ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 1608 - 2006 / 7 / 11 - 09:39
المحور:
المجتمع المدني
لا يوجد في الكون إنسان أخلص من الإنسان العربي لحاكمه المبجل , لقد انتهى عصر القياصرة والقديسين واللوردات والأشراف النبلاء , الذين ساد ظلهم في مختلف أرجاء أوروبا, وظهرت مفرز اتهم الدموية متمثلة بشخوص , شاوشسكي وهتلر وموسليني وستالين , وبدأ عصر آخر مترافقاً مع أفول نجمهم , إنه عصر المناضلين والثوريين والرسوليين العرب .
في كل يوم نسمع من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب العربي , عبارة واحدة سئمت منها آذاننا , وعجزت أدمغتنا عن تفسير معانيها , وبذات الوقت طربت لها آذان أسيادنا العظام واستأنست لألحانها العذبة , لما لا تطرب آذانهم وهم يسمعون أصوات شعوبهم تصدح حباً وولاءً لهم , ولاء لا يساويه ولاء , الولاء بالدم , الولاء بالروح , وأخيراً الفداء بأسمائهم أبد الدهر.
حسبنا الله على هذا الولاء , لأن من يطلب الولاء من شعبه عليه ألا يمرغ أنوفهم في التراب, ويطمس رؤوسهم بالوحل , ويسرق الدمع من عيونهم , أي ولاء يريده حكامنا؟ إذا كانوا يريدون ولاء الدم , فنبشرهم أنه لم يبق في عروق شعوبهم قطرة دم واحدة إلا وأهدروها مقتاً وكداً في سبيل لقمة عيشهم المغمسة بالدم.
أمّا إذا رغبوا الولاء بالروح , فسحقاً لهم ما أطمعهم! وا مصيبتاه ! ألم يكتفوا بامتصاص دماء شعوبهم حتى راحوا يطالبونهم بولاء الروح؟ ألا يفهم حكامنا أن هذه الروح لا سلطان عليها ولا مالك لها إلا خالقها ؟ الخوف كل الخوف من أن يدعوا يوماً أنهم مالكيها الحصريين , فالآتي أعظم بدون شك.
الواضح أن الشعوب العربية استكانت لهذه الأنشودة وتربت على ترديدها منذ نعومة أظافرها , هناك من يقول أن العلة في الشعوب نفسها , كونها ارتضت طوعاً بترديد أنشودة الفداء صباح مساء , بسبب أو بدون سبب.
ما ينبغي التركيز عليه أن الأنظمة العربية غرست هذه الأنشودة الجوفاء في نفوس شعوبها منذ لحظة ولادتها الأولى , فبدلاً من أن يطلق الغلام العربي صرخة تواصله الأولى مع عالمه الجديد معلناً قدومه, تجده يصرخ بروحه ودمه فداءً لمن سيرضعه من خيرات الوطن , ويعلمه في أرقى المدارس والجامعات , ويؤمن له العمل , ويصون حقوقه على أتم وجه , ويحرر له آخر شبر من أرض أجداده المحتلة .
رغم هذا العطاء الوفير من حكامنا , نبقى في نظرهم ناكرين الجميل , لسبب بسيط هو أن أحدنا قرر الخروج عن سياق الجوقة المنشدة بعد أن أبصر طريقه, مطالباً بحرية أكثر وتعددية أوسع , نظراً لما يجري حولنا من تحول ديمقراطي ملحوظ , بينما نظل على الفطرة ننعق نعيق الفداء بالروح بالدم مرضاةً ونزولاً عند رغبة حكامنا الأشاوس .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