أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - ما هي الحقيقة ..؟!















المزيد.....

ما هي الحقيقة ..؟!


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 6667 - 2020 / 9 / 4 - 08:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


“ أمّا اليَقين فلا يَقـــين وإنّمَا .. أقصَى اجتهادي .. أنْ أظُنَ و أحدسَا ”

- أبو العلاء المعري

- لوحظ في الفترة الأخيرة بعضاً من الكُتاب الكرام ، في هذا الموقع التنويري المرموق وسواه ، وهم يكتبون أراءهم الشخصية والمعرفية بمظهر القطع المُطلق والتأكيد العام ،
و يُعبرون عن أفكارهم الخاصة، بصيغة الجزم المُنتهي واليقين التامْ ، دون أي استخدام لأفعال الظن أو الشك أو الريبة فيما يقال أو يُكتب أو يُناقش..

فبدا لي الأمر، كما لو أنّهم يقدمون لقارئيهم الحقيقة الكاملة ، التي لا يأتيها الباطل من قدّامها أو من خلفها ، كما يُقال ،..
مستندين - غالباً - على فهمهم الخاص لمُعتقداتهم السياسية أو الدينية أو الفكرية .. الخ ، أو على أفهام غيرهم ، فيما قرأوا أو استظهروا من الكُراسات الدراسية أو الدوريات و الكتب الثقافية وما إلى ذلك .

وكذلك بدوا لي مُتناسين أو غافلين عن أنّ هناك في هذا الموقع أو سواه ، من القرّاء ، ممنْ يختلف عنهم في الرأي ، والمُعتقد ، والفهم لأحداث هذا العالم المشهود ،

وأن هناك في هذا العالم ، من لا يحملُ ذات الفهم في التبجيل والتقديس أو الإطناب في المديح ، لهذا الشخص أو الحزب أو المُعتقد او .. الخ ..

بلْ وربّما هناك من يختلف معهم تماماً ، ولا يوافق على أبسط حقائقهم جملةً وتفصيلاً . رغم أنها حقائق مُكررة ، واسعة الانتشار أو مشهورة، وتابعوها كثرٌ كثير .

- من أشهر أغاليط المنطق العقلي، أن المرء كثيراً ما يلجأ إلى تأكيد وجهة نظره - قطعاً وجزماً ويقيناً - من خلال الاعتماد على حجة الكثرة العددية ، للناس التي تحمل مثل هذا الرأي ، أو للأفهام تعتنق الايمان ذاته بتلك الفكرة .

وهذه الأغلوطة – كما نعلم جميعاً – هي واسعة الانتشار لدى كثير من المؤمنين بالعقائد الدينية المُختلفة والأحزاب السياسية المتعددة .

إذ يظن المرء - عن جهالة بأسس التفكير العقلي- أن كثرة عدد من يشاطره الرأي والاعتقاد هو دليل جلي وصارخ ، على أن هذا الرأي المعرفي ، الذي يحمله ، أو تلك الأفكار السياسية أو المعتقدات الدينية ، التي ورثها بالصدفة واعتنقها ، هي يقينية الحق، وصحيحة تماماً .

قائلاً بتساؤل المُتعجب : أيعقل أنْ يَجتمعَ كل الناس على ضلالة أو جهالة .

الجواب ببساطة نعم .

فمثلاً : كل الناس في الماضي السحيق اعتقدوا ان الأرض مركز الكون ، مسطحة وثابتة ، ولكن لاحقاً ثبتَ أن القلة القليلة أمثال – فيثاغورث ونيوتن و كوبرنيكوس وغاليليه وبرونو ..الخ ، التي صرَخت بحقيقة عكس ذلك ، هم من كانوا على حق دونً عن العالمين ..

لهذا يصح لنا – كما اعتقد - أن نستنتج ، أن رأي الأغلبية لم يكن يوماً مقياساً صادقاً دقيقاً أو نزيهاً للحقيقة، بل لعله كان دوماً الحاجز الذي يفصلنا عنها .. .

لكن أيضاً في المقابل نتساءل، هل يعني هذا الكلام ، أن ليس هناك حقيقة أكيدة في هذا العالم .؟

الإجابة ببساطة لا . فهناك - على الأقل – " البديهيات" وهي حقائق عقلية يقينية. فمثلا القول أنّ " الكلُّ أكبر من أحد أجزائه " هو قول بديهي صادق و حق تماماً . لا يتطلب البرهان عليه ، و اذا أنكره العقل أنكر ذاته .

و الحقُ – حسبَ زَعمي المُتواضع - لا يُصبح باطلاً لقلة طُلابه ، والباطلُ لا يُصبح حقاً لكثرة أحبابه.

لكن في العودة إلى جوهر هذه الحلقة النقاشية، مازال يُراودني السؤال الأهم :

ما هي الحقيقة .؟ ثم هل يا تُرى هناك حقيقة يقينية واحدة ثابتة عبر الزمان والمكان سوى حقيقة : أنّ كل شيء يتغير وفي صيرورة دائمة.؟

- بحسب معجمه الفلسفي يُعرف لنا الفرنسي "أندريه لالاند" الحقيقة بأنّ لها خمس دلالاتِ أو مَعانٍ :

أولها : أنّ الحقيقة هي خاصيّة كل ما هو حق.

ثانيها : أنّ الحقيقة هي القضية الصادقة فقط.

ثالثها : أنّ الحقيقة هي ما تمَّ البرهان عليه وحسب.

رابعها : أنّ الحقيقة هي شهادة الشاهد عما رآه أو ما سمعه.

خامسها : أنّ الحقيقة هي وجود الواقع، وما يصادق عليه فقط .

- ثم من جهة التصريح بها ، هل يَصحُ أنْ يَقول الانسان العاقل الحقيقة دائماً – على الأقل التي يزعم - وفي كل الظروف .؟

بالنسبة لي أنا أزعم أن الانسان – بشكل عام - لا يستطيع أن يُصرح دائماً بكل ما يعتقد أنه الصواب التام . وليس عليه أن يفعل ذلك دائما ، إن هو قصد السكينة لحياته و دَرء المتاعب عن فكره ومعاشه و حفظ دوام وداد الآخر معه .

وأؤمنُ – غير جازم - بأنّ الحق يجب أن يكون منَ المَضنون به على غير أهله . -

فقول الحقيقة – عدا أنه يتطلب جرأة ومعرفة وفهم وصبر وأناة وروع مُحكم -

هو كثيراً ما يبدو للجماعة أشبه بالصدمة ، أو انقلاب في الوعي لديهم ، أو ينقلب الى مثار حنق أو بغضاء وكراهية للقائل والمقول ..

وبعض الناس - كما نعلم - لا يجرؤ على الاقتراب من حياض التفكير العميق أو الأسئلة الجادة ، بخاصة ، فيما يُخالف اعتقاده المقدس، أو الشك فيما ورثَ من دّينٍ أو عقيدة ..،

وهناك في الأحياء منْ تثورُ ثائرته ، لمُجرد أن يُخالفه أحدٌ ما بالرأي ، بلْ ومنهم من لا يتصور أصلاً ، أنّ هناك أناس في هذا العالم ، يُؤمنون بما لا يُؤمن به هو، أو يعتنقون معتقداً يُخالف تعاليم إيمانه ، أو إيمان قومه و قبيلته .. وإنْ وُجدوا ، فهمْ حتماً في ضلال مُبين .

طبعاً ، أنا أقولُ هذا الكلام فقط ، كي أتساءل معكم :

- عمّا هي الحقيقة عندكم، وعن معناها من وجهة نظركم .

- و هل هناك حقيقة ( واحدة ، مُوحدة ، مُتعالية، تصلح لأفهامنا المُختلفة المتفاوتة المُتخالفة) ينبغي على الناس جميعاً أنْ يُصيبوها، و يَعتقدوا بها ، كي يَعيشوا بسلام وينعموا بالوداد المنشود.؟

تُرى هل يجوز للمرء العاقل أنْ يُصرّح دائماً بما يَعرف من حق .؟-

أم يا تُرى صدقت العرب حين قالت :

ليسَ كلُّ ما يُعرف يُقال ، وليسَ كلُّ ما يُقال حَضَرَ أهله ، وليسَ كلُّ ما حضرَ أهله حانَ وقته ، وليسَ كلُّ ما حانَ وقتهُ صَحَّ قوله..

للحديث بقية ..



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لصوص الفكر ..
- رأيٌ آخر..
- الدّين عندَ الفيلسوف إيمانويل كانط
- إنطباعات حول فيوض الشاعرة السورية - فينيق عليا عيسى -
- - الله - عند اسبينوزا..2
- - الله - عند اسبينوزا..
- هيغل - رُؤيَةٌ مُبَسّطة ..
- أفكار حول الطائفية الدينية ..
- وباء لغوي ..
- السؤالُ المُحَرّمْ ..!
- أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (3)
- أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (2)
- أفكار أولية حول مفهوم - الطَرَبْ -
- ما هي الفلسفة .. ؟ (3)
- ما هي الفلسفة ..؟ (2)
- ما هي الفلسفة ..؟ (1)
- على هامش الفلسفة ..
- عَزاؤُنا أنّهم سيَموتونَ يوماً ما ..
- لماذا يحاربنا العالم ..؟!
- تعلم الداعشية في خمسة أيام .!


المزيد.....




- إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
- مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما ...
- سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا ...
- مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك ...
- خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض ...
- -إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا ...
- بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ ...
- وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
- إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زكريا كردي - ما هي الحقيقة ..؟!