|
الكورد الفيلية ضحية حكم عنصري وفاشي ..!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 1602 - 2006 / 7 / 5 - 06:20
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
في مسلخ قصر النهاية ، وبعد أن اعتلى الفاشيون سلطة 8 شباط في العام 1963، تقدم مني صبي ، في الرابعة عشرة من عمره ، على أكثر تقدير ، معصوب الرأس ، بشاش طبي ، وآثار تعذيب على وجهه ، ودماء متيبسة على ملابسه ، وسألني ألست أنت فلانا ، قلت بلى ، ولكن من أنت ، قال أنا ، جيرانكم " ابن ناظم " ، قلت وما أتى بك إلى هنا ؟ أجابني بزهو وخيلاء ، أنا وصديق لي بعد أن رأينا جريدة الحزب ( يقصد طريق الشعب ، جريدة الحزب الشيوعي العراقي ) قد تعطلت بعد نجاح مؤامرة شباط ، وما عادت للصدور سرأ" قمنا بتحريرها وإصدارها ، وأثناء التوزيع ألقي القبض علينا .. . تذكرت أبو ناظم جارنا الكوردي ـ الفيلي الطيب ، حيث ارتبطت أسرتانا بعلاقة جيرة ، صادقة وحميمة ، كان الهم العراقي هو الهم المشترك بين العائلتين ، ولم يدر بخلد أفرادهما ، الكبار أو الصغار ، أن يسألوا بعضهما ، إن كانوا شيعة أم سنة ، أو من أي قومية أو دين ، فهذا أمر لا يغير من إقامة علاقات محبة وود ، بين المواطنين العراقيين ، مبنية على احترام متبادل ، أساسه الأخلاق الطيبة والسمعة الحسنة . الكورد الفيلية من الشرائح الفاعلة والمهمة في المجتمع العراقي ، عريقة في تواجدها على الأرض العراقية منذ أقدم العصور ، ولا يمكنني إضافة شيء ذي أهمية تذكر ، في هذا المجال ، بسبب ما تطرق إليه وأغناه بحثا الكثير من المؤرخين والكتاب العراقيين والأجانب ، متناولين أصلهم و" فصلهم " والأرض التي ولدوا عليها ، أو جاءوا منها ، قديما ، وسكناهم وامتداداتهم حديثا ، والأدوار التي لعبوها في المجتمعات التي عاشوا فيها ، ومن يريد الاستزادة سيجد الشيء الكثير عند من كتبوا . ما يهمني في الظرف الراهن ، أن أساهم في بلورة وتبيان حقيقة بعض هذا الحيف والظلم ، الذي وقع ويقع على هذه الشريحة العراقية والوطنية ، ربما أكثر من غيرها من شرائح المجتمع ، البعض يرد أسباب الجرائم والأنتهاكات التي وقعت على هذه الشريحة من قبل الحكم القومي ـ الفاشي ، على أساس التمييز الطائفي ، على اعتبار أنهم شيعة علي بن أبي طالب وولاؤهم لأهل بيته ، وهذا الأمر ليس ما يورده الإسلاميون الطائفيون ، بعد أن سيطر القوميون والعنصريون الفاشيون على الحكم ، بل شاركهم فيه ، حديثا ، البعض من الكتاب التقدميين ، والذين كانوا إلى عهد قريب ممن يؤمنون بالفكر الماركسي ، والمنتمين للحزب الشيوعي العراقي خصوصا ، وبالطبع لا يمكن لهؤلاء أن يقدموا دليلا منطقيا وعقلانيا على هذه الدعوى ، على الرغم من أن هؤلاء الكتاب ـ التقدميين ـ يضعون الأسباب السياسية ، أحيانا ، نتيجة لحضور الحقيقة في أذهانهم ، وراء هذه الاضطهاد ، وهو باعتقادي سبب مهم وأساسي ، في الكثير، من معاناة الكورد الفيلية ، من قتل وتهجير وسلب لكل ممتلكاتهم وحقوقهم . المتتبع للوضع السياسي والاجتماعي العراقي منذ تكشيل الحكم الوطني الملكي ، وحتى سقوط جمهورية تموز ، يجد أن الكورد الفيلية ، كانوا يتمتعون بحريات عامة وخاصة ، حالهم حال بقية قطاعات المجتمع دون تفريق ، في تشكيل النوادي الرياضية والجمعيات ، وكان لهم ظهور ملحوظ على ميدان الحركة السياسية العراقية ، الوطنية الديموقراطية ، والقومية ، كقادة وكأعضاء ، كما أن الكثير من مثقفيهم وكتابهم ، يمارسون إبداعهم لخدمة القضية الوطنية ، ونتيجة لهذا الواقع دخل الكثير منهم السجون والمواقف العراقية ، ليس على أساس معتقد طائفي ـ شيعي ، ولكن على أساس معتقداتهم السياسية وتوجهاتهم الفكريه التقدمية والوطنية ، وحتى من حوكموا على انتمائاتهم للحزب الشيوعي ، أو للأحزاب القومية الكوردية ، لم تصدر الأحكام عليهم كونهم كوردا ، بل كمواطنيين عراقيين ، لحساسية القضية الكوردية في المجتمع العراقي آنذاك ، ولعدم تكوين انطباع عن الدولة من أنها تمارس قوانين عنصرية على مواطنيها .
الحكم القومي الفاشي ـ البعثي ، ومبادئ حزب البعث ، قومية وعنصرية بحتة ، وما كان يضمره البعث من كره وحقد على الكورد أمر مسلم به ولا يحتاج لبرهان أو دليل ، كما هو عداؤه للحزب الشيوعي ، المتبني لكل الحلول والشعارات القومية الكوردية ، وبما ان الكورد الفيلية هم كورد ، وشيوعيون في وقت واحد ، ومواقفهم من مقاومة 8 شباط لا يمكن أن ُتنسى ، على الضد من الفتاوى التي مارستها بعض من أقسام المؤسسة الطائفية لصالح الفشست ، وبالضد من مشاعر ووطنية هذه الطائفة ، كل هذه أمور لا يمكن أن تتجاوزها العقلية القومية ـ العنصرية ـ الفاشية ، ومن هنا نتبين أن الإضطهاد والقمع والقتل والتهجير له أسبابه ودوافعه السياسية ، المبررة وفق منظور عنصري ـ فاشي ، وليس على أساس طائفي ، يستمد من قوانين الجنسية العنصرية سندا" قانونيا" التجأ إليه ، والذي اتخذه ذريعة للتهجير ، من منطلقات عنصرية ، مستندا على التمييز بين : التبعية الإيرانية ، وتفسيرها بأنها أجنبية ، والتبعية العثمانية ، بأنها وطنية سواء أكانت عربية أم كوردية ..! واقع الحال يؤيد الرأي القائل أن أسباب التهجير ليست طائفية ، والأسباب كثيرة : الأول لم يشمل التهجير العناصر الحزبية المنتمية لحزب البعث ، فكثير من الكورد الفيلية الشيعة الأعضاء ، ظلوا يمارسون مسؤلياتهم في مؤسسات الدولة والحكم ، على الرغم من أن أشقاءهم واخوتهم قد شملهم التهجير ، لكونهم إما مستقلين سياسيا أو منتمين لأحزاب وطنية معادية للنظام ، السبب الثاني : تهجير النساء والأطفال وكبار السن قسرا والقائهم على الحدود ، مع الاحتفاظ بالشباب ، هذا الإجراء اقتضته تداعيات نية التفكير بالحرب ، وإلقاء تبعة مشاكلها على إيران ، وتعقيد مجمل الأوضاع التي تعاني منها الثورة الإسلامية.. السبب الثالث ، اقتصادي صرف ، بالاستيلاء على الأموال التجارية والمؤسسات الإقتصادية ، وكافة ممتلكات المهجرين ، لدعم المجهود الحربي . قوى الإسلام الطائفي ، إتخذت