أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - المُولِد الصيني : هل سيخرج منه العراق بلا حمص ؟















المزيد.....

المُولِد الصيني : هل سيخرج منه العراق بلا حمص ؟


عارف معروف

الحوار المتمدن-العدد: 6678 - 2020 / 9 / 16 - 15:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ا لمُولِد الصيني : هل سيخرج منه العراق بلا حمص ؟
----------------------------------------------


يتعالى الجدل اليوم حول الربط السككي وفيما اذا كان من الافضل ان يكون مع ايران او مع الكويت مع ترك مشروع بناء ميناء الفاو الكبير بسبب كلفته الكبيرة وتاخره ولا جدواه كما دعى البعض ، او تاجيل الربط السككي حتى الانتهاء من انشاء ميناء الفاو لتكون هناك استفادة عراقية اكبر كما يذهب اخرون ، لكن المؤكد اننا جُعلنا في خانق وعملت ارادات داخلية وخارجية على تفويت فرصنا في خيارصحيح ، وطني ومستقبلي .
ان الزمن لا ينتظرنا وان هذه المسألة اسوة بكل مسالة اخرى مشابهة ، كبيرة ومؤثرة ، تتعلق بالارادة الوطنية المستقلة ومدى تحررها اولا ، وقدرتها على التعبير عن نفسها من خلال او بالتاثير في مركز القرار ، بشتى الوسائل المتاحة ، ومنها الضغط الشعبي ثانيا . ان العراق جزءٌ من كلٍ اقليمي وعالمي ، وهو بحكم وضعه الحالي عرضة لتاثيرات خارجية كبيرة ، تقرر ، في واقع الحال الكثير، من شؤونه وشجونه ولذلك يتعين النظر الى قضاياه الكبيره الراهنه في ضوء معطيات هذا الواقع الخارجي المؤثر ايضا بل والحاسم في اكثر الاحيان .
ان الجدل الحالي لا يعبر فقط عن اراء شخصية وانما هو ايضا ، تعبير عن صراع ارادات ، وصراع الارادات هذا ، يتم في هذا المجال تحديدا، في ضوء متطلبات المبادرة الصينية ، مبادرة الحزام والطريق ، لذلك يتعين علينا ، كما اعتقدالعروج الى هذه المبادرة وقراءة ما طرحته من تحديات وصراعات ووقائع .

