|
كي يكون المؤتمر الثامن لنقابة التعليم –كدش خطوة لتعزيز كفاحية الحركة النقابية
المناضل-ة
الحوار المتمدن-العدد: 1609 - 2006 / 7 / 12 - 09:10
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
تنظم النقابة الوطنية للتعليم- كدش مؤتمرها الثامن بالدار البيضاء أيام 17-18-19 يوليوز 2006. هذا بعد مضي أزيد من عشر سنوات على المؤتمر السابع. إنها فعلا مدة طويلة جدا بالنظر إلى أن المؤتمر الاستثنائي كان مجرد لحظة تنظيمية مرتجلة بوجه الانشقاق الذي هز النقابة. بهذا تكون الحركة النقابية المغربية إزاء مؤتمر بالغ الأهمية، سيما عند اعتبار الدور الكبير الذي اضطلع به شغيلة التعليم منذ نشوء الحركة النقابية إبان فترة الاستعمار. كما تنبع أهمية المؤتمر الوطني الثامن لنقابة التعليم من مميزات الشروط التي ينعقد فيها. فشغيلة التعليم، ضمن مجمل أجراء الوظيفة العمومية، والطبقة العاملة برمتها، عرضة لهجمات متصاعدة من الدولة البرجوازية تطال مختلف أوجه شروط عملهم وحياتهم ونضالهم. ولا شك ان التحدي الكبير الذي يواجه هذا المؤتمر متمثل في مدى القدرة على التقدم في تجسيد النقابة التي يستلزمها الهجوم البرجوازي. فالنقابة الوطنية للتعليم، ومعها الكونفدرالية كلها، رفضت الانجرار الى دور النقابة المسايرة 100 بالمائة للحكومة، هذا الدور الذي حاول حزب الاتحاد الاشتراكي فرضه مما أفضى به إلى تنظيم الانشقاق. لكن نقابة التعليم، ومعها الكونفدرالية، لم تستبدل الخط السابق ببديل كفاحي حقيقي. فهي ما تزال على خط التعاون الطبقي مع البرجوازية [ راجع أعداد المناضل-ة ركن قضايا ونضالات نقابية]، فإعلان الحرص على الدفاع عن مكاسب العمال وحقوقهم ( ومنها المدرسة العمومية) لا يصاحبه رفض فعلي لمجمل السياسية النيوليبرالية التي تنفذها حكومة الواجهة بإيعاز من الامبريالية (الاتحاد الأوربي والمؤسسات المالية لدولية). ولعل تبني الكونفدرالية لما يدعى ميثاق التربية والتكوين مثال عن تناقض الأقوال والممارسة. ان مد نقابة التعليم بالبوصلة الكفيلة بتعزيز قدرتها على التصدي للهجمات المتصاعدة يستدعي جعل التحضير للمؤتمر فرصة لأوسع نقاش في القاعدة العريضة، من مكونات سياسية ومن شريحة غير منتمية سياسيا على السواء.أوسع نقاش حول حصيلة العقد الماضي، وحول المخاطر المحدقة من جراء عزم الدولة على التصعيد ضد الشغيلة، وحول سبل استنهاض قوى النضال وتوحيدها ، وحول مستقبل النضال: مطالبه و أداته . إسهاما في هذا النقاش الذي لا غنى عنه، تنشر جريدة المناضل-ة نصوصا حول السياق العام للمؤتمر الثامن لنقابة التعليم، وحول الوثائق المعروضة عليه،وحول قضايا النضال النقابي لشغيلة التعليم . وإذ نرحب بإسهامات مناضلي الحركة النقابية بمختلف وجهات نظرهم، نبدأ بالنص التالي الذي يضع حصيلة للمؤتمر السابع لنقابة التعليم المنعقد عام 1995 بمدينة المحمدية . المناضل-ة
--------------------------------------------------------------------------------
المؤتمر الوطني السابع للنقابة الوطنية للتعليم (كدش) ومهام المناضلين اليساريين
انعقد المؤتمر الوطني السابع للنقابة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بالمحمدية أيام 2و 3و4 و 5 يوليوز 1995 تحت شعار "ثلاثون سنة من النضال المتواصل من اجل انقاد المدرسة العمومية وتحديث التعليم لمواجهة التحديات وتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للشغيلة التعليمية". وقبل تناول مجريات تحضير المؤتمر وأشغاله يلزم التوقف عند سياقه العام.
1) السياق العام للمؤتمر:1989-1995
-على المستوى العالمي والجهوي:
مند المؤتمر السادس للنقابة الوطنية للتعليم (1989) زاد اختلال موازين القوى لصالح الرأسمالية العالمية، فقد أدى انهيار الستالينية وتوابعها بتفكك الاتحاد السوفيتي وإعادة توحيد ألمانيا، الخ إلى تصاعد هجوم البرجوازية العالمية وشهدت حركات التحرر الوطني انعزالا وتراجعا لم يسبق لهما مثيل. وفي هذا الإطار ارتفعت دعوات الوفاق بين الطبقات والتكيف باسم الواقعية والتبشير بنهاية الصراع الطبقي والترويج لأطروحات الصراع الحضاري التمويهية.
وخيمت في المنطقة العربية نتائج حرب الخليج المرة واستكمال قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لسيرورة استسلامها السياسي طويل الأمد بتوقيعها اتفاق واشنطن(17-09-1993) .
وشكل الصعود السلفي الرجعي بالجزائر مرحلة جديدة من تقدم هذا التيار في عموم المنطقة العربية أمام قصور قوى اليسار عن الاضطلاع بقيادة الجماهير الشعبية التي تفاقمت أوضاعها الاجتماعية وانتكست مطامحها القومية من جراء فشل تجارب التحرر الاقتصادي.
