أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم جركس - الآخرة: المرتدون














المزيد.....

الآخرة: المرتدون


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 6685 - 2020 / 9 / 23 - 14:45
المحور: الادب والفن
    


==========
(ترجمة إبراهيم قيس جركس)

في الآخرة تقابل الإله. ولدهشتك وسعادتك تكتشف أنها أثنى، وأنها لا تشبه أي إله من الآلهة التي تصوّرها البشر. إنها تشترك بالعديد من الصفات مع أوصاف جميع الأديان لها، لكنها تتمتّع بعظَمَة إلهية لم تتصوّرها أي ديانة من الديانات. إنها الفيل الذي وصفه الرجال العميان: كلها أوصاف جزئية ولكن لم يدركها أحد ككل*.
يمكنك أن ترى في عينيها اللامعتين مدى سعادتها وهي تسلّم "كتاب الحقيقة". إذ يعالج هذا الكتاب بشكل واضح جميع تساؤلاتك وأسئلتك الوجودية خلال حياتك بدون شطحات فلسفية أو إجابات فضفاضة. وبينما تراقب حماستها حول الكشف عن ذلك، تبدأ في الشك أنها في أعماقها كانت تخشى أن يتوصّل عالم لاهوتي ما فذ إلى الإجابة. جميع القرائن والدلائل كانت موجودة هناك، لكنّ خلفيات الناس الشخصية والعقائدية هي التي كانت تشكّل عائقاً أمام رؤيتها وإدراكها. تلاحظ أنها تشعر بالراحة وهي تراقب بينما تقف أفكار الناس المسبقة وتحيّزاتهم وتلقينهم اللاهوتي عائقاً أمام تخمين الإجابة الصحيحة. فبسبب هذه الغمامات الثقافية التي تحجب رؤية البشر للحقيقة تبقى الرّبّة متربعة على عرش الكون والوحيدة التي تكشف أسراره العظيمة مع عبور الموتى إلى عالمها في الجانب الآخر.
لو أنّ هؤلاء الناس قادرون على زعزعة معتقداتهم تماماً، وتقاليد أسلافهم، وأغاني طفولتهم _كانت تقول لقلبها_ لكانت لديهم فرصة كبيرة لرؤية الإجابة الصحيحة. ولهذا السبب بالضبط كانت دائماً حذرة من المرتدين، الذين رفضوا تفاصيل أديانهم وتعاليمها بحثاً عن شيء أصدق وأكثر قرباً للحقيقة. كانت تمقتهم لأنهم على الأرجح سيتوصّلون في النهاية إلى تخمين صحيح. فإذا افترضتَ أنّ الرّبّة مولَعَة بأولئك الذين يتمسّكون بأديانهم ومعتقداتهم بإخلاص وتزمّت، فأنت محق تماماً _ ولكن لأسباب خاطئة. إنها تحبّهم فقط لأنهم غير منضبطين وغير مهذّبين فكرياً، وسيتأكّدون من حصولهم على إجابة خاطئة بعض الشيء.
عند وصول الناس إلى الحياة الآخرة، قسّمتهُم الرّبّة إلى "مرتدّين" على يسارها و"مؤمنين مخلصين" على يمينها. يُحشَر المرتَدّون في المصعد الهابط إلى الأسفل، أمّا المؤمنون فلهم وحدهم الجنة. في كل يوم ترحّب بآلاف القادمين الجدد من المؤمنين من مختلف الأديان، تشاهدهم وهم يتدارسون "كتاب الحقيقة" وتنتظرهم كي يغرقوا في إثارتهم اللذيذة.
لكن حدث خطأ فادح ما في خطّتها. الحقيقة غير مقنِعة. فالمؤمنون الواصلون الجُدُد لديهم قدرة عجيبة على التمسّك بمعتقداتهم القديمة التي تربّوا ونشأوا عليها، ولديهم إحجام عنيد ومتعنّت عن النظر في الأدلّة التي تفصلهم عن الإطار الذي قضوا حياتهم في سياقه.
لذلك تجد الرّبّة نفسها وحيدة ولا أحد يقدّرها حقّ قدرها، تتجوّل في عزلة تامّة بين مساحات السحب اللانهائية التي تحمل فوقها مؤمنيها غير المؤمنين.

‏Sum: Forty Tales from the Afterlives
‏Eagleman, David

* قصة الفيل والعميان:
تصوّر فيلاً... وتصوّر بعض العميان وهم يقتربون منه ليصفوه: يتحسّس الأول خرطومه فيقول إنَّ الفيل يشبه الحيّة. ويتحسّس الثاني إحدى أرجُلِهِ، فيقول إنَّ الفيل مثل عمود من أعمدة معبد شيفا. ثم يُمسك الآخر، وهو الأعمى الثالث، بذيله، فيظنّ الفيل شبيهاً بالخيط. ويتحسّس الرابع أذنه، فيقول أنه أشبه مايكون بمروحةٍ كبيرة جداً. وأمّا ذلك الذي يتّكئ على جسم الفيل فسَيَعُدُّه مماثلاً للحائط. بينما سيقول السادس، ذلك الذي وضع نفسه تحت الفيل، وتحت وطأة وزنه، إنه حملٌ ثقيل وضخم. ونحن... نتذكّر الأشياء مثل العميان وهُم يتحسّسون فيلاً.
فكلّنا سوف نملك، إن لم نكُن مَلَكنا منذ زمن، فيلاً ندرك من خلاله. وتبقى المُعضلة في أن نُدرِك كل شيء.



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]10
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]9
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]8
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]6و7
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]5
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]4
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]3
- الآخرة: الله ود. فرانكنشتاين
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]2
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]1
- يوم عاشوراء: مابين المأساة الكونية وعقيدة الفداء في الفلسفة ...
- المباهلة مابين العقيدة النصيرية العلوية والرواية الرسمية
- فلسفة العَبَث [الحلقة الأولى]
- الوجودية[15]: موت الله والدين
- أمام القانون: فرانز كافكا [قصة قصيرة]
- الوجودية[14]: المُثُل في مكانٍ آخر
- الوقت [قصة قصيرة]
- الفلسفة كأسلوب حياة[4]: محبّة الحكمة
- الفلسفة كأسلوب حياة[3]: قوّة المعتقد
- الفلسفة كأسلوب حياة[2]: الأسئلة التي ينبغي طرحها


المزيد.....




- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم جركس - الآخرة: المرتدون