|
هل بالذبح نرد على رسوم فرنسا؟
احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 6716 - 2020 / 10 / 27 - 16:19
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين،" إن إجراءات الشرطة بعثت رسالة مفادها لا هوادة مع أعداء الجمهورية ، مشيرا إلى أن مزيدا من الإجراءات ستُتخذ طوال الأسبوع ، وأن الأشخاص الذين استهدفتهم الإجراءات الراهنة ليس بالضرورة أن تكون لهم علاقة بالتحقيقات في مقتل المدرس ، وإن السلطات تجري نحو 80 تحقيقا الآن فيما يتعلق بـنشر أحاديث كراهية عبر الإنترنت في فرنسا ، مضيفا ، ان الشرطة الفرنسية تجري تحقيقات مع 51 من جمعيات المسلمين في فرنسا وان الجمعيات الإسلامية الخاضعة للتحقيق إذا ثبت أنها تروج لحديث الكراهية ستغلق "، وقد جاءت هذه الاجراءات على خلفية ذبح مدرس فرنسي يدرس مادتي التاريخ والجغرافيا يدعى صمويل باتي كان قد عرض رسوما كاريكاتورية مثيرة للجدل للنبي محمد على تلاميذه ،وكان المهاجم مراهق لا يزيد عمره عن 18 عاما ، روسيا من أصول شيشانية يسكن شمال غربي باريس ،ولم يكن معلوما من قبل لدى أجهزة الاستخبارات ، وتقول السلطات المعنية إن المهاجم مثُل من قبل أمام المحاكم ولكن في قضايا جنح صغيرة . اعلم ان هناك كثيرين قد لا يروق لهم ما اقوله في تلك السطور ،ومع ذلك اقدم رؤية ، قد تكون رؤية خاصة ، ومن هنا علينا ان نتساءل : هل بقطع الرقاب والذبح سنحمي وندافع عن الاسلام والقرآن والرسول محمد صلى الله عليه وسلم !؟ ، هل بالذبح وقطع الرقاب سينتشر او انتشر الاسلام!؟ ، هل بالذبح سيرضى عننا الله ورسوله ؟ ، هل يعرف مرتكب تلك الجرائم ان اوروبا وحدها بها قرابة 33 مليون مسلم يريدون العيش في امن وسلام ويبذلون قصارى جهدهم من المعاملات وانسانية القرآن من اجل تنوير صورة الاسلام ؟ ، ألم يقرأوا ما جاء في النص من آيات واضحة لا تحتاج الى جهد في فهمها تنطبق في تدليلها على حادث باريس(ذبح مدرس فرنسي) ، ومنها ما جاء في سورة النساء المدنية (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚإِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ۗإِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) ، فقد كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في النبي محمد والقرآن ، فسبوه واستهزأوا به، فأمرهم الله المؤمنين أن لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ، فالايات واضحة بألفاظها " اذا سمعتم " اي عند السمع ، أمر الله المؤمنين الا يجلسوا معهم والا يشاركوهم، حتى ولو كان بالصمت على إستهزائهم بآيات الله وهم معهم ، فإن على المؤمن أن ينسحب من تلك المجالس ليعلن بهذه الطريقة (السلبية الايجابية ) رفضه لذلك كله واحتجاجه عليه ، ويؤكد انفصاله عن حركة المجتمع التشاركية في هذا الاتجاه ،لأن المطلوب ليس مقاطعة هؤلاء او ارهابهم اللفظي او الفعلي ، بل إعلان الموقف الرافض تماما لمثل هذه التصرفات والاقوال والمواقف ، من خلال اجراءات عديدة سلمية ، وفي سورة الانعام المكية (وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِىٓ ءَايَٰتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِۦ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَٰنُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ) ، " اذا رأيت " حيث الآية في أمرها موجة للرسول الكريم " طالما موجة للرسول فهى امر يجب علينا ان نتبعه "، فى الا يجلس معهم وهم يخوضون فى آيات الله ، بعد ان حاجوه ، وإخباره لهم أنه ليس له سلطة على خزائن الله، وأنه لا يعلم الغيب ،وليس ملكا ، وما هو إلا متبع لوحى الله ، وتذكيرهم بقدرة الله بانه مالك كل شئ ، وبيده كل شئ، وفي سورة التوبة المدنية ( وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)،حيث المنافقون يؤزون الرسول ويعيبونه ويقولون هواذن سامعة ، ماذا امر الله هل امر الرسول واتباعه بقتل نبتل بن الحارث الذي نزلت فيه الآية ، بل الامر الالهي بأن تلك الاذن هي اذن الخير تأتي بالخير لا بالشر ، ومن يقول ذلك له عذاب أليم يوم الحساب . عندما تستعرض النص وما جاء فيه تناولاً حول من يستهزءاو ويخوضون في آيات الله ورسوله محمد ، أمرنا الله بإجتنابهم ، وقد ورد هذا الأمر الالهي سبع مرات فى النص ، واحدة منها فى حوار بين أصحاب اليمين والمجرمين ، وأربع مرات فى صورة امر مباشرة للنبى محمد عليه السلام ، واحدة اخرى الا يجلس مع الذين يخوضون فى آيات الله ، وثلاث أن يذرهم فى خوضهم يلعبون ، وواحدة أخرى فى أمر مباشر للمؤمنين الا يجلسوا معهم ولا يشاركوهم فى خوضهم الذى هم فيه يلعبون ... وواحدة