|
ملحوظات عن القضية الفلسطينية
سعيد صلاح الدين النشائى
الحوار المتمدن-العدد: 6674 - 2020 / 9 / 11 - 03:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اطلقمشروع ترامب لحلّ أزمة «الشرق الأوسط» الذي أعلنه تحت عنوان «رؤية للسلام«، وروّجلها او تمّ التداول بها بعبارة «صفقة القرن» وكان جوهر هذه الرؤية إعطاء «إسرائيل»كامل أرض فلسطين التاريخية على مراحل ولا تستثني منها سوى قطاع غزة، أما ما تبقىشاملاً حق الفلسطينيين بأرضهم وحقهم بالعودة وحقهم بكيان سياسي على تلك الأرض،فإنّ كلّ ذلك تبخر مع المشروع الترامبي ذاك. هذا المشروع الذي رأى صاحبه انّ نجاحهوتثبيته بما يؤسّس لـ «إسرائيل» النهائية في فلسطين ولتصفية قضية فلسطين نهائياً،رأى أنّ ذلك يستحيل حصوله ما لم يتمّ اعتبار «إسرائيل» جزءاً أساسياً من المنطقةوإقامة علاقات طبيعية بينها وبين دول المنطقة العربية ضمن ما يروّج له تحت عنوان«التطبيع«. فالتطبيع الذي تريد أميركا و«إسرائيل» فرضه يعني أموراًثلاثة أوّلها اعتراف من الدول العربية والإسلامية بـ «إسرائيل» كدولة شرعية،الثاني اعتراف بنهائية هذا الكيان اليهودي وحقه في التعامل مع المحيط بصفتهالشرعية النهائية، والثالث إسقاط أيّ مطالبة أو مراجعة بالأرض والثروة التي وضعت«إسرائيل» يدها عليها، ما يعني أنّ التطبيع المطلوب لا يتوقف عند إسقاط صفة العداءالقائمة بل يتعدّى به الأمر الى التعامل الطبيعي بين الطرفين المتبادلي الاعترافببعضهما كدول نهائية، ويتطوّر الى حدّ إمكان إقامة التحالف بينهما ضدّ من يرتؤونهأنه عدو مشترك. بيد انّ التطبيع الذي تعمل «إسرائيل» لفرضه على العرب،هو في الحقيقة يستعمل العبارة في غير محلها ومدلولها القانوني، فالتطبيع قانوناًيعني إقامة العلاقة وفقاً لطبيعة الأمور و«إسرائيل» قائمة فعلياً على أرض الغيروهي هنا معتدية ليس على فلسطين فقط بل على سورية حيث تحتلّ وتقتطع الجولان منأرضها وعلى لبنان حيث تحتلّ مزارع شبعا والغجر و 13 منطقة حدودية على خط الحدودالدولية مع فلسطين المحتلة، وكلّ ما تقوم به «إسرائيل» يصنّف وفقاً للقانونعدواناً ويجعل منها عدواً وبالتالي انّ إقامة علاقة طبيعية مع «إسرائيل» قبل تصفيةالعدوان تعتبر استسلاماً وليس سلاماً ولا تطبيع قانوناً قبل إعادة الحقوقلأصحابها، وهذا الامر لا ينطبق فقط على الدول العربية المحتلة أرضها والمنتهَكةحقوقها فحسب بل وعلى جميع الدول العربية الموقعة على ميثاق الجامعة العربية وعلى اتفاقيةالدفاع العربي المشترك.