-على المستوى المحلي:
اعتبر الصعود السلفي الرجعي بالجزائر من طرف الأحزاب الديمقراطية المزيفة بالمغرب فزاعة من أجل تبرير استعادة التعاقد التاريخي بين المخزن والحركة الوطنية البرجوازية من أجل استكمال تحقيق روح عريضة 11 يناير 1944 : الديمقراطية ودولة المؤسسات كما يزعمون.
وقد انطلقت أوهام المعارضة الديمقراطية المزيفة حول إصلاح آلة الديمقراطية الخادعة على قاعدة وعود رئيس الدولة أثناء طلب تمديد عمر البرلمان سنة 1989 ، وقد حاولت استعراض قدراتها على تحريك الشارع (كدش، ا ع ش م ) خلال إضراب 14 ديسمبر1990. ونذكر ان هذا الإضراب،الذي أبان عن دور البيروقراطية النقابية في شل نضالات الأجراء و إفراغها من أي محتوى كفاحي، اعتبره بعض مناضلي اليسار الجديد مقدمة للتجدر النقابي. وقد اتضح أن ذلك التقدير وهم ليس إلا.
عاد الديمقراطيون المزيفون إلى صوابهم بعد القمع الدموي ليستأنفوا رفع جملة التماسات في مذكرة مشتركة (أكتوبر 1991) يرجون فيها المخزن أن يقلم أظافره من خلال إصلاحات دستورية، كما التمسوا جملة مطالب حول الانتخابات. والآن وقد انتهى الضجيج الدستوري و "الاستحقاقات" الانتخابية لسنتي 92 و 93 تستمر نفس الأوهام والتوسلات بإحداث إصلاحات لا تمس مطلقا جوهر الاستبداد المخزني بل تموهه . موازاة لهذا اندمجت المعارضة الديمقراطية المزيفة و المنظمات النقابية في جميع الأجهزة المخزنية التي انشئت من أجل التمويه و المناورة وتغذية ممارسة التعاون الطبقي : المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، والمجلس الوطني للشباب والمستقبل، ثم المجلس الوطني للحوار الاجتماعي.
في سياق هذه التطورات السياسية تواصل الهجوم البرجوازي على القوت اليومي للمأجورين والكادحين عموما بتجميد الأجور، ورفع الأسعار، واستمرار ثقل الضرائب غير المباشرة، وضعف الحماية الاجتماعية، وتقلص الخدمات الاجتماعية، وتضخم أعداد العاطلين عن العمل و المطرودين منه. وهذا كله في إطار تحميل الكادحين مغبة تسيير أزمة الرأسمالية المتخلفة. وهو ما لم يأت سوى بضرب حرية التنظيم النقابي بالطرد المنهجي للمناضلين ومحاكمتهم، وتجريم الإضراب، وفرض رقابة ذاتية على الصحافة المهادنة نفسها. والإعداد لمد الهجوم إلى المستوى القانوني بتهيئ القانون التنظيمي للإضراب ومشروع مدونة الشغل.
-أوضاع التعليم :
ليس النظام التعليمي سوى حصيلة السياسة التعليمية الاستعمارية لعهد "لحماية"ومثيلتها شبه الاستعمارية خلال فترة "الاستقلال" خاصة بعد 1964.
فقد أقامت فرنسا سياستها التعليمية بالمغرب على أساس نوع من التمييز الطائفي والطبقي، لهذا أنشئت أنواع من المدارس والبرامج لبلوغ أهدافه. يقول هاردي أحد منظري السياسة التعليمية الاستعمارية:" هكذا فنحن ملزمون بالفصل بين تعليم خاص بالنخبة الاجتماعية وتعليم لعموم الشعب، الأول يفتح في وجه ارستقراطية مثقفة في الجملة متحضرة ومهذبة...يهدف إلى تكوينها في ميادين الإدارة والتجارة ... أما النوع الثاني فهو التعليم الشعبي الخاص بجماهير السكان الفقيرة يوجه نحو المهن اليدوية".
لم يتغير شيء خلال فترة الاستقلال، فبعد محاولة أطر الحركة الوطنية البرجوازية خلال السنوات الأولى خلق أسس تعليم "وطني"، والتي تجلت أساسا في المبادئ الأربعة لمشروعها التعليمي (التوحيد والتعريب والتعميم والمغربة)، و بعد ذلك في المخطط الخماسي الأول (1960-1964) الذي ليس سوى محاولة شعبوية لوضع أسس اقتصاد وطني.. فكان من اللازم إعداد قوة عمل ذات كفاءة على مستوى التكوين وحد أدنى من القراءة والكتابة.
عاد المخزن من جديد إلى سياسة الحماية التعليمية بأهدافها الطبقية. وصورة تعليمنا الحالي تبين ذلك. فأبناء الطبقات الميسورة والمتحكمة في مقاليد الاقتصاد وأجهزة الدولة تكون أبناءها في مدارس وثانويات البعثة الثقافية الفرنسية والمدارس الأمريكية ومدارس التعليم التجاري الخاص، بينما عامة الشعب تختص بالتعليم العمومي بالإضافة إلى التكوين المهني لاستقطاب المطرودين والمنقطعين عن الدراسة . هكذا يمنحون أنفسهم تعليم البعثات والتعليم التجاري الذي يقودهم إلى الخارج وجامعة الأخوين و مدارس الطب والهندسة.. والوظائف السامية والوزارات ونحن لنا التعليم العمومي الذي يقودنا إلى التكوين المهني وبطالة الخريجين.
ولوضع حد للضجة الجارية حول إصلاح التعليم، بادر الحكم بعد انتهاء المؤتمر الوطني السابع للنقابة الوطنية للتعليم، دون تردد.إلى الانتقال إلى مستوى حاسم في غارته على التعليم واستكمال حلقات خوصصته: إنهاء مجانية التعليم العمومي.
ب- أوضاع أجراء التعليم.
