أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جبار قادر - محاولات تركيا لزعزعة الأستقرار في كوردستان العراق















المزيد.....

محاولات تركيا لزعزعة الأستقرار في كوردستان العراق


جبار قادر

الحوار المتمدن-العدد: 470 - 2003 / 4 / 27 - 05:45
المحور: القضية الكردية
    


     
             
حاولت تركيا على مدى تاريخها الحديث قمع التطلعات القومية للشعب الكردي في تركيا و خارجها و كانت سباقة دائما الى عقد الأتفاقيات الأمنية و السياسية مع جيرانها لوأد أية فرصة لحل القضية الكردية في هذه البلدان . هناك عشرات الأتفاقيات الأمنية و البروتوكولات الموقعة بين تركيا و هذه البلدان منذ عشرينات القرن الماضي و التي كانت تتضمن على الدوام بندا رئيسيا يؤكد على ضرورة قمع التحركات القومية الكردية على جانبي الحدود . وبدأت عمليات تنسيق الجهود منذ تسعينات القرن الماضي تشهد الى جانب الأتفاقيات الأمنية و السياسية إجتماعات دورية بين هذه الدول لوأد التجرية الكردية في كوردستان العراق . و تحولت القضية الكردية في العراق و الموقف منها منذ حرب الخليج الثانية الى إحدى مسائل السياسية الداخلية الملتهبة التي إنشغل بها الأعلام و الرأي العام التركي و الأحزاب السياسية التركية. أولى الأعلام التركي إهتماما إستثنائيا بكل ماكان يجري في كوردستان العراق محاولا إثارة الرعب في نفوس القيادات السياسية التركية بل و حتى رجل الشارع التركي من فوبيا كردية . وإعتبر بناء مدرسة في كوردستان العراق أو حتى إصدار جريدة مؤشرا على قيام الدولة الكردية و تهديدا لوحدة الأراضي التركية . رافق كل ذلك نشر كم هائل من الأخبار و التحليلات و المعلومات المضللة عن حقيقة الأوضاع السياسية و الأثنية في العراق. الغريب أن الأعلام التركي لم يكن يستند في ذلك على المصادر العلمية و الدوريات الرصينة التي يمكن الوصول اليها بيسر في ظل الثورة المعلوماتية و التكنولوجية التي يعيش العالم في ظلها ، بل كان يلجأ الى الأستناد على أقوال بعض الأشخاص العاديين الذين لم يعرف عنهم التعاطي مع العمل العلمي و الثقافي . ومع الأيام تحولت هذه المعطيات الى ( حقائق ) لدى المواطن التركي ولم يكن بالأمكان التحقق منها في ظل النظام البعثي الشمولي الذي كان يعتبر حتى المعطيات الأحصائية أسرارا وطنية يمنع تدوالها . بطبيعة الحال كانت الدوائر الحاكمة في تركيا تستطيع التأكد من هذه ( الحقائق ) بالرجوع الى أرشيفها الوطني و بخاصة الأرشيف العثماني و الوثائق الخاصة بمشكلة الموصل لتكوين صورة قريبة عن التركيب الأثني لسكان العراق . يبدو لي أن أصحاب الشأن لم يرغبوا في ذلك لأعتبارات سياسية معروفة. كما تشير هذه الحالة مرة أخرى الى حالة الأنقطاع و عدم التواصل الثقافي التي تعيشها تركيا منذ قيام الجمهورية بين تكوينها و إرثها الحضاري الشرقي و محاولات الأوساط الحاكمة فيها على مدى القرن العشرين أن تجعل منها جزءا من الكيان الأوربي . هناك عدد قليل من المتخصصين فقط يستطيعون فك رموز الخط العثماني و البحث في الأرشيف العثماني . هكذا إعتقد الكثيرون من الكتاب و الصحفيين و السياسيين الأتراك ، مثلا ، بأن عدد التركمان في العراق يصل الى الملايين بل ومنهم من أخذ يعلن بأنهم أكثر عددا من الكرد و بدؤا يرسمون الخرائط عن إمتدادات الوطن التركي في العراق. أذكر هذا على سبيل المثال فقط و أتمنى أن يجري في القريب العاجل إحصاء نزيه لسكان العراق يعبر فيه كل مواطن بكل حرية و دون وجل عن إنتمائه القومي و الديني و المذهبي ليطلع الجميع على حقيقة التركيب الأثني و الديني و المذهبي للسكان و لتأخذ تلك الحقائق بنظر الأعتبار عند رسم السياسات القومية و السياسية و الثقافية و الأقتصادية .
