أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسن مدن - حديث عن (الأقليات) في العالم العربي














المزيد.....

حديث عن (الأقليات) في العالم العربي


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 6716 - 2020 / 10 / 27 - 11:04
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


في فترةٍ ما، ليست بعيدة، انشغلت مجموعة من الباحثين العرب، ومراكز أبحاث لم يعد بعضها قائماً، بمسألة الأقليات في العالم العربي، أكانت أقليات دينية كالمسيحيين مثلاً، أو أقليات عرقية كالكرد مثلاً، أو حتى داخل الطوائف الإسلامية نفسها، فمع أن أغلبية سكان بلداننا يدينون بالإسلام، ولكن المسلمين أنفسهم يتوزعون على مذاهب وطوائف، بينهم من يشكل الأكثرية، وبينهم من يتوزعون على أقليات.
يومذاك أثيرت أسئلة حول أسباب هذا الاهتمام المفاجئ بموضوع الأقليات، وجرى حديث حول أن أجندات مغرضة تقف وراءه، رغبة في إحداث انشقاقات في النسيج الوطني للبلدان العربية المختلفة، أو تعميق ما هو ظاهر منها. والقارئ للتطورات التالية في البلدان العربية ليس بوسعه أن يتجاهل كلية هذا الرأي.
لكن هذا شيء، وحقيقة أن هناك حقوقاً مهضومة للأقليات في بعض البلدان العربية شيء آخر، وأن فكرة المواطنة، من حيث هي تكافؤ في الحقوق كافة، بما فيها الحقوق الثقافية كاحترام اللغات القومية وحرية العبادة والمعتقد وما إلى ذلك، فكرة غائبة أو مغيبة في الكثير من الحالات في عالمنا العربي.
لا جدال في أن اللغة العربية هي اللغة القومية للبلدان العربية، شأنها في ذلك شأن بقية اللغات القومية في البلدان الأخرى، لكن هذا لا يتعارض، ويجب ألا يتعارض مع حق لأقليات القومية في بلداننا في الحفاظ على لغاتها، ولا جدال أيضاً في أن الإسلام هو دين الأغلبية الساحقة من العرب وغير العرب في البلدان العربية كالكرد والأمازيغ مثلاً، لكن هذا لا يتعارض مع حقيقة أن هناك من يدين بالمسيحية واليهودية، أو يؤمن بديانات غير سماوية، وليس من العدل حرمانهم من ممارسة شعائرهم الدينية، وصون مراكز عبادتهم وطقوسهم.
المساحة الجغرافية التي يشكلها العالم العربي في المشرق وشرق إفريقيا والسودان يقطنها خليط من البشر قبل الإسلام وبعده، وثمة هجرات استوعبها العالم العربي في فترات مختلفة، وبات هؤلاء المهاجرون، جيلاً وراء جيل، جزءاً من النسيج الوطني في بلداننا، كحال الأرمن مثلاً في بلاد الشام ومصر.
ما كان متعيناً السماح بأن يشكل وجود الأقليات موضوع فرقة في بلداننا، بل كان مطلوباً تطوير وتقوية الأثر الإيجابي والحضاري لوجودهم في إثراء ثقافاتنا، والحفاظ على طابع التنوع الثقافي والتعددية الحضارية التي نعلم ما كان لهما من آثار غاية الأهمية في إثراء مجتمعاتنا وتقدّمها.
لو روعيت كل هذه العوامل لتفادينا الكثير من حروبنا الأهلية، ونزاعاتنا الداخلية، ولما اضطر جنوب السودان، مثلاً، للانفصال عن شماله.
لم تتعامل الدولة العربية في الكثير من الحالات بما كان يجب عليها أن تتعامل به مع مسألة الأقليات في بلدانها، بل إنها جنحت نحو العنف الشديد تجاه بعضها، على نحو ما فعلته الحكومات العراقية المتعاقبة مع مطالبات الكرد بحقوقهم القومية في إطار الدولة العراقية، وهو عنف بلغ حدّ استخدام السلاح الكيماوي ضدهم كما فعل نظام صدّام حسين.
