|
الحركة الشعوبية في السودان
عبد الرافع كمال
الحوار المتمدن-العدد: 6684 - 2020 / 9 / 22 - 17:38
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
الشعوبية هو مصطلح شائع الاستخدام يشير الي حركة او مجموعة من الحركات الرامية الي القضاء علي الوجود العربي و دثر كل ما يتعلق بالعروبة من موروثات ثقافية . و لعل بروز الحركة الشعوبية و اذدياد نشاطها في العالم العربي و منطقة الشرق الاوسط ضارب الجذور في القدم فظهور الحركات الشعوبية مرتبط بظهور الشعوب التي سميت عربا علي جزيرة " عربو ماط " . اي الاسم السرياني لجزيرة العرب .و هما شعبي عدنان و قحطان . و يتكون التيار الشعوبي اما من كيانات ذات انتماء عرقي عربي . اي قحطانية و عدنانية . او كيانات ذات انتماء عرقي غير عربي من الشعوب المجاورة و لعل نشاط الشعوبية المعادي لكل ما هو عربي قديم و مشهود علي مر التاريخ العربي . لسنا هنا بصدد التطرق للنشاط التاريخي للحركات الشعوبية . و لعل اكثر البلدان التي تنشط فيها الحركة الشعوبية هي السودان . كنا قد تطرقنا لكتابة مقال سابق يحمل عنوان " عرب السودان و أزمة الهوية " . تطرقنا فيه الي انتشار الحركات الشعوبية في السودان و أرجعنا انتشارها و تزايد نطاقطها في السودان الي عوامل اهمها : . * العقد النفسية : و هي نتاج للمواقف السلبية التي يبديها العرب تجاه عرب السودان حيث يوصفونهم بالرقيق و يطالبونهم بعدم الانتساب لهم . و تسببت تلك النظرة في خلق قطاع شعوبي عريض من أبناء القبائل العربية يدعو لقطع صلة عرب السودان مع العرب و التنكر لﻷصل العربي لقبائل السودان العربية . . * الشعوب المجاورة : مارست الشعوب السودانية غير العربية ضغوطات شديدة علي عرب السودان بغرض التنكر للأصل العربي لهم و تبني هوية افريقية زنجية و يرجع ذلك لفكرة سادت و استقرت في قعر لاوعيهم عن العروبة علي اساس كونها عرق سامي و نبيل و انها العرق العربي له سموء علي غيره من الاعراق . و لعل هذه النظرة و استقرارها في قعر لاوعي الزنوج هي ما يفسر محاولاتهم الدائمة لنفي عروبت كل من يجاورهم . و اهبتهم في نفي عروبة جيرانهم من عرب السودان و السعي لخلق اصل زنجي لهم . حتي لا يوجد فيما بينهم من يشعرون في غرارة نفوسهم بأفضليته عليهم . و لعل السبب في تشكل هذه النظرة الذهرية في عقول الزنوج حول العروبة ترجع للتفوق العرقي للعرق العربي علي العرق الزنجي من ناحية مظهرانية و مورفولوجيا . * دواعي الهامش و المركز : و هو مفهوم طرأ علي الوعي السياسي السوداني .لسنا هنا بغرض التطرق الي مضامينه سبق ان خصصنا له مقال مستقل لمناقشته و نقده . و قد ترك مفهوم المركز و الهامش في السودان موجه سخط عميق تجاه القبائل ذات الاصل العربي و لكونها تحتكر السلطة و الثروة في ايديها و اقدمت علي تهميش و ابادة السود . و قد ادي ذلك الي اذدياد الخطاب الشعوبي لدي ما بات يعرف بأحزاب الهامش تجاه عرب السودان. . * انتشار ادلوجة القطرية : و لعل ايدولوجيا ما يسمي بالقطرية او الوطنية هي سبب اساسي في استهداف الاصل العربي لشريحة العرب في السودان و السعي لصناعة اصل زنجي لهم حتي يلتحموا مع بقية المكونات و العناصر الذنجية الاخري طبعا يكون ذلك علي حساب