زاهر رفاعية
كاتب وناقد
(Zaher Refai)
الحوار المتمدن-العدد: 6702 - 2020 / 10 / 13 - 09:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة (الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول) من عام 2020، أن على فرنسا "التصدي إلى الانعزالية الإسلامية" الساعية إلى "إقامة نظام موازٍ" و"إنكار الجمهورية". وقال ماكرون "ثمة في تلك النزعة الإسلامية الراديكالية عزم معلن على إحلال هيكلية منهجية للالتفاف على قوانين الجمهورية وإقامة نظام موازٍ يقوم على قيم مغايرة، وتطوير تنظيم مختلف للمجتمع" معتبرا أن الإسلام "ديانة تعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم". انتهى الخبر
https://www.dw.com/ar/a-55134954
وأنا من موقعي هذا أريد إيضاح ما لم ولن يجرؤ لا الرئيس الفرنسي ولا أي سياسي حول العالم في الإفصاح عنه. ذلك أنّ السياسة هي فنّ الممكن, بينما القلم فهو سلاح الأحرار.
لا يا سيد "ماكرون" الإسلام لا يعيش أزمة بل الإسلام نفسه هو الأزمة. العالم بأجمعه عامّة والمسلمون خاصّة هم من يعيش أكبر أزمة بل كارثة يمكن أن تعصف بالموجود البشري, هذه الكارثة اسمها "الإسلام" . وبالتالي, فالمطلوب هو تحرير المسلم من الإسلام وليس البحث عن حلول لتخليص الإسلام من أزماته.
أوّل وأكبر أزمة يعيشها المسلم في إسلامه هي في أنّ الإسلام لا يمنح أي مساحة لأتباعه في أن يعترفوا لا لأنفسهم ولا للعالم من حولهم أنّهم مأزومون بإسلامهم. وبالتالي فأول أزمة يخلقها الإسلام هو رفض الاعتراف بمأزوميّته..
لم يخترع لا المسلمون ولا الرّاديكاليّة الإسلاميّة أيّة نصوص دينية تشوّه الإسلام وتجعله يعيش أزمة رفض من عند بقيّة الخلق في العالمين. بل إنّ نصوص الإسلام ذاتها هي في الأساس بنية قائمة على أيديولوجيا "قراصنة الصحراء", ومهما حاول المسلم في أي عصر وأي مكان أن يسعى للموائمة بين هذه التعاليم وبين العيش المشترك القائم على احترام خصوصيّة الآخر وعدم الحكم عليه أو محاكمته أخلاقيّاً فلن ينجح المسلم في ذلك المسعى, ذلك أنّ النص الديني في الإسلام نفسه لا يترك لأتباعه من هامش لقبول تعدد جوانب الحقيقة, بل ولا حتّى لقبول فكرة أنّ الآخرين يحق لهم اعتناق مبدأ لامركزيّة الحقيقة هذا.
المسلم مأزوم بإسلامه الذي أوهمه بأنّه خير المخلوقات قاطبة في الكون, لا لشيء ولا لأنّه مطالب بشيء كي يستحقّ عن جدارة مثل تلك المرتبة الأنطولوجيّة.. بل ببساطة لأنه مسلم, أي لأنّه يعتنق فكرة أنّ رجلاً بدويّاً من الصحراء في قديم الأزمان ادّعى أنّه صديق الله المقرّب, فصار تصديقه هو الفضيلة التي ما بعدها فضيلة! .. المسلم مأزوم بإسلامه الذي يدفعه للاعتقاد بأنّ قتل امرئ غير مقدّس لمحمّد نبي الصحراء هذا لهو خير الأعمال وأعلاها عند خالق الخلق أجمعين.
المسلم مأزوم بإسلامه الذي يأمره بالبراء من أخيه وأمّه وأبيه وصاحبته وبنيه وصديق عمره وولده ومن يفديه.. كل ذلك كرمى لرفات رجل مات في الصحراء في غابر العصور... المسلم مأزوم بإسلامه الذي يطالبه بالموت كيفما اتفق, شريطة أن يقتل معه أكبر كمّ من الناس, سواء أعرفهم مستحقين للموت, أم لم يعرف حتى من هم من أساسه.
لقد خلق الإسلام بتعاليمه الهمجيّة البدائيّة أكبر كارثة على من وجد نفسه محشوراً في زاوية الإيمان به لا محيد. ذلك أنّ الإسلام ما هو سوى دستور جهاز الاستخبارات الإلهية التي سخّرها ملوك الصحراء للسطو على إرادة تابعيهم إلى يوم الدين.
المسلم مأزوم بتعاليم محمّد الذي يطالبه فيها ليل نهار أن يبرر له -أي لمحمّد- شهواته ونزواته, تارة مع الصغيرات وتارة مع المغتصبات من سبايا الحروب. ولا حول ولا قوّة لهذا المسلم سوى أن يردد الصلاة والسلام على هذا المغتصب البيدوفيل. في الوقت الذي يضنّ به صاحبنا المسلم بطفلته وابنته على مثل هذا البيدوفيل المغتصب حبيب رب العالمين.
المسلم مأزوم بقول الله له أنّه قد خلق له -أي للمسلم- ما في الأرض جميعاً! وبذلك صار صاحبنا المسلم عالة على كل هذا الكوكب.. فلا هو مطالب بشيء لهذا الكوكب.. ولا هو يعتق شيء من هذا الكوكب إلا ويستهلكه في خدمة متعه اللحظية, التي لا تجاوز التكاثر والأكل والدّعاء بالويل والثبور على الآخرين.
المسلم مأزوم باعتقاده أنّه على الحق المطلق, وأنّ العالم بأسره يعلم أنّه على الحق المطلق, ولكنّ العالم كله يرفض الاعتراف للمسلم بذلك والتسليم له, وذلك فقط لمجرّد نزعة المكابرة وكره الحقيقة عند الخلق أجمعين طبعاً ما عداه. بالله عليكم هل مرّ في التاريخ أمّة مأزومة بالبارانويا أكثر من هذه الأمّة؟
المسلمة مأزومة بإسلامها الذي أرغمها على قبول بل وتقديس النظرة الدونية التي تجعلها ناقصة عقل وبمساواة الكلب والغائط وتستحق الضرب كما الحمار وعليها تبرير وشرعنة الخيانة الزوجية لها من عند زوجها, ثم من بعد كل ذلك عليها أن تعتقد وتجهر بأنّ الإسلام كرّمها أحسن تكريم! بالله عليكم هل مرّت بكم صفاقة مستبد بحقّ اتباعه قدر ما استبدّ الإسلام بالمرأة؟
المسلم مأزوم بإسلامه الذي جعل شرفه بين فخذي أخته, وأحلّ له إهداء قريباته للذكور الآخرين تحت مسمّى الزواج بشرط رضا ولي الأمر, وأن يقبض الولي عن ذلك المال تحت مسمى المهر. كما أوجب الإسلام على المسلم تقديس اغتصاب الصغيرات وسبايا الحروب كحق إلهي وهديّة , وفرض عليه أن يسمّي من يفعل ذلك "قدوة حسنة" وأن يصلّي عليه ويسلم تسليماً كثيراً لأنّه حبيب رب العالمين. في الوقت ذاته الذي أوجب الإسلام عليه كمسلم أن يبرأ من الفعال الجنسيّة التي تتمّ عن رضا كامل وتوافق بين طرفين أو أكثر, بل وأوجب عليه أن يقتل فاعليها إن كانا من نفس الجنس, وأن يجلدهم إن كانا من جنوس مغايرة. أي أنّ الحالة الوحيدة للفعال الجنسيّة المرفوضة في الإسلام, هو الجنس الذي يتمّ عن توافق الطرفين ورضائهما دون اشتراط رضى طرف ثالث عن تلك العلاقة, فهذا مما يسمّى عند المسلم انحطاطاً وزنى ودياثة وشذوذ. أمّا اغتصاب الصغيرات "البيدوفيليا" وسبي النساء واغتصاب الزوجات والتزويج القسري وتعدد الزيجات وبيع القريبات بمهور مدفوعة.. فهذا كلّه حلال مباح وله مجلّدات في الفقه تشرعن قباحته.
