|
شيء ما في الحرب الأهلية
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 1608 - 2006 / 7 / 11 - 10:02
المحور:
القضية الفلسطينية
المشهد السياسي الفلسطيني يزداد صعوبة وتعقداً، والسيناريوهات المحتملة تشير إلى أنه أصبح متجهاً نحو المزيد من التفاقم والاقتراب من الحرب الأهلية، حيث الفئوية تطفي على المصلحة الوطنية والمشروع الوطني في مهب الريح وعرضه للتبدد والضياع، والمسؤولية بالأساس يتحملها كل من فتح وحماس، واللتان تدفعان بالساحة الفلسطينية نحو نذر وبذور حرب أهلية، حيث الانشداد العالي للذات، وسلسلة من الممارسات والمسلكيات والإجراءات والتصرفات اللامسؤولة، حتى أن وثيقة الوفاق الوطني" وثيقة الأسرى" والتي أريد لها أن تكون قاعدة للاتفاق والحوار الوطني، أصبحت قاعدة وأساساً للفرقة، حيث أن البعض سعى لتوظيفها لغرض من شأنه أن يعمق حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية من خلال طرحها للاستفتاء، في الوقت الذي كان المطلوب أن نوصل الليل مع النهار في التحاور حولها من أجل الوصول لقواسم مشتركة من أجل توحيد الرؤى والبرامج والإستراتيجيات في الجوانب السياسية، وهذا طبعاً لا يعني أن لا يكون الحوار حوار طرشان، أو حواراً من أجل الحوار، بل لا بد من مرونة تبديها حركة حماس فيما يخص الاعتراف بشرعية ووحدانية تمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني، فالظروف المحيطة والمحدقة بالشعب الفلسطيني جداً خطيرة وتتطلب قرراً عالياً من المسؤولية، ولا يحق لأي طرف أن يقول إما أنا في السلطة، أو من بعدي فليأتي الطوفان، ولا أحد يقول لي أن شعبنا محصن ضد الحرب الأهلية، فالتحشيد والتجيش والتحريض والقدح والشتم والتخوين....وغيرها من ممارسات تصب في خانة وطاحونة الحرب الأهلية، والتاريخ العربي والإسلامي قديماً وحديثاً حافل في مثل هذه الحروب، ولا نخال أحد منا لم يسمع بمعركة الجمل التي قادتها أم المؤمنين عائشة ضد الخليفة الراشدي علي بن أبي طالب والتي قتل فيها ثلاثون ألف مسلم، وأيضاً معركة صفين بين جماعة علي وجماعة معاوية بن أبي سفيان على زعامة وقيادة دفة الحكم والأمة، تلك المعركة التي قتل فيها ما لا يقل عن 60 ألف مسلم، وفي تلك المعركتين اشترك فيها من هم مشهود له بالطهارة والعفة وقوة الإيمان...الخ، ومنهم من هو مبشر بالجنة، وهاتان المعركتان شكلتا مرحلة فاصلة في التاريخ الإسلامي والعربي كله، حيث انقسم المسلمون إلى سنة وشيعة حتى يومنا هذا، أما في التاريخ الحديث فما زالت شبح الحرب الأهلية ماثلة أمامنا في لبنان والتي استمرت خمسة عشر عاماً، والتي دفع فيها الشعبان اللبناني والفلسطيني ثمناً باهظاً، ما زالت آثاره وتداعياته ماثله حتى اللحظة، وبالتالي هذه المعارك والحروب الداخلية وما تركته من آثار وتداعيات على أمتنا العربية والإسلامية، يجب علينا نحن الفلسطينيون أن نعيها وتمثلها جيداً. ولا يكفي لنا القول أن شعبنا عظيم، ولا وجود للحرب الأهلية في قاموسه، فالحالة الفلسطينية سوداوية وقاتمة في كل الصعد والمجالات، ففي الجانب السياسي، نشهد حالة من التنازع والتصارع على الصلاحيات والمسؤوليات لسلطة تحت الاحتلال، وخلافات وتعارضات برنامجية، بالتحديد بين الرئاسة وما تمثله، والحكومة وما تمثله، هذه الخلافات عكست نفسها على الساحة والجماهير الفلسطينية، بحيث عززت ووسعت من حالة الفلتان الأمني والاحتراب الداخلي بشكل غير مسبوق، وأخذت مناحي وأبعاد غاية في الخطورة، حيث سقط العديد من القتلى والجرحى، جراء حالة الإحتراب تلك، ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل تعداه إلى قيام مجموعات غير مسؤولة، على إحراق مؤسسات لها رمزيتها ومعالمها السيادية مثل المجلس التشريعي، ومكتب رئاسة الوزراء، واختطاف أعضاء برلمان وغيرها.....