|
إستراتيجية تركيا وإيران :تفكيك المجتمعات ونهب الثروات .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 6674 - 2020 / 9 / 11 - 14:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تشكل تركيا وإيران تحالفا خطيرا يهدد أمن واستقرار الدول والشعوب العربية باعتماد إستراتيجية تقوم على تفكيك الشعوب على أساس طائفي ودعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة لترهيب المواطنين ، فضلا عن استخدام المياه سلاحا لفرض الأمر الواقع على سوريا والعراق .فمع اندلاع ما بات يُعرف زورا بـ"الربيع العربي" ، فتحت تركيا وإيران حدوهما لدخول عناصر القاعدة وداعش إلى سوريا والعراق لتنفيذ مخطط الهيمنة على الدولتين وتفكيك شعبيهما. فالعراق وسوريا ظلا صامدين طوال عقود ضد الأطماع التوسعية لكل من إيران وتركيا .كما لعب العراق دور الحارس ضد تمدد إيران الخمينية نحو دول الخليج ، وهو الدور الذي جرّ عليه الخراب ودفع قيادته السياسية لاتخاذ قرارات انتحارية (غزو الكويت ، قصف إسرائيل بصواريخ سكود) . وضع انهار بسبب حرب الخليج الأولى والثانية التي جسدت الغباء السياسي لدول المنطقة في إدارة الأزمة ، فوقع لها ما وقع "للثيران الأربعة".أطماع تركيا وإيران في أراضي وثروات العراق وسوريا كانت دائما قائمة ومطروحة على جدول الأعمال لولا القوة العسكرية للعراق قبل غزو الكويت التي كانت تحول دون تنفيذها. ورغم أن اتفاقية أنقرة عام 1926 بين العراق وبريطانيا وتركيا حسمت السيادة العراقية على الموصل، ظلت أطماع تركيا في المدينة قوية خصوصا حين تغذيها الفقرة المتعلقة بحماية الأقلية التركمانية ووعود مصطفى كمال أتاتورك باستعادة الموصل في الوقت المناسب ، وهي نفس الوعود التي كررها كل رؤساء تركيا من بعده( تورغوت أوزال وسليمان ديميريل وعبد الله غل ثم رجب طيب أردوغان). لهذا تصر تركيا على التواجد العسكري والاستخباراتي بعمق الأراضي العراقية ، خاصة في بعشيقة والمناطق جنوب كردستان .وقد استغلت تركيا سيطرة داعش على مناطق واسعة من سوريا والعراق لتبسط نفوذها وتستنزف ثرواتهما (نهب ممنهج للآثار في تَدْمر السورية والموصل ، نهب بترول الموصل في العراق ومنطقة الجزيرة في سوريا ).ففي سياق الأطماع التركية هذه تأتي العمليات العسكرية التي أطلقتها تركيا للسيطرة على شمال سوريا (عملية "درع الفرات" و"غصن الزيتون" ضد الأكراد) بحجة حماية أمنها القومي ضد التهديد الذي يشكله حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي . وما يحرك تركيا يحرك إيران ، فكلتاهما لهما أطماع في العراق ، وقد اتفقتا على تقسيمه إلى مناطق نفوذ بحيث تعمل تركيا على السيطرة على المناطق العربية السنية ( الموصل، كركوك ) ، بينما تركز إيران على ترسيخ نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي في بغداد والمدن الشيعية في الجنوب والكردية على حدودها في إقليم كردستان ( السليمانية وحلبجة) .إن الخلاف بين تركيا وإيران حول النظام السوري لا يؤثر على تحالفهما في العراق الذي يخدم أطماعهما التاريخية ؛ فأردوغان يسعى لاستعادة نفوذ الإمبراطورية العثمانية في العراق ، بينما يحرك إيران هدف إحياء الإمبراطورية الفارسية التي تعتبر العراق جزءا من إرثها وتاريخها وكذا استكمال الممر البري من طهران إلى لبنان( خلال الحرب العراقية الإيرانية كان الخميني يرفع شعار"الطريق إل القدس تمر عبر بغداد"). من هنا يأتي الدعم التركي لإيران بهدف الالتفاف على العقوبات الدولية وكذا التوغل أكبر في العراق مقابل الدعم الإيراني لتركيا في سوريا .إنها المصالح المتبادلة التي تجمع بين تركيا وإيران وتوحد بين خططهما في النهب وتفتيت الشعوب ونشر ودعم الميليشيات المسلحة. فإيران لها ميليشيات تابعة لها مباشرة (في العراق : الحشد الشعبي وهو تشكيل يشبه قوات الباسيج الإيرانية ،ويتكون من 35 فصيلا ويضم نحو 130 ألف مقاتل ، وميليشيات أخرى تابعة للرموز الشيعية الموالية لها: لواء أبو الفضل العباس تأسس عام 2006 بقيادة أوس الخفاجي، ويتبع للتيار الصدري في العراق، فرقة العباس القتالية ، حركة النجباء، وفي سوريا ميليشيات غير عربية يشرف عليها "فيلق القدس" الذي يخضع لقيادة إسماعيل قاآني بعد مقتل قاسم سليمان ، ويقدر عدد عناصره بـ 8000 متطوع،ثم لواء فاطميون: ويضم الأفغان الفارين إلى إيران ويضم قرابة 3000 مقاتل، ولواء