|
هوامش على دفتر الإنتخابات الأمريكية.
طارق حجي
(Tarek Heggy)
الحوار المتمدن-العدد: 6711 - 2020 / 10 / 22 - 18:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(1) كان باراك أوباما رئيساً للولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ من يناير 2009 الى يناير 2017. ولايزال موضوعُ منحِه جائزة نوبل للسلامِ بعد أسابيع قليلة من دخوله البيت الأبيض لغزاً. فلم يكن قد قام بأيّ شيءٍ بعد يبرر منحه أشهرَ جوائز العالم. بعد نحو 140 يوماً من توليه منصب الرئيسِ ، زار أوباما مِصْرَ وتحدثَ فى جامعةِ القاهرة. وكنت واحداً من الذين وجهت لهم يومها (4 يونيه 2009) دعوتين : الأولي لحضورِ كلمةِ الرئيس أوباما ، والثانية لحضورِ إجتماع معه بمكتبةِ جامعة القاهرة مع 18 مصرياً. يومها ألح عليّ صوتُه وهو يدلي بالقسمِ كرئيس للولايات المتحدة (فى يناير 2009) وهو يركّز على إسمِه الأوسط "باراك حسين أوباما". يومها أيضاً قلتُ لمن كانوا بجانبي : "بالمعاييرِ الأمريكية الصرف فإن أوباما هو أكثرُ رؤوساء الولايات المتحدة "يساريةً". ومعروف أن اليسارَ فى أوروبا والولايات المتحدة وكندا هو الأقرب للإسلاميين. وكمثالٍ ، فمنذ أيام شن الرئيسُ الفرنسي ماكرون هجوماً شديداً على الإسلاميين. يومها كانت الأحزابُ اليسارية هى الطرف الوحيد الذى إعترضَ على ما قاله ماكرون. أمس تحدث أوباما حديثاً كان هدفه هو حشد الديموقراطيين لإنتخابِ بايدن وتحقيق إنتصاره على الرئيس ترامپ. ولو فاز بايدن ، فستكون السنواتُ الأربع حتى يناير 2005 بمثابةِ فترةِ رئاسةٍ ثالثة لباراك حسين أوباما. ولو حدث ذلك ، فسيكون على بعضِ الدولِ مثل رباعي مصر والسعودية والإمارات والبحرين وضع سياساتٍ تقوم على تباعدٍ نسبيّ من سياساتِ البيتِ الأبيض. هذه الكلمات تُكتب ، وأمامي على شاشةِ قناةٍ تلڤزيونية بريطانية محلية شخصٌ يُكرر أن أشهرَ عشر منجمين فى العالمِ متفقون على أن جو بايدين سيكون فى يناير 2021 هو رئيس الولايات المتحدة. وبصرف النظر عما أُريده وما لا أُريده ، فكل "حساباتي" تقول عكس ما يكرره المنجمون.
(2) لم يجد جو بايدن حديثاً يتقرب به ل "أهواءِ" الناخبين المسلمين إلَّا الحديث الذى ينسف فكرةَ الدولةِ الحديثةِ وفكرة القانون كما تطورت مع تطورِ الفكرِ الإنساني. وهو الحديث الذى رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري والذى يتيح لكل مسلمٍ إن رأي "منكراً" أن يغيره بنفسِه. وهذا هو نص الحديث كما أورده مسلم : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان). وهذا الحديث هو "ضربة قاصمة" كما ذكرت لفكرتي "الدولة" و "القانون". فكلُ إنسانٍ سيكون هو المرجع لمسألةِ تعريفِ ما هو المنكر. وقد أري أنا فعلاً معيناً ك "منكر" ولا يراه غيري كذلك. وأنا حينما أقوم بتغييرِ المنكرِ بيدي أكون قد نسفت مبدأ أن الدولةَ هى التى تنفذ القانون. وطبعاً ، فكرة الدولة ذاتها لم تكن معروفةً لبدو الجزيرة العربية وقتما بدأت أجيال المسلمين الأوائل ينقلون هذا الحديث. ويُضاف لكلِ أشكالِ النسفِ لفكرتي القانون والدولة التى ذكرتُها أن طريقةَ تغييرِ "السيد أ" للمنكر قد لا تضاهي طريقة تغيير "السيد ب" لنفس المنكر. والغريبة أن مستشاري جو بايدن لم يوضحوا له أن كلَ هذه الأمور تدخل ضمن أشكالِ المنكرِ : ملابس زوجته ، كل المحلات التى تبيع المشروبات الروحية فى الولايات الأمريكية ، الرقص ومسارحه ، وأشياء أخري عديدة يستميت الديموقراطيون فى الدفاع عنها مثل حقوق المثليين. ويبقي أن أُكررُ مقولةً قالها سقراط منذ 25 قرناً : لقد أدارت السياسةُ ظهرَها للأخلاقِ منذ وجدت السياسة.
(3) من الصواب أن أقول أنه فى الولاياتِ المتحدة فإن المهاجرين من خلفياتٍ غير أوروبية ، وأصحاب البشرةِ السمراءِ ، واليهود هم من يكونون "اليسار الأمريكي" والذى (بدون تعميم) يصوت للحزبِ الديموقراطي. أما اليمين (بأجنحتِه الثلاثة : يمين اليمين ، اليمين الوسط ، يسار اليمين) فيشمل أحفادَ معظم المهاجرين الأوروبيين القدامي الذين أسسوا الولايات المتحدة. وهؤلاء (وأيضاً بدون تعميمٍ) يصوتون للحزبِ الديموقراطي. وبديهي ، أن أعدادَ اليساريين تزداد بمعدلٍ أعلي من أعدادِ اليمينيين. وبينما يحق وصف مجيء أوباما للحكمِ فى يناير 2009 بأكبر إنتصارِ لليسارِ ، فأن مجيء ترامپ مباشرةً بعد أوباما هو النصرُ المماثل والمعادل لليمين. وبتبسيطٍ شديدٍ ، فإن ما حدث يوم دخول ترامپ للبيتِ الأبيضِ يكاد يمثل هذه الكلمات على لسان اليمين الأمريكي : جئتم بمن يمثل الأمريكيين من أصول أفريقيا ، فأحضرنا لكم أكثر ممثلي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء وضوحاً. وبعد أقل من أسبوعين من اليوم ستراقب البشرية جولةً أخري من جولاتِ هذه "المباراة" ! ومما يؤسف له أن حظوظَ الإسلامِ السياسي وبالذاتِ جماعة الإخوانِ هى مع جماعة باراك حسين أوباما.
#طارق_حجي (هاشتاغ)
Tarek_Heggy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التعليم ... ولاشيء غيره
-
حقائق المجتمعات العربية السبع.
-
نظرة ماكرو للثقافة الذكورية.
-
ذكريات كردستانية.
-
مصرُ بين مصيرين ...
-
لبنان فى الميزان ...
-
إشكالية الهوية المصرية.
-
من خواطر طارق حجّي
-
دانات من أقصي الشمال البريطاني - مقالات قصيرة.
-
ذكريات ...
-
من أهم جذور محنة المسلمين التاريخية.
-
المرأة فى أبشع تراث ...
-
الواقع المصري بين الأمراض والأعراض.
-
من دفتر اليومية : 26 مارس 2019
-
خواطر مثقف معني بالتنوير
-
مقدمة كتاب -الوهابية- - تحت الطبع
-
الصراع من أجل الحداثة فى مِصْرَ
-
حوار حول MBS (محمد بن سلمان).
-
الطوائف اليهودية فى كبسولة.
-
الحالة المصرية فى كبسولة.
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|