أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد كشكار - العَلمانيون العرب المستقلون مضطهَدون من قِبل الغربِ والعربِ















المزيد.....


العَلمانيون العرب المستقلون مضطهَدون من قِبل الغربِ والعربِ


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6720 - 2020 / 10 / 31 - 11:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


يبدو لي أن العَلمانيين العرب ينقسمون إلى ثلاثة أصناف:
1. العَلمانيون الليبراليون: هم الأغنياء العرب المسلمون والمسيحيون واليهود والملحدون واليساريون المنسلخون من طبقتهم المتخلون عن مبادئهم. هم عادة ينتمون إلى طبقة البورجوازية الوسيطة بين الرأسمالية الغربية وخادمتها الرأسمالية العربية. يأخذون من العلمانية الغربية قشورها (مثل العادات المستوردة في نمط العيش المنبتّ) ولا يؤمنون بأهم مبدأ علماني وهو حرية الضمير والمعتقد ولا يحترمون إلا إيديولوجيتهم أو دينهم أو مذهبهم المحلي الضيّق. هؤلاء جميعا للأسف الشديد يمثلون أغلبية بين أقلية العلمانيين العرب.

2. العَلمانيون القوميون والعَلمانيون الشيوعيون: أقصد الشيوعيين المُقصين للدين المتأثرين بالستالينية أو المتأثرين باللائكية الفرنسية وريثة فكر الثورة الفرنسية المعادي للدين: نظام ستالين لم يكن نظاما علمانيا لأنه انحاز إلى عقيدة الإلحاد واضطهد المسيحيين والمسلمين واليهود ومنعَهم من ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية. أما مؤسسات الدولة الستالينية مثل الحزب الواحد وديكتاتورية البروليتاريا فهي مؤسسات تناقِض العلمانية وتصادِر حرية الضمير والمعتقد.
وأقصد أيضا القوميين الناصريين (نظام عبد النصر ونظام القذافي) والبَعثيين (نظام الأسد ونظام صدام وليس صدفة أن يُعجبَ هذا الأخير بزميله الديكتاتور ستالين): عندما استلم القوميون السلطة في العالم العربي أسسوا أحزابا على النمط الستاليني.

3. العَلمانيون المستقلون: هؤلاء لسوء حظنا يمثلون أقلية الأقلية. هم المؤمنون صدقا بحرية الضمير والمعتقد ويحترمون فعلا كل العقائد جميعا السماوية منها (السنَّة بمذاهبها الأساسية الأربعة والشيعة بتفرعاتها والإباضية والمسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية والأرتدوكسية واليهودية والبهائية) وغير السماوية (الإلحاد واللاأدرية والبوذية والهندوسية). قد يكون من بينهم المؤمن والملحد على السواء. علمانيتُهم علمانيةٌ لا تهدف إلى إقصاء الدين أو استئصاله من المجتمع ذو الأغلبية المسلمة، علمانيةٌ تؤمن بالتعايش السلمي بين المواطنين التونسيين دون تفضيل لعقيدة على أخرى فالله وحده هو الأفضل والأكمل أما البشر مسلمون وغير مسلمين فهم ضعفاء خطاءون ولا أفضلية لأحد على آخر إلا بالتقوى الدينية أو العلمانية، علمانيةٌ تتماهى مع مجتمعها وتفعل فيه من أجل ازدهاره وتقدّمه وإلحاقه بركب الأمم المتطورة، وكما قال الفيلسوف المغربي اليساري عبد الله العروي: "لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه"، علمانية غير ناكرة لجذورها الحضارية الأمازيغية-العربية-الإسلامية ومتصالحة مع مبادئ حقوق الإنسان الكونية وناقدة مغربِلة لتراثنا الغزير بغثه وثمينه. علمانيةٌ علمانيوها يحِبون الجميع دون تفضيل ديني أو مذهبي أو قومي أو عرقي أو اجتماعي أو إيديولوجي. العلمانيةُ ليست عقيدة أو إيديولوجيا، هي نظام مجتمعي متسامح واسع رحِب تُصانُ وتُحترَمُ داخله العقائد والإيديولوجيات جميعا.

كيف لي أنا الـعـلماني الـيساري غير الـليبرالي وغير الـماركسي أن أكره صديقي المُصَلّي التقي الورع الشيعي أو الإباضي أو الـسُنِّي المالكي أو الحنبلي أو الشافعي أو الحنفي أو أنبذ صديقي الماركسي غير الانتهازي أو أفضّل نفسي على صديقي البهائي أو المسيحي أو اليهودي أو ألعن صديقي الملحد.
كيف لي أنا الـعـلماني أن لا أطير فرحاً من فرط سعادتي بأختي الكبرى الضريرة المستنيرة عند رجوعها من العُمرة في آخر يوم من أيام شهر شعبان. هل الحداثة أو ما بعدها أو العقلانية أو الماركسية أو الإلحاد تقدَر على منحها الأمل في استرجاع بصرها؟ إيمانها بالقدر واليوم الآخر، هو وحده القادر على إعطائها الأمل بتحقيق أكبر حلم كانت ولا زالت تنتظره منذ 68 عاما منذ أن فقدت البصر وهي طفلة جميلة بريئة في سن الست سنوات: أن ترى بأم عينيها أمها وأبيها وإخوتها وأخواتها وجيرانها وأقاربها وصديقاتها الضريرات زميلاتها في معمل الكفيف بسوسة.