لم يعد خافيا الوضع المزري الذي أصبح يعيشه موظفو التعليم، خاصة السلالم الدنيا ابتداء من السلم التاسع . فحالة القهر الاقتصادي والانحطاط الاجتماعي تخنق أنفاس المدرس ونستعرض هنا مجموعة من المظاهر. هزالة الأجور وتجميدها: فهل يضمن الراتب تغطية مصاريف خبز المدرسين وأسرهم أم مصاريف الكراء والملبس والتجهيز، أم مصاريف التطبيب؟ أما الترفيه والأسفار ومقتضيات التكوين التربوي والثقافي فباتت من المستحيلات. إنه وهم العيش والحياة ليس الا . وفضلا عن تجميد الظهير الخاص بالسلم المتحرك للأثمان ولأجور، فإن الأجور مرشحة إلى مزيد من التجميد بالنظر إلى تقرير الوزراء الخمس الذي ينصح محتكري القرار بسن إجراءات تقشفية جديدة وصارمة منها تقليص كتلة الأجور. بالإدارة والقطاع العام عبر تجميد المرتبات وتخفيض أعداد العاملين.
طول ساعات العمل: في الوقت الذي يتجه فيه العالم نحو تخفيض ساعات العمل يستمر إثقال كاهل المدرسين بالمغرب بساعات إضافية مجانية منذ 1985، هذا دون اعتبار لساعات العمل خارج مؤسسات التعليم لإعداد الجذاذات والمذكرات والتوازيع السنوية والشهرية واليومية، فضلا عن ما يلزم من وسائل ومعارف تكلف إلى جانب الوقت مصاريف إضافية. إن هكذا وضعية تجعل المدرس يغرق في شقائه اليومي متحولا إلى آلة غريبا عن حقله التربوي فاقدا لأي إحساس بحرية شخصيته.
شروط العمل المزرية: ينضاف إلى ما سبق تدهور البنية التحتية للمؤسسات التعليمية بشكل فظيع على مستوى البنايات أو التجهيزات، خاصة بالقرى والمناطق الجبلية وهي حالة تخلق الاشمئزاز وتهدد بالأخطار الصحية المهنية
الأمراض المهنية: رغم غياب تحقيقات معززة باحصاءات فان المؤكد أن مجموع الشروط المذكورة أعلاه تفضي إلى نهش صحة المدرس سواء بشكل مباشر وسريع كأمراض التنفس و الحنجرة والأنف والأدنين والحساسية الجلدية أو بشكل غير مباشر على المدى المتوسط والبعيد كالأمراض النفسية والعصبية وأمراض المعي الغليظ وأمراض الإرهاق والأرق وإصابات الدماغ والآلام الروماتزمية، الخ.
ونظرا لغياب أي اعتبار لطب الشغل ضمن ما يسمى بالتشريع المدرسي، ومع انعدام تسيير ديمقراطي لمؤسسات التامين فان العديد من أجراء التعليم يذهبون ضحية هذه الإمراض والإصابات فرادى دون أن يحدث ذلك ضجيجا أو ينعكس في مطالب تتسلل إلى مذكرات البيروقراطية النقابية .
أجهزة الإكراه والضبط: بالمقابل يتضخم سلك أجهزة المراقبة البيروقراطية ليلتهم ما تبقى من الشخصية المعنوية للمدرس: مدراء الأكاديميات ونواب وزارة التربية والمفتشون بأصنافهم والمدراء، الخ.هكذا تنهال التعليمات و يتممها التجسس والاستقواء المخزني لتجعل الحقوق الإدارية رهينة بمدى الطاعة والخنوع : النقطة الإدارية ونقطة التفتيش والترسيم والترقية والانتقال، الخ.
ثانيا: النضالات والبناء النقابي
1: النضالات
شارك المدرسون بكثافة في الإضراب العام يوم 14 دجنبر 1990 أملا في فرض مطالبهم كباقي الأجراء. غير أن إمساك قيادتي كدش والاتحاد العام بتفاصيله ودعوة المأجورين إلى البقاء مذررين في بيوتهم قد ضيع للمضربين فرصة كسب خبرة وإعطاء الإضراب مضمونه الطبقي في وجه الباترونا وجهاز الدولة البورجوازي المخزني. وبقي شباب الأحياء الفقيرة في مدن عدة أمام مدرعات ورشاشات المخزن.
بعد ذلك متعت القيادتان النقابيتان (ن.و.ت/ج.ح.ت) المدرسين بسلسلة عطل سمتها عبثا معارك نضالية حول مذكرة مطالب رفعتها إلى الحكومة في 25 ابريل 1991 هذه المذكرة التي تضمنت برأي القيادتين في ندوة صحفية الحد الأدنى من المطالب:
اضراب يوم 10 دجنبر 1991. اضراب 25 فبراير1992. اضرب يومي 16 و17 فبراير 1993. لم يتحقق اي مطلب من المذكرة. وعوض استخلاص الدروس الضرورية ومراجعة النهج الاستجدائي وحشد همم المدرسين وخوض معارك حازمة، ارتأت القيادتان النقابيتان التراجع خطوتين إلى الوراء للتوغل خطوات إلى الوراء فرفعت مذكرة جديدة إلى الوزارة يوم 26 يناير 1995 تضمنت حدا أدنى من المطالب التي سبق تقديمها يوم 25 اكتوبر 1991 [الحد الأدنى للحد الأدنى] وبعد جملة توسلات للوزارة إلى الوزارة والحكومة أعلنت إضراب 13 أبريل 1995.
