|
الورقة البيضاء ... مزيد من البؤس والفقر والبطالة للجماهير والمزيد من الغنى والتوحش لأقطاب النظام
جلال الصباغ
الحوار المتمدن-العدد: 6720 - 2020 / 10 / 31 - 02:45
المحور:
الادارة و الاقتصاد
طرحت حكومة الكاظمي قبل أيام ورقتها البيضاء في خطوة ظاهرها محاولة لإصلاح النظام الاقتصادي في العراق، لكنها في الحقيقة كارثة تقع على رؤوس الكادحين والعمال والفقراء والذين يشكلون الغالبية العظمى من الشعب.
جاء في الخطوط العامة لهذه الورقة أنها تهدف إلى "إعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد والمجتمع تطبيقا لمبادئ الدستور" إن إعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد تعني في حقيقتها رفع الدعم الحكومي عن جميع القطاعات وخصخصة هذه القطاعات وهو ما شرحته الورقة في تفاصيلها اللاحقة.
دعونا نفكر قليلا، هذه الخصخصة المقترحة لقطاعات مثل الكهرباء والصحة والتعليم والبنى التحتية والبطاقة التموينية وغيرها، ماذا تعني؟ إنها باختصار عملية تحويل ملكية هذه القطاعات إلى من يستطيع شرائها، ومن يستطيع شرائها هم ناهبي المال العام طوال السنوات الماضية الذين أصبحوا مليارديرات عن طريق سرقاتهم واستيلائهم على مقدرات الدولة، كما تعني أن ممتلكات الشعب ستكون بيد الشركات العالمية والمحلية التي تفرض الأجور التي تعجبها وتسرح العاملين فيها متى شاءت ومع أي أزمة تواجهها دون ضمان. ما يعني في المحصلة النهائية سيطرة المالكي وعبد المهدي والحلبوسي وأسامة النجيفي ومقتدى الصدر ومسعود بارزاني والمرجعيات الدينية وغيرهم من الشخصيات والجهات وحواشيهم من الرأسماليين الكبار التي أذاقت الناس الأمرين على اقتصاد البلاد بشكل تام ورسمي.
إن هذه الورقة المشئومة لم تلقى من النقد والشرح ما يوضح تفاصيلها للمجتمع، هذا المجتمع المنتفض ضد السلطة وقواها منذ أكثر من عام والعازم على اقتلاعها من الجذور، تفاجئ اليوم بورقة اقتصادية ستسرح الآلاف من العمال وستعمل على جعل العاملين في القطاعين العام والخاص أسرى بيد النظام الاقتصادي الرأسمالي النيوليبرالي.
تقول هذه الورقة في احد بنودها "تقدم الدولة هذه الخدمات بشكل مجاني أو شبه مجاني، لأن المواطنين يفترضون أن على الحكومة توفيرها بوصفها حقوقا مكتسبة، ويؤدي ذلك إلى سوء الخدمات المقدمة في ظل الهدر الكبير وتزايد الطلب غير الضروري" إن هذا البند يوضح بشكل صريح سعي السلطة في العراق إلى رفع يد الدولة عن أي شكل من أشكال الدعم الحكومي وتقديم الخدمات وبالتالي إنهاء مسؤولية القطاع العام تجاه المجتمع، كما أنها تسعى لجعل كل الخدمات المقدمة للمواطنين بيد فئة محددة هي ذاتها قوى السلطة الطائفية والمليشياوية والقومية، حيث يقوم هؤلاء بمزيد من الاستعباد والنهب للجماهير المثقلة أساسا بسبب انعدام الخدمات والبطالة والسكن في العشوائيات.
إن هذه الورقة التي يتبين لكل مطلع أن سياسات البنك الدولي وصندوق النقد ومن خلفها القوى الرأسمالية العالمية هي من وضعت خطوطها العريضة، تستمر في وضع شروطها ومن هذه الشروط هي " تصنيف الشركات بين ناجحة يتم خصخصتها كليا أو جزئيا، أو تحويلها إلى شركات مساهمة مختلطة، ومتعثرة يتم إعادة هيكلتها لتحويلها إلى شركات ناجحة خلال ثلاث سنوات، وفاشلة يتم تصفيتها" إن السعي لخصخصة الشركات أو إعادة هيكلتها يعني في المحصلة الأخيرة القضاء على هذه الشركات على اعتبار أنها طوال الفترة الماضية وبفعل ذات السياسات التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة، قد تم نهبها وتحطيمها وإعادة هيكلتها كما هو الحال مع شركات وزارة الصناعة ، إذ تم محاربتها بشكل ممنهج ما أصابها بالشلل التام.
