زياد عبد الفتاح الاسدي
الحوار المتمدن-العدد: 6666 - 2020 / 9 / 3 - 14:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في البداية علينا أن نتفحص مصداقية هذا الرئيس مع الشعب الفرنسي في وعوده الانتخابية عشية أنتخابه رئيساً لفرنسا عام 2017 , عندما تلقى دعماً اعلامياً كبيراً من وراء الستار من قبل القوى الطبقية والسياسية الحاكمة في فرنسا التي كانت تخشى آنذاك على مصالحها واحتمال خسارتها للانتخابات الرئاسية بعد أن فقد الفرنسيون الثقة بمجمل المُؤسسة السياسية الليبرالية الحاكمة في فرنسا وبمُجمل أحزاب اليمين اللبرالي واليمين الجمهوري والجناح المعتدل في الحزب الاشتراكي الفرنسي الذين سيطروا على الحياة السياسية لعقود من الزمن في ظل التنامي الواضح والمُتزايد حين ذاك لشعبية الاتجاهات الراديكالية في المجتمع الفرنسي سواء اليسارية منها التي كان يمثلها الزعيم اليساري جان لوك ميلينشيون أو اليمينية القومية التي تُمثلها مارين لوبان .. وعندها ظهر ماكرون على نحوٍ مُفاجئ في الاجواء الانتخابية للرئاسة الفرنسية وقام بتاسيس حزبه (الى الامام) وتبعه بنشر كتابه الشهير في نوفمبر من عام 2016 الذي أصدره تحت عنوان " الثورة " ... وقد شكل فوزه بالرئاسة بعد ظهوره المُفاجئ وانكشاف وعوده البراقة للشعب الفرنسي إحباطاً شديداً وصدمة كبرى للفرنسين الذين سارعو الى إنتخابه بأغلبية عظمى .. ليتبين لهم بعد أقل من عام على إنتخابه بأنهم وقعوا ضحية مُؤامرة تضليلية كبرى شاركت فيها قوى اليمين اللبرالي وقوى اليسار الانتهازي في الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي تحالف مع اليمين اللبرالي في مواجهة جان لوك ميلينشيون ومارين لوبين ... وعندها ثار الفرنسيون بشدة وعبروا تحت راية السترات الصفر بغضب وعنف عام 2017 ولاسابيع طويلةعن رفضهم لسياسة ماكرون ووعوده الانتخابية المُخادعة .
أما من حيث زيارته للبنان مرتين في غضون أقل من شهر فمن الواضح أن الزيارة الاولى ترافقت مع تغير واضح في المواقف الامريكية تجاه لبنان والحصار الجائر الذي فُرض عليه ... وعلى ما يبدو أن هنالك اتفاق فرنسي وأمريكي غير مُعلن حول التعاطي مع الشأن اللبناني بعد الانفجار المُروع الذي تعرضت له بيروت من جهة وتزايد الدعوات في لبنان من جهة أخرى للتوجه شرقاً وقناعة حكومة حسان دياب بهذا التوجه عندما باشرت لقاءاتها مع ممثلين من الصين الشعبية والحكومة العراقية .
لذا على اللبنانيين أن يعلموا جيداً أن فرنسا دولة امبريالية بامتياز وداعم استراتيجي للكيان الصهيوني ولا يهمها خروج لبنان من محنته سوى بتركيعه سياسيا .. وموقفها المُعتدل من حزب الله الذي عبر عنه ماكرون مُؤخراً لا يعكس أبداً النوايا الفرنسية الحقيقية .. وهو مجرد موقف تكتيكي مُتفق عليه بين أوساط المنظومة الغربية لاحتواء حزب الله لممارسة الهيمنة السياسية على لبنان والتدخل في شؤونه التي ظهرت في الدعوة المشبوهة للتخلي عن الحكومة الحالية في الظروف الخطيرة التي يمر بها لبنان وتشكيل حكومة وحدة وطنية يعرف ماكرون جيدأ أنه لن يُكتب لها النجاح بسهولة .. وبالتالي إغراق لبنان مُجدداً بالفوضى وإضاعة الوقت وتشتيت الجهود المبذولة للتحقيق بأسباب الانفجار وخلفياته تمهيداً لإضعاف لبنان والهيمنة المُطلقة عليه وتركيعه بالكامل والالتفاف على المقاومة اللبنانية وإضعافها .
#زياد_عبد_الفتاح_الاسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