هكذا طويت صفحة النضالات التي أعقبت المؤتمر السادس. وبمعزل عن هذه التوقفات، المضبوطة بدقة في الزمان وفي أشكال التنفيذ، جعلت القيادة من السعي إلى الحوار "الجاد والمسؤول" محور عملها، وذلك عبر رسائل ونداءات استعطافية خالية من أي مضمون طبقي عمالي تستجدي فيها الحكومة لترقيع الوضعية قبل فوات الأوان. وعشية كل إضراب، أو كلما أبدى وزراء التربية الوطنية استعدادهم تخصيص جزء من وقتهم للتهكم على المدرسين، يتم الإعلان عن جولة من جولات الحوار "كأسلوب حضاري" تنقلها وسائل إعلام الدولة ومقابلها تصدر القيادتان النقابيتان بلاغات تبرهن فيها عن "وطنيتها" ورزانتها وحتى نواياها وتأسفها لغياب النظرة "الوطنية والجدية" لدى الوزارة والحكومة وتختمها بعبارات مكرورة حول استعدادها لخوض معارك عبثية جديدة بجميع الصيغ، التي توافق طبعا الطبيعة السياسية للقيادة: وكلاء ليبراليون يرفضون الحركة من تحت ويركضون نحو التعاون الطبقي من فوق.
2- البناء النقابي
دون الإغراق في خلفيات التأسيس والتطور، تظهر مختلف أوجه التنظيم والإعلام والتكوين والحركة الاضرابية إلى أي مدى تعمق الانحطاط البيرقراطي للنقابة الوطنية للتعليم. وهو ما يحول دون تحول التوسع الكمي للفروع إلى بناء نقابي نوعي يدشن فعلا الطريق إلى خط نقابي ديمقراطي كفاحي.
فالنقابة الوطنية للتعليم. هي من الناحية التنظيمية بمثابة هرم مقلوب: تضخم الأجهزة الفوقية وضعف التنظيم القاعدي رغم إشعاع النقابة وتأثيرها. أما من جهة التسيير واتخاذ القرار فالقيادة كل شيء والقاعدة لا شيء. فجميع المبادرات التحتية يتم خنقها بشتى المبررات، واجتماعات المجالس الوطنية تفرغ من كل مضمون نقابي ديمقراطي: رقابة على النقاش والمقترحات، وتغييب تقييم المعارك و طرق القيادة النقابية، علاوة على الإخلال بانتظام مواعيد الاجتماع، الخ وهذا كله يحول دون استخلاص الدروس في وقتها. وليس اتساع ظاهرة تفويض الصلاحيات للقيادة العليا غير علامة على استحكام الانفراد البيروقراطي وتغيب دور المناضلين والأجهزة "الممثلة" لهم.
إلى جانب بيروقراطية القيادة المستندة إلى ضمان الهيمنة السياسية لحزب الاتحاد الاشتراكي وسيادة فكر الوفاق والتعاون الطبقي داخل النقابة الوطنية للتعليم، وعبرها إلى سائر قطاعات كدش، أدت ضرورة التسيير والترشيح إلى مؤسسات الدولة التمثيلية إلى توسع الجهاز البيروقراطي. وغدت له مصالح وامتيازات تقوي نزعته المحافظة وتهربه من النضال الفعلي وميله إلى الحلول محل القاعدة في كل شيء وتغييب الديمقراطية: سلك المتفرغين وأعضاء اللجان الثنائية وسلك المتنفذين على مستوى المكاتب الجهوية والفروع والذين يصلون بطرق لا علاقة لها بالديمقراطية. ان هؤلاء يؤدون دور التخريب في غياب اي رقابة نقابية صارمة وغياب قوانين تنظيمية ضامنة للديمقراطية الداخلية. ويتم تجنيد قاعدة من الأتباع الانتفاعيين والوصوليين جهويا ووطنيا رهن الإشارة في جميع أشكال الخنق والمناورة.
على مستوى آخر، ومن أجل اغتيال جميع المبادرات المؤسسة لتقاليد ديمقراطية في التسيير والنقاش وخوض المعارك، ومن أجل تأبيد الوصاية السياسية للاتحاد الاشتراكي داخل النقابة الوطنية للتعليم، ومعها تكتيكاته وإستراتيجيته، يتم تغييب دور الإعلام النقابي المستقل بشتى أنواع المبررات الواهية، كالعوز المادي أحيانا، وانعدام الأطر الصحافية أحيانا أخرى. وقد كشفت مبادرات عديدة زيف المبرر الثاني وجاء المؤتمر ليفند المبرر الأول(فائض يفوق مائة وخمسين مليون سنتيم).
هذا إلى جانب قمع التعبير الحر عبر مساطر التسيير الشبيه بالمخزني والميليشيات المتنفذة ممن سبق ذكرها أتناء الاجتماعات النقابية خاصة المجالس الوطنية ومحطة المؤتمر.
ثالثا : المؤتمر الوطني السابع ومحنة الديمقراطية
لم يكن هناك أي وهم بتغيير موازين القوى لصالح المكونات النقابية. -السياسية النقدية، وبالأحرى تشكل يسار نقابي ديمقراطي مناضل يفرض نقسه في المؤتمر. وذلك نظرا لافتقاد الانسجام الضروري والرؤية البرنامجية الواضحة للعمل النقابي أي في الجوهر بديلا نظريا وعمليا قادرا على التصدي للبيروقراطية النقابية وأصولها المادية والسياسية وبلورة البدائل العملية- البرنامجية المانعة للتبقرط.
