|
الغني الغبي
عزيز سمعان دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 6706 - 2020 / 10 / 17 - 23:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الغني الغبي (لوقا 12: 13-21): أعجبني تأمل هانز رودي چراف فيكا يتعلق بقصة الغني، والذي نقله تقويم القراءات اليومية "طعام وتغذية"، لمدى أهميته وارتباطه بحياة كلّ منا. فيما يلي بعض أفكار التأمل ممزوجة ببعض الإضافات توصف هذا الإنسان: 1. غني: في نظر الناس والعالم أنّ الغني هو من لديه أموالًا وممتلكات طائلة، ومشكلة الغنى غالبًا أنّ الإنسان قد يعتبر أنّ «... حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ»، وهي مغالطة خطيرة مما يوجب التحفّظ. 2. ناجح: «إِنْسَانٌ... أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ". بلا شكّ أنه اجتهد وعمل جادًا ونجح عمله. ومع ذلك علينا ألا ننسى أن الرّبّ هو وراء وأمام وبجانب كلّ نجاح، هو من يبارك مجهوداتنا ويكللها بالنجاح، وهذا ما غاب عن بال هذا الإنسان. 3. طموح: إذ فَكَّرَ: مَاذَا أَعْمَلُ؟ لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي، وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي. نعم لقد نظر لكيفية الحفاظ على الخيرات، فكر وخطط وأمعن النظر، وهي جميعها أمور جيّدة ورائعة بحدّ ذاتها، ولكنها تنهار عاجلًا إن لم يضعها الإنسان أمام الرّبّ، طالبًا مشورته وحكمته لأنه هو وحده يعرف المستقبل، وهو وحده يبارك ويرشد وينير خطواتنا. 4. أنانيّ: لقد تحدث وفكّر في ذاته وامتلاكه هو للأمور: أَثْمَارِي، مَخَازِنِي، غَّلاَتِي، خَيْرَاتِي "وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي!". لقد أدرك عِظَم الخيرات لكنه لم يلتفت لمصدرها ولهدفها، لم يُعط المجد والشكر للرّبّ الذي هو منبع ومصدر كلّ خير، ولَم يفهم أن الرّبّ باركه ليكون هو بركة في عطاءه للآخرين. 5. قصير النظر: "يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ". لقد افتكر فقط بحياته الأرضيّة، التي مهما طالت كما قال المرنم (مزمور 90: 10) "أَيَّامُ سِنِينَا هِيَ سَبْعُونَ سَنَةً، وَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْقُوَّةِ فَثَمَانُونَ سَنَةً، وَأَفْخَرُهَا تَعَبٌ وَبَلِيَّةٌ، لأَنَّهَا تُقْرَضُ سَرِيعًا فَنَطِيرُ". لقد خطط لحياته الأرضية ونسي حياته الأبدية. "اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّ هذَا اللهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ» (يوحنا 6: 27). 6. غبيّ: فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ الغنى المتكل على الذات بحيث يُلغي الله من حياة الإنسان ويمحي إنسانية الإنسان، إنما هو الغباء بكل ما في الكلمة من معنى. 7. فقير: "هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا ِللهِ». لا يمكن أن تكون غنيًا بعيدًا عن الله. فهو الذي "أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ" (لوقا 1: 53)، لذلك ينبهنا "فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ، فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا. وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ. لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ" (1تيموثاوس 6: 8-10)، ولنا منه وصيّة "أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ يَسْتَكْبِرُوا، وَلاَ يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى، بَلْ عَلَى اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتُّع. وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلاَحًا، وَأَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ، وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ، كُرَمَاءَ فِي التَّوْزِيعِ، مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبَِلِ، لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ" (1 تيموثاوس 6: 17-19). فلنرنم برغم كلّ الظروف لأننا بإلهنا ومخلصنا "كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَأَنْ لاَ شَيْءَ لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ" (2 كورنثوس 6: 10).
#عزيز_سمعان_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصتي هي رسالتي
-
قصتي هي رسالتي، سجين يفتح باب قلبه
-
صحّة النفس وبناء المجتمع - بحث الجليل
-
ثقافة السّلام أساس بيت متين
-
دور التربية الاجتماعية في نشر ثقافة السلام
-
ثقافة السلام والتربية سلام
-
رسالة للأهالي مع ختام العام الدراسي
-
رسالة لطلابي الأحباء مع نهاية العام الدراسي
-
السلام سيرة حياة
-
بيت النور يُشع سلامًا
-
-عبلين في القلب- كنموذج مُميز للتشبيك المجتمعيّ
-
الكشاف يُنمي مهارات القيادة الخادمة
-
الكشاف حياة تعاش وليس كلمة تقال
-
الكشّاف في صناعة السلم المجتمعيّ
-
حوار وهويّة
-
حوارٌ وهويّة
-
يتجلّى في الهزيع الرابع
-
سبع كلمات على الصليب
-
قد قام
-
الآثار في كشف الستار على التعايش
المزيد.....
-
بزشكيان: دعم إيران للشعب الفلسطيني المظلوم مستمد من تعاليمنا
...
-
-المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف إيلات وميناء حيف
...
-
المقاومة الاسلامية بالعراق تستهدف إيلات المحتلة بالطيران الم
...
-
اضطهاد وخوف من الانتقام.. عائلات كانت مرتبطة بتنظيم -الدولة
...
-
في البحرين.. اكتشاف أحد أقدم -المباني المسيحية- في الخليج
-
“ولادك هيتجننوا من الفرحة” ثبت الآن قنوات الأطفال 2024 (طيور
...
-
إيهود باراك: على إسرائيل أن توقف الحديث عن ديمونا
-
مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
ماما جابت بيبي..أضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على الأق
...
-
تفاعل مع استقبال رئيس الإمارات لشيخ الأزهر (فيديو)
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|