المسلم مأزوم بكتاب لا بدّ له من تقديسه والإيمان بأنّه كلام الله, و كذا الإيمان بأنّ الله منزّه أن يكون له حنجرة ولسان يتكلّم من خلالهما وينطق كلمات هذا الكتاب. هذا الكتاب الذي يحتاج آلاف المجلدات لتبرير تناقضاته وألغازه وتعارضه مع ضمير الإنسان السوي وأخلاقه. هذا الكتاب الذي أوقع المسلم في فخّ ضرورة التوفيق بين الالتزام بتعاليمه الإجراميّة وبين الالتزام بوجوب إسباغ الرفعة الأخلاقية على هذا الإجرام.
المسلم مأزوم بكتاب يشتم الناس ويحرّض على العنف والجريمة ويبث الكراهية بين العالمين, نصف هذا الكتاب كذلك والنصف الآخر قصص وخرافات لا تصلح ولا حتى قصص ما قبل النوم للأطفال. مع ذلك فالمسلم مطالب بوجوب الاعتقاد أنّ هذا الكتاب هو صفوة وآخر ما أنزله خالق الكون على عباده, وأنّه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, وأنّه أحاط بكل العلوم والمعارف ولا يحتاج الإنسان غيره من كتاب كي يجعل من الأرض جنّة. هذا الكتاب الذي تجد صاحبنا المسلم مطالب بتقديسه حرفاً فحرف, والاعتقاد بأنّه كتاب معجزة لا يمكن لأحد أن يأت بمثله. ثم حين تسأل صاحبنا المسلم عن أوجه الإعجاز في هذا الكتاب؟ فيجيبك بأن عليك أن تسأل من كان به خبيراً, فتجيبه إذن فأنت لا تعلم وبالتالي فأنت تقدّس هذا الكتاب تقديساً "أعمى" فقط لأنّ هناك من أخبرك أنّه يتوجّب عليك تقديسه.. أليس كذلك؟ .. وهنا للأسف يتحسّر صاحبنا المسلم على دولة الخلافة وسيف الخليفة الذي كان يجب أن يقطع رقبة ولسان الكفار من أمثالي الذين لا يرتضون الذهاب لشيوخ العمائم واللحى كي يضحكوا عليهم بإعجاز سورة المسد.
المسلم مأزوم بإسلامه الذي أوجب عليه الثبات على خط العداء مع العالم الغربي حتى لو بقلبه, وأن يعتبر المهادنة دائماً هي حالة مؤقتة ريثما يمنّ الله عليه بالتفوّق العسكري الذي سيمكّنه من الانقلاب على حماة حقوق الإنسان الذين سمحوا له أن يعيش بأمن وحريّة وسلام في ديارهم , وسمحوا له أن يتكاثر ليل نهار حتى ينجب جنوداً يسحبوا البساط يوماً من تحت حماة حقوق الإنسان هؤلاء ومن ثمّ يقيموا فيهم شرع الإسلام ألا وهو القتل والسبي.
المسلم مأزوم بإسلامه الذي يجعله يعتقد بأنّ أرفع العلوم هي علم الأحكام الشرعية في مسائل الضراط والبول والغائط والحيض, بينما علوم البيولوجيا والتكنولوجيا والفيزياء والفلك فيستعيذ منها المسلم لكونها "علم لا ينفع" مع أنّه يستعملها في كلّ آن وحين لا سيّما حين يشتمنا بها من خلف شاشات الحواسيب. المسلم يعلم بأي رجل يجب عليه أن يدخل المرحاض لكنه لا يعلم عن البيولوجيا غير أن الغرب يؤمن بأنّ الإنسان قرد والعياذ بالله.