1-التحضير للمؤتمر
كانت جميع المقدمات مطابقة لسير الأشغال والحصيلة، ابتداء من التحضير الأدبي لمشاريع المقررات، حيث هيمنت أطروحات منظري الليبرالية (الديمقراطية المزيفة) ورؤيتهم على مستوى السياسة التعليمية ونزعة تضييق هامش الديمقراطية على مستوى القانون الداخلي [التنظيمي]. وبعد تهيئ دام سنة نزلت مشاريع قبل شهر فقط من موعد المؤتمر، مع العلم أن الملاحظات والتعديلات يجب أن تعود إلى اللجنة الإدارية في آجل معقول لأخذها بعين الاعتبار. هكذا لم يتمكن المنخرطون من قراءة المشاريع بما يلزم من اهتمام وبالتالي مناقشتها. في هذا السياق تم الانتقال إلى انتخاب مندوبين إلى المؤتمر، وهي عملية ستدخل التاريخ إلى جانب انتخابات 1992الجماعية و1993 البرلمانية. اذ أن آلة شبيهة بالتي يعتمدها المخزن اشتغلت في مناطق عديدة لصنع تشكيلة المندوبين بالمناورات والانزالات والمكر وذبح أبسط قواعد الديمقراطية. وتجدر الإشارة إلى تجريب بعض "الرفاق الديمقراطيين" لهذه الوسائل ضد بني جلدتهم في بعض الفروع، ثم يضاف إلى هذا كله سوء اختيار التوقيت وعدد المؤتمرين الهائل الذي سبب مصاعب جمة لتوفير شروط إقامة لائقة (المبيت والأكل) وعرقل تنظيم وتركيز النقاش. فهل أريد للمؤتمر أن يكون مجرد كم هائل ثقيل لا يقدر على الحركة الذاتية مما يوفر للبيروقراطية متسعا كافيا لتمرير ما تشاء ؟
ان المهرجان الاستعراضي الذي نظمته قيادة النقابة واعتبرته مؤتمرا يتعارض مع أبسط شروط مؤتمر هيئة جدية تحترم نفسها، ناهيك عن زعمها توحيد الأجراء للنضال ضد مستغليهم. فهل في تلك الشروط يمكن تقييم التجربة والتخطيط للمرحلة المقبلة بتحدياتها العملاقة؟
بهذه المقدمات انطلق المؤتمر الوطني السابع بالمحمدية، بعد ان وضعت البيروقراطية جميع الترتيبات الكفيلة لضمان هيمنة مطلقة وبأدق التفاصيل. فقد حضر الافتتاح الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية كعربون على تعقل القيادة وإعلان انتقالها الصريح إلى درجة "أرقى" من الانحطاط. ولم يفت مسير الجلسة أن ينوه بهذه "المبادرة" والتفاخر بالحضور الميمون للكاتب العام. بعدها استغل الخطباء الفرصة للهجوم على الدكان البيروقراطي المنافس "الاتحاد المغربي للشغل" دون إشارة ولو بالتلميح إلى الدكان الجديد لحزب التقدم والاشتراكية. أما كبير الخطباء (الأموي) فقد رسم الخط السياسي للمؤتمر عبر استحضار "كرامات وملاحم وبطولات" سيده اليوسفي والبصري بالإضافة إلى مغازلة زعيم أخطر الجماعات السلفية الرجعية شيخه عبد السلام ياسين. بهذا الافتتاح سيئ الذكر انطلقت الأشغال التي أريد لها أن تكون شكلية ومرتعا لاستهلاك الكلام ليس إلا. فقد كان الكم الهائل (900 مؤتمر ) أداة لخلق الارتباك سواء أثناء الجلسات الفرعية أو العامة، إلى جانب تسهيل مهام المناورة والتعويم عند الضرورة. وفي جو من البلبلة تم تقديم النظام الداخلي للمؤتمر، والذي أعطى صلاحيات واسعة للمسيرين والرئاسة بينما كان حافلا بالإجراءات التي تمنع التعبير الحر عن الآراء سواء بخصوص التجربة أو القيادة. هذه الأخيرة التي أحاطها النظام بهالة من القداسة. ورغم صيحات أقلية من المناضلين الديمقراطيين على اختلاف تلاوينهم للمطالبة بإخضاع ذلك النظام للنقاش قبل عرضه على مصادقة المؤتمرين، فقد فرض فرضا من طرف أنصار القيادة الذين ضمنوا لأنفسهم أغلبية عددية مريحة كأغلبية برلمان المخزن ستطبع هذه الأجواء مجموع الأشغال اللاحقة، دون أدنى شروط نقاش ديمقراطي لا بل وحتى الاستماع للرأي الآخر. فقد كان من المفروض، أن يقدم التقرير الأدبي تقييما مركزا مدققا لعمل القيادة بين المؤتمرين وحصيلة النضالات و المواقف النقابية، فضلا عن مختلف جوانب التنظيم والإعلام والتكوين، والوقوف عند الثغرات ونقاط الضعف وطنيا وجهويا. عكس ذلك استرسل الكاتب العام للنقابة في إغراق المؤتمرين في بحر "تاريخ" النقابة الوطنية للتعليم و صراعها ضد الخط "البورصوي"، وانتقل إلى تناول ما تعتبره القيادة أخطاء وتجاوزات الفروع والإعلان المسبق عن العزم على تصحيح الأمور في التجربة القادمة (أي بعد المؤتمر السابع)، أي المزيد من توسيع سلطات القيادة وتقليص دور القاعدة . أما النقاش- المهزلة فقد قيد بشرط عدم المس" "بالمناضلين وسمعة النقابة"، والغاية هي تعويم النقاش وإفراغه من محتواه التقويمي-النضالي وإيجاد مبررات لمنع كل من سولت له نفسه تحليل ونقد التجربة من التعبير عن رأيه بحرية، وذلك ما تم فعلا
بقية الأشغال- ان استحقت هذا الاسم، كانت أحط بكثير خاصة أشغال لجنة المقرر التنظيمي: الكم البشري الهائل، والتسيب، وصمم الرئاسة، الخ. وكانت الحصيلة صفرا: احتفاظ بالجوهر وتعديلات شكلية طفيفة. علما أن المصادقة على نتائج اللجن من طرف المؤتمر كان يتم في حين لازالت لجنة التنظيم لم تنه أشغالها.