من قضية الكورد الفيلية والمحنة التي هم فيها ورقة للمتجارة ، ولابتزاز العواطف الطائفية ، طيلة صعود الفاشية إلى الحكم ، وبعد سقوط النظام ، كثفت من استثمار محنتهم التي هم فيها ، للحصول على أصواتهم في الانتخابات ، وبعد أن فازت بأصواتهم وتربعت على دست الحكم والمسؤولية ، نسيت كل وعودها وعهودها لهم ، ولا زالت مشاكلهم كما هي ، فلا حقوقهم في الجنسية قد عادت إليهم أو حصلوا عليها ، ولا الأموال والممتلكات قد ردت لهم ، ولا أحد من الحكام قد أجهد نفسه ، وقطع بعضا من وقته للبحث عن فلذات أكبادهم التي إحتجزها البعث ، وغيب قبورها ، ولم يستدل دليل ليدلهم على شاهدات قبور شهدائهم .! السلطة بيد شيعة علي الآن ، الذين يدعون أن الكورد الفيلية منهم ، دون بقية الشرائح ، فماذا ينتظرون ، فهل ُُحلت مشاكل هذه الشريحة التي لا يعرفها الحكام إلا وقت حاجتهم إليهم ؟ وأولئك الذين لازالوا يقبعون في معسكرات الحكم الإسلامي ـ الشيعي الإيراني ، الذين سمعنا صرخات استغاثتهم في الشتاء القارص ، دون منقذ أو مساعد ، هل لازالوا محاصرين تحت خيام لا تقي حرارة شمس ولا تحول دون عصف ريح ؟ وهل تم الاعتراف بهويتهم الوطنية ليعودوا إلى موطنهم ، الذي سقوه بدموعهم ودمائهم ، وبنوه لبنة فوق أخرى ، وفي نهاية المطاف يموتون في خيام المنافي ، وعيونهم ترقب طريق عودتهم الذي أغلقه حكامهم الطائفيون الجدد بوجوههم . هل ُتصدق جماهير الكورد الفيلية في انتخابات ثالثة أن الطائفية هي الحل ؟ أم انهم جربوها في معسكرات لجوء الدولة الإسلامية ، ولم يجدوا عندها سوى الإذلال والإهانة ، وعند الحكام الذين منحوهم ثقتهم ، غير بيعهم للمليشات المتناحرة على سرقة خيرات البلد لدولة ولاية الفقيه ..! ليس لي غير سؤال أهمس به ، بأذن كل الضحايا من الكورد الفيلية ، هل يلدغ المرء من جحر مرتين ؟؟؟! ولست مستعجلا لسمع الجواب ، أنتظره بعد الإنتخابات القادمة ..إن كتب الله لي الحياة ولكم العمرالمديد ..!
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
!...خاطرة / عن حسن سريع ..وقطار الموت
-
ثورة العشرين ..وواقعنا الراهن ..!
-
علمانية الدولة ضمانة للديموقراطية..!
-
لحية العنزة ..والسروال الشرعي ..!
-
الحكومة وخططها الأمنية ..والمليشيات ..!
-
عن صراحة ابن عبود مؤتمر اتحاد كتاب السفارة العراقية في السو
...
-
الزرقاوي والمتياسرون ..!!
-
المليشيات ..ووعود المالكي ..!!
-
..!أمجاد نعاديها
-
الطبقة العاملة ..وطموح حزبها السياسي ..!!
-
الشخص المناسب في المكان المناسب ..!
-
الديموقراطية والواقع في العراق ..!
-
الذاكرة العراقية ..!
-
الأئمة من قريش ..!!
-
الدستور هو المشكلة ..!!
-
مصداقية ساستنا ..ووطنيتهم ..!
-
باقة من الورد ..للحزب الشيوعي العراقي في عيده ..!
-
عدوى الديموقراطية ..وعمرو موسى ..!
-
المقاومة ..والدفاع عن الوطن ..! !2 2
-
المقاومة ..والدفاع عن الوطن ...!! 12
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|