محمد عبعوب
الحوار المتمدن-العدد: 6679 - 2020 / 9 / 17 - 23:42
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
في هذا الكاتب الصادر عن الدار العربية للدراسات والنشر بسوريا يتناول الباحث والاعلامي المصري شفيق مقّار، عمليات التطوير التي مر بها العهد القديم كتاب اليهود المقدس عبر العصور على يد كهنة المعابد اليهود، متخذا من الروايات المباشرة وغير المباشرة التي تناولتها هذه الإصححات، و المتعلقة بالحياة الجنسية كما صورها خيال هؤلاء الكتبة، مدخلا لكتابه،الذي يعرض بشكل دقيق وموسع ما لحق بالتوراة الاصلية من تشويه او تطوير بالمفهوم اليهودي على يدهؤلاء الكتبة، عبر العصور حرصا منهم على تكييف النصوص بما تتطلبه مصالحهم في كل مرحلة من مراحل التطور على مدى قرون قبل بعث المسيح كمصحح للتوراة، التي نزلت على موسى و التى ضيعها هؤلاء الكتبة بتحريفاتهم لخدمة اهدافهم و نزواتهم الدنيوية .
انطلاقا من حقيقة و واقعية ان التوراة المتداولة اليوم لم تعد لها علاقة، او في أحسن الحالات لا يربطها بالواح موسى سوى الاسم "التوراة"؛ إذ أن ما كتبه كهنة المعابد اليهودية عبر العصور بعد النبي موسى، ما هو سوى نزوات ورغبات امتلاك طاغية صبغت سلوك تلك القبائل العبرانية التائهة عبر الصحاري بحثا عن ارض تملكها، وهي روايات ضمت الى جانب رغبات الامتلاك صورا جنسية مستوحاة او كما يقول الكاتب مسروقة ومحرفة من ديانات شعوب مرت بها هذه القبائل خلال هجراتها المتتالية، ابتداء من ديانات حضارات بلاد الرافدين مرورا بديانات الكنعانيين و الاراميين، وصولا الى الديانة المصرية..
المؤلف يتناول في مؤلفه هذا بالتحليل الخلفيات الجنسية للعديد من الروايات الواردة في العهد القديم سواء التي تتحدث بلغة مباشرة عن مشاهد وعلاقات جنسية سطرها كتبة العهد عبر العصور، وهي صور وروايات تخدش ابسط القيم الاخلاقية، و لا تليق بمقام من تناولتهم، الامر الذي يؤكد ان التوراة المتداولة اليوم لا علاقة لها بتلك الالواح التي نزلت على موسى، والصادرة عن ذات إلهية لإصلاح الانسان وهدايته..
ما لفت انتباهي في الكتاب وشدني لمواصلة قراءته رغم طوله (اكثر من 500 صفحة) وكثافة مادته وتداخل تحليلاته، هو تقديمه لصور موثقة ومثبتة لسرقات كتبة العهد القديم لروايات ونصوص و أفكار من ديانات شرقية قديمة كانت سائدة في منطقة الهلال الخصيب وفلسطين ومصر ، مثل حضارة السومريين في ارض الرافدين والكنعانيين في فلسطين و المصريين، وهي سرقات لا يمكن الشك في أن كتبة العهد القديم بعد رحيل موسى، قد اقتبسوها من ديانات تلك الحضارات بحكم تواجدهم بين شعوبها لفترات طويلة لخدمة أهدافهم الدنيوية .
الكتاب يفيض بصور لمشاهد جنسية مباشرة او توظيف جنسي لبعض الحوادث، كتبها كهنة إصحاحات التوراة، تعرضت لتعديلات متكررة عبر العصور، استقى هؤلاء الكهنة فكرتها من ديانات شرقية قديمة عاشوا بين شعوبها كانت تقدس الجنس. كما يقدم المؤلف صورا مثبتة لعمليات استنساخ مباشر وغير مباشر لبعض المشاهد والحوادث التي وردت في ديانات هذه الشعوب، وتقديمها على أنها نصوص مستوحاة من الالواح التي نزلت على النبي موسى..
#محمد_عبعوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