، وهذه الحالة والممارسات المنفلته من عقالها تجد لها تربة خصبة وحواضن سياسية تتبناها وتدافع عنها، بل وتشجعها على القيام بمثل هذه الممارسات تماماً كحال رؤوس الفساد الذين يدعون لمحاربة الفساد، فهم أمام الجماهير والكاميرات وفي الاجتماعات يشجبون ويدينون ويستنكرون مثل هذه الأعمال والممارسات، وهم يعتقدون أنهم يستغبون الشعب، وكأن الذين يقومون بهذه الأعمال هم أشباح وغير معروفين ، وكل ما يجري الحديث عنه من لجان تحقيق ومتابعة والتي لم تحقق أية نتائج عملية على الأرض، ما هو إلا لذر الرماد في العيون، وبدون أن يتم رفع الحصانة والحماية عن هذه المليشيات والعصابات المأجورة التي تقوم بهذه الأعمال، ويتم محاسبتها واتخاذ إجراءات رادعة بحقها، وتطبيق القانون عليها، فإن الأمور سائرة بوتائر عالية نحو الإحتراب الداخلي، حيث أن هذه الفئات المأجورة تدفع بهذه الأمور في اتجاه ومنزلق خطرين، وحتى يتم تلافي هذه الأمور وإعادة الثقة والطمأنينة إلى الشارع الفلسطيني، فإن على فتح وحماس الامتناع عن القيام بخطوات وإجراءات وممارسات من شأنها توتير الأجواء وإحداث حالة من الانقسام الواسعة في الساحة الفلسطينية، بما يهدد بضياع كل منجزات ومكتسبات الشعب الفلسطيني، وأيضاً يجب على كل الأطراف أن تتحلى بأعلى قدر من المسؤولية، وأن تغادر عقلية الأنا والفئوية وأن تحترم إرادة الشعب وخياراته، وليكن اتفاق آذار/2005 ووثيقة الأسرى منطلقات هامة لحوار واتفاق وطني بعيداً عن التشنجات، يفضي إلى توحيد للرؤى والبرامج والاستراتيجيات السياسية، من خلال حكومة أتلاف وطني تقود شعبنا إلى بر الأمان وفك العزلة والحصار الظالمين المفروضين عليه. بقلم : الأسير راسم عبيدات_ سجن عسقلان المركزي
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحجاب
-
رسالة مفتوحة لوزير التربية والتعليم الفلسطيني المطلوب معايير
...
-
هل حقاً لا يعرف الأمريكان لماذا يكرههم الفلسطينيون والعرب؟
-
مفارقات العرب والجامعة العربية
-
المسيحيون الفلسطينيون جزء أصيل من النسيج الوطني والمجتمعي ال
...
-
مفارقات أقوال وتعليقات
-
مفارقات المعايير المزدوجة
-
المجد- لهوغو شافيز- والخزي والعار لكل قادة وزعماء العرب
-
لأنك محمود الزهار لا نستقبلك وعندما تصبح محمود-اولمرت- أهلاً
...
-
القمة العربية والانتخابات الإسرائيلية
-
عفواً مات العرب !
-
هذا الزمن العربي مجيد وسافل
-
مفارقات
-
ما الذي يمنع فتح ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين؟
-
إعتقال الأمين العام للجبهة الشعبية يجب أن يمهد لتعامل وثقافة
...
-
هل تتولد وتنشأ نخب سياسية فلسطينية جديدة
-
إبقوا بعيداً عنا، لا نريد نصائحكم ولا إرشاداتكم
-
ما المطلوب من حماس مقدسيا
-
الآن وماذا بعد
-
الشعب الفلسطيني أطلق رصاصة الرحمة على قوى ما يسمى بالحالة ال
...
المزيد.....
-
الكونغو الديمقراطية: غوما تحت سيطرة المسلحين … دمار ونهب وال
...
-
قولوا وداعًا لأمريكا.. ترامب يُعيد تهديد مجموعة -بريكس- إذا
...
-
الخارجية الروسية: إجراءات شطب -طالبان- من قائمة الإرهاب مستم
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب
...
-
بريدنيستروفيه ومولدوفا تتفقان على خطة أولية لتوريد الغاز
-
أبرز مواصفات الهاتف الجديد من -Nothing-
-
اكتشاف بكتيريا خطيرة في بعض منتجات الدجاج التي تورد إلى روسي
...
-
-فينشينزو.. رجل المافيا-.. عدالة العصابات وتهجير السكان لاست
...
-
العبور من الثورة إلى الدولة في سوريا
-
سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس حتى نهاية العام
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|