بسام الرياحي
الحوار المتمدن-العدد: 6713 - 2020 / 10 / 24 - 20:41
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
مر أقل من أسبوع على الإتفاقية الموقعة بين الطرف الحكومي والإتحاد العام التونسي للشغل التي تهم وضعية عمال الحضائر قبل أن تترك ردود فعل إجتماعية وصدى في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي.وبالنظر للوضعية الخاصة لعمال الحضائر يكتسي هذا الملف حساسية مفرطة لدي شريحة واسعة من المنضوين تحت فعل التسويات، المخرجات النهائية للإتفاق أقرت بإنتداب ممن تتوفر فيهم شروط معينة وحسب طاقة إستعاب تحددها الحكومة وبمعايير قانونية معينة لكن أيضا التسريع في الإستغناء عن عدد كبير من عمال الحضائر مع صرف تعويض مادي مقدر ووفق شروط خاصة ممن تجاوز سنهم الخمس والأربعين سنة .قرارات إعتبرت من الطرف النقابي طرد تعسفي مقنن وأنها إجراءات لا تراعي الوضعية الإجتماعية لأغلب المنتمين لقطاع الحضائر.هذا القطاع مثل مسكن إجتماعي متبع من قبل الحكومات التي تعاقبت على تونس خاصة بعد الثورة في ظل تراجع الإستهلاك والتضخم وإتساع دائرة التهميش لا سيما لمن هم من أصحاب الشهادات العليا أو ذوي المستوى التعليمي الأدنى، وفي كل إنتخابات أو سنة حكومية تتدفق الوعود وتنهمر الشعارات المنادية بالتسوية والإنصاف والعدالة الإجتماعية...لكن كل ما تفوهت به الأحزاب والبرامج الإنتخابية لم تتعدى عتبة الشعارات والمسكنات السياسية الرديئة ذات الجدوى المنعدمة والعقيمة.اليوم يقع الإتفاق على حساب شريحة واسعة ممن عملوا وقدموا مجهودات عديدة لا سيما في القطاع التربوي، في إعدادية بوعرادة الكل يعرف مراد الجباري خاصة الذين يصلون مبكرا قبل إنطلاق الدروس.مراد المنضوي تحت قطاع الحضائر هو من أول الموجودين يفتح مكتب الإدارة وفي إنتظار تحية العلم نستقبل يومنا معه بأنغام السيدة فيروز ويشارك في تنظيم صف التلاميذ حتى بداية الدروس.بين الساعات ومع وقت الراحة لا يتردد ولا يتوانى في التواجد في الساحة مع زملائه الإداريين لتنظيم التوقيت والجداول والإمتحانات والحصص الشاغرة داخل قاعة المراجعة وكل معطى إعلامي للأساتذة تجد مراد من أول المعلنين عنه أمام قاعات الأساتذة... هو أيضا مدخن شره تكاد السيجارة لا تفارق يده أو شفتيه لذلك في أيام الشتاء القارص تستطيع سماع دوي سعاله في أروقة الإعدادية رغم ذلك لا يتمارض ولا يقصر ويحضر ويجتهد.اليوم مراد هو ممن فرطت فيهم الدولة والحكومة بإتفاقات لا تراعي عمق الإنسان وحقيقة عمله وحجم جهده وإجتهاده، هنا نرى كيف أن من يسن القانون ويطبقه لا يفكر ولا يتحرى ولا يغوص في عمق الشخصية الإنسانية، أدوات كالحة وأيادي صلبة وقرارات سريعة جوفاء ونتيجة هي النكران والتخلي... أسلوب بارد وآلي، نحن في تونس لا نزال في حاجة إلى نفوسا صادقة ومجتهدة، نزيهة وفاعلة خاصة في علاقة بالعمل.أمثال مراد الجباري كثيرون ممن طالتهم أيادي الجحود لكنهم في وجدان من عاشرهم ورافقهم أحياء ويذكرون دوما بسيرة حسنة وصافية... شكرامراد.
#بسام_الرياحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