أخرى تعطى تعريفا للذين يخوضون فى آيات الله ، حيث لا توجد اي آيه تأمر بالعنف او القتل او الذبح وقطع الرقاب، بل ومن الحكمة ، ان رب العالمين امر بالانصراف من تلك المجالس ، حتى لا يكون هناك مجالا لمجادلتهم او مناظرتهم ، لانه لا توجد جدوى من ذلك ، لانعدام الموضوعية من جانبهم في البحث ، وتغليبهم العاطفة والفكرة على اتباع الحق عند ظهوره على يد المجادله ، وإدخال الذاتية في الموضوع محل المجادلة ، بل قد يحرف الحقائق ويطوعها وفقا لرغباته على حساب الحقيقة ، حيث المناظرة والمجادلة في هذه الحالات ، يغلب عليهما طابع الاستهزاء والتعنت والبعد عن الجد وعدم الحرص على إثبات الحقيقة ، ومخالفة الحق وانكاره ، من خلال هذه الرؤية يمكننا أن نفهم أن الله لم يأمرنا بالاشتغال بالجدل والمناظرة لان فيهما تضييع للطاقات وإبراز للخصومات ولا ينشغل بها إلا ذو هوى وسقوط أخلاقي وجهل معرفي قيمي،اذا ، كيف ذلك ، ومن خالف تلك الاوامر الالهية كلها ويلجأ الى القتل والذبح بحجة انه يدافع عن الاسلام والمسلمين . بعيدا عن الطرف الاخر وما ارتكبه من خطأ فادح بالاستهزاء بالنبي والوحي والخوض في آيات الله وفي ما أنزله الله من عقائد ومفاهيم وأحكام، وما أوحى به من غيب الدنيا والآخرة، وتناولها بالتهجم والتجريح والسخرية والاستهزاء، بمختلف الأساليب الصريحة أو الملتوية ، تحت حجة ان قانونهم العام يبيح ذلك من اجل اكتمال حرية الرأي والتعبير، ومع ذلك ، من قام بجريمة الذبح او من حث وساعده عليها ارتكب خطأ كبيرا، بفعلته فقد اضر بالاسلام وبالمسلمين بمخالفته قواعد النص ، وانصاغ وراء ما يريدونه ، واعطى لهم ذريعة للهجوم على رسول الاسلام والمسلمين ، فبدل ان يستغل اعلانهم الدستوري القانوني الذي كفل حق الاحتجاج والاعتراض باستخدام شتى الوسائل السلمية ومنها الندوات والفضاء المفتوح والتجمعات والتظاهرات السلمية ،لتنديد بهذا التصرف ، قام بعض المتطرفين الذين يمثلون اقلية الاقلية باللجوء الى العنف بالقتل والذبح ،ظنا منهم عن جهل وتعصب دون دراية ان هذا هو بعينه نصرة للرسول ورفع شأن الدين . لنعيد ونكرر ، ماذا فعلنا نحن لنصرة الرسول والاسلام ، تركناه لهؤلاء ينهشون فيه ويتناولونه كما يريدوا بكل سوء ، كذلك ماذا فعل علماء الدين ، هل خرجوا من عباءتهم التقليدية القديمة وتحدثوا مع الاخرين بطريقتهم واسلوبهم ، لقد سئم الجميع من حديثهم الجامد القديم المتخشب ، متناسين بان العالم تغير وتطور واصبح قرية صغيرة ، فحديثهم مازال يدور حول ما اختلف عليه وكأن النبي محمد والاسلام جاء للاختلاف لا للاتفاق ، فنحن مقصرون وبتقصيرنا سمحنا لهؤلاء بالاساءة لنبي الامه محمد صلي الله عليه وسلم والاسلام، فعلينا جميعا وعلى كل الهيئات والمنظمات الاسلاميه تاكيد رفضها وادانتها لهذا العمل المسيء ليس بالشجب والادانة فقط بل القيام بدور عملي من خلال نشر الحقيقه حول ما يتصل بحياه النبي صلي الله عليه وسلم وعطائاته للانسانيه ، هذا من خلال خطاب ديني جديد متحضر يواكب هذا العصر وبأدواته ، بعيدا عن المنابر المحلية ، وبلغة يفها الطرف الاخر ، جميعنا ندين هذا الحادث الارهابي ، كذلك ندين ما يقوم به الطرف الاخر من افعال لانه هو الارهاب بعينه . أخيرا ، ما اجمل واعمق واجود ما اقسم به الله الكريم في قوله تأكيدا ، ( إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِين ) ، لعلمنا عند إدراك تلك الآية ، ان الحكمة والنصرة فيها ،والتصرف الصحيح تنبئنا به حروفها.
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجنيه المصري بين الغطاء النقدي والجنيه الذهب
-
هل معدلات التضخم المعلنة في مصر دقيقة؟
-
النص بين التأويلية الإنسانية العالمية والتاريخانية النحوية
-
ديليسبس هو شيلوك المحتال في تاجر البندقية لشكسبير
-
إثيوبيا من التسويف والتعنت الى التبجح والاستفزاز
-
سد النهضة الاثيوبي... سيناريو سد أليسو التركي
-
الديون الخارجية...وسوء ادارتها في مصر
-
هل تصنيف وكالة ستاندرد آند بورز وموديز لمصر منصف!؟
-
المركزي المصري..خفض الفائدة قرار غير موفق
-
المديونية الخارجية لمصر...إدمان الاقتراض
-
قصة في سطور - الإغراء والإغواء -
-
إصلاح النظام الضريبي في مصر
-
هل ماتت ثورة 25 يناير كما ماتت بريسكا ؟
-
السلطة النقدية والإستقرار النقدي في مصر
-
أردوغان المهرتل..هل تعرف شيء عن قونية ونسيب والقرم؟
-
ممالك النار بين الوعي والحياد
-
التضخم النقدي في مصر
-
ايميل الى الرئيس السيسي(مسرح المعقول)
-
صراع الطبقات وانتلجنسيا السلطة في مصر
-
التضخم في مصر
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|