الانتفاضه الشعبيه المصريه الراهنه عماليه وفلاحيه بامتياز

عدلي محمد احمد

الحوار المتمدن-العدد: 6688 - 2020 / 9 / 26 - 09:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لا جدال بالطبع في ان انتفاضة سبتمبر الشعبيه , هي طليعه متقدمه لغضب ثوري عارم قابل للتحول لموجه ثوريه هائله, ولكن لا يجب ان نكتفي بذلك التفهم العام لما هو متوقع كنتيجه لعملية تجويع وافقار استثنائيه للاغلبيه الشعبيه الكادحه خلال السنوات القليله المنصرمه. فمن الهام استيعاب ودراسة اشكال وقع هذه الظروف الاجتماعيه العصيبه بالطبع , والتي دفعت بفقراء قري ومدن الصف واطفيح والعياط والبدرشين والجيزه للانفجار علي هذا النحو الانتفاضي اللافت الذي شهد المظاهرات الليليه في قرابة خمسين قريه, آخذه اعدادها في التزايد ,وتحركاتها في التوسع , وصلابتها في التماسك , مدعومه من تظاهرات موازيه في بعض قري شمال الجيزه تصدرتها جزيرة الوراق وبرقاش البساتين والعديد من قري الصعيد , بل وثلاثه علي الاقل من المدن, اضافة الي المعموره في الاسكندريه والدلنجات بحيره.
وبنظره سريعه الي الوراء قليلا, نستطيع ان نلمس ان هذه المراكز الخمسه التي تشكل القوم الاساسي لجنوب الجيزه, قد تعرضت خلال الخمسين عام المنصرمه الي عدة ضربات اجتماعيه مؤثره:
اولاها
شكلها برنامج الخصخصه والتوقف عن تشغيل عمال جدد وسياسة المعاش المبكر لعمال منطقة حلوان منذ اواسط الثمانينات ومطلع التسعينات الماضيه ,وهي العمليه التي تواكبت مع بداية فتح ابواب جهنم العولمه علي الزراعه المصريه, والتي جري خلالها رفع اسعار الاسمده والتقاوي والمبيدات, مع الثبات النسبي في الانتاجيه والتسويق , وصولا لقانون الايجارات الزراعيه في العام 96 , والذي حول الزراعه الي عمليه يصعب الحديث عن ربحيتها بالمره , ان لم يصحبها تربية المواشي والتي حاصرتها مصنع الاعلاف من ناحية اخري بتواصل ارتفاع الاسعار.
هذا التحول الذي عصف باي حد ادني من (مكتسبات) الستينات لجماهيرمنطقه فلاحيه وعماليه اساسيه, وضع هذه الجماهير الي البحث عن بدائل من اجل استمرار الحياه, ولقد شكلت صناعة الطوب الطفلي اساسا الي جانب بعض محاجر الثروه التعدينيه التي تتميز بها جبال الصف واطفيح, الموئل والملاذ منذ جري اعتماد الدوله لانشاء منطقة عرب ابوساعد كمنطقه صناعيه لهذا النشاط الهام في العام 1986وعلي مساحه بلغت 5000 فدان, سرعان ما امتلأت بمصانع الطوب حتي وصلت الي حوالي 1000 مصنع في الصف واطفيح , و قرابة ال 200 في البدرشين والعياط , المصنع الواحد ينتج 150000طوبه للسوق المحلي , ويعمل به حوالي 150 عامل تصل الي 300 في المصانع الكبيره نسبيا, والتي وصلت الي حوالي 350
مصنع تناقصت حتي وصلت الي حوالي 270 مصنع , ثم تناقصت الآن الي ما لا يتعدي50% منها كان يعمل بها وحدها حوالي 60 الف من العمال , الذين وصلت اعدادهم الي اكثر من ربع مليون عامل في المراكز الخمسه, يتنوعون عمريا من الاطفال حتي كبار السن , ويعملون في الصناعه امام المحارق ونقل الطوب اضافة الي كل ما يستدعيه العمل من خدمات وصولا لبيع الشاي, يتعرض انشطهم الي ابشع استغلال دون تأمينات من اي نوع في الاغلب الاعم , حيث يعملون 11 ساعه يوميا , يتعرضون لاصابات عمل شديدة الخطوره تصل الي العجز الدائم, حيث امكانيات الحرق امام المحارق بل السقوط في قلبها , وحيث السقوط بحمولات لا انسانيه من صفوف الطوب علي اياديهم, هم يأتون من قري مراكز جنوب الجيزه وايضا من نازحي قنا والاقصر وعدة اماكن من الصعيد.
ثانيهما
ان هذا البديل - مصانع الطوب - تعرض لثلاثة ضربات متتاليه بفارق سنوات قليله كانت تفصل بين كل ضربة واخري.
