أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الناصر حنفي - هامش حول فرضية التحقيب الابستمولوجي














المزيد.....

هامش حول فرضية التحقيب الابستمولوجي


عبد الناصر حنفي

الحوار المتمدن-العدد: 6695 - 2020 / 10 / 5 - 00:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


1- بصفة عامة لا تصدق الابستمولوجيا، أو ربما لا تستطيع أن تصدق، أنها تطورت داخل مسارات تكونت في التاريخ على نحو أدى إلى منحها شكلها أو طبيعتها الحالية -والتي لم تكن تبدو دوما كما تقدم نفسها لنا الآن- وهذا لا يعني بالطبع ان الابستمولوجيا تنكر مفهوم التغير أو التطور التاريخي تماما؛ بقدر ما يعني انها لا تكاد تفكر فيه إلا بوصفه أمرا يحدث داخلها وطبقا للطرق والمسارات التي تتيحها هي ذاتها لذاتها، أي أن كل ما يظهر أو يكون في "الحدث" لا يصبح كذلك إلا تحت فضاءها وطبقا لحدوده القصوى التي قد تتقلص أو تتمدد تحت ضغط تفاعلاتها الخاصة، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن ثمة ما هو خارجها.
2- غير أن وصف الابستمولوجيا على هذا النحو باعتبارها ما يحفظ نفسه عبر الحدث وبرغمه دون أن يطاله أي تغيير ممكن؛ هو نفسه تعريف "ما هو انطولوجي"، إن لم نقل انه تعريفه الوحيد أو ما يشكل الحد النهائي لماهيته التي تصبح عرضة للتلاشي والتفسخ إذا ما اهتز هذا التعريف، وهو ما يعني أننا هنا أمام حالة من التطابق شديد العمق والجذرية بين مجالي الابستمولوجيا والانطولوجيا.
3- ولكن إذا كان لا يمكننا تعريف "ما هو انطولوجي" أو التفكير فيه إلا باعتباره ما قد اكتسب القدرة على مقاومة الحدث والعبور خلاله دون أن يفقد ذاته أو تتغير طبيعته الجوهرية، فهذا لا ينطبق بالضرورة على "ما هو ابستمولوجي" والذي لا يزال بإمكاننا التفكير فيه خارج هذه الفرضية، فنحن نعلم؛ بالعودة إلى تاريخ الفلسفة والعلم على الأقل، أن ما يحدث هو أمر لا يمكن الإحاطة به على نحو قاطع أو نهائي، فالتاريخ المعرفي من هذه الزاوية يكاد يقتصر على حركة انتقالية متكررة يتحول بمقتضاها ما كان يبدو لنا بوصفه حدثا بسيطا وأوليا إلى حدث مركب وبالغ التعقيد، وهو ما يعني أن "ما يحدث" لا زال في حالة انكشاف لا تنتهي بحيث يعاد تعريفه المرة تلو المرة؛ وبالتالي فإن أي فكرة تطرح على نحو قاطع تعريفا مجردا لما لا يطاله الحدث هي في احسن الاحوال مجرد فرضية لا أكثر، وما دامت كذلك فليس بمقدورها –ابستمولوجيا على الأقل!- أن تلغي تماما غيرها من الفرضيات التي قد تتباين معها أو حتى تناقضها، وهو ما يعني ان المسارات التي يمكن للابستمولوجيا ان تسلكها هي في كل الأحوال أكثر تنوعا واختلافا من ذلك المسار الذي تحدده الفرضية المؤسسة للانطولوجيا.
4- ولكن بالعودة إلى التاريخ –مرة أخرى- سنجد أن مجال الابستمولوجيا قد سعى دائما –وحتى الآن- إلى مطابقة ذاته مع تلك الفرضية الانطولوجية، أي أنه تحرك نحو حسم مسار على حساب مسارات أخرى كانت محتملة؛ ولا زالت.
5- وهنا إما أن نفسر هذه الاشكالية بالقول أن الابستمولوجيا هي مجال متماسك داخليا ويمتلك القدرة على توجيه حركة ذاته بذاته، وهو ما يعني أننا نغلف هذه الإشكالية ونضعها فوق رف ميتافيزيقي مرتفع لا نريد أن تطاله أيدينا بسهولة (وهو ما حدث كثيرا على مدار التاريخ سواء في مواجهة هذه الإشكالية أو إشكاليات أخرى).
وإما أن نقر بأن إمكانية الحراك التي قد تسمح للمجال الابستمولوجي بالميل تجاه مسار على حساب غيره تعود في أصلها إلى طبيعة أو نمط استجابة هذا المجال للعالم، أي انها مجلوبة إليه من خارجه.
6- ولكن بما أن الاستجابة للعالم لا تكون إلا في "حدث"، فهذا يجعلنا نعود مرة أخرى بكل "ما هو ابستمولوجي" إلى فضاء "الحدوث"، أي حيث تصبح الفرضية الانطولوجية ذاتها مجرد "حدث ظهور".
7- وهنا يصبح تلاقي "ما هو ابستمولوجي" مع الفرضية الانطولوجية هو حدث طارئ ومحدد بتاريخه الخاص؛ أي أن له ما يسبقه وما يلحقه، وبعبارة أخرى يصبح هذا التلاقي بكل ما ينشأ عنه مجرد سلسلة من الاحداث الممتدة التي يمكن إعادة تعريفها بوصفها حقبة في التاريخ.
8- وبالتالي فإن الذهاب إلى تحليل ما كان قبل حدث التلاقي الابستمولوجي/الانطولوجي يمكن أن يفتح الباب أمام انكشاف حقب ابستمولوجية أقدم، مثلما أن التفكير في امكانية تفسخ هذا التلاقي وانفصاله قد يضعنا أمام احتمالية ظهور حقب ابستمولوجية أخرى مستقبلا.
9- وبالقطع فإن المضي في إخضاع فضاءات الابستمولوجيا للتحقيب على هذا النحو واجبارها على الانفتاح أمام التاريخ سيقتضي من الفلسفة إعادة فتح العديد من الملفات التي كانت تظن أنها قد حسمتها، بالإضافة إلى العودة لمعالجة الكثير من المعطيات والأسئلة والاشكاليات التي تم اسقاطها في الماضي، ناهيك عن ضرورة الالتفات إلى ما كانت الفلسفة تعتقد أنه لا حاجة بها إلى رؤيته.