في سعيها للافلات من الطوق الامريكي الذي يحاول تشديد الخناق عليها عبر اكثر من 180 قاعدة عسكرية تنتشر في بحر الصين الجنوبي ومساع امريكية مستمرة لتوسيع هذا الوجود العسكري وضغطه المُهَدِد ولأن الصين هي مشغل ومتجر العالم اليوم وتدرك جيدا ان استمرارها وتطورها ومستقبل اجيالها مرهون بتامين وخدمة السوق العالمي لانتاجها الصناعي المتعاظم وشموله لمختلف اوجه النشاط البشري ومواصلة توسيع التجارة والسعي الى مدّ شرايينها الى كل ارجاء المعمورة اطلق الرئيس الصيني زي جن بنغ مبادرة “الحزام والطريق “ من جاكارتا في العام 2013...
اعتمدت هذه المبادرة مفهوم " النفع المتبادل " وهو البديل الصيني المناقض للمفهوم الامبريالي الغربي لمحتوى العلاقات الدولية مع الامم والشعوب الاخرى ، مفهوم القّوة والهيمنة وتحقق النفع والفائدة في جانب والخراب الشامل والتبعية في الجانب الآخر فلم تكن مبادرة الحزام والطريق استعادة معاصرة لطريق الحرير القديم فقط وانما حزمة مهولة من طرق بحرية وبرية وبني ارتكازية عملاقة لخدمة هذه الممرات والمسالك من موانيء ومطارات وطرق وجسور عملاقة وسكك حديد حديثة وقطارات فائقة السرعة مع ما يتطلبه ذلك من مدن حديثة ومحطات توليد كهرباء ضخمة ومحطات تحلية مياه ومصافي نفط ومحطات ضخ نفط وغاز وانابيبها التي تمتد الالوف الكيلومترات ومراكز بحوث ومختبرات وجامعات ...الخ ، انه في الواقع ، مشروع عملاق ، وغير مسبوق ، على صعيد العالم ، حيث يفوق مشروع مارشال الذي اعاد تعمير اوروبا الغربية واليابان في اعقاب الحرب العالمية الثانية بعشرة اضعاف ، حيث وصلت تخصيصاته الى ثمانية ترليونات دولار حتى الان !
انه مشروع عملاق شمل اكثر من 60% من سكان العالم ووقعت عليه حكومات 65 بلدا في قارات العالم الثلاث ، اسيا وافريقيا واروربا ويؤمل ان تنضم اليه اكثر من 138 دولة في حين تذهب قراءات اخرى الى انها قد تبلغ 195 دولة !
ان جوهر مبادرة الحزام والطريق هو ربط العالم بشبكة طرق ومواصلات مع تشييد بناها التحتية المناسبة بما يمّكن من اختصار المسافات والزمن امام حركة التجارة الصينية سواءا كبضائع مصدرة او خامات ومواد اولية مستوردة وضمان تدفقها بعيدا عن التهديدات الامريكية اساسا اوغيرها ولهذا فهو يتضمن حركة خروج من الصين ودخول اليها ، لكنه سيخدم بلدان العالم الاخرى بتوفير بنية تحتية عالمية متطورة تسهل حركة البضائع والخامات والخدمات والعمالة والخبرة عبر العالم ، فاختصار المسافة والطريق عبر العراق والى اوروبا وبالعكس من العراق الى الهند والصين وغيرها سيوفر للعراقيين ، مثلا ، الوقت والمال وفرص العمل ويعظم الموارد وياتي بالخبرات وربما اصبح مركزا لتصدير البضائع المصنعة عبر افتتاح معامل الانتاج الضخمة وتطوير البنى الزراعية وقبلها الاروائية وهذا يشمل بالنتيجة التعليم ومستواه ويشمل بتاثيره المجتمع ككل .
تعتمد الصين بشكل خاص على نفط وغاز الشرق الاوسط وتمثل دول السعودية والعراق ومحميات الخليج العربي 48% من استيراداتها النفطية ولذلك فانها تجد مصلحة قوية في تامين هذه الاحتياجات وتوسيعها مستقبلا ، اذ تضاعف استهلاك الصين من النفط من 3,5 مليون برميل يوميا عام 2001 الى 12 مليون برميل يوميا عام 2018 وهي تتنامى باستمرار ويشكل النفط العراقي 10% من مجمل استيرادات الصين من النفط وهو رقم كبير يمثل نسبة هائلة من حجم النفط العراقي المُصّدر ، ولا يفوق هذه النسبة ، في الشرق الاوسط ، الاّ السعودية التي تمثل نسبة 12-14 % اما الكويت وعمان والامارات فحظها اقل من نسبة ما يصدره العراق للصين .
ان هذا الواقع اضافة الى حقيقة اخرى اكثر اهمية بكثير ، هي كون العراق يقع في قلب الجسر البري الرابط بين القارات الثلاث ، خصوصا وفق المسارات البرية و البحرية لمخطط المبادرة الصينية ، جعل الصين تتقدم الى العراق بمشروع لبناء ميناء الفاو والذي كان يمكن ان يكون بسعة وضخامة وتأثير مشروع ميناء كودار الباكستاني ، والذي سنتحدث عنه لاحقا ، اي انه كان سيشتمل ، لا على مجرد بناء الميناء العميق والواسع والاساسي بالنسبة لمستقبل العراق بل وتكون هناك بنية تحتية وارتكازية هائلة تسنده وتحيط به كان يمكن لها ان تقلب حياة البصرة والبصريين الى الابد لو تمت الموافقة عليها والتمكين من انجازها خلال السنوات الخمس المنصرمة ، بل وكان يمكن ان تطال بتاثيرها العراق والعراقيين وتغير حياتهم نحو الاحسن وتضمن لهم قاعدة قوية للتطور والافلات من مسار الخراب الذي يكابدونه ، لكن تافها ووضيعا كان يقف عند اقدام اوباما ولا يحظى منه ببصقة ، " يعني تفلة بالعراقي " ، قرر رفض العرض الصيني ، فاتجهت الصين الى الكويت التي استقبلت الفرصة بتهليل واسع وعرضت جزيرة بوبيان للا ستثمار الصيني ، رغم ان موقعها لا يمكن ان يخدم بحال المبادرة الصينية بسبب انه يرتبط بسماح العراق بالربط ويموت بدونه ، لكن الحكومة الكويتية املت ان تحصل على ما يطمن حاجتها عبر العراق من خلال شراء الذمم والرشى لمجاميع الفاسدين واللصوص والخونه الذين تسلطوا وجثموا على صدر العراق !
في مبادرتها هذه وفي سياستها المعاصرة عموما ، لم تُعر الصين التفاتا الى طبيعة النظم السياسية والاجتماعية القائمة وهي تعرض اتفاقات المشاريع المشتركة على دول وانظمة مختلفة مع ما يكفي ويطمن من ضمانات ، وينطوي على نفع متبادل حقيقي وملموس ولذلك فقد فتحت الباكستان ابوابها للمشروع الصيني وكذلك رحبت بالاستفادة منه مصر والسعودية بل وهللت لفرصه المتاحة محميات بحر العرب وخليج البصرة فاضافة الى ميناء كودار الباكستاني الذي يجري تحويل بقعة مهملة من الاطلالة الباكستانية على بحر العرب ، بقعة مجدبة ووعرة الى معجزة معاصرة ، عرضت سلطنة عمان ميناء الدقم المحلي البسيط ، والذي كان بقعة فقيرة ومنسية لصيادي الاسماك المحليين قبل اربعة اعوام على الصينيين الذين تواصل شركات انشاءات عملاقة منهم بناء ميناء عملاق في الدقم ، وتشييد منطقة حرة كبيرة بل ويشمل البناء كذلك مصانع تكرير نفط ومطارات ومحطات اعمال ومدن سكنية وجامعات وفنادق عالمية ومنتجعات بحرية ومصانع سيارات والكترونيات ، بما يهدد بل وسيسحق منطقة جبل علي في الامارات ويخرجها خارج مسرح الاضواء !
والان ، تعالوا الى مصيبتنا ، فاذا كانت حتى الباكستان ومصر والسعودية ومحميات خليج البصرة ، اضافة الى ارتباطها بامريكا وامكاناتها المالية الهائلة ، كالسعودية والكويت مثلا ، قد رحبت بالاستفادة من الامكانات الصينية المتفجرة بل وقد سبقتها دول جنوب شرق آسيا كلها ودول خليج ملقه وايران وتركيا ودول شمال وغرب ووسط اوروبا ، فهل عمي هؤلاء جميعا عن مصالحهم وابصر الحق قزمٌ تافهٌ مُكن هو وامثاله من شؤون العراق تحت عباءة الاحتلال الامريكي ؟! واذا كان حلفاء ترامب في المنطقة والعالم قد ابصروا حقيقة افول الدور الامريكي وانكفاءه وصعود نظام عالمي جديد تمثل الصين فيه دورا محوريا كاسحا فعملوا على تدارك ما يستطيعونه من مصالحهم بالاستفادة من الوقائع والامكانات الجديدة فلماذا يتمسك جهلة وامعات يحركهم ويسيطر على عقولهم كل من هب ودب في اعلام محلي تافه وسقيم بتضييع فرصنا مثلما اضاعوا واهدروا عبر سنوات طويلة ثرواتنا وكرامتنا وسيادتنا وقرارنا ومستقبل ابناءنا ؟!