هويته و اصله . و هنالك اتجاه اخر يدعو جميع العناصر السودانية الي التخلي عن قبائلهم و انسابهم و الالقاء بها في سلة النسيان و تبني هوية جديدة مصطنعة أسمها الهوية السودانية . و هو ما شاع بين شباب " الاتحاديين الديمقراطيين في الجامعات " . * المصالح السياسية : حيث برزت ظاهرة ادلجة التاريخ بغرض السعي الي لصياغة تاريخ جديد يظهر من خلاله العرب كسفاحين و سارقي حضارات و منتحلي هويات و انهم شعب مجرم . و لعل أبرز رواد هذا الاتجاه هو الكاتب "طارق عنتر " و الذي يسعي لعمل موسوعة معرفية جديدة يصور ان اصل عرب السودان هم فولاني و ان العرب الموجودون هم " عموريون " جلبتهم عصابات التركمنغول الغازية للشرق الاوسط لكي تقضي بهم علي شعوب المنطقة . و ان العرب الحقيقيون تم القضاء عليهم و أبادتهم و انهم أقرب عرقيا الي الحبش . و انهم من شعوب " بونت " . و ان اصل عرب السودان هم فولاني وافدون من غرب أفريقيا و هم مجموعة عرقية معادية لجميع الشعوب السودانية الاصيلة و أنه يجب أشعال حرب تحرير ضدهم و القضاء عليهم بغرض انقاذ الشعوب السودانية من خطرهم . و هنا نقف متساءلين عن الدافع الذي يدفع طارق عنتر لادلجة التاريخ و الانتقام من العرب بصفه عامة و عرب السودان بصفة خاصة ؟؟.. و ما المغزي وراء كل ما يقوم به طارق عنتر من أفعال ؟؟ . و ما يبدو للمطلعين النابهين ان ما يقوم به " طارق عنتر " لم يجري بدافع السعي لكشف الحقيقة التاريخية . و انما تم بدافع تزييف و أدلجة التاريخ و السعي لصناعة تاريخ زائف مؤدلج بغية الانتقام من العرب بصفة عامة و عرب السودان بصفة خاصة ﻷسباب شعوبية و بدافع العمالة السياسية و المخابراتية . و حسب ما يشاع بأن طارق عنتر هو عميل للمخابرات المصرية و خطته هي تشويه صورة عرب السودان و اظهارهم كغزاة فولاني و انهم اساس البلاء حتي يدخل السودانيين في حرب اهلية طاحنة تدمره و تفككه و من ثم يسهل علي مصر ابتلاعه و ضمه اليها و التحكم في مصادر النيل و تأمين حصتها منه . و هو افتراض اقرب الي المنطق و المعقول . و لعل طارق عنتر هو اكبر رموز الشعوبية الجديدة علي الاطلاق . .. و تضع الحركة الشعوبية في السودان ضمن اولوياتها ثلاثة اهداف رئيسة : . *الطعن في النسب العربي : و يعمل الشعوبيون بأستمرار علي الطعن في الانساب العربية و السعي ﻷظهار كونها مزيفة و مصطنعة و غير حقيقية . و العمل بأستمرار علي التشكيك فيها و اثارة اللغط حولها . و السعي لصنع انساب زنجية جديدة و تقديمها لعرب السودان بغرض صرفهم عن هويتهم . . * أدلجة التاريخ و تزييفه : و هو ما لجأ اليه كثيرون في مقدمتهم طارق عنتر و الذي افترض ان اصلهم من الفولاني .و سعي ل ادلجة التاريخ و كتابته بصورة تتلاءم مع الاصل الجديد الذي صاغه و صممه لهم . و محاولات الشعوبيون في تذييف و ادلجة التاريخ ماضية قدم الوثاق اذ يسعون لعمل تاريخ جديد يتلاءم و يتناسق مع الاصول المنحولة التي قاموا بتصميمها لعرب السودان حسب اهواءهم . * تشويه التراث العربي : يعمل الشعوبيون بأستمرار علي السعي لتشويه الموروثات الثقافية العربية و الاستخفاف و التهكم بها كالجلباب علي سبيل المثال او رقصة العرضة . و السعي ل استبدالها بالثقافات العولمية كالبدلة