نذكر انه قبل هذه المرحلة من المؤتمر قام المناضلون الديمقراطيون بانسحاب رمزي احتجاجي من قاعات الجلسات العامة ردا على ما يسمى بشطحات الرئاسة واستفزازها للديمقراطيين. وقد توقف المؤتمر لمدة قصيرة قبل عودتهم إلى القاعة بعد تلقي وعد الاعتذار من طرف عبد الهادي خيرات. وقد توقف المؤتمر مجددا تحت ضغط احتجاج الديمقراطيين وعناصر من حزب الطليعة وبعض من تم نعتهم ب "الأمويين" وبعض عناصر منظمة العمل، ومطالبتهم بحضور الأموي للإشراف على بقية الأشغال، أي على وجه التحديد فرز القيادة الجديدة. وفعلا جاء الأموي ليرتجل خطابا مطولا مليئا بحكايات حرب الاتحاديين مع القيادة التاريخية للاتحاد المغربي للشغل. ووزع في جزء منها النصائح والتحذيرات يمينا ويسارا، والهجوم المباشر على منظمة العمل الديمقراطي الشعبي الذي ساومه أحد قادتها على قيادة النقابة حسب تعبيره . وفعلا رأينا في نهاية المؤتمر كيف أعلن جزء من مؤتمري المنظمة الانسحاب من أجهزة النقابة وتلاه بيان في أنوال حول نفس القرار علما أنه لحد الآن لازال الكاتب العام لشبيبة المنظمة ضمن أعضاء المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم. نذكر أيضا أن رمزين ضمن المناضلين الديمقراطيين شارك في ثلاث محطات في تمرير الاستسلام لمواقف ومناورات وكلاء الاتحاد الاشتراكي في النقابة الوطنية للتعليم.
الأولى أثناء تعيين الرئاسة بخروج أحدهم عن الإجماع الهش الذي أقرته لجنة التنسيق المكونة عشية انطلاق المؤتمر بالبيضاء، والتي شملت مختلف تلاوين المناضلين الديمقراطيين .
الثانية: سكوت أحدهم على قرار لجنة فرز العضوية – وهو عضو بها-القاضي بنزع صفة مؤتمر عن مندوب من خريبكة بحجة تعاونه مع الاتحاد المغربي للشغل ! إنه أقصى أشكال الطعن في خط الوحدة العمالية الذي نص عليه بيان المؤتمر التأسيسي لكدش الذي نص بصريح العبارة على أن من ركائزها الأساسية إعادة الوحدة للطبقة العاملة.
بيروقراطيو كدش لهم الحق في لقاء بيروقراطيي إ م ش، وفي السكوت عما دار في اللقاء (الأموي وبن الصديق) أما مناضلو القاعدة الذين يسعون للانفتاح على إخوانهم في المعاناة والكفاح فيطردون!
دعوة المعني الأول المؤتمرين، بما فيهم رفاقه الديمقراطيين، إلى التصويت بالإجماع على البيان العام. لا ندري أهو التزلف أم إعلان الانتقال إلى صف الوكلاء الديمقراطيين المزيفين؟ جاءت الحصيلة مطابقة للخط العام الذي سار فيه المؤتمر: قانون تنظيمي في خدمة القيادة و أنصار تضييق الديمقراطية، ولجنة إدارية وفق أهواء بيروقراطية كدش وضامنة لهيمنة الاتحاد الاشتراكي ومفاهيمه الديمقراطية المزيفة داخل النقابة الوطنية للتعليم. فقد تشكلت لجنة الترشيحات، "لجنة طبخ الأجهزة"، من الرموز المحنكة ضمن بيروقراطية القيادة وأضيف إليها بعض عناصر التيارات الأخرى [اليسارية] بما لا يغير ميزان القوى تحت إشراف عضوين من المكتب التنفيذي. وقد عملت اللجنة على إرضاء أنصار القيادة في مختلف الجهات من أجل تعويم فتات الكراسي الذي منح للتيارات الأخرى داخل النقابة الوطنية للتعليم. ووسعت اللجنة الإدارية ليصبح العدد 121 عضوا.
تميزت الأجهزة الجديدة المنبثقة عن المؤتمر (المكتب الوطني واللجنة الإدارية) بنسبة أكبر لتمثيل المناضلين النقابيين اليساريين في ظل استمرار غلبة الاتحاديين. لم يكن أمام البيروقراطية بد من ذلك باعتبار الوزن المتزايد لمناضلي اليسار غير الإصلاحي في قاعدة النقابة. لكن يجب ألا يخفي عنا ذلك أن من مقاصدها أيضا استعمال أعضاء الأجهزة منهم ، خاصة المكتب الوطني، لضبط وكبح جماح المناضلين القاعديين المعروفين بحسهم النقدي الحاد وكفاحيتهم وحرصهم على صيانة وتطوير الخط النضالي الطبقي للكونفدرالية.. وميلهم إلى تغليب الوحدة العمالية و مصالح الطبقة العاملة بمجملها على المصلحة الآنية لهذا الفريق البيروقراطي أو ذاك. لذا فان الديمقراطيين الأعضاء بالأجهزة النقابية ملزمون بالتواصل المستمر مع القاعدة وتكسير التقاليد البيروقراطية التي كرستها عقود من السيطرة الاتحادية. وإلا نشأ بيروقراطيون جدد بلون سياسي آخر لا غير.
2-الديمقراطيون والمؤتمر
بالنظر إلى تأخر صياغة هذا التقييم لأشغال المؤتمر الوطني السابع للنقابة الوطنية للتعليم، تمكنا من الاطلاع على جملة مقالات حول الموضوع، سواء التي أنجزت بشكل كراسات داخلية أو القراءات التي جاءت في العدد الأول لجريدة النهج الديمقراطي. وان كنا نشاطر الرفاق مجموعة أفكار تهم السياق العام للمؤتمر ومحنة الديمقراطية الداخلية، فإننا نعترض على مجموعة من التقديرات الصريحة والضمنية بخصوص طبيعة البيروقراطية النقابية والطريق إلى بناء النقابة الوطنية للتعليم وتهيئ الشروط الكفاحية من أجل فرض مطالب أجراء التعليم والرقي بوعيهم.
يرى رفاقنا في النهج الديمقراطي (العدد الأول) أنه لم تكن للمؤتمر أهداف واضحة فضلا عن ضعف دور القيادة التوجيهية "أمام ضبابية أهداف المؤتمر وضعف الدور التوجيهي للقيادة النقابية تمت عملية انتخاب المؤتمرين في مختلف الفروع"..ان هكذا تقدير يتم عن بخس لطبيعية وأصول بيروقراطية النقابة الوطنية للتعليم وجهلا لا يليق برفاقنا في النهج لمهامها. إنها وكيلة حزب الاتحاد الاشتراكي، ورؤيتها النقابية هي تعبير فظ لخط الحزب التوافقي الديمقراطي المزيف والذي تخلى عن ارثه الشعبوي. فالنقابة الوطنية للتعليم هي العمود الفقري لكدش. ويعي رفاقنا جيدا أن أغلب الاتحادات الجهوية والمحلية يهيمن عليها أعضاء النقابة الوطنية للتعليم من أنصار القيادة و الحزب، أي الأداة الرئيسية لتمرير أفكار الوفاق والتكيف والتعاون الطبقي. كيف إذن غابت الأهداف عن مؤتمر نقابة من هذه الطبيعة؟ وقد رأينا كم كانت الأشغال محكمة الإخراج. عن أي دور توجيهي يبحث رفاقنا ؟ وقد كانت القيادة ماسكة بأدق التفاصيل منذ الإعلان، مرورا بالتأجيلات والتهيئ المارطوني، إلى نزول المشاريع وانتخاب المؤتمرين وحسم الحصيلة ،وصولا إلى لا شيء غير خنق المناضلين الديمقراطيين وتذمر الشغيلة المنخرطين والمناصرين. إن الجدير بالملاحظة هو غياب هدف وبرنامج عند المناضلين الديمقراطيين خلال المؤتمر. فإذا استثنينا المناورات البليدة لبعض رفاقنا في حق بني جلدتهم و بطرق(وتنسيق) تشبه مناورات وكلاء الاتحاد الاشتراكي من أجل الكراسي، لن نجد أي شيء. .وبعد وصف مختلف أشكال التضييق والعرقلة، لا يرى رفاقنا حرجا في المراهنة على البيروقراطية في بناء النقابة وحل معضلات التكوين والإعلام، بل التعاون مع هذه البيروقراطية لانجاز هذه المهام:
« ويبقى أن دور الأجهزة النقابية، قيادة وقواعد، هو العمل على بلورة هذا الطموح وتحويله من أفكار إلى واقع ملموس ...» إن انصياع البيروقراطية لطموحات الأجراء يفترض نهوضا ووعيا من قبلهم. ونعرف جيدا ان وجود هذه البيروقراطية بقدر ما هو حصيلة لخمول الأجراء وتدني وعيهم، يعد كابحا أساسيا لبلورة هكذا نهوظ وتطور في الوعي. واذا استحضرنا طبيعتها وأصولها فكيف نرجو تعاونها؟ إنه الوهم ليس إلا.
إن الطريق إلى بناء نقابتنا ومن خلالها كدش يمر عبر عمل داخلي منظم وفق رؤية برنامجية واضحة لمهام النقابة ضمن قطاعات الحركة الجماهيرية. عمل يستهدف فرزا واضحا لخطوط العمل:الخط العمالي الكفاحي بوجه الخط الليبرالي (الديمقراطي المزيف) في أفق الإجهاز عليه، خط المناضلين الديمقراطيين باختلاف تياراتهم الموحدين في إطار يسار نقابي على أساس برنامج للبناء الديمقراطي والكفاح من أجل فرض مطالب الشغيلة بوجه البيروقراطية وأنصار الوفاق الطبقي.
ولأجل ذلك نقترح على رفاقنا باختلاف وجهات نظرهم جملة من المهام الملحة:
إن مهمة البناء في الوقت الراهن ليست مهمة الأجهزة إنها أساسا رهينة بالمناضلين الديمقراطيين العماليين سواء كانوا في الأجهزة أو خارجها، ورهينة أيضا بتقدم وعي الأجراء والاقتناع بأهمية المبادرة الذاتية وفرض الرقابة على الأجهزة.
إطلاق أوسع نقاش يفضي إلى وحدة وجهة النظر لدى المناضلين الديمقراطيين العماليين في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل، أي تشكيل تيار نقابي مناضل بوجه البيروقراطية النقابية، وضد الانزلاق نحو النقابة البرجوازية.
نقد لا هوادة فيه لأفكار وممارسات البيروقراطية النقابية، واستعمال كل الفرص لإبراز الفروق الصغيرة كما الكبيرة بين الخط الديمقراطي الكفاحي وخط الوفاق الطبقي.
بخصوص التنظيم والتكوين والإعلام نقترح:
ا-التنظيم: مواجهة إجراءات، مناورات البيروقراطية بجملة مطالب :
—تتبع ومراقبة نشاطات المنقطعين (موظفي النقابة) — دمقرطة انتخاب الأجهزة باستعمال الاقتراع السري والترشيح باللوائح، وتطبيق قاعدة النسبية، ونبذ كل ميل إلى تشكيل لجن الطبخ واغتيال الديمقراطية المسماة لجن الترشيحات.
التزام مواعيد الاجتماعات سواء في الفروع او على المستوى الوطني بما فيها المؤتمرات. اعتماد تقارير كشف الحساب على جميع مستويات المسؤولية ووضعها رهن إشارة المناضلين.
تطبيق مبدأ التناوب على المسؤوليات في أجل غير طويل، ومحاربة تركيز المسؤوليات مع إمكانية الإقالة في أية لحظة.
