عيد الدرويش
الحوار المتمدن-العدد: 1601 - 2006 / 7 / 4 - 08:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ظهر في الآونة الأخيرة مصطلح التطرف الديني بين الأوساط الدينية والسياسية وبدأت تتناوله أجهزة الأعلام وتطلق على جماعة دون أخرى وفق ما ترغب وما تريد من موضوعه ومحموله وبين الجهل والتكفير لكل من لم يوافق هذه الطائفة أو تلك وصولا إلى الحكومات التي استثمرت هذا المصطلح لأغراض استعمارية مستغلة حالات الجهل وعدم المعرفة من العامة وتطرف من تريد تطر يفه بما يتماشى مع رغباتها وميولها وأهدافها .
من هنا يصعب علينا الولوج في هذا المضمار لأننا سنتناوله من وجهة كلية عامة وليست من وجهة نظر فقهية ,فلابد من البداية أن نعرف التطرف ببعض الكلمات ,فهو الابتعاد عن الوسطية في حل المشكلات التي تعترض مسيرة تطبيق الدين في حين أن الأديان كلها جاءت ضمن مساقات عامة دون تشخيص للزمان والمكان وهناك مرونة للمعايير ولكن معتنقي الدين وتشددهم في بعض الأمور يجعلهم متطرفين لطرف دون آخر وأن كل من لم يتبعه فهو ضال ويجب تكفيره فضلا عن العامة الذين لم يعرفوا عن الدين إلا بعض الأمور فالذي يعرف جزء من هذه المعارف الدينية قد فوض نفسه على الدين كله وأن الذي هو أعلى منه درجة في العلوم الدينية لا يقبله ويجيز تكفيره وإذا كان الاجتهاد والتأويل هو جائز في تلك المسائل ولكن هذا لا يتضمن التجاوز والاجتهاد في حدود الله عز وجل
ولا يكون تعدي بين أركان الدين وشعب الأيمان ومقامات الإحسان وأن كل الأديان السماوية تدعو إلى التسامح والمحبة والخير والعدل والسلام فالعنف مرفوض في الأديان وما نراه في الدين الإسلامي يوصي الرسول عليه الصلاة والسلام من أراد أن يفعل خيرا فبيده وان لم يستطع فبلسانه وان لم يستطع فبقلبه فهو أضعف اليمان , فحدود الله يجب أقامتها فهي العدالة بحد ذاتها والعدالة أساس الحكم ,فعنف القصاص هو وأد العنف مسبقا لأنه تحذير من الله عز وجل للذي يقترف ذنبا فهو حماية لك أيها الفرد من الآخرين وهذه وسطية وحماية الآخرين منك وهذه أيضا وسطية ومن لم يقم بذلك فهو تطرف من نوع آخر في التطبيق , فهناك أشكال متعددة ومتنوعة للتطرف , فضلا عما تتدخل به أيدي خارجية لأغراض استعمارية وسياسية وقال عز وجل (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )وبهذا تنظر الأديان إلى الإنسان دون النظر إلى لونه ولغته فيتساوى أمام الدين فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى , وما قاله الإمام علي بن أبي طالب للأشتر واليه في مصر يعوه إلى العدل والمساواة بين الرعية (الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق )وإذا نظرنا إلى التطرف بشكل عام في الأديان نلاحظ أن
اليهود الذين راو في التوراة أنهم شعب الله المختار وأن مغالاتهم في ذلك جعلهم متطرفين وأن كل شعوب الأرض يجب أن تقوم بخدمتهم وأيضا المسيحية فهناك تطرف فيها في
البلدان الغربية جعلهم موالين للصهيونية وعنصريتها ودعمها بكل ما أوتوا من قوة في حين أن الأديان الثلاث شكات حالة تعايش في الأرض لا مثيل لها وهي أيضا مهبط الديانات السماوية , وأن ما تفعله الأيدي الخارجية من أجل زعزعة الأمن الاستقرار