و الكرفتة و الرقصات الغربية علي سبيل المثال . . *ممارسة القهر : و ذلك ب الضغط المتواصل علي عرب السودان بغرض التخلي عن عروبتهم و التنكر لها و يكون ذلك بشن هجوم مباغت علي كل من يتحدث عن وجود لسلاله عربية او اصل عربي او ثقافة عربية او هوية عربية او وجود عربي في السودان و اشعال حملة شرسه . . * الابادة و التطهير العرقي : اي العمل علي ابادة القبائل العربية و تطهيرها عرقيا مثلما حدث لعرب زنجبار علي ايدي الثوار الافارقة و هو سيناريو محتمل الحدوث في حين سيطرة جماعات شعوبية افريقية علي العاصمة . .. ما سبق هو بمثابة ملخص للحركة الشعوبية في السودان و مدي خطورتها في استهداف شعب العرب . لذا يجب علي العرب السودانيين الوعي بالمخطط الشعوبي الكبير الذي يستهدفه في صمت و حجم المخاطر التي تنجم خلاله . حتي يستطيع مواجهته و صد هجماته و تفكيك ادواته و دحض حججه و الوقاية من شروره . حتي نستطيع بناء سودان متمدن يسع الجميع بلا مضايقة ل احد من ابناءه .
#عبد_الرافع_كمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جدلية الهامش و المركز في الميزان
-
فيلم - الراعي و النساء - و قضية الرغبات المتوحشة
-
خمس عادات سلبية مرتبطة بالقبيلة في المجتمع العربي
-
عرب السودان و أزمة الهوية
-
عادة البطان عند عرب السودان
-
# فهرس كتاب - طريق الخلاص العربي -.
-
# كتاب - طريق الخلاص العربي -.# خاتمة - مقترحات حول الخلاص ا
...
-
# كتاب - طريق الخلاص العربي - . # الفصل الثالث - سؤال الخروج
...
-
كتاب - طريق الخلاص العربي - . #الفصل الثالث - سؤال الخروج من
...
-
# كتاب - طريق الخلاص العربي - .# الفصل الثالث - سؤال الخروج
...
-
# كتاب -طريق الخلاص العربي - . # الفصل الثاني - سؤال الازمة
...
-
# كتاب - طريق الخلاص العربي - .# الفصل الثاني - سؤال الازمة
...
-
# كتاب -طريق الخلاص العربي - .# الفصل الثاني - سؤال الازمة ا
...
-
# كتاب - طريق الخلاص العربي - .# الفصل الثاني - سؤل الازمة ا
...
-
# كتاب -طريق الخلاص العربي - ...# الفصل الاول - سؤال ماهية ا
...
-
# كتاب - طريق الخلاص العربي - . # تمهيد :-
-
قراءة نقدية في أيدولوجيا تيار المستقبل السوداني
-
عبد الرافع كمال ..كاتب بلا قراء .
-
ما بين الفلسفتين النيتشوية و الطوباوية
-
القول الفصل في الهوية السودانية
المزيد.....
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. ترامب يفرض رسومًا جمركية على المكسي
...
-
وسائل إعلام: ترودو يعقد اجتماعا طارئا بشأن رسوم ترامب
-
ترامب يوقع أمراً بفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من كند
...
-
فنزويلا تفرج عن 6 مواطنين أمريكيين بعد لقاء مبعوث ترامب بالر
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة لعقد اجتماع هام مع ترامب
...
-
مسؤول مصري: لا أحد يستطيع الاقتراب من الحدود.. حدودنا مؤمنة
...
-
إيلون ماسك يحصل على الحق في الوصول إلى نظام الدفع الفيدرالي
...
-
الحدث البركاني الأقوى في النظام الشمسي!
-
محاذير تناول المكسرات
-
أنباء عن تأجيل مفاوضات صفقة التبادل إلى ما بعد اجتماع نتنياه
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|