زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 6689 - 2020 / 9 / 27 - 01:29
المحور:
المجتمع المدني
نشرت وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة والمقروءة والألكترونيّة خبرًا يقول :
إنّ عرض المسلسل الدّراميّ " أسود فاتح" سيكون اليوم الأحد 27- 9-2020 وسيكون أجر بطلته هيفاء وهبي نحو خمسة ملايين دولار ..
هه هه هه .. دراميّ ، جديد وأسود فاحم ، أسود مُلوّن ، وأسود فاتح في زمن الكورونا ، والعالَم والبشريّة برمّتها تتخبّط وتحتضر وتموت ، هذا ولبنان يتضوّر جوعًا فلا يجد سبعون بالمئة من أهله ثمن ربطة خبز ، ناهيكَ عن انقطاع الكهرباء معظم ساعات النهار والليل ..
شعب يموت جوعًا ويفتقد الأمان والطمأنينة وهدأة البال ، وانسانة اخرى بالمظاهر وكشف المفاتن والعُري والمكشوف والمستور والغنج البريء وغير البريء تربح الملايين وتعيش البحبوحة !!!
دنيا غريبة فعلًا.. فهناك شعوب تُفتّش وتستميت في التفتيش عن مصلٍ واقٍ لوباء الكورونا ، وتصرف المليارات في البحث والتنقيب في المختبرات ، وشعوب اخرى تعيش مسلسلات : تزوّجَتْ ، تطلّقت ، أحبّت ، خانت ، حَمَلت ، توّحمت ..
فكيف سينهض العرب وكيف سينهض لبنان ونحن نعيش حياة المسلسلات التي لا تمتّ لواقعنا المرير بشيء ، فالواقع يقول :أنّنا نعيش المُرّ والحِرمان والفقر المُدقع والجوع والجهل والدكتاتورية والطائفية والفئوية والتحزّبات والرشوة والفساد ، فتأتي مسلسلاتنا لتُخدّرنا وتزرع حقولنا ألغامًا وأوهامًا..
وأقولها صراحة : منذ سنوات عديدة لم أحضر مسلسلًا واحدًا ، ولكن يصدف ان احضر مشهدًا أثناء بحثي عن قناة مُعيّنة ، فأجد أن الأمور ما زالت على حالها بل وتسوء ، فما زال الزواج يكوكبُ والطلاق يتألّقُ وخيانات من هنا وصبايا جميلة وملابس باريسيّة وكأننا نحن العرب كلّنا هيفاوات ونجلاءات.
قلبي يتفطّر حُزنًا على الشعب اللبناني ؛ هذا الشعب الجميل الذي وهب البشرية : جُبران ونعيمة والأخطل الصغير وسعيد عقل والبستانيين واليازجيين وتقي الدين وآدونيس وفيروز والصّافي ونصري شمس الدين والرومي ومار شربل والعشرات من الكتّاب والشعراء والفنّانين والعباقرة والمبدعين ورجالات الله...
قلبي على هذا الشعب الذي باتَ فيه القفا رأس المال والصّدر المكشوف كلّ المُنى..
لبنان بشعبه اليوم احوج الى رغيف خبز يوسف عوّاد ، ورغيف خبز ساخن يخرج من فرن الواقع أكثر من ألف مسلسل يموّه ، يُخدّر ويزرع الآفاق دخانًا وبخارًا وأوهامًا.
لبنان يستحقّ أكثر !!!!!
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