وعليه… إذا كانت الدول التي وقعت سابقاً اتفاقيات سلاممع «إسرائيل» زاعمة أنّ تلك الاتفاقيات هي سبيلها الوحيد لتحرير أرضها، وهو تبريرلم يأخذ به معظم العرب خاصة أنه لم يحفظ حقوق الفلسطينيين، فإنّ إقدام دول لا تتصلجغرافياً بفلسطين المحتلة ولا تهدّد «إسرائيل» أرضها أو ثروتها، تجعل من الصلحوالتطبيع بينها وبين العدو هدايا مجانية ونصرة لمعتد ظالم واستسلاماً موصوفاًمطلقاً له وهدراً لحقوق الشعب الفلسطيني وانتقالاً صريحاً من صفوف المطالبينبتحرير فلسطين وعودة شعبها إليها وتأمين حقوقهم، انتقال الى معسكر العدو، وهوانتقال لم يتأخر من بدأ بالتطبيع بممارسته كما فعلت الإمارات الخليجية بعد صلحهامع العدو والدخول مباشرة في حلف مع «إسرائيل» ضدّ إيران أحد أقطاب محور المقاومةالأساسيين والعاملة من أجل القضية الفلسطينية والتي تعتبر قضية القدس وفلسطينقضيتها المركزية.وقد يرى في هذا التطبيع انقلاباً استراتيجياً وتحوّلاًدراماتيكياً في المشهد الإقليمي والدولي، تحوّل يوحي بأنّ صفقة القرن التي أطلقهاترامب لتصفية قضية فلسطين وحرمان شعبها من العودة اليها وحرمانه من كيان سياسييحميهم، يوحي بأنّ هذه الصفقة تخط طريقها للنجاح، وبأنّ التطبيع مع الدول العربيةانطلق قطاره وانّ المنتظرين لتوقيع الاستسلام مع «إسرائيل» أكثر من الذين وقعواحتى الان وانّ هناك خريطة جيوسياسية جديدة في المنطقة تختلف عن سابقتها لأنّ فيالجديدة «إسرائيل» تحالف وتقود وتحاصر بعد ان كانت معزولة ومحاصرة، فهل هذا صحيح؟ قد يسارع كثر من الأشخاص والكيانات الى تأكيد ما تقدّموالقول انّ القضية انتهت وانّ قطار التصفية المنطلق لن يستقرّ إلا في المحطة التييعلن فيها انّ «إسرائيل» باتت كما حلم شمعون بيرس وكتب في مؤلفه «الشرق الأوسطالجديد»، وقال للعرب «بمالكم وعقلنا ننتج وننمي الثروات ونحكم العالم» (أيّإسرائيل). لكننا وبكلّ موضوعية لا نوافق على هذا الرأي والتصوّر،ونستمرّ متمسكين بالمبدأ الأساس القائل بأنّ «إسرائيل» كيان ولد خلافاً للطبيعةوانّ حياته وعناصر استمراره غير متحققة في ذاته، بل انّ وجوده مرتبط بعوامل خارجيةثلاثة لا يمكنه التحكم بها: عامل دولي يؤمّن له قوة الحماية المركبة، وعامل إقليميمتصل بالجوار اللصيق والبعيد، عامل أهل القضية متمثل بالفلسطينيين أنفسهم وهمالأساس.ويقودنا هذا المنطق الى القول بأنه مهما تحشدت الدولالتي تطبع مع «إسرائيل» فإنّ الأخيرة لا يمكنها ان تطمئن لمستقبلها ان لم تتحقق منوجود العناصر الثلاثة مجتمعة، وإذا كانت أميركا اليوم تعتبر «إسرائيل» خطاً احمريتقدّم أمنها ووجودها على أيّ اعتبار فإنّ هذا الأمر ليس ثابتاً الى الأبد لأنهرهن بمتغيّرات ليس المجال هنا مكاناً لمناقشتها.أما بالنسبة للتطبيع مع المحيط فإننا نميّز بين الحكوماتوالشعوب، ونعتقد جازمين بأنّ ما يكاد يصل الى شبه إجماع لدى الشعوب العربيةوالإسلامية يرفض أيّ تطبيع مع العدو وانّ جزءاً مهماً من حكومات عربية يتمسكبالرفض أيضاً، هذا فضلاً عن وجود محور المقاومة الذي لا يرفض التطبيع فحسب بل انهيعمل لحشد القوة من أجل التحرير، وانّ هذا المحور الذي أثبت في العقدين الأخيرينامتلاك قدرات غيّرت مسار الأحداث وأسقطت المشاريع الاستعمارية الكبرى ومنعت قيامالنظام العالمي الأحادي القطبية بقيادة أميركا، انّ هذا المحور قادر رغم الملاحقةوالحصار والتضييق الاستعماري عليه، قادر على الثبات والاحتفاظ بصفته ناصراً قوياًومؤثراً للشعب الفلسطيني حاضراً للعمل معه في ميدان القتال حتى استعادة الحقوق.