|
أزمة الشخصية العراقية
عبدالامير آل حاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6716 - 2020 / 10 / 27 - 18:07
المحور:
المجتمع المدني
التركيبة البنيوية الفكرية والعقائدية لأغلبية الشعب العراقي لا تنسجم مع الأسس التي تقوم عليها السلطة الحاكمة التي تدير شؤون البلاد أياً كانت تصنيفها وشكلها سواء كانت مفروضة من جهة خارجية كما هو الحال الآن أو منبثقة بطريقة أو أخرى من بين صفوف الشعب من حيث الشكل لا المضمون . هذا التباعد النفسي والفكري بين سواد الناس والزمر المهيمنة على السلطة ليس وليد اليوم بل هوواقع يمتد لمئات السنين ويمكن لأي مطلع بتجرد على تاريخ العراق أن يلمسه بوضوح من خلال مسيرة بناء الشخصية العراقية عبر الحقب المتعاقبة وردود أفعال الناس وسلوكياتهم الاجتماعية وعاداتهم وتقاليدهم والأحساس الداخلي بعدم انتماء الحكومة لواقعهم وخصائصهم مما خلق حالة من الأحتراب المباشر الملموس أحياناً والمتجسد بالأنتفاضات والثورات والخروج المسلح على السلطة وما يرافق ذلك من تدمير وقتل وتشريد واسع النطاق لسكان المنطقة شرقاً وغرباً أوغير المباشر المخفي في أغلب الأحيان والمتمثل بالسجن والاعتقال والحرمان والأهمال المتعمد والتمايز البغيض بين أفراد المجتمع بعد تصنيفهم على أساس الولاء أوالعداء للسلطة . أن المعادلة غير المتكافئة من جهة طرفيها بالتأكيد حيث ان السلطات تمتلك أدواتها الفعالة والمؤثرة في قمع كل أنواع المعارضة او حتى مجرد الأحتجاج بكل قسوة وعنف وتنكيل والتاريخ شاهد على ذلك للمنصفين الباحثين عن الحق والعدل ...أما زبانية السلطة ووعاظ السلاطين لديهم على الدوام تخريجات شرعية وفقهية كتبت بأيادي شيطانية لصالح الحكام الفجرة والتي ترسخت بأذهان الناس جيلاً بعد جيل تعمل على أدامتها وتطويرها في وقتنا الحاضر مؤسسات ضخمة وأموال طائلة ترصد بسخاء . كل هذه الظروف مجتمعة خلقت أنواع متعددة من الشخصيات يتسم بها الفرد العراقي أبرزها واكثرها شيوعاً الشخصية المقهورة المهزومة التي تنتظر الفرج من قوى غيبية خارجية دون العمل على تهيئة الظرف والأستعداد الفكري والنفسي وبناء القاعدة الموضوعية التي يستند عليها هذا التغير المرجو والمنتظر او كما يطلق عليه بعض كتاب علم الأجتماع المعاصرين (الأنتظار المخرب) هذا النوع يميل الى الخنوع والأستسلام والرضا القهري ولو على حساب النفس وهي بطبيعة الحال تتهرب من المواجهة وتخشاها . النوع الثاني هي الشخصية السادية المازوكية التي باتت تنتشر بين شريحة واسعة من الشباب وهي نتاج مرحلة حكم صدام الذي مارس السادية والعنف والقسوة بأشد انواعها من خلال وسائل ممنهجة ومتنوعة وعبر مراحل متعاقبة أدت الى أنتشار الجريمة والانحلال وسقوط القيم والاخلاق والتشتت الأسري والمجتمعي بعد أن كان بناء الأسرة ورصانتها واحد من أهم مميزات التركيبة البنيوية للمجتمع العراقي عبر العقود الماضية ولغاية عقد الثمانينات من القرن الماضي لا سيما بعد أندلاع الحرب الشاملة بين العراق وأيران ومعلوم للجميع حجم الخسائر والتدمير الذي لحق ببنية المجتمع وما لحق بالعائلة العراقية من فقدان لرب الأسرة أو الأبناء وترمل النساء وتشرد الأطفال نتيجة لذلك وما أعقبها من ذل وأنكسار وأستجداء للقمة العيش بسبب الحصار الخانق لسنوات طويلة وبذلك أجتمعت كل العوامل المؤسسة لمثل هذا النوع من الشخصية أسرة مفككة وبيئة غير صالحة وظروف خانقة يرافقها أحساس بفقدان الثقة بالنفس والأخرين وخير مثال على حالة الانهيار والتفكك وغياب القيم والأخلاق ظاهرة الشباب المستهجن شكلاً ومضموناً فأنتشرت مجاميع بلا ضابط ديني أو فكري يحدد سلوكياتهم أو رادع مؤسساتي يلجمهم ويحد من خطورتهم وهو أمر ليس أعتباطياً ولكنه يدار من خلف الكواليس باصابع مدربة بدقة متناهية وخير مثال على ذلك ظاهرة حمل (السكاكين والقامات ) من قبل طيف من الشباب وسط التجمعات الكبيرة في الميادين العامة دون خوف أو وجل وكذلك الضرب بعنف والقيام بأعمال التخريب والحرق للممتلكات العامة ونهبها وسرقتها هذا النوع سهل الأنقياد والتوجيه لغياب الوعي والثقافة ناهيك عن الوجه الأخر المتمثل بالميوعة والتخنث والأنحراف الأخلاقي والذي باتت له منظمات وجمعيات ترعاه وتنظمه بشعارات وأعلام مدعومة دولياً . أما النوع الثالث هي الشخصية الثورية الوطنية والتي تكون على نوعين أما متمردة ساخطة على كل شيء ولكن ضمن حدود المعقول ودون أن تفقد أتزانها وتخرج عن المألوف أوالشخصية الوطنية المتزنة والملتزمة بالقييم الدينية والأعراف الاجتماعية وهي التي نتأمل منها خيراً . ولابد من أشارة هنا أن أغلب الشخصيات التي حكمت العراق بعد 2003 والتي تسمى ظلماً مرحلة الديموقراطية لا تدخل ضمن التصنيف الثالث فالشخصيات التي (نٌصبت) لحكم البلاد كانت سبباً في أشاعة الفوضى والفساد والسرقة وضياع الأرض والمال وأحرقت الأخضر واليابس وهي شخصيات تابعة ومؤتمره وتنفذ برنامجاً خارجياً أعد لها ولكم الخيار في تصنيفها ووضعها بالخانة التي تستحقها وأن كان الأمر يبدو واضحاً.
#عبدالامير_آل_حاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التعصب أولاً والعلماء ثانياً
-
الدولة الكردية وطموحات غير محدودة
-
تحت رحمة الديون الخارجية
-
الحر وكورونا والكهرباء
-
تداعيات يومية
-
أجيال في خطر
-
كلمات
-
كورونا وأشياء أخرى 2
-
القعود على التل أسلم
-
أنهم يقتلون الجياد2
-
عقدة الانتماء
-
حرب الحجاب
-
خريف العمر
-
الرقابة الفكرية
-
مشكلة عراقية بأمتياز
-
أوسعناهم شتماً وفازوا بالابل
-
خير الكلام
-
الاعمال بالنيات
-
التسول المنظم
-
توالي العمر
المزيد.....
-
مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران
...
-
-الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا
...
-
الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين
...
-
الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو
...
-
هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|