أكثر من ذلك، تعرض الكرد وغيرهم من الأقليات لعمليات تهجير من مناطقهم إلى مناطق أخرى داخل الدولة، وبالمقابل توطين السكان العرب بشكل مخطط ومنهجي في هذه المناطق، في نطاق ما وصف ب«التعريب»، في عملية قسرية مفتعلة، ليست نتاج سيرورة تاريخية طوعية قابلة لأن تحدث.
وإذا اتفقنا أن الثقافة العربية الإسلامية هي إطار جامع للسكان في البلدان المنضوية تحتها، فإن ذلك لا يحجب حقيقة التنوع الإثني والعرقي والديني في إطار هذه الثقافة، ويقدّم لنا تاريخ الحضارة العربية الإسلامية أمثلة ساطعة على هذا التنوع. كُثر هم الفلاسفة والأدباء والعلماء ممن نبغوا في الحقب المختلفة لهذه الحضارة يتحدرون من أصول غير عربية، فارسية أو كردية أو أمازيغية أو من وسط آسيا، آذريين وأوزبك وكازاخ.. إلخ.
هذا التنوع لم يتلازم مع نفي اللغات والثقافات القومية لشعوب البلدان التي تحدّر منها هؤلاء، بل على العكس، استطاعت الحضارة العربية - الإسلامية استيعاب الجميع على ما هم عليه من تنوّع.
هذا وجه من وجهي هذه المسألة المعقدة. الوجه الآخر يتصل بطريقة تعامل ممثلي الأقليات مع الدول المركزية في البلدان التي ينتمون إليها.
مع تفاقم أزمات الدولة في العديد من بلداننا بسبب الفساد والاستبداد وانعدام الممارسة الديمقراطية من جانب، واستهداف هذه البلدان من القوى الخارجية، عالمية كانت أو إقليمية، سواء تحت يافطة «الفوضى الخلاّقة» أو غيرها من اليافطات.
من جانب آخر، نشأت أوهام، وإن كانت تنطلق من دوافع مشروعة، عند بعض ممثلي الأقليات أن الفرص باتت سانحة أمامهم للانفصال عن بلدانهم وتشكيل كيانات مستقلة، معوّلين على وعود زائفة من الخارج بتمكينهم من هذا الهدف، وشاهدنا تجليات على ذلك في كردستان العراق وفي شمال شرق سوريا.
ما يتعين إدراكه هو أن ما تعانيه الأقليات من مظالم هو جزء من مجموع المظالم التي يعانيها الجميع، أكثرية كانوا أم أقلية، والدولة المستبدة ضد الأقليات هي بالضرورة مستبدة ضد الأكثرية أيضًا. والحل لا يمكن أن يكون في تفتيت الكيانات الوطنية وتقسيمها، وإنما في بناء حركات شعبية ديمقراطية واسعة على امتداد الأوطان ومن كافة المكونات لانتشال هذه الأوطان من أزمتها.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوبر ماركت كبير
- زمن جيفارا
- ردّ الصاع صاعين
- بين التاريخ والرواية
- بطل سرفانتس
- المثقف النقدي
- تعددية الثقافات لا مركزيتها
- الناس تحب الأساطير
- المدينة التي تتذكر كل شيء
- من منظور تشومسكي
- أوروبا بين الخطيبي وفرانز فانون
- عمالقة أم عصر عملاق؟
- (مناعة القطيع) والأخلاق
- أطروحات حول الفكر والحرية ودور المثقف
- كيف كُتب التاريخ؟
- نحن و(نوبل)
- (أنا والجدة نينا) لأحمد الرحبي - الأنا في مرآة الآخر الروسي
- كم من - كعب أخيل - عندنا؟
- صراع دول لا حضارات
- مَن نحن؟


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسن مدن - حديث عن (الأقليات) في العالم العربي