زينبيون: ويتألف من الباكستانيين البشتون ، ويبلغ عدد عناصره قرابة 1000 مقاتل، بالإضافة إلى تشكيلات عربية مسلحة ( حزب الله اللبناني مليشيات القاطرجي، قوات الدفاع الوطني (اللجان الشعبية ) حزب الله السوري، وغيرها من التشكيلات المسلحة). لم تكتف إيران وتركيا بالتواجد العسكري والدعم المباشر للميليشيات المسلحة لتجزيء الدولتين (العراق وسوريا) مثلما هو الوضع في دول أخرى خاصة اليمن وليبيا ، بل تستعملان سلاح المياه لتنفيذ أجندتهما. هكذا عمدت تركيا إلى قطع المياه عن نحو مليون مدني في مدينة الحسكة وأريافها في عز ارتفاع حرارة فصل الصيف وانتشار جائحة كورونا .ومعلوم أن تركيا أقامت سدودا على نهري دجلة والفرات أثرت مباشرة على منسوب المياه نحو كل من العراق الذي تشكل الأمطار 30 % من موارده المائية، بينما تشكل مياه الأنهار الممتدة من تركيا وإيران 70% بحسب المديرية العامة للسدود في العراق، وكذا سوريا حيث انخفضت كمية مياه نهر الفرات التي تُضخ إلى أراضيها بنسبة تزيد عن 60%. فمن بين الأهداف التي تسعى تركيا إلى تحقيقها عبر قطع المياه تغيير التركيبة السكانية عبر تهجير السكان من أصول عربية إلى خارج الأراضي السورية التي تحتلها . نفس الجريمة ضد الإنسانية ترتكبها إيران باستمرار بقطع مياه نهر الزاب وتحويها إلى بحيرة اورومية ، وكذا تحويل مياه نهر سيروان عن طريق نفق موسود. إذن ، لا تخفى مخططات التقسيم وإيقاظ الفتن الطائفية التي تنهجها تركيا وإيران في باقي الدول ،خاصة ليبيا التي تسعى تركيا إلى تمزيقها بالدعم العسكري لتنظيم الإخوان وجلب الإرهابيين من سوريا والعراق وفلول داعش، وكذا اليمن الذي دمرته الحرب الطائفية التي أطلق الحوثيون شرارتها بدعم وتمويل من إيران .لهذا تبقى أمام الليبيين فرصة إنجاح لقاء بوزنيقة لتجاوز الانقسام الداخلي وقطع الطريق أمام مخططات تركيا الرامية إلى فرض الهيمنة واستغلال ثروات الشعب الليبي. فمخطط تركيا لا ينتهي عند ليبيا ، بل يستهدف دول شمال إفريقيا عبر دعم تنظيمات الإسلام السياسي خاصة في مصر ، تونس ، موريتانيا والمغرب .وهذا ما حذر منه الرئيس التونسي قيس سعيد في حوار مع قناة "فرانس24" :"هناك مؤشرات كثيرة حول تدخّلات خارجية من قبل قوى تحاول إعادة تونس إلى الوراء، وهناك من أراد أن يتواطأ معها من الداخل".
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تنّورَتا الشلواطي والرحالي تفضحان سكيزوفرينيا البيجيديين.
-
الإسلاميون المتآمرون ضد الوطن.
-
حماية الفساد مس بمصداقية المؤسسات.
-
حين أجهز البجيدي على الدولة الاجتماعية .
-
البيجيدي أكبر عرقلة في وجه الإصلاح والدمقرطة .
-
حكومة الفشل والارتجال .
-
منسوب -الأخونة- في ملصق وزارة الثقافة.
-
رئيس الحكومة ما -قدّو فيل زادو فيلة- .
-
الولاء لتركيا يجمع بين إسلاميي المغرب وليبيا.
-
خطط البيجيدي لإنهاك الدولة وتفقير الشعب.
-
البيجيدي يتوسّل بالكفاءات بعد أن همّشها.
-
الحاجة إلى دليل بيداغوجي لكل مراحل التعليم.
-
درس لبنان لكل العرب
-
هل سيغير البيجيدي نهجه في تدبير الشأن العام ؟
-
رسائل النهب بسوق الأضاحي ومستشفى بنسليمان.
-
سيف أردوغان وديناميت طالبان .
-
طمس التاريخ والتنكر لبطولات الجيش من خطط البيجيدي.
-
أية وطنية للإسلاميين ؟
-
هل يقبل البيجيدي بالمراجعة بالجذرية لعقائده ومواقفه؟
-
إستراتيجية التمكين لدى البيجيديين.
المزيد.....
-
-تلغراف-: الروح المعنوية في الجيش البريطاني عند أدنى مستوى
-
نزليهم لاطفالك وفرحيهم حالا!!.. الترددات الطفولية والتي تخص
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق: هاجمنا بالطيران المسير فجر الي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تعلن استهداف هدفين للاحتلال في ش
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تنفذ هجومين بالمسيرات على هدفين
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تنفذ هجومين بالمسيرات على شمال ف
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف بالمسيرات 3 مواقع إسرائي
...
-
أطفالك مش هتعمل دوشه من الآن.. تردد قناة طيور الجنة 2024 الج
...
-
مصر.. رأس الطائفة الإنجيلية يوضح دور الكنيسة في مواجهة ظاهرة
...
-
النمسا: طلاب يهود يمنعون رئيس البرلمان من تكريم ضحايا الهولو
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|