لا ألوم العرب غير العلمانيين على كرههم للعلمانيين العرب، العَلمانيون القوميون (عبد الناصر والقذافي والأسد وصدام وبومدين) والعَلمانيون الليبراليون (بورقيبة وبن علي)، حكمونا ولم نر منهم إلا الإقصاء والقمع والاستئصال. ولا ألومهم أيضا على كرههم للعلمانيين الغربيين (مثل حكام أمريكا وأوروبا وإسرائيل) على ما فعلوه فيهم من استيطان واستعمار وقتل وتجويع وتشريد ونهب لثرواتهم الطبيعية وتهميش لثقافتهم ودينهم ولغتهم وسرقة بُذورهم الزراعية الأصلية واستغلال عرق عُمّالهم في المهجر وفي الداخل (قانون أفريل 1972) وتلويث بيئتهم المحلية بالعناصر الكيميائية غير القابلة للرسكلة البيولوجية الطبيعية (ڤابس وصفاقس). كنتُ مخطئا عندما لُمتُهم (العرب غير العلمانيين) على عدم عِرفانهم بالجميل لفرنسا وألمانيا وبريطانيا، الدول العلمانية في الداخل الاستعمارية في العالم العربي، عندما آوت هذه الدول زعماء الإسلام السياسي وأكرمتهم، ولكن بعد "الربيع العربي" اكتشفتُ أن كرمَ الغرب كرمٌ مسمومٌ وتبيّن لي بالحجة الملموسة أنها كانت تعدُّهم لربيع مشؤوم، تعدُّهم لنشر الفوضى المدمِّرة في سوريا وليبيا ونجحت في مسعاها الجهنمي أيّما نجاح واستطاع المتطرفون الإسلاميون تدمير الدول العربية الأقرب للعلمانية تدميرا لم يقدر الغرب بجيوشه الاستعمارية المباشرة على تحقيق العُشرِ منه. الحكام الغربيون ليسوا علمانيين مستقلين حتى يُعِدّوا زعماءنا العرب لتقرير مصير شعوبهم وتحرير أراضيهم المحتلة في فلسطين ولواء الأسكندرون وسبتة ومليلة وجزيرتي طُنْب الصغرى وطُنْب الكبرى. في التاريخ، "العلمانية وَهمٌ لأن الرأسمالية لم تفصل بين اليهومسيحية والدولة، بل أوهمتنا بذلك وتاجرت بالعلمانية واغتنت بها" (نوال السعداوي، F24). يبدو لي أن القدوة الأقرب إلى علمانيتي هي العلمانية التي تجسمها اليوم الأنظمة العلمانية الأسكندنافية الاشتراكية الديمقراطية.

من المؤسف جدا أن الصنف الثالث (العَلمانيون المستقلون) الذي أنتمي إليه كعَلماني يساري غير ليبرالي وغير ماركسي هو الصنف المضطهَد الأكبر من قِبل الغرب والعرب في نفس الوقت. يبدو لي أن العَلمانيين المستقلين هم أشخاصٌ مَكروهين من قِبل المسلمين العاديين ومُكَفَّرِين من قِبل الإسلاميين المتطرِّفِين ومَنبوذين من قِبل زملائهم من الصنفين العلمانيَّين الآخرَين (العَلمانيون الليبراليون والعَلمانيون اليساريون، شيوعيون وقوميون).

إمضائي
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استوردنا من فرنسا أسوأ ما فيها، وأهملنا أهم ما فيها؟
- يبدو أن جل المدوّنين الفيسبوكيين (لا أستثني نفسي طبعاً)، قد ...
- مقتطفاتٌ مُختارةٌ من كتابٍ مختارٍ
- ملاحظات في محلّها حول فعل -تَرْجَمَ-؟
- مسرحية محاكمة الرب والفرد والمجتمع بتهمة الفساد في الأرض
- مِن حق المواطن التونسي الملحد أن لا يتحمل أخاه المسلم لكن لي ...
- تلميذُ السنة أولى ابتدائي مخاطِبًا معلّمَه: -إرثي الجيني وحد ...
- مَن هُمُ المحتالونَ في مجتمعِ الحداثةِ مَصنعِ المحتالينَ؟
- عشرةُ مبادئَ ساميةٌ، لو كنتُ ماركسيًّا ملحِدًا وأردتُ تأسيسَ ...
- ما أحلى الرجوع إلى مدرّجات الجامعة بعد الأربعين؟
- يساريان منفردان في مقهى يتناقشان حول العرب والإسلام
- معالِمٌ فلسفيةٌ على الطريق
- فلاسفة أوروبيون غير مسلمين قالوا كلاماً موضوعيّاً في الإسلام ...
- قصة -الطالب- الذي أبرَمَ صفقةً مع الشيطانْ؟
- انطلاقاً من تجربتي الخاصة، ما الفرق بين ما يُنشر باللغة العر ...
- للتأمُّلِ: بطاقة تعريفي الوطنيّة، هل تُعرِّفُ بي كذاتٍ أو كف ...
- أين نحنُ في تونس مِن حديثِ رسولِنا الكريمِ صلى الله عليه وسل ...
- كل ما في الحياة غير ثابتٍ وغير متوازنٍ وغير مستقرٍّ، فمن الع ...
- مرّت ثماني سنوات على التقاعد، ماذا جنيتُ؟
- كَيْفَ لِجِسْمِنا العَرَبِي أن يَتَعافَى وبعضُ خَلاياه سَرَط ...


المزيد.....




- فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار ...
- دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن ...
- لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
- لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
- قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا ...
- التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو ...
- Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
- اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
- طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح ...
- إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد كشكار - العَلمانيون العرب المستقلون مضطهَدون من قِبل الغربِ والعربِ