#عبد_الناصر_حنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهولوجرام والمسرح والعالم
- الترجمة ولعنة -تانتالوس-: شوية ملاحظات حول ترجمة -فتحي إنقزو ...
- استطرادات حول تعريف هوسرل للظاهرة بوصفها حضورا
- الكذب ووقع الحقيقة - 2004
- عن دوار الترجمة وإفساد المبتدئين - ملاحظات حول ترجمة كتاب -ج ...
- من ثقب العبارة: تأملات أولية في بعض سياقات أعمال إريكا فيشر
- -نحو تأسيس فينومينولوجيا المسرح- :عن ظاهرة المسرح بوصفها مما ...
- تأملات أولية في حدث ظهور ما هو موسيقى
- نحن، والآخر في العالم!
- شذرة حول الصخب الهيجلي وعماء الزمن
- الدمى والوعي والعالم
- عن إشكاليات التأطير الجمالي في عرض: عاصفة رعدية
- تساو يو والروح الصيني القلق - تحليلات أولية حول الإطار الدرا ...
- تأملات تمهيدية حول ظاهرة المهرجان التجريبي
- عن ظاهرة المسرح والمسابقات التنافسية
- تقرير فني حول عرض -قول يا مغنواتي-
- عن الشوق الاجتماعي للمسرح .... ومخاطر خيانته!
- عن الأمل الهيجلي .. ورهاناته
- أغنية البجعة الليبرالية
- في إنسانية المسرح الجامعي


المزيد.....




- أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم ...
- الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
- تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
- بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م ...
- موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو ...
- بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا ...
- شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ ...
- بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت ...
- بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الناصر حنفي - هامش حول فرضية التحقيب الابستمولوجي