إستغلت تركيا حالة الفوضى التي أعقبت إنتفاضة عام 1991 و الحصار و الفقر و تدمير البنية التحتية لكوردستان العراق من قبل النظام البعثي البائد و حالة التنافس العبثي بين الحزبين الكرديين لفرض وجود لها في كوردستان العراق . كما بدأت تخطط من خلال واجهات سياسية و أمنية و ( المساعدات الأنسانية!!!) لأيجاد مواطئ قدم دائمية لها في هذه المنطقة كمقدمة لفرض دور لها كأحد اللاعبين الرئيسيين في عراق مابعد صدام . تنبهت أطراف سياسية كردية مهمة لخطورة الدور التركي في إثارة الفتن و زعزعة الأستقرار السياسي في المنطقة . وقد ساندت أوساط واسعة من الكرد في كل مكان هذا التوجه و تحولت الى عقبة أمام المخططات التركية . كما أن الحكومة التركية بزعامة حزب العدالة و التنمية فشلت في إدارة الأزمة عشية و خلال الحرب في العراق الأمر الذي أفقدها الكثير من الأوراق القوية التي كانت تمتلكها . وجدت الحكومة التركية من خلال قراءة غير صحيحة للأوضاع بأن بقاء النظام البعثي المنهوك أمر يمكن التعايش معه بل و الأستفادة منه سياسيا و إقتصاديا . كما أنها إعتقدت و هي محقة في ذلك أن قيام نظام موالي أو حتى صديق لأمريكا و الغرب في العراق يفقد تركيا الكثير من أهميتها الأستراتيجية و السياسية . هذا لا يعني بأن أمريكا بكسبها حليفا جديدا ستتخلى عن حليفاتها السابقة ، ولكن تركيا لن تكون قطعا بعد الآن الدولة ( العلمانية و الديمقراطية !!) الوحيدة في محيط من الدكتاتوريات و الأنظمة المتخلفة عن روح العصر .
 جاء سقوط النظام العراقي مدويا في تركيا أيضا فقد أدركت القيادات السياسية و العسكرية بأنها  أصبحت تلعب في الوقت الضائع . فبعد المحاولات الكثيرة التي قامت بها الأوساط العسكرية و السياسية المتطرفة في تركيا على مدى الأشهر الماضية لخلق المبررات لأحتلال كوردستان العراق تارة تحت ستار وقف تدفق اللاجئين الكرد الى الأراضي التركية ، الأمر الذي لم يحدث و لم يكن متوقعا حدوثه أصلا، و تارة لمنع قيام الدولة الكردية المزعومة وهو وهم خلقته الصحافة التركية و تصريحات السياسيين و الجنرالات الأتراك و لم تطالب به الأحزاب الكردية العراقية ، نقول بعد ظهور بطلان هذه المزاعم أخذت الماكنة الأعلامية التركية تركز على(المخاطر) المحدقة بالأقلية التركمانية في العراق. ومع تحرير المناطق الكوردستانية التي تتعايش فيها هذه الأقلية القومية بسلام مع الكرد و العرب و الكلدان و اللآثوريين من ربق الدكتاتورية البعثية ، بدأت وسائل الأعلام التركية المعروفة بمجانبتها للحقائق و تهويل للأمور تتحدث عن أمور سرعان ما إكتشف الجميع سخفها و بطلانها كسيطرة المقاتلين الكرد على دوائر الطابو و النفوس و المحاكم و حرق
و ثائقها بل و أخذت تتحدث عن ( مجازر ) بحق التركمان. و جرى في تركيا تنظيم مظاهرات من قبل منظمات (الذئاب الغبر) التابعة لحزب الحركة القومية المتطرف وجئ بعدد محدود جدا من تركمان العراق الذين يعيشون في تركيا و يعملون في صفوف هذه المنظمات تحت إسم ( الجبهة التركمانية )  ليؤكدوا تلك المزاعم.
و تبين فيما بعد بأن بعثيا تركمانيا كان يدافع عن إحدى المنظمات الحزبية البعثية قتل في المعركة،  الأمر الذي أكده شقيقه على مرأى و مسمع العديد من القنوات التلفزيونية و بخاصة مراسل الجزيرة في أنقرة الذي كان يبحث دون كلل و دون ان يحقق نجاح يذكر عن كل ما يمكن أن يسئ به الى الكرد في كركوك و الموصل . وبعد إنقشاع غبار التهويل و ظهور الحقائق للجميع إضطر وزير الخارجية التركي أن يعترف بعدم صحة تلك المزاعم. لابد من الأشارة هنا الى أن المنظمة التي تطلق على نفسها الجبهة التركمانية و المعروفة بموالاتها و إرتباطها بدوائر الأستخبارات التركية ( الميت ) و بأشد القوى عنصرية و تطرفا في تركيا لعبت دورا سيئا  في نشر هذه الأكاذيب. فشل جميع المحاولات التي قامت بها هذه المنظمة على مدى السنوات الماضية و بتوجيه مباشر من الدوائر الأمنية التركية في إثارة الفتن و زرع بذور الشقاق بين الكرد و التركمان كمقدمة لتدخل عسكري تركي في كوردستان العراق ، إلا أن السياسة المسؤولة للأحزاب السياسية الكردية و عدم إنجرارها الى السياسات الصبيانية لهذه المجموعة كانت كفيلة بفشل مراميها . يبدو أن المؤسسات الأمنية و العسكرية التركية لم تفقد الأمل نهائيا في إثارة الفتن و الحزازات بين المكونات الأثنية في المناطق المحررة في الآونة الأخيرة التي تعاني أصلا من إحتقانات ناجمة عن السياسات اللاإنسانية للنظام البائد و خرجت لتوها من حالة كبت شديدة يجب أن تؤخذ بنظر الأعتبار و التعامل معها بعقلانية .  ستتحمل كل من يحاول إثارة الفتن بين السكان مسؤولية كبيرة أمام التاريخ و الشعب العراقي بمختلف مكوناته.