مبدأ الديمقراطية العمالية بخصوص جميع المعارك ببلورة تفاصيلها في التجمعات العامة وداخل المجالس الممثلة للقاعدة محليا ووطنيا، واعتماد النقاشات الموسعة والتجمعات العامة أثناء التعبئة، وتكوين لجن منتخبة بديمقراطية للإشراف على كل أوجه التسيير الذاتي للمعارك.
ب- التكوين:من أجل تحصين أفكار وممارسة المناضلين العماليين وتنمية القدرة على محاربة وكلاء البرجوازية في صفوف النقابات وبدعواتهم للسلم الاجتماعية (للسلم مع الاستعباد الرأسمالي) لابد من: — إنشاء مكتبات نقابية بمقرات كدش بتخصيص ميزانية لذلك وتشجيع هبات المناضلين. — تعميم الأدب الماركسي الثوري والعمالي عموما تنظيم التكوين السياسي حول الوضع الداخلي: إجراءات المخزن، وسياسة الأحزاب المعارضة، ومواقف النقابات العمالية وممثليها بالبرلمان، الخ وتنوير الأجراء في كل المحطات بما يلزم.
الإحاطة بتاريخ وواقع الحركة النقابية بالمغرب والتجارب النقابية والعالمية.
الإلمام بتشريعات الشغل وكشف خدمتها لأعداء الشغيلة.
الإحاطة بالأوضاع داخل القطاعات العمالية وبالنضالات الجارية والتجارب النقابية باستعمال الاستمارات وتنظيم التوثيق وقصاصات الصحافة.
-تنظيم العروض والندوات بالمقرات النقابية.
ج-الإعلام: العمل لجعله سلاحا بيد الأجراء.
المطالبة الدائمة باحترام الاستقلال الإعلامي بإصدار جرائد النقابات مع الدفاع عن حرية التعبير بنشر الآراء المعارضة . يمكن البدء من الآن بتطوير تجارب النشرات المحلية وتعميمها كأدوات للنقاش بين المناضلين وتنوير الأجراء عموما.
التحريض بالبيانات والمناشير التي توضح للعمال ما يستعصي عنهم بفعل التبليد الرأسمالي والإرهاق بالعمل.
فضح المؤسسات المخزنية الساعية إلى تمويه الاستبداد والمطالبة بانسحاب النقابات منها.
هذا إلى جانب الاهتمام بتدقيق صياغة الملفات المطلبية، وتضمينها المطالب الانتقالية ذات القدرة على توحيد الأجراء وتعبئتهم للنضال الشامل ضد النظام الاقتصادي والسياسي القائم. وهذا يسير بموازاة فضح جميع أشكال ربط نضالات الأجراء بالاستجداءات السياسية للمعارضة الديمقراطية المزيفة، ونقد دون هوادة لتخاذل البيروقراطية النقابية اتجاه نضالات الشغيلة، كما كان مع السككيين و عمال مناجم جبل عوام والنقل الحضري بالبيضاء والتعليم نفسه.
فلتتوحد الجهود لتشييد نقابة طبقية مناضلة ديمقراطية مستقلة
عاشت النقابة الوطنية للتعليم وعاشت كدش على طريق الوحدة العمالية الشاملة.
#المناضل-ة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نصر جديد في ايفني : تراجع السلطة عن اعتقال مناضلي السكرتارية
...
-
الولايات المتحدة الامريكية: الحركة الجديدة من أجل حقوق المها
...
-
كين لوتش: السينما العمالية تفرض نفسها عالميا
-
من هو المناضل موناصير عبد الله؟ ولماذا قتله النظام المغربي؟
-
حوار مع أورنالدو شيرينو فنيزويلا: يجب تعميق الثورة
-
حوار مع ماركسية ثورية عضو بالحزب الشيوعي الكوبي
-
الأرجنتين : ثلاثون سنة بعد الانقلاب العسكري عام 1976 مقابلة
...
-
من اجل الربح، برجوازية المغرب ودولتها يقتلان العمال والكادحي
...
-
النيبال : نصر شعبي أول ورهانات سياسية واجتماعية جديدة
-
صعود السلفية الاسلامية الثمار المرة للسياسة الامبريالية
-
صندوق دعم مواد الاستهلاك الأساسية: مكسب شعبي في مهب العاصفة
...
-
توطيد الحركة النقابية وبناء حزب العمال الاشتراكي طريق انقاذ
...
-
أزمة نقابة التعاون مع ارباب العمل ودولتهم ومهام النقابيين ال
...
-
توطيد الحركة النقابية وبناء حزب العمال الاشتراكي طريق انقاذ
...
-
25 ابريل 1974: «ثورة القرنفل» بالبرتغال
-
الحزب الاشتراكي الديمقراطي و الاتحاد الاشتراكي: دلالة الاندم
...
-
حصيلة 6 سنوات من ميثاق التربية و التكوين: التلاميذ بكلميم يق
...
-
التعليم ليس بضاعة...دفاعا عن التعليم كخدمة عمومية
-
وفاة ثاني قادة الاتحاد المغربي للشغل التاريخيين:محمد عبد الر
...
-
مركب النسيج بفاس (كوطيف) : دروس هزيمة عمالية
المزيد.....
-
4th World Working Youth Congress
-
وزارة المالية العراقية تُعلن.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر
...
-
بيسكوف: روسيا بحاجة للعمالة الأجنبية وترحب بالمهاجرين
-
النسخة الألكترونية من العدد 1824 من جريدة الشعب ليوم الخميس
...
-
تاريخ صرف رواتب المتقاعدين في العراق لشهر ديسمبر 2024 .. ما
...
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
-
يوم دراسي لفريق الاتحاد المغربي للشغل حول: تجارة القرب الإكر
...
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
-
الهيئة العليا للتعداد العام للسكان تقرر تمديد ساعات العمل لل
...
-
واشنطن توسع عقوباتها ضد البنوك الروسية و العاملين في القطاع
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|