|
حوار في مقهى ... التغيير والتحول ونزوع الكيانات السياسية الى الانفصال والاستقلال وتقرير المصير . 1
حسن كعيد لواخ
كاتب وتربوي من العراق
(Hasan Gaeed)
الحوار المتمدن-العدد: 6691 - 2020 / 9 / 30 - 02:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وقف (كاكا حما ) في مجلس صاحبه ( عدنان )في احدى مقاهي ساحة الميدان ،حيث اعتادا التلاقي كلما سنحت لهما فرصة اللقاء ، كان الكاكا ( الهاوليري ) يأتي بين الفينة والفينة لزيارة العاصمة الفدرالية بغداد التي يحمل لها بقلبه مخزونا من الذكريات الجميلة وميراثا غنيا من الحب والمودة والشوق ، وكثيرآ ما تنقله الذاكرة الى ايام خلت ،حيث الدبكات الكردية _ العربية ، التي كان يؤديها في ذات الساحة في أواخر خمسينات ومستهل ستينات القرن الماضي ،وعلى انغام أغنية ( هربجي كردي وعرب رمز النضال ).. كان عدنان يحدث صاحبه بصوت حماسي وبنبرة خطابية انفعالية لفتت مسامع الحاضرين ، نبرة نابعة من القلب ومن التمسك والحرص الشديدين ، وعلى عدم التهاون او التفريط بوحدة الوطن العراقي وعدم المساومة على وحدة ارضه ومياهه وسمائه ومكوناته الاجتماعية ، كما يزعم .. وعلى الطرف الآخر من معادلة الحوار ، كان كاكا حما يبدي تعاطفآ وتأييدآ خجولآ ، لحرص صاحبه عدنان على وحدة تراب الوطن ، وفي ذات الوقت كان عازما وملزما على استنكار عدم الاعتراف بحقوق الكرد في تحقيق اهدافهم وطموحاتهم القومية المشروعة بأقامة كيان سياسي ودولة مستقلة ، حالهم حال أمم الارض التي نالت أستقلالها أو التي تحلم في تحقيق ذاتها ، وكان يتطير من البعض الذين يستكثرون على أمة تمتلك مقومات قيام الدولة من لغة وتاريخ وجغرافية ومصالح مشتركة .. فالحديث أذآ ذو شقين ، أولهما يمثله ( عدنان ) الذي يتكأ على التاريخ من خلال صيانة ثوابته واحترام الحالة القائمة ، وهي الكيان السياسي المعروف ب ( الدولة العراقية ) الذي لامس عمرها اليوم قرن من الزمن .. أما الشق الثاني من الحديث فهو دعوة الى التغيير والتحول وتطبيق مبدأ أنساني ، أقرته القوانيين الدولية ، ذلك هو حق الشعوب في تقرير مصيرها .. فالتغيير أذآ هو سنة من سنن الحياة ، وبما أنه كذلك فهو أمر حتمي لا مرد له ولا مفر منه ، ومن دونه تغدو المجتمعات الأنسانية في حالة سكون يفضي الى النكوص والتراجع والأنكفاء والتقهقر واللأنحلال .. نعم التغيير قانون من قوانين الطبيعة ، والحاجة له قضية ملحة تتعلق ليس بالتطور الانساني فقط ، بل أن حضوره يعني دوام الحياة ، مع توفر ظروف مناسبة للعيش الافضل ، لكن الأنسان في كل مجتمعات الأرض لا يتوق الى التغيير ولا يميل أليه ، بل نراه يفضل العيش على ما هو عليه ، خشية من المجهول الذي يرافق التغيير ، لأنه لا يعلم المعطيات والنتائج والمخرجات التي يفرزها التغير ، ويخاف الانماط التي تطرحها عملية التغيير .. أما حالة الثبات والركود والاستقرار ، فهي على الضد من حالة التغيير والتبدل وبقاء الأشياء على حالها ، وهذه الحالة الساكنة لا وجود لها في حقيقة الأمر ، إذ لا وجود لشيْ يتصف بصفة الركود والسكون دائمآ ، حيث ان حالة السكون حالة نسبية ، قد تدوم أيامآ ، وقد تبقى سنوات ، وقد تعمر قرون ، لكنها في نهاية المطاف تفقد سكونها ولا تبقى محتفظة بثباتها ، فمصيرها الى التغيير والتبدل ، فلا شيء يثبت على حال واحد بصفة مستمرة دائمة . ونحن هنا لسنا في وارد البحث غي موضوع التغيير ، فلهذا مجال آخر من البحث والتقصي .. الذي يهمنا ويعنينا في هذه الصفحات هو ما يتعلق بالحوار بين عدنا وصاحبه حول التغيير في الكيانات السياسية ، وما يحصل من تحولات في البنية التكوينية السياسية للدول ، وما تظهر من دول جديدة على خارطة العالم ، ففي عالمنا السياسي هذا ، دول تأكل بعضها ، وأخرى تنشطر على نفسها ، وثالثة تتوالد فتحقق ذاتها ، ورابعة تتفكك وينفرط عقدها ..
