالة أفضل ، يقتضي البحث عن تحسين وضع المرء . هذه المسألة تستدعي تناقضات ذاتية ، تتصارع بين ما هو روحي و ما هو مادي في عالم متشابك و معقد .الخبز في مجتمعات الغربة ، يعتبر شيئا ذا قدسية خاصة ، تتجاوز قيمته ما هو روحاني في أغلب الأحيان ، هذا يقتضي بالضرورة التنازل عن جانب مهم من الاحتياجات الذاتية الخاصة و حتى العامة . الإقتصاد هو محرك التاريخ و ليس الدين ، هذا هو الثابت في مواقف الماركسيين ، و ما هو روحاني يستدعي التقاطع بين ما هو مادي ، لا في علاقة تصوفية بل في علاقة صراع بين الجسد و الروح ، كمهاجر بريكاري يلامس الواقع الذي فرضته الهجرة ، أومن بأن المرء ملزم بتقديم تنازلات ذاتية ، لا في شكل مساومة وضيعة ، بل اعتبارا لمبدأ الإنسجام مع الذات نفسها ، أنت تعيش غريبا في مجتمع مختلف ، يلزم عليك التخلي عن اعتقادات ما قبل الهجرة و لو في حدها الأدنى ، لأن موقعك يتحتم عليك القيام بذلك ، و ذاك في انتظار التحول .كمهاجرين علينا أن نندمج في ثقافة الأنديجين أو على الأقل القبول بها ، حرية التعبير و الرأي في مجتمع علماني رأسمالي مشروطة فقط إذا كانت ضد المهيمن ، أما إذا كانت لا تمس هذا المهيمن فلا حرج فيها .
#عزيز_اليوسفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