من هنا فإن المحاولات التركية لأرسال الأسلحة و الأموال و القوات الخاصة برفقة و تحت ستار المساعدات الأنسانية لابد أن تثير قلق و إدانة جميع العراقيين لأنها ستتسبب في كوارث و مآسي 
لن يسلم من شرورها أحد . لقد جاء إعلان القيادة العسكرية الأمريكية المكلفة بحماية الأمن في كركوك عن إلقاء القبض على 23 تركيا من بينهم 12 من أفراد القوات الخاصة التركية عند سيطرة كركوك برفقة سيارات كانت تحمل ( مساعدات إنسانية !!!) و العثور على كميات من الأسلحة و المتفجرات في سياراتهم ، ليشير الى اللوحة الحزينة التي تريد تركيا رسمها لمواطني كركوك بعد زوال النظام الصدامي . و يبدو أن هذه المجموعة لم تكن الأولي و لن تكون الأخيرة ، بل سبقتها مجموعات أخرى نجحت في التغلغل الى صفوف المواطنين في كركوك . كما لوحظ في الآونة الأخيرة تدفقا كبيرا للدولارات على كركوك . وتتداول اوساط العراقيين في الخارج أخبارا مفادها أن دوائر الميت التركي في السفارات التركية في البلدان الأوربية و في أمريكا و كندا تدعو اللاجئين و حملة الجنسيات الأوربية من تركمان العراق و تشجعهم الى العودة الى كركوك و إنتظار التعليمات هناك و تزودهم من خلال إحدى الواجهات الأمنية ( الجمعية التركمانية ) في أنقرة ببطاقة سفر مجانية مع 600 دولار أمريكي . و تثير تصرفات القيادة العسكرية الأمريكية في كركوك الحيرة لدى الكرد . فالسلطات الأمريكية التي تهدد إيران و سوريا من مغبة التدخل في شؤون العراق وفرت وسائل الراحة و المنام و الغذاء لهؤلاء الأتراك و أوصلتهم على حد زعمها الى الحدود التركية العراقية، رغم أن العمل الذي قاموا به يعد جريمة يعاقب عليها القانون  و خرقا لأصول العلاقات الدولية يجب إدانته و معاقبة القائمين به و التنديد بالحكومة التي تقف ورائه و تحذيرها من مغبة تكرار مثل هذه التصرفات. أليست هذه نموذجا صارخا للمعايير المزدوجة ؟ .
ويمكن للمرء أن يتسائل كيف إستطاع هؤلاء أن يمروا بالعديد من المدن الكردية و من بينها عاصمة أقليم كوردستان دون أن يتعرضوا للتفتيش ويكشف عن ( مساعدات الموت ) التي جلبوها الى كركوك معهم ؟ .
كيف ستتعامل القيادات الكردية التي رضخت للشروط التركية و سحبت مسلحيها من كركوك لتخلي الساحة للجندرمة و أفراد القوات الخاصة التركية ليعبثوا بأمن و سلامة مواطني كركوك مع هذه الأحداث ؟ ألم يحن الوقت ليقفوا بوجه تركيا و يؤكدوا لها بأنها لن تستطيع من الآن أن تتدخل في شؤون العراق؟ تريد تركيا أن تساهم في مشاريع إعمار العراق ، فإذا كانت ترسل الأسلحة و المتفجرات مع ( المساعدات الأنسانية ) ، ماذا ياترى سترسل لنا مع بعثات الأعمار ؟
لابد من وقفة جدية لوضع حد للتجاوزات التركية و الطلب من قوات الحلفاء ان تتعامل مع التدخل التركي بنفس الطريقة التي تتعامل معها مع التدخلات الأقليمية الأخرى . كما آن الآوان للمطالبة بخروج القوات التركية من كوردستان العراق أيا كانت تسمياتها . ولابد من مساءلة كل من يثبت  تعامله مع الأجهزة الأستخباراتية التركية و غيرها .   

 



#جبار_قادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التهديدات التركية توحد الأكراد
- الأنفال: تجسيد لسيادة الفكر الشمولي والعنف و القسوة // 20 مق ...


المزيد.....




- سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد ...
- ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت ...
- الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
- بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
- بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة
- مذكرة توقيف بحق نتانياهو وغالانت: ما هي حظوظ تطبيق قرار المح ...
- مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية ترحب بالقرار التاريخي للمحكمة ...
- الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من موظفي الإغاثة في 2024 أغلبه ...
- الداخلية العراقية تنفي اعتقال المئات من منتسبيها في كركوك بس ...
- دلالات اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنيا ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جبار قادر - محاولات تركيا لزعزعة الأستقرار في كوردستان العراق