تستمر ورقة الكاظمي البيضاء في سعيها لتحطيم كل أمل للجماهير في تحسن وضعهم الاقتصادي، فها هي تقول " استقطاب أعداد كبيرة من موظفي القطاع العام منخفضي الإنتاجية ومنخفضي الأجر وإعادة توجيههم إلى برامج الأشغال العامة" أي بكلمة أخرى تسريح هذه الأعداد الكبيرة من هؤلاء الموظفين ورميهم في الشارع بحجة عدم إنتاجيتهم، ولسنا نعلم من جعل هؤلاء غير منتجين أليست سياسات وتخريب قوى وأحزاب النظام للمؤسسات الحكومية والشركات التي كانت تنتج وتسد حاجات البلاد من مختلف البضائع في فترات سابقة.
تسعى ورقة السلطة البيضاء إلى تخفيض الرواتب بنسب تتراوح بين 25% إلى 12% خلال ثلاث سنوات كما أنها تمنع تعيين أي وجبات جديدة في القطاع العام بأي شكل من الأشكال، ولسنا نعلم كيف ستحل هذه الورقة المشكلات الاقتصادية وعشرات الآلاف بل الملايين من العراقيين عاطلين عن العمل وانتفاضتهم لا تزال إحدى أهم ركائزها هي المطالبة بالتعيين وتوفير فرص العمل!
هذا جزء بسيط مما تحمله هذه الورقة التي ستضيف جيوشا جديدة من العاطلين عن العمل، وستجر الجماهير في حال تطبيقها إلى جحيم حقيقي، مضافا إلى الجحيم الذي تعيش فيه منذ تولي الإسلاميين وشركاؤهم السلطة، والذين منذ جاءوا على القطار الأمريكي وهم يمثلون بشكل كامل سياسات من جاء بهم.
تبين الورقة البيضاء الوجه القبيح للسلطة، والجماهير الساعية للخلاص منها عن طريق الانتفاضة ومختلف أشكال الرفض والاحتجاج الأخرى، أمام تحدي ومواجهة بالضد من هذه السلطة الساعية لاستكمال مشروعها الرأسمالي المدعوم من القوى الرأسمالية العالمية واذرعها ومؤسساتها، ولا سبيل لديها سوى استكمال نضالها واقتلاع هذا النظام والتوجه نحو الاشتراكية، من خلال تنظيم جماهير العمال والكادحين والمعطلين والشبيبة والنساء وجميع الشرائح والفئات لأنفسهم في مجالسهم الثورية التي تسعى لإقامة سلطة الجماهير بعيدا عن القوى البرجوازية التي جلبت ولا تزال الكوارث والفقر والحروب.
#جلال_الصباغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخامس والعشرين من أكتوبر والأمل بالانتصار
-
الانتفاضة بين وعي السلطة والوعي الجماهيري
-
مقتدى الصدر يختصر القضية
-
اختطاف احمد الحلو
-
عام على انتفاضة أكتوبر
-
يقتلون القتيل ويمشون بجنازته
-
تساؤلات حول انتفاضة أكتوبر
-
لا مساومة على إسقاط النظام
-
من يقتلنا يا ترى ؟
-
دلالات اختطاف سجاد العراقي
-
قوى الثورة المضادة تتهيأ لأكتوبر
-
الانتحار احتجاج ورفض للواقع البائس
-
بين الزنكلوني ومقتدى الصدر
-
بلاسخارت والمرجعية والمطبلين
-
أكتوبر على الأبواب ... لنتحد من أجل الخلاص
-
دروس من انتفاضة أكتوبر العظيمة
-
في العلاقة بين الطليعة الثورية والجماهير
-
لا جديد في دولة الطوائف
-
قلوبنا مع جماهير السودان التي تواجه الفيضان
-
مسرحية حصر السلاح بيد الدولة
المزيد.....
-
تراجع ملحوظ بعيار 21.. سعر الذهب اليوم في مصر الجمعة 3 يناير
...
-
بجميع البنوك المصرية .. اسعار الدولار الأمريكي مقابل الجنيه
...
-
العملة الخضراء ترتفع واليورو عند أدنى مستوى منذ نوفمبر 2022
...
-
سوق العقارات في دبي يحقق رقماً قياسياً غير مسبوق في 2024
-
الطلب القوي يرفع أسعار الذهب لأعلى مستوى في أسبوعين
-
أسواق منطقة الخليج تتراجع والمؤشر السعودي باللون الأخضر
-
مخزونات النفط الخام الأميركية تتراجع ومخزونات البنزين تصعد
-
السعودية تعلن عن اتفاقية تسهيلات ائتمانية بـ2.5 مليار دولار
...
-
انخفاض تسليمات -تسلا- السنوية لأول مرة في 2024 مع هبوط الطلب
...
-
أبل تدفع 95 مليون دولار في دعوى لانتهاك الخصوصية.. ما القصة؟
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|