سأختم لكم بقصّة وأرجوا ألّا أكون أطلت فأمللت:
ذات مرة وكنت لا أزال أسكن في نزل اللاجئين, كان معنا "أبو فلان" الذي يقطن في شقة هو وزوجته وأطفاله. كانت تزورنا آنذاك بانتظام امرأة عجوز لطيفة للغاية هي عمدة المدينة. بالمناسبة فعمدة مدينة مثل تلك كان يتوجب على صاحبنا أبو فلان أن يجلس أسبوعاً كاملاً عند باب مكتبها لو كانت عمدة مدينتنا في سوريا, ذلك فيما لو أراد صاحبنا أن يحظ معها بخمس دقائق . المهم.. أراد صاحبنا أبو فلان يوماً أن ينتقل من شقته فأتت هذه العجوز بسيارة نقل كبيرة وقرار من مكتب المعونات بتحمل تكاليف النقل, وبالمناسبة فأبو فلان وزوجته وأطفالهم أتت بهم ألمانيا من لبنان بطائرة على نفقة دافعي الضرائب ويعتاشون طوال الوقت على معونات البطالة. نكمل.. لم يشمل القرار تحمل تكاليف الأيدي العاملة بل فقط أجرة المركبة مع السائق. وهنا أتت تلك العجوز تطرق أبوابنا واحداً فواحد تحثنا على مساعدة أبو فلان في نقل أثاث بيته. انتهى نقل الأثاث وعدت للبيت فعادت العجوز بعد بضع الوقت تطرق بابي وتستأذنني بدقيقة من وقتي فدعوتها بترحاب للدخول. قالت لي: " يا زاهر حصل معي أمر وأخشى أنني قد أسأت التصرف" قلت لها : خير؟ قالت: "ذهبت بعد أن انتهيتم من نقل الأثاث لمنزل أبو فلان كي أودعهم ولم يكن في المنزل, ولكن زوجته فتحت الباب واختبأت خلفه ونظرت من شق الباب قائلة بأنّ زوجها ليس في المنزل, فمددت يدي كي أودّعها فرفضت مدّ يدها وأغلقت الباب في وجهي! اسمع يا زاهر أنا أعلم أنّ الرّجال من المسلمين لا يصافحون النساء وأنا أحترم حرّيتهم في ذلك ولا أمدّ يدي لرجل مسلم, ولكنّها زوجته أي أنّها امرأة, هل لك علم بما حصل؟ .. أجبتها أن لا والله فما حصل معك لهو أمر غريب.. دعيني أتّصل بأبو فلان لنستفسر ما الأمر..
_ الو أبو فلان .. سمعت اليوم حديثاً حول رفض زوجتك مصافحة السيدة فلانة وعدم دعوتها للدخول للمنزل لتوديعكم.. خير انشالله؟
_ يا شيخ زاهر قال تعالى: إنما المشركون نجس.. وأنا لا أرض لزوجتي أن تصافح النجس ولا أن تدخل النجاسة لمنزلي.
_ طيب يا شيخ أبو فلان.. حبيت خبرك أنو ما حدا نجس غيرك أنت وتفكيرك القذر.. سلام.
وفي الختام, المسلم مأزوم بإسلامه الذي لا يبيح ولا يتيح له أن يفهم من كل هذا المقال سوى أنّ الله غاضب من كاتبه, وأنّ كاتبه هذا هو كافر زنديق عليه لعائن الله, وأنّ الله ينتظر من المسلم أن يقطع عنق ولسان هذا الكاتب كي يجلس بعدها مستريحاً على عرشه راضياً عن نفسه وخلقه. بالله عليكم هل مرّ بكم دين يصنع الفجوات بين البشر كهذا الدين؟ وكما قال المفكّر الفرنسي "رينان" "إن تحرير المسلم من دينه هو أفضل الخدمات التي يمكن أن نقدمها له"
ألقاكم بخير..
#زاهر_رفاعية (هاشتاغ)
Zaher_Refai#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