اما العامل الأهمّ والركن المبتدأ في الطمأنينة والمعولعليه أساساً في إفشال مسار التصفية، فهو موقف الشعب الفلسطيني الذي أجمع بشكل لايعتوره شك وأكد على التمسك بحقوقه دون مساومة… ومن يستمع لمواقف قادة الفصائلالفلسطينية المقاومة يستطيع ان يطمئن الى قرارها بالثبات على المبادئ والحقوق، وانلا استعداد عند أحد منهم للتنازل، وننوّه بالمناسبة بالموقف الفلسطيني هذا الذيتمّ التأكيد عليه في مؤتمر بيروت منذ أيام في الأسبوع الأول من أيلول/ سبتمبر 2020. وفي الخلاصة نقول إنه في قواعد الصراعات المسلحة مبدأيقول «لا ينتهي الصراع إلا إذا وقع الأطراف على وضع حدّ له باستسلام احدهما للأخراو صلح يعطي كل طرف ما تتيح له إمكاناته اخذه مما يراه انه حق له»، وبما انّالفلسطينيين يرفضون التوقيع على الاستسلام و«إسرائيل» ترفض التراجع عن الاغتصاب،وبما انّ محور المقاومة مستمر في احتضان القضية، فإننا نقول انّ كلّ مراسم التطبيعالتي يطبّلون لها ويحتفلون بها ورغم ما تحدثه من تغيير ظاهر في الخريطةالاستراتيجية للإقليم، رغم كلّ ذلك لن يكون لهذه العملية قيمة في صنع الاستقرار لـ«إسرائيل» وهو أصلاً تطبيع لم يغيّر في الخريطة الاستراتيجية الحقيقة للقوى، فمنيطبع اليوم كان حليفاً تحت الطاولة لـ «إسرائيل» منذ عقود وكلّ ما فعله التطبيع معهؤلاء هو الانتقال من التخفي الى الجهر بالعمالة للعدو ونقول للمطبّعين المستسلمينانكم وان خنتم قضية فلسطين فان لفلسطين أهلها وأنصارها الذين لن يفرطوا بها وهي لنتكون إلا لأهلها. أما «إسرائيل» فستبقى في أعماقها تبحث عن أمن لها ولنيتحقق في ظلّ الرعب الذي تعيشه بسبب خوفها من الصواريخ والانتفاضات والمواجهاتوالقتال على الجليل، وطالما انّ من يرفضها عرف الطريق الى امتلاك القوة بما فيهاالعسكرية والميدانية وامتلاك إرادة المواجهة والسعي لاستعادة الحقوق فإنّ«إسرائيل» لن تدوم مغتصبة حقاً وراءه من يطالب به دون هوادة… ففلسطين تضيع عندمايستسلم شعبها ويتنازل… وهوّلن يتنازل ولن يُترك وحيداً. _العميد د. امين محمد حطيط
تعليق من سعيد النشائى
#سعيد_صلاح_الدين_النشائى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لجنة دولية لأنقاذ العالم من تدهور المناخ
-
الأمبريالية الأمريكية فى لبنان وحلفائها الخونة وتعليق
-
عن تطور الأوضاع فى لبنان. وجهة نظر وتعليق
-
عن الصهيونى سمير جعجع والصهاينة فى لبنان
-
الأمبريالية الأمريكية فى لبنان وحلفائها الخونة
-
نظرة خاطفة على أوضاع الأمة العربية وخلفياتها
-
تحديد طبيعة المرحلة بإستخدام المنهج الماركسى المادى الجدلى
-
التنمية المستدامة والخامات المتجددة
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|