ان المسألة ليست مسألة ربط سككي بايران او الكويت وايهما افضل لنا الان ، فحسب ، مثلما يحاولون الترويج عبر اعلامهم المغرض التافه ، ايها الاخوة ، وانما مسالة تتعلق بتضييع فرص نادرة والتفريط بامكانات وطنية هائلة لا يمكن ان تتكرر ، بسبب غياب الارادة الوطنية المستقلة وغياب الادراك لحقيقة مصالحنا الحيوية والمستقبلية من قبل من تسند اليهم السلطة والقرار . ان ميناء الفاو ، وعلى الرغم مماحصل ، لايزال يمثل قاعدة اساسية لتطوير جنوب العراق بل والعراق كله ولا تزال هناك فرصة كبيرة للاتفاق مع الصين التي ستفضله على بوبيان ، حتما ، خصوصا وان كلفته بل وكلفة كل ما يمكن ان يحيط به من بنى لا تمثل شيئا اتجاه ما صرفته وتصرفه الصين من استثمارات ومبالغ طائلة في كودار الباكستاني او الدقم الاماراتي او غيرها !



#عارف_معروف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة 14 تموز ... ماضٍ ام مستقبل ؟!
- لعبة الطرد خارج الحلبة والعودة في شوط آخر !
- مالذي جرى ويجري ؟ ....محاولة اولية في قراءة الوقائع ...(2)
- مالذي جرى ويجري ؟ ....محاولة اولية في قراءة الوقائع ...(1)
- الحاكم وطني مخلص والشعب خائن وجاهل منذ 1991 حتى 2019 !
- تقرير اللجنه الوزارية : اراد ان يكون - متوازنا - ففقد التواز ...
- ثورة 14 تموز 1958 ...ثورة الامل المغدور !
- لا اظنهم يجهلون ما يفعلون !
- لا قطاع خاص طفيلي ومخّرب ولا قطاع عام فاسد وطفيلي ....
- اخرجوا رؤوسكم من الرمال ياسادة .. قد يرى الناس صورة صدام في ...
- الخشقجة الصغرى والخشقجة الكبرى ..وما بينهما !
- رئيس وزراء صادق وشعبٌ كذّاب !
- ترامب ومحميات الخليج : سحق الأصدقاء قبل الأعداء !
- جوق الإنشاد ، من - ابن الرافدين - الى ادرعي وكوهين !
- قصة الطفل المعجزة ساسون حسقيل !
- فرهود اليهود ....هل كان مذبحة عنصرية ؟ !
- هل يخرج العراقي من الباب ليدخل الإسرائيلي من الشباك ...شبهات ...
- مع إيران ام مع أمريكا ترامب ؟
- ماكشفته مدرسة الراهبات !
- احتجاجاتنا واحتجاجات الأوادم !


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عارف معروف - المُولِد الصيني : هل سيخرج منه العراق بلا حمص ؟