أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فارس تركي محمود - ثالثاً : الصراع من أجل نيل الاعتراف ( الثيموس )














المزيد.....

ثالثاً : الصراع من أجل نيل الاعتراف ( الثيموس )


فارس تركي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 6658 - 2020 / 8 / 26 - 16:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لقد ظهرت عبر التاريخ البشري الكثير من الرؤى والأفكار والفلسفات التي حاولت أن تفسر السلوك البشري وتستكنه الطبيعة البشرية وتشخص نوازعها وغرائزها وتستكشف دوافعها وانفعالاتها. وقد تعددت هذه الأفكار والفلسفات بدءً بالأفكار الأسطورية وتأثير الجن والشياطين والأرواح الشريرة وحركة الأفلاك والنجوم، ومن ثم الأفكار والمقولات الدينية المتعلقة بالخير والشر والشيطان والملاك والنور والظلام والثواب والعقاب وكون المخلوق البشري يحمل بداخله نوازع الخير والشر وهو الذي يغلِّب إحداهما على الأخرى، وأخيراً الجهد البشري المعقلَن أو محاولات الإنسان للاسترشاد بعقله فحسب من أجل إيجاد تفسيرات مقنعة لسلوكيات البشر وتوجهاتهم، وتندرج تحت هذا الجهد فلسفات اليونان والرومان ومخرجات الفلسفة الإسلامية ومن ثم فلسفات وأفكار عصر التنوير والحداثة الأوربية. وكان الجهد البشري المعقلَن يترقَّى في مدارج النضوج والرصانة بتوالي العصور والحقب حتى وصل إلى أعلى مراتبه مع بدايات العصر الحديث وظهور الفسفات التنويرية التي طرحت عدة مقاربات فكرية حاولت من خلالها أن تبين الطبيعة البشرية ونوازعها وما يؤثر بها ويحركها ويحدد خياراتها وتوجهاتها، ومنها كتابات وأفكار جان جاك روسو وجون لوك وتوماس هوبز وهيجل والتي طرحت الكثير من المفاهيم مثل الإنسان في وضع الطبيعة والحق الطبيعي وذئبية الإنسان وحرب الكل ضد الكل وحتمية الاجتماع والحاجة إلى إنشاء الدولة. وتعد فكرة الثيموس التي طرحها الفيلسوف الألماني هيغل ( 1770 – 1831 ) واحدة من أهم تلك الأفكار وأكثرها نضوجاً وأقدرها على تفسير السلوك البشري القائم على التدافع والتصارع.
إن الثيموس يعني رغبة الفرد وسعيه المستمر من أجل تحقيق الذات ونيل الاعتراف وإجبار الآخرين على الاعتراف بوجوده وبقدرته على الفعل والإنجاز، وقد اعتبر هيغل أن هذه الفكرة من أهم الغرائز المتحكمة بالسلوك البشري وهي المحركة للتاريخ والصانعة لأحداثه، ابتداءً من العصور القديمة عندما كان تحقيق الثيموس يتم عن طريق السيف واستخدام القوة والعنف وإجبار الطرف الأضعف على الخضوع للأقوى، وتدشين عصر السادة والعبيد، والآمرين والخاضعين، والطغاة والمقهورين، مع ما نتج عن ذلك من أحداث تاريخية ( حروب، صراعات، اضطرابات، غزو واجتياحات، نشوء ممالك وامبراطوريات، ظهور أفكار وفلسفات، . . . الخ )، وصولاً إلى اليوم حيث تعددت الطرق والوسائل المفضية إلى إرضاء العطش الثيموسي سواء عن طريق الفن أو الابتكار أو السياسة أو الاقتصاد أو الرياضة أو الروحانيات أو أي مجال آخر يعده الفرد مناسباً له ولتطلعاته.
إن هذا القانون الثيموسي يعد من أهم السنن والقوانين التاريخية، وقد عانت المجتمعات البشرية كثيراً نتيجةً لصدامها معه ولعدم قدرتها على استيعابه وفهمه، بمعنى أن تلك المجتمعات لم تتمكن من إنشاء فضاءات ومجالات متعددة ومتنوعة تساعد على إرضاء أكبر قدر ممكن من المطامح والمطامع والأهواء والتطلعات لأفرادها، وتجعلهم يشعرون بأنهم يفعلون ما يريدون ويحققون ذواتهم وينالون الاعتراف والتقدير من الآخرين، أي وبكلامٍ آخر فإن تلك المجتمعات لم تستطع أن تفتح مسارب كثيرة يمكن من خلالها تصريف الطاقة الثيموسية قبل أن تصل إلى مرحلة الانفجار والخروج عن السيطرة، هذا الانفجار الذي عبَّر عن نفسه – مرةً تلو الأخرى - بشكل حروب وصراعات واضطرابات وانهيارات واختلالات اجتماعية وسياسية واقتصادية والمرور مراراً وتكراراً بمرحلة التصفير وغيرها من أحداث رافقت الرحلة التاريخية للبشر وما زالت تفتك بالكثير من المجتمعات والدول.
إن القدرة على التفاعل الإيجابي مع القانون الثيموسي، وتحقيق حالة من الانسجام والتناغم معه تعد شرطاً أساسياً ومقدمة لا بد منها لتأسيس مجتمع سليم وناجح قادر على الاستمرار والمنافسة والارتقاء والتغلب على المصاعب والتحديات. وكلما ازدادت قدرة المجتمع على تلبية متطلبات الطبيعة الثيموسية الكامنة في النفس البشرية، كلما ازدادت فرصه في النجاح والإزدهار وكلما أصبح أقدر من غيره على المنافسة والبقاء.



#فارس_تركي_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثانيا: التاريخ حر
- سنن التاريخ وقوانينه
- هل أصبح العالم غابة مرة أخرى ؟ وهل يجب على الأمريكيين أن يهت ...
- من نحن ؟
- مبدأ ترامب والمواجهة مع إيران
- النسق القيمي
- عقول وحقائق
- عقلنا عندما ينتخب !
- الانتخابات الأمريكية والتدخلات الروسية
- وهم المعرفة
- الكتلة المدنية
- العقل التآمري
- الواعظون
- المجتمع العبيط
- الثورة والتثوير
- ظلال الله على الارض
- التقليد والابداع
- صفات الشعوب واشتراطات الدولة
- الدولة الحديثة منتج اقتصادي
- الانسان البدائي


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فارس تركي محمود - ثالثاً : الصراع من أجل نيل الاعتراف ( الثيموس )