|
ماهية الأفكار
حارث زهير الحكاك
الحوار المتمدن-العدد: 6698 - 2020 / 10 / 9 - 08:36
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تتأثر الأفكار فقط بأفكار أخرى و لا تتأثر بالحوادث المحيطة، لأن الحوادث بحد ذاتها غير قادرة على تغيير افكارك. وذلك لأن أفكارك ستتغير وكذلك افعالك المرتبطة بها حسبما كيف تترجم الامور التي تحدث حولك. فعلى سبيل المثال: عندما تسمع تزمير عالي الصوت من احدى السيارات التي تسير بجانبك أو مارة من أمامك ستكون ردة الفعل عندك في خيارين:- الأول: سينتابك الغضب والانزعاج من هذا الصوت، وستأخذه بعمق في رأسك، يجعلك تشمئز من الشخص الذي زمر هذا المنبه بهذا العلو، وسيؤثر هذا على افكارك ونتاجاتها في المستقبل القريب جدا. الثاني: ستتفهم وستقوم بإعطاء هذا الشخص عدد من الأسباب التي جعلته يزمر هذا الصوت العالي من منبه سيارته. قد يكون فعل هذا تفاديا لاصطدام سيارة اخرى بسيارته!، أو أنه فعل هذا تعبيرا عن افكاره في تلك اللحظة وما يحيط به من امور مزعجة بعصبية . إذا أصريت وجعلت الخيار الثاني يتحكم بأفكارك ، عليك أن تتفهم بأن الذي حصل سوف لن يغير مسار حياتك ألا إذا أنت رغبت في ذلك. والمهم في هذه الحالة أن تفكر فيها كالآتي:- أسأل نفسك إذا أنت كنت في مثل هذا الموقف فكل شخص كان موجود في تلك اللحظة له الحق أن يفكر مثلك بالخيارين أعلاه. وهذا يعني أن كل الناس أحرار فيما يفكرون، ويفعلون ما يرغبون به، ولكن على كل فرد أن يعي كل ما يحدث حوله، ومن ثم يختار الكيفية التي سيدخلها إلى عقله وأفكاره. أن هذا لا يجعلك فردا بدون مشاعر وأحاسيس، ولكنك ستكون الشخص الذي يسيطر على كل القرارات التي يأخذها، وبأنها ستكون نتاج أفكارك أولا وأخيرا. حتى وإن كانت استجابتك سريعة جدا، ستكون الأفكار التي ستتخذها ناجمة من عقلك الباطني. لو تابعنا شخصا عاش حياته يفكر بالأمور الجيدة والسيئة التي تحدث للناس، وبأن هذا بصورة عامة هو ديدن الحياة . وكان يفكر دائما بأنه قد يعيش يوما سيئا، وهو يسمع العديد من الناس يقولون ( أنا أعيش يوما سيئا هذا اليوم). الأسوأ من ذلك عندما يسمع أناس أخرون يصرحون منذ الصباح (أنا أعرف أن هذا اليوم سيكون سيئا). في الحقيقة أنهم لا يعرفون ألا القليل ، لأن اليوم قد يكون سيئ لأنهم فكروا به هكذا في بدايته، وبدأوا يكبرون كل الأفكار السيئة التي تنتابهم في ذلك بعد ذلك. قد يكون هذا قد بدأ بعدم اتفاق بسيط مع احدهم ( قد يكون شريك الحياة، فرد من العائلة او حتى يكون أول شخص غريب رأيته أو قابلته في الشارع في صباح ذلك اليوم ). وقد يكون ذلك الشخص الذي زمر بمنبه السيارة بصوت عال. وهذا يجعلك في وضعية عقلية تسيطر عليها افكار سيئة. والآن لنناقش مقولة بعض الناس ( أنا أعرف أن هذا اليوم سيكون يوما سيئا!!). بحق السماء ماذا يقولون؟ بالطبع سيكون كما يقولون، لأنه إذا فكروا بهذا وصرحوا به عدة مرات، سيكون كذلك، لأنهم من البداية قد وفقوا ما بين أفكارهم وأفعالهم لحدوث ما طلبوا. يعتقد أغلب الناس (99% منهم) على ان الطرق التي يعيشون فيها حياتهم تعتمد على الحظ. أي انهم يعيشون بدون السيطرة على كيفية الشعور فيها. وعليه علينا الخروج من هذه الطريقة في التفكير التي هي في الأساس ليست الطريقة المثلى للعيش. فأغلب الناس يعيشون كما الفأر على عجلة تدور على نفسها. فكل واحد منهم يذهب لقضاء يومه كالعادة، وهو يفكر فيه وهو يركض، وربما في بعض الأحيان يتعثر ويسقط ، ويدور مع العجلة الدوارة ، فأما يرمى عنها او يبقى متمسكا بها ويستمر في الركض. فكلما تصبح واعيا حول طريقة تفكيرك بما يحيط بك، وبالأحداث المختلفة التي تحدث من حولك، كلما تكون أكثر سيطرة على شعورك وعلى توقعك في كيف سيكون يومك هذا. أنا لا أقصد أنك ستكون واعيا لكل خطوة في هذا اليوم ولكنك ستكون قيادة مشاعرك وتفكيرك بيدك. تذكر دائما هذه الكلمات (أصبحنا كما فكرنا نحن فيه). ليس هناك فترة معينة لتطبيق هذا. ولكنني أعني أن ما جاء أعلاه سيكون قابلا للتطبيق للأفكار القصيرة والبعيدة الأمد، فكلما كانت الأفكار سريعة، ستكون قادرة على تغيير مشاعرك بالسرعة المطلوبة في المستقبل. ستكون عندك (في بعض الأحيان) أفكار جيدة وأفكار سيئة في نفس الوقت. لا ضرر في ذلك ما دمت تعرف ما تريد، وأنا متأكد سترغب بالأفكار الجيدة. إذن أختارها وحافظ على أستمرارك في التفكير فيها. في البداية عندما تتعرف على هذه الطريقة في التفكير، ستقول داخل نفسك انها ستستهلك جزءا كبيرا من يومك إذا ما استمريت في حسابات وتقدير أفكارك. المهم هو أن تعثر على الجيد منها واستمر في المحافظة على هذا الوعي في كل الأوقات ولكني استطيع أن أوكد لك إن هذا ليس بالمنال الصعب عندما بدأت تعرف الطريقة المثلى للحياة ، وأصبحت تحت سيطرتك. فعندما تقرر على أنك جاهز على اخذ هذا الطريق للتغيير، ستشعر به من دواخلك، أوكد لك أنه شعور جميل وجيد، وستكون افكارك منتظمة ومتناسقة مؤدية إلى جريان المشاعر الجميلة دون توقف.
#حارث_زهير_الحكاك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماهية التفكير
-
فن التأمل
-
ماذا تعرف عن تعاليم التاو في الصين؟
-
كيف نعيش الحاضر؟
-
لمحات من الفلسفة الهندوسية
-
لمحات من الفلسفة اليابانية القديمة
-
لمحات عن معتقدات وفلسفة الماوريين
-
حول فلسفة الحب والمحبة
-
العلم والإتصال الروحي
-
الأديان والأنانية
-
الفرد والمجتمع (نظرة فلسفية)
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|