|
محطات في السيرة النبوية .. حليمة السعدية .. ورضاع النبي محمد الحلقة الرابعة
سلام الفحام
الحوار المتمدن-العدد: 6675 - 2020 / 9 / 13 - 03:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا في البادية ؟ في كافة المناهج الدراسية المتخصصة في نقل السيرة النبوية يُذكر أن عادة أشراف العرب وخصوصا أهل مكة كانوا يرسلون أبنائهم الى البادية لأسباب ذكرها أرباب السير منها : ــ البادية أصلح لنمو أجسام الأطفال . ــ وأبعد من أمراض الحضر ــ فضلا عن أتقان اللغة العربية وتعوّد النطق بالفصحى . وأعتبروا أشهر قبيله في هذا المضمار هي قبيلة بني سعد التي حازت على شهرة في العناية بالطفل وجودة لغتها العربية ... وربما هناك اسباب أخرى . ولم يذكر أبن هشام هذه الأسباب فقال : [قال ابن إسحاق : فلما وضعته أمه صلى الله عليه وسلم ، أرسلت إلى جده عبد المطلب : أنه قد ولد لك غلام ، فأته فانظر إليه ، فأتاه فنظر إليه ، وحدثته بما رأت حين حملت به ، وما قيل لها فيه ، وما أمرت به أن تسميه . فيزعمون أن عبد المطلب أخذه ، فدخل به الكعبة ؛ فقام يدعو الله ، ويشكر له ما أعطاه ، ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها . والتمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرضعاء . قال ابن هشام : المراضع . وفى كتاب الله تبارك وتعالى في قصة موسى عليه السلام : وحرمنا عليه المراضع]. اهـ أقول : ماذا يقصد أبن أسحق عـندما يقول (فيزعمون) . من هؤلاء ؟!!!! ولا أعرف لماذا حشر ابن هشام هذه الآية هنا ... كأنه يشكك بموضوع رضاعة النبي في البادية. ثم قال : [ قال ابن إسحاق : فاسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر ، يقال لها : حليمة ابنة أبي ذؤيب ] . فلم يذكر ابن هشام ولا ابن اسحق سبب الارسال للبادية ولا زلنا نبحث عن مخترع قصة إرسال أشراف مكة أبنائهم للبادية . يقول صاحب كتاب الصحيح في سيرة النبي الأعظم في ج2 ص148 وعلى كل حال فقد كان إرسال الأطفال بي البادية للرضاع، هو عادة أشراف مكة، حيث يرون أن بذلك ينشأ أطفالهم: أصح أبدانا، وأفصح لسانا، وأقوى جنانا، وأصفى فكرا وقريحة، وهي نظرة صحيحة وسليمة، وذلك لما يلي: أما كونهم: 1 - أصح أبدانا، فلأنهم يعيشون في الهواء الطلق، ويواجهون مصاعب الطبيعة فتصير لديهم مناعة طبيعية تجاه مختلف المتغيرات، في مختلف الظروف. 2 - وكونهم أفصح لسانا، من حيث إنهم يقل اختلاطهم بأهل الأقطار الأخرى، من الأمم الأخرى، على العكس من سكان المدن، ولا سيما مكة، التي كانت تقيم علاقات تجارية بينها وبين سائر الأقطار والأمم. ولها رحلتا الشتاء والصيف، إلى البلاد التي تتاخم البلاد الأجنبية، التي لا يبعد تأثرها بها - قليلا كان ذلك أو كثيرا -. 3 - وكونهم أقوى جنانا، لما قدمناه في مطاوي كلماتنا في الفصل الأول. 4 - وأما أنهم أصفى فكرا وقريحة، فهو حيث يبتعد الانسان حينئذ عن هموم المدينة، وعن علاقاتها المعقدة والمرهقة، حيث لا يواجه في البادية إلا العيش الساذج والبسيط، والحياة على طبيعتها. ولا يتأثر فكره وعقله، بالمفاهيم والأفكار التي تفرضها تلك الحياة المثقلة بالعلاقات المنحرفة، ثم هو يجد الفرصة للتأمل والتفكير والتعرف على أسرار الطبيعة والكون، ولو في حدود عالمه الناشئ المحدود، ومداركه الناشئة أيضا. وأخيرا يقول : غير أننا لا نستطيع تطبيق هذا المنطق على رسول الله الذي كان مرعيا بعين الله وموضعا لألطافه وعناياته وقد كان غنيا بالله عن كل ذلك .أهـ فهو لم يعطينا المصدر الذي أخذ منه أسباب الرضاع في البادية كعادة من كان قبله ممن كتبوا السيرة ذكروا القصة واستنتجوا الاسباب دون إعطاءنا ما نهتدي به لمعرفة حقيقة أرسالهم . لاحظ كلام العلامة العاملي كأنه يتحدث عن مدينة في القرن العشرين مكتظه بالأجانب ومختلف اللغات والألسن ومملوءة بالهواء الملوث نتيجة أبخرة المعامل ودخان السيارات . كذلك اليعقوبي في تاريخه لم يوضح سبب إرساله الى البادية فقال : [واسترضع في بني سعد بن بكر بن هوازن. وكان عبد المطلب دفعه إلى الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي زوج حليمة بنت أبي ذؤيب السعدي، فلم يزل مقيما في بني سعد يرون به البركة في أنفسهم وأموالهم حتى كان من شأنه في الذي أتاه في صورة رجل، فشق عن بطنه وغسل جوفه، ما كان. فخافوا عليه وردوه إلى جده عبد المطلب وله خمس سنين، وقيل أربع سنين، وهو في خلق ابن عشر وقوته]. ولم يذكر لنا المؤرخون مَن مِن أبناء أشراف قريش قد أرسل الى البادية للرضاعة في تلك السنة التي أرسل فيه النبي صلى الله عليه وآله . وفي مقابل هذا يذكر المؤرخون بأن قريش هي أفصح العرب وقد نزل القرآن بلسانها وفيها شجعان العرب وصناديدها فهل تعلموا الفصاحة والشجاعة من البدو ثم نقلوها الى مكة ، وإذ يقول اليعقوبي (فلم يزل مقيما في بني سعد يرون به البركة في أنفسهم وأموالهم) ، فلماذا حاربوه في حنين فعلى أقل تقدير يردون جميل البركة التي لحقتهم في أنفسهم وأموالهم بسببه وهل يمكن أن يبين لنا المؤرخ ما هي البركة التي نالتهم في أنفسهم وأين هي شجاعة البدو التي تعلو على شجاعة الحضر وقد فرّوا عائدين لديارهم. يتبع
#سلام_الفحام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محطات في السيرة النبوية .. حليمة السعدية .. ورضاع النبي محمد
...
-
محطات في السيرة النبوية .. حليمة السعدية .. ورضاع النبي محمد
...
-
محطات في السيرة النبوية .. حليمة السعدية .. ورضاع النبي محمد
-
يا للهول ... وما العراق اليوم الا خِربة تعيسة قانون التقاعد
...
المزيد.....
-
مرشح جمهوري يهودي: على رشيدة طليب وإلهان عمر التفكير بمغادر
...
-
الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا
...
-
شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
-
هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال
...
-
الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
-
الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا
...
-
الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم
...
-
الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس
...
-
الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|