بوناب كمال
الحوار المتمدن-العدد: 6713 - 2020 / 10 / 24 - 17:45
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
ينتمي بن خلدون وماكيافيلي إلى حضارتيْن مُتمايزتيْن ،وأحياناً مُتعاكستيْن، رغم ذلك فهما يتوصّلانِ ،في كثير من الأحيان، إلى استنتاجاتٍ متماثلة؛ فإلى ما تُعْزى هذه المصادفات؟؛ يتساءلُ مؤلّف الكتاب عبد الله العروي.
تتشابهُ سيرةُ المفكّريْن في الإحباطات التي لحقتْ بهما نتيجة إبعادهما عن دواليب السلطة، وكذا الوَهن الذي عاشتهُ إيطاليا والمنطقة المغاربية (شمال أفريقيا)؛ قادَ هذا الإحباط الرّجلان إلى الانتقال من الفعل إلى التّأمل، من السياسة إلى التاريخ، ما جعلهما يكتشفان ميدانًا معرفيا بِكْرًا؛ يقول الفلورنسي "عزمتُ على فتح طريق جديد"، ويقول المغاربي "كشفَ الله لي [هذا العلم] دون عوْن أرسطو أو أيّ حكيمٍ أعجمي".
على الرغم من اعتناءِ ماكيافيلي بالتفريق بين الممارسة البابوية والروح المسيحية، فإنه يرى ،في تحاليله السياسية، أنّ الدين طريقةٌ جيّدة لتربية الناس وتعليمهم ضبط غرائزهم، في ما يعتقد بن خلدون أنّ البدو لا ينالون السلطة السياسية إلا إذا اتّحدوا في نطاقِ حركةٍ ذات أساسٍ ديني، لأن الإيمان [الديني] وحده يُذهبُ من قلوبهم الغلظة والأَنفة والتحاسد والتنافس.
مثل ما يربط ماكيافيلي بين الفقر والفضيلة، الحضارة والانحطاط الأخلاقي، الرّفاه والانحطاط السياسي، يكون المُحرّك الرئيسي للتاريخ ،في نَظرِ بن خلدون، هو جدلُ الوحشية والأخلاق والتكافل والسلطة، والتمدن والفساد والفردية والعبودية.
يُذكّرُ ماكيافيلي الأمير بأنّ السلطة ليست شيئا آخر غير احتكار السلطان، وأنّ أكثر سلوكٍ يجعله مكروهًا عند رعيّته هو أن يحرمهم من مصلحة وفائدة، أمّا صاحب المقدّمة فيرى بأنّ الأمير عندما يتعاطى التجارة بنفسه فإنه يوجّهُ ضربة قاصمة لازدهار التّجار.
الحربُ ،في نظرِ ماكيافيلي، هي منشّطُ الأمير، الذي إذا تخلّى عنها فإنه يُعدّ العدّة لدمار دولته ونهاية شخصه، ويصفُ بن خلدون الدولة في مرحلتها الثالثة من تطوّرها، مرحلة تدرّجها المحتوم نحو الانحطاط، "تسقط العصبية بالجملة، وينسون الحماية والمدافعة والمطالبة....وهم في الأكثر أجبنُ من النّسوان".
اكتفى العروي بالإجابة عن سؤال: عمّا إذا كانت رؤى ماكيافيلي تساعد في فهم التاريخ المغاربي؟؛ انتقد ماكيافيلي بشدّة استخدام الدول الإيطالية للمرتزقة وعدم تزوّدهم بجيش وطني، فالحرب بين المرتزقة تُديم الفوضى واختلال الأمن، ليفاجئنا العروي بأنه كان أحْرى بـ بن خلدون أن يصف حروب المنطقة ،بين المرينيين والحفصيين وبني عبد الواد، بحروبِ المرتزقة، أوَ ليس مرتزقة ماكيافيلي هم أولئك الهلاليون الذين كانوا يحاربون تارة مع هؤلاء وتارة أخرى مع أولئك حسب الظروف الآنية؟؛ يُحمّل بن خلدون الهلاليين مسؤولية دمار وخراب المنطقة المغاربية، لكنّه يَدينهم بوصفهم بدوًا؛ ألا يتعيّنُ تجريمهم بوصفهم مرتزقة؟
يُتْبع.....
#بوناب_كمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