في تلك الدول التي تريد السيطرة عليها أو النيل منها وبصيغ أخرى مكافحة الإرهاب , فالصورة أكثر وضوحا ما يفعله الرئيس الأمريكي (بوش )بادعائه بأنه مفوض من الرب بمحاربته الإرهاب ومكافحته وإقامة العدل والسلام ونشر الديمقراطية وإذا كان اعترافه بذلك وان الرب أيضا هو الذي أنزل الرسالات السماوية والأنبياء وأن الأديان تدعو إلى الخير والمحبة ولا تناقض بينها والمساواة بين بني البشر على اختلاف ألوانهم وأديانهم فلماذا هو يحارب أحد الأديان ويتهمه بالإرهاب فهو بهذا الاعتراف يعترف بنصف الحقيقة ويخفي النصف الثاني ألم يكن ذلك تطرفا وجهل لحقيقة الأمور أو بمعنى آخر هو قصور في التفكير واتهامه للدين الإسلامي بالإرهاب ومحاربته وأن هذا الدين هو الذي يعيق الديمقراطية الم يكن ذلك تطرف وتفكيرا لهذا الذين والذي جاء بتعاليم سامية ولم يكن جابرا للآخرين في اعتناقه ((لا إكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي ))وجاء في التنزيل ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) وعن عباس قال (ص)إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين ) والمهمة منوطة بأبناء هذه الأمة والتي كرمها الله عز وجل( كنتم خير أمة أخرجت للناس) فالتطرف أيضا لا يقف عن حد الإرهاب والعنف فله وجوه وآثار متنوعة فالمتطرف والمغالى في الدين متعصب لأمور لجهله بغيرها (فالمرء عدو ما يجهل )فهو يرفض كل أشكال التطور والتقنية ويرفض أن يستعمل مبتكراتها فهو يريد الرجوع إلى الماضي ويعتبر أن هذه الأمور والمكتشفات هي زيف وبدع وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار في حين أن الدين الإسلامي قد حض على العلم والمعرفة وهي واجبة عليه (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )وجاء في الحديث الشريف (يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدماء الشهداء )وأيضا في الحديث الشريف (يقال للعابد أدخل الجنة ويقال للعالم أتئد حتى تشفع للناس ) لقد استشرى العنف والتمرد والإرهاب في كل بلدان العالم خارجي وبأيدي خفية تريد زعزعة الأمن والاستقرار في بعض البلدان ولكن وفق القاعدة الوضعية فان الفعل يساوي رد الفعل هذا ما يقودنا أمريكا والصهيونية تجني ما تفعله من
إرهاب منظم فأصبحت معاييرها المقاومة إرهابا والإرهاب هو مقاومة ما يحدث في فلسطين والعراق وأفغانستان وفي دول عربية أخرى باسم الديمقراطية وحقوق الأنسان لماذا الى الدين لتوظيفه بهذه المهمة هل أنه يشكل قوة خارقة وحاملا موضوعيا للمبادئ والقيم ولثقافتنا وحضارتنا التي تريد تدميرها الصهيونية العالمية أفلست الإيديولوجيات والنظريات الاجتماعية بالسيطرة على الأمة العربية وحضارتها وبدأت بأشكال الإرهاب
واتخاذ عدو لها هو الدين الإسلامي ربما لم تتخلص من ذهنية الشعوبية والتتار وناسية ومتناسية لما تقدمت البشرية عشرات المرات لما كانت عليه عنصرية التتار والمغول فهل كان في ذات الأسلوب لمن يرفضون التطور ألم يكن ذلك جهل ونقض في التفكير وهو أيضا تفكير للآخرين وربما وجد الغرب فينا تربة خصبة لا نتاش تلك البذور من الفتنة والإرهاب أين موقف الدعاة أو أشباه الدعاة لهذا أم أنهم مشغولون باستجداء السلطة لتنطبق المقولة عليهم عندما طلب العرب الدين أضاعوا الدنيا وعندما طلبوا الدنيا فقد أضاعوا الدين والدنيا فهذا هو أكبر مثال على تطرفنا في كلا الحالتين معا
#عيد_الدرويش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