1- كانت هذه المصانع تعمل بالمازوت منذ نشأتها وحتي 2004حيث حاول النظام تحويلها للغاز الطبيعي مع ارتفاع سعر النفط والمازوت وتزايد اكتشافات الغاز الطبيعي في مصر , وجاءت اول تجربه من خلال منحه كنديه تممن خلالها حكم مبارك من تحويل قرابة 50 مصنع للغازالطبيعي, وتواصل ذلك كلما تزايدت اسعار النفط حتي جري تحويل حوالي 281 مصنع في 2011حيث كان سعر البترول قد اقترب من 120 دولار للبرميل , بكل ما يعنيه ذلك من ارتفاع مشتقاته.
كان ذلك دافعا لاذدهار هذه الصناعه وتوسعها النسبيين, ولكن يا فرحه ماتمت فسرعان ما لحقت تقريبا اسعار الغاز بالبترول, كما جري توسع النظام في توصيل الغاز للمنازل والمصانع عموما , كما جري تصدير معظمه الي اسرائيل.
فجاءت الطامه الاولي عندما اوقف حكم طنطاوي 40% من الغاز الموجه لهذه المصانع في 2012 مما عرضها لازمه حاده, وهو ما استمر به حكم الاخوان وتعرضوا بسببه لنضالات مشهوده من جانب عمال واصحاب مصانع الكوب في مراكز جنوب الجيزه التي تشكل قلب الانتفاضه الجاريه التي يحاولون بكل صفاقه ركوبها الآن, كان من ابرزها احتشاد عمال واصحاب المصانع في ابورجوان علي الطريق السريع بعد رفع الاخوان لسعر المازوت من 1150 جنيه الي 2300 جنيه , ورفع سعر الغاز من 2 دولار الي 6 دولار للمتر المكعب مما ادي لرفع سعر الطوب من 180 جنيه للالف الي380جنيه, وعرض الطوب للرطودوالنقل الثقيل للتوقف وادي الي اغلاق مئات المصانع وتشريد عمالها.
وهو ما استمر في مواجهة حكم السيسي , حيث اضرب عمال الصف واطفيح ثلاثة اسابيع في 15 اغسطس 2014, وقطعوا طريق الكريمات الزراعي والصحرواي المؤدي للصعيد مطالبين بسعر رفع نقل الاف طوبه من 1 جنيه الي ثلاثه ولكن حكم السيسي لم يسجب لهم وانحاز الي موقف اصحاب المصانع الذين اصروا علي رفعه فقط بجنيه واحد.
2 - ما ان تواصل العمل في ظل هذه الضغوط حتي تعرضت صناعة الطوب المنكوبه الي كارثة السيول في صيف 2016 مما الحق بها خسائر جسيمه تخطت النصف مليار جنيه, حيث تعرض للفساد كميات هائله من الكوب وهو في مرحلة التجفيف , وكميات اكبر من الطوب المحروق, اضافة الي تصدع مباني المصانع, وهو ما لم يقدم حكم السيسي عنه اي تعويض , وتحمل عبئه الاساسي العمال الذين فرض عليهم الشغل باجور واهيه بلغت نصف ما كانوا يحصلون عليه.
3- اما ام الكوارث فقد شكلها قرار وقف البناء الذي اصدره حكم السيسي في مايو الماضي وادي الي التوقف التام لصناعة الطوب
وهو الوضع الذي فرض علي مراكز فلب الانتفاضه الشعبيه الجاريه اوضاعا ماساويه فاقم منها ركود كورونا حيث انعدام فرص العمل البديله لقرابة 250000عامل جري القائهم بكل بساطه علي قارعة البطاله , حتي يتمكن السيسي من بيع عقارات دولته وعقارات الجيش.
ولقد جاء اثر تطبيق قانون المصالحات في منطقه تعج بالمخالفات التي لا تستهدف سوي السكن بسبب من فقدان اي اسكان شعبي, كما تشهد بالطبع بناء قصور وفيلل العائلات , لتحول الحياه الي انسداد تام ,حيث لا توجد لدي الاغلبيه العظمي اي امكانيه لتسديد جنيه باسم غرامة بناء,وحيث لا يمكن السماح للسلطه بهدم البيوت.
فانفجر الوضع في ظل حاله مريعه من الارتفاعات المتواصله في الاسعار , وفي مقدمتها الفواتير الحكوميه, وحاله مأساويه من البطاله الواسعه.
مفجرا معه عشرات القري والمدن الاقليميه من الصعيد الي الدلتا الي مدن القناه في وجه حكم السيسي, ومتواصلا لقرابة الاسبوع ومتصاعدا بصوره لم تخطر علي بال النظام, ومدشنا موجه ثوريه ملمحها الرئيسي اجتماعي في المحل الاول , وشعارها المدوي يطالب الجنرال بالرحيل

#عدلي_محمد_احمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات