|
تداعى الوهم العروبى
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 6666 - 2020 / 9 / 3 - 16:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتقد كثيرون أنّ تطبيع العلاقات الدبوماسية والاقتصادية ..إلخ بين دولة الإمارات (العربية) وإسرائيل، سيترتب عليه مخاطركثيرة، ليس على مستقبل الشعب الفلسطينى (فقط)..وإنما على مستقبل كل الدول المسماة (عربية) وأنا أعتقد أنّ بداية التطبيع كانت مع موافقة عبدالناصرعلى مبادرة (روجرز)
لقد روّج الناصريون والعروبيون وأغلب الماركسيين لمقولة أنّ (حرب الاستنزاف تعنى هزيمة إسرائيل، وهى التى مهـّـدتْ لنصرأكتوبر73) فما مدى صدق تلك المقولة؟ وإذا كان بفحواها (بعض المنطق) فلماذا أجهضها عبدالناصرعندما وافق على مبادرة روجرز؟ وهى المبادرة التى تــُــعتبرالبروفة الأولى لما تضمّـنته (معاهدة كامب ديفيد أو معاهدة السلام المصرية/ الإسرائيلية) حيث اشترطتْ المبادرة وقف إطلاق الناربين مصر وإسرائيل، فلماذا وافق عبدالناصرعلى تلك المبادرة الأمريكية؟ هل نجد الإجابة عند معبود الناصريين (هيكل) الذى كتب مقاله الشهير(تحية للرجال) فى أعقاب مبادرة روجرز، وخلط فيه (بذكاء شديد) بين تحية ضباطنا وجنودنا طوال السنوات من1967-70، والتى أخذتْ الاسم الشهير(حرب الاستنزاف) وبين تصويره (الصادق) عن وضع القوات المصرية فى سيناء، والمقارنة بين قوة مصر العسكرية وقوة إسرائيل، حيث تميل كفة الميزان لصالح إسرائيل (أهرام 12مارس1971)؟ وإذا كان ما كتبه هيكل ليس كافيـًـا، فهل فكــّـرالناصريون فى السبب الذى أعلنه عبدالناصر، وجعله يوافق على مبادرة روجرز، وكان السؤال من (بعض الصحفيين العرب) بعد هجوم كافة الفصائل الفلسطينية على عبدالناصرلأنه قبـِـل (من وجهة نظرهم) تلك المبادرة الذليلة، ونقده- بل وتجريحه- وكانت المقابلة بحضورياسرعرفات ولكن بأسلوبه الدبلوماسى المهذب..وكان تركيزأسئلة الصحفيين أنّ مبادرة روجرز ستــُـنهى حرب الاستنزاف فقال عبدالناصرإنّ ((المضى فى حرب الاستنزاف، على حين أنّ إسرائيل تتمتع بتفوق جوى كامل، معناه ببساطة أننا نستنزف أنفسنا)) وأعتقد أنّ ذلك السبب- أوالمبرّر- هوغاية فى الحكمة (بغض النظرعن التحليل السياسى) لأنّ هذا القرارمنع المزيد من جرائم إسرائيل التى استباح طيرانها الأجواء المصرية، ليس على معسكرات الجيش المصرى (فقط) وإنما على المدن والأحياء المكتظة بالسكان، مثل محافظة الفيوم وحى المعادى..إلخ..وكانت أشهرجرائم إسرائيل: الجريمة الأولى: قتل شبابنا وشيوخنا عمال مصنع أبوزعبل يوم21فبراير1970، حيث دمّـرتْ الطائرات الإسرائيلية المصنع بالكامل، وقتلتْ70عاملا وإصابة69 بإصابات خطيرة، تسببت فى العجزالكلى لكثيرين منهم..وهى الجريمة التى وصفتها بعض الصحف الأوروبية بأنها (عربدة إسرائيلية وهمجية متوحشة) الجريمة الثانية: مذبحة قتل أطفال مدرسة بحرالبقر يوم8 إبريل1970، وهى المذبحة التى نالتْ أكبرقدرمن الهجوم على إسرائيل من كافة منظمات حقوق الإنسان العالمية، ومن أغلب دول العالم، بما فيها الكثيرمن دول أوروبا. وقد بدأتْ إسرائيل خطتها لاقتحام أجواء مصربطائراتها، وشن الغارات على العمق المصرى، مع بداية شهريناير1970، لذلك سافرعبدالناصر(يوم22يناير70) إلى الاتحاد السوفيتى ليشرح للقادة الروس حقيقة وضع القوات المصرية، وأنه مع نهاية عام1969فإنّ قوات الدفاع الجوى المصرى على وشك الانهيارالتام، إزاء تفوق الطيران الإسرائيلى..وقال لهم إنّ ((مصركلها تشعربأنها دون حماية، خاصة بعد أنْ استباح الطيران الإسرائيلى المدن والأحياء لقتل المدنيين..وأنه من الضرورى الوقوف فى وجه التفوق الجوى الإسرائيلى، وهذا لن يتحقق إلاّبواسطة الدفاع الجوى)) وقال لهم أيضًا إنّ ((مصرتقف عارية أمام غارات العمق الإسرائيلى، وأنه أصبح من المستحيل حماية السكان المدنيين..كما أنّ مصرفى حاجة إلى المزيد من الأسلحة لتحريرالأرض المحتلة، ولهذا نرى أنه لابد من إقامة حائط صواريخ فعـّـال، يستطيع مواجهة غارات الطائرات الإسرائيلية على العمق المصرى)) وبعد جريمة إسرائيل فى مذبحتىْ عمال مصنع أبوزعبل وأطفال مدرسة بحرالبقر، سافرعبدالناصرمرة أخرى إلى الاتحاد السوفيتى يوم29يونيو70 وقال لهم ((إنّ القوات المسلحة المصرية تتعرّض لغارات إسرائيلية عنيفة جدًا بطائرات الفانتوم الأمريكية، المُجهـّـزة بمعدات الكترونية مُـتطورة للغاية..وأنّ الهدف من تلك الغارات- وفقــًـا لتصريح موشى ديان- هومنع الجيش المصرى من استكمال استعداداته لتحرير أرضنا المحتلة..وقال للروس أيضًـا إنّ خسائرنا فى شهر مايو70 (وحده) بلغتْ حوالىْ ألف قتيل وجريح..وأنّ الولايات المتحدة زوّدتْ إسرائيل بالأجهزة التى تــُـحـدّدْ مواقع الصواريخ والتشويش عليها لضربها بالطائرات..وأوضح لهم أنه من الخطأ القول بإمكان مواجهة مائة طائرة (ميج) لمائة طائرة ميراج أوفانتوم، لأنّ الطائرة الميج الروسية تبقى فى الجو عشرين دقيقة، بينما تبقى الطائرة الميراج الفرنسية فى الجومدة ساعة، والفانتوم أكثرمن ذلك..وبدون إمداد مصربأجهزة الحرب الالكترونية المتطورة، فإنّ دفاعنا الجوى سيبقى ضعيفــًـا)) وإذا كان الناصريون والعروبيون زعموا أنّ (حرب الاستنزاف) هى التى مهـّـدتْ لحرب أكتوبر73 وعبورقناة السويس، فإنّ هيكل (المُـعتمد لديهم) كذبهم حيث كتب عن صعوبات عبورالقناة على النحوالتالى: الصعوبة الأولى: مانع مائى خطيرهوقناة السويس، وكثبان رملية على شاطئها الأيسر مباشرة، وعلى هذه الكثبان أقام العدوخطه الدفاعى الأمامى على حافة الماء مباشرة. الصعوبة الثانية: منطقة رمال مفتوحة، محصورة بين شاطىء القناة ومنطقة المضايق الحاكمة فى سيناء، والتى لا تبعد عن القناة نفسها أكثرمن ثلاثين كيلومترًا. الصعوبة الثالثة: منطقة المضايق نفسها، وهى طبيعة صخرية شديدة الوعورة وعليها أقام العدوالإسرائيلى خط دفاعه الثانى. الصعوبة الرابعة: الصحراء المكشوفة حول منطقة المضايق وما وراءها، بما تــُـقدمه من فرص للعدوالذى يعتمد كثيرًا على الطيران. الصعوبة الخامسة: بعد أنْ أتمتْ مصربناء شبكة الصواريخ المصرية- بمساعدة الاتحاد السوفيتى- غيـّـرتْ إسرائيل تخطيطها للمعركة، فأعادتْ بناء خط بارليف على صورة مغايرة تمامًـا للخط القديم، وأصبح قرارها أنْ تكون المعركة الكبرى على حافة الماء مباشرة، بواسطة التحصينات والمدرعات الكامنة وراء هذه التحصينات (هيكل - أهرام12مارس1971) فهل كان هيكل (العروبى/ الناصرى) يستهدف (التحذير) أم (التيئيس)؟ لقد تعوّدتُ على عدم الدخول إلى ضمائرالناس..ولكن بإفتراض حــُـسن النية، يظل السؤال الخادش للصعوبات التى طرحها هيكل: كيف استطاع جنودنا وضباطنا اقتحام خط بارليف وعبورالقناة؟ وقد أبدى د. عبدالعظيم رمضان بعض الملاحظات على مقال هيكل، فإذا بالهجوم ينهال عليه من الناصريين، وكان من بينهم عقيد متقاعد كتب مقالاعن محترفى التشويش على أفكارالأجيال التى لم تــُـعاصرحرب الاستنزاف، وتهدم القيم النبيلة بإهدار تضحيات أبطال حرب الاستنزاف (أهرام27/4/1996) ولكن عبدالناصركان أكثر واقعية (من الناصريين) فوافق على المبادرة الأمريكية التى أنهتْ (حرب الاستنزاف) التى (أنهكتْ) قواتنا المسلحة، ورغم مرورخمسين سنة مازال الناصريون يـُـغنون (نشيد حرب الاستنزاف) والتضليل الإعلامى وتزييف وتزويرالحقيقة، لتوصيل تلك الرسالة الفجة، بأنّ الجيش المصرى هوالذى استنزف الجيش الإسرائيلى، بينما كان الواقع عكس ذلك تمامًـا على النحوالموضح بعاليه، وباعتراف معبود الناصريين والعروبيين (هيكل) والسؤال الذى يطرحه العقل الحرهو: هل أخطأ عبدالناصرعندما وافق على مبادرة روجرزالتى كان من شروطها (وقف إطلاق الناربين مصروإسرائيل)؟ أليس وقف إطلاق الناربداية التعايش السلمى بين مصروإسرائيل؟ وحتى لورأى العروبيون فى كلامى (مبالغة) فما معنى إنطلاق (قطارالتطبيع السريع) الذى ركبته دولة الإمارات العربية؟ وفى الطريق دولة البحرين (العربية)؟ وما مغزى وجود القواعد العسكرية الأمريكية والإسرائيلية فى أكثرمن دولة (عربية) منذ عدة سنوات فى السعودية ودولة قطر(العربيتيْن) وبغض النظرعن التطبيع الرسمى، فإننى أدعوالقارىْ لتأمل الصراعات العربية/ العربية..والتى أراها الوجه الآخرللتطبيع مع إسرائيل..ومن أمثلة ذلك تآمر دولتىْ السعودية والإمارات ضد الشعب اليمنى، الذى خرج فى مظاهرات تطالب بإنهاء الاحتلال..وخروج الغزاة (العرب) من أرض اليمن..وغزودولة عربية (العراق) لدولة عربية (الكويت) وبعد الغزوهل كان للجامعة العربية الوهمية دورفى أنْ يكون انسحاب جيش صدام (عربيًا) وليس أمريكيًا؟ ولماذا فشلتْ فى (توحيد) الأنظمة العربية لمنع احتلال أمريكا للعراق؟ وإذا كان الخطاب السياسى للجامعة يدّعى أنّ أمريكا هى الداعم الأول لسياسة إسرائيل التوسعية، فماذا فعلتْ لمنع إقامة القواعد القواعد العسكرية الأمريكية فى أكثرمن دولة عربية؟ وهل يحق للجامعة (من حيث المبدأ) التدخل فى هذا الشأن؟ إذْ ذكروزيرخارجية قطرأنّ ((على دول الخليج ألاّتخجل من الاحتماء بأمريكا ولاتخجل لوجود القوات العسكرية الأمريكية فى المنطقة)) (أهرام 12/1/2004ص8) وفى نفس العدد كتب أ.سلامة أحمد سلامة ((قال سيف الإسلام القذافى أنّ بريطانيا وافقتْ على تدريب الجيش الليبى فى إطارصفقة تاريخية..ولم يُمانع سيف الإسلام فى منح قواعد عسكرية لقوات بريطانية وأمريكية قائلا ((إننا نتخلى عن أسلحتنا ومن ثم فنحن نحتاج إلى مظلة دولية لحمايتنا)) وقال إنه أقام علاقات وثيقة مع المخابرات الأمريكية والبريطانية)) وتساءل أ.سلامة المظلة الدولية (الأمريكية) لحماية ليبيا ستكون ضد من؟ وماذا فعلتْ الجامعة لوقف تقسيم العراق إلى ثلاث دول (كردية وسنية وشيعية) وهوالمخطط الذى وافق عليه مجلس الشيوخ الأمريكى يوم 26/9/ 2007؟ وماذا فعلتْ لوقف ظاهرة اللاجئين العراقيين الذين هربوا من جحيم المذابح اليومية وعددهم أكثرمن 4مليون؟ أعتقد أنّ (قطارالتطبيع السريع) الذى بدأ مع مبادرة روجرز..وتواصلتْ حلقاته مع التطبيع الإماراتى/ الإسرائيلى لن يتوقف..وبالتالى انهياروتداعى أوهام العروبة التى خلقتْ (الوحدة العربية) وتوأمتها (القومية العربية) وبالرغم من ذلك، فإنّ البلهاء يغنون أناشيد العروبة (وطنى حبيبى الوطن الأكبر.. يوم ورا يوم خيباتك بتكبر) والأغنية الأكثربلاهة (الأرض بتتكلم عربى) ولايبقى إلاّ أنْ نتذكرنبوءة الشاعرالسورى (نزارقبانى) الذى تساءل: متى يــُـعلنون وفاة العرب؟ ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يمكن تدريس مادة (الأخلاق)؟
-
إشكالية اللبس فى جمع القرآن
-
الإمام أبوحامد الغزالى المُبرّراتى
-
كعب أخيل فى دولة إسرائيل
-
دلالة التغاضى عن كوارث العروبة
-
المفكر الذى تحدى الكهنوت الثقافى لعصره
-
الفيلسوف والعالم الذى نادى بديانة عالمية
-
جاليليو : تراجيديا سجــّـلها التاريخ
-
بداية مقاومة الميتافيزيقا
-
الاعتداء على أم الأسرى الفلسطينيين وحقيقة الحمساويين
-
صراع الخرافة والعلم
-
الحروب بين الكاثوليك والبروتستانت
-
الحروب الدينية/ الدينية وجرثومة التعصب
-
أحرار أمريكا سينتقدون رئيس دولتهم
-
الفكر الليبرالى والقضاء العادل
-
الدين فى بريطانيا القرن الثامن عشر
-
الفرق بين المعرفة والفقر المعلوماتى
-
العلاقة العضوية بين الاستبداد والعداء للفلسفة
-
مغزى تلميع الأصولى الإسلامى الغنوشى
-
الأساطير وفكرة الجحيم فى الديانة العبرية
المزيد.....
-
الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا
...
-
شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
-
هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال
...
-
الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
-
الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا
...
-
الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم
...
-
الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس
...
-
الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن
...
-
حماس تشيد بالدور المحوري للمقاومة الإسلامية في لبنان
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|