بغداد ليست في وسط العراق ، بل في شماله ، وعلى بعد 60 كيلو متر من تركيا ... قال كاكا حما في سياق حديثه مع صديقه عدنان متهكمآ : أن العراق الذي نعتز جميعنا بحدوده الحالية وبجغرافيته السياسية القائمة ، ما هو الا صناعة دول أوربا وما فرضتها نتائج الحرب الكونية الاولى ، ومصالح الدول المنتصرة ، وبما تمخضت عنه من معاهدات واتفاقيات وتفاهمات بينية ملزمة لجميع الاطراف المنتصرة والمهزومة ، فمن معاهدة سايكس - بيكو عام 1916 الى مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 ، ومعاهدة سيفر عام 1920 ، الى لوزان عام 1923 ، واخيرآ معاهدة أنقرة عام 1926 بين بريطانيا والعراق وتركيا ، والتي رسمت الحدود بين تركيا والعراق بعد التوصل الى حل مشكلة ولاية الموصل العثمانية ( الموصل ، اربيل ، كركوك ، السليمانية ،شهرزور ، شاربازير ، خانقين ) والتي خسرتها تركيا بعد أن الحقت بالمملكة العراقية ، بفضل موقف بريطانيا المنحاز للعراق ، والتي استغلت نفوذها المؤثر في عصبة الأمم ، بعد أن تأكدت بوجود ثروة نفطية هائلة في بعض المقاطعات التابعة اداريآ لولاية الموصل ، وكذلك بفضل وأصرار أهالي ولاية الموصل ، والذي يشكل الكرد نسبة 70بالمئة منهم ، وكذلك رغبة المسيحيين واليهود واليزيديين بالبقاء ضمن المملكة العراقية ... ولولا هذه المعاهدة لكانت العاصمة بغداد اليوم في شمال العراق ، وعلى بعد 60 كيلو متر من الحدود التركية .
من محميات ومشيخات متخلفة ، الى دولة عصرية . في بقعة من جزيرة العرب ، وعلى الساحل الغربي للخليج العربي ، كانت مجموعة مشيخات ، انسدل عليها ستار النسيان وطواها فعل التخلف والجهل ، وكانت حالة البؤس والفاقة طاغية على سكانها ، وكانت تخضع للاحتلال الاوربي وخصوصا البريطاني طيلة قرون ، وقد عرفت عند البعض ( بالمحميات السبع ) وقد عاشت حالة من التناحر والتقاطع مع بعضها ، تلك هي ( ابو ظبي ، دبي ، الشارقة ، رأس الخيمة ، أم القوين ، عجمان ، الفجيرة ) . بعد تحولات وتغييرات مرت بها منطقة الخليج وبرزت من خلالها معطيات كثيرة ، دفعت شيوخ هذه المحميات الى الاجتماع في 2 / 12/ 1971 بعد ان التقت مصالح مواطنيهم ، فقرروا تأسيس كيان سياسي وضعوا له نظاما ودستورآ ، فأعلنوا عن قيام دولة عصرية حديثة هي دولة ( الامارات العربية المتحدة ) والتي اصبحت اليوم تتصدر الكثير من دول العالم في مجالات متعددة منها الثروة و الطاقة والاقتصاد .
جمهورية السودان تلد ( جنوبها ). ظل الجنوب السوداني المختلف عن السودان في هويته وتركيبته السكانية ، وثقافة مواطنيه ، يكافح على مدى نصف قرن من المقاومة المسلحة ، من اجل الانفصال عن السودان ، وتأسيس دولته المستقلة وتحقيق حقه في تقرير المصير ..قدمت الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان بزعامة ( جون قرنق ) الكثير من التضحيات ، وقد توجت تلك المقاومة عن حصول جنوب السودان على الحكم الذاتي عام 1972 ، ثم جرى استفتاء في يناير 2011 حول ما اذا كان سكان الجنوب يرغبون في دولة واحدة مع السودان ، أو الانفصال وذلك تنفيذآ لبنود اتفاقية السلام الشامل والتي عقدت في نيفاشا يناير 2005 ، وكانت نتيجة الاستفتاء 98 بالمئة صوتوا لصالح الانفصال ,, وفي 9 يوليو 2011 ، أعلن في عاصمة جنوب السودان ( جوبا) احتفالا رسميآ حضره عدد من الشخصيات الدولية عن قبام (( جمهورية جنوب السودان )) وأصبح القائد ( سلفاكير ميارديت ) رئيسآ للدولة الوليدة ، وأصبحت العضو 193 في الامم الكتحدة ..
(( للموضوع بقية )) .
#حسن_كعيد_لواخ (هاشتاغ)
Hasan_Gaeed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم 14 تموز 1958 في العراق .
-
التاسع من نيسان.. التحرير والتغيير والبوصلة التي حرف الإسلام
...
المزيد.....
-
أوكرانيا تتعمق أكثر في الأراضي الروسية.. وهذه الإجراءات التي
...
-
-الغموض المتعمد-.. مصدر في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة من ال
...
-
هل تمتد سيول السعودية إلى مصر؟
-
الصحة في غزة تصدر تحديثا لبيانات ضحايا الحرب
-
اليابان في حالة قلق بعد أول تنبيه -للزلزال العملاق-.. ما تدا
...
-
في السودان، أمطار تهطل في غير موسمها تفاقم معاناة السكان
-
-تاس-: القوات الأوكرانية تنسحب من بعض مواقعها على محور بوكرو
...
-
علاء الدينوف: قوات كييف خططت للاستيلاء على محطة كورسك النووي
...
-
-حادث كبير-.. تسرب كيميائي في بريطانيا
-
الخارجية الروسية: أوكرانيا بهجومها على كورسك أوقفت الحديث عن
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|