أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين افقير - النظام الدولي العالمي















المزيد.....



النظام الدولي العالمي


الحسين افقير
كاتب مغربي .

(Houcine Oufkir)


الحوار المتمدن-العدد: 6654 - 2020 / 8 / 22 - 17:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد شكل انتهاء الحرب الباردة في مطلع العقود الأخيرة من القرن الماضي ، بداية حقبة جديدة لعدة مفاهيم ودلالاتها وخصوصا على صعيد مفهوم النظام الدولي العالمي ، اسوة بالتبدل الذي شهدته قواعد العلاقات وادارتها بين الدول في اطار نظام دولي متغير هو الاخر، وكان لضخامة الحدث وما ترتب عليه من تغيير جوهري في شكل النظام الدولي القائم واليات عمله ومعاملات توزيع القوة والقدرة في اطاره ، وفي شكل العلاقات الدولية القائمة ومضمونها وإدارة تفاعلاتها سلما وحربا في ان واحد، الأثر الواضح في ردة الفعل العالمية الرامية الى إعادة النظر في الكثير من المسلمات والثوابت ضمن الادبيات السياسية والدولية، وخصوصا التي تكاملت بها واستقرت في منهاجياتها التحليلية من منطلق اهتمامنا في دراسة مادة العلاقات الدولية على وجه الخصوص بوصفها منطلقا لفهم ما يقع في العلاقات بين الدول ومن تغيرات في السياسات الدولية وكذلك دراسة مفهوم النظام الدولي العالمي.
دائما ما نسمع في نشرات الاخبار ونقرأ في الجرائد مفهوم النظام الدولي العالمي ، لكن لم نتساءل يوما ما هذا المعنى وشرحه ؟ وكيف اتى هذا المفهوم ؟ النظام الدولي العالمي نجده يتكرر دائما وهناك مواد مدرجة في الجامعة تدرِس هذه المادة تحت مسمى العلاقات الدولية.
العلاقات الدولية بشكل عام لا تخضع لقانون مكتوب أو نظام رسمي ينظم العلاقات ما بين الدول، انما تسبح هذه العلاقات في بيئة تحدد من قبل الفاعلين الدوليين، ولا يقتصر مصطلح الفاعلين الدوليين على الدول بحد ذاتها، وإنما يتخطاها ليصل إلى المنظمات الدولية والشركات المتعددة الجنسيات، بالإضافة الى الاشخاص الذين يلعبون دورا في الساحة الدولية كما هو الحال بالنسبة للأشخاص الذين يمتلكون نفوذاً عالمياً بحكم طبيعة نشاطهم (آل روتشلد ، آل بوربورن) بالإضافة إلى البعض من قادة المنظمات الارهابية وتجار السلاح الخ..، وبناء على ذلك يمكن تعريف العلاقات الدولية بمجمل العلاقات ما بين الفاعلون الدوليون، اما النظام الدولي فهو نمط التفاعل بين الفاعلين الدوليين في كافة المجالات، وتكمن أهمية هذا النظام كونه البيئة التي تتم فيها العلاقات الدولية، باعتبار أن الفاعلين الدوليين هم اصحاب القوة والنفوذ، و مع تغير اصحاب القوة يتغير شكل النظام، ومع انتهاء كل مواجهة بين دول كبرى تظهر تحولات رئيسية في توزيع القوة والقواعد التي تحكم التفاعلات الدولية، ويطيح هذا التوزيع الجديد بمؤسسات النظام الدولي القديم ليحل مكانه مؤسسات جديدة تبلور نظامها. وبناء على ذلك يمكن القول أن السلام العالمي يرتبط بمدى فعالية التنظيم الدولي وتأثيره من خلال مؤسساته المختلفة في مواجهة العدوان، وحل النزاعات بالوسائل والطرق السلمية، فالنظام الدولي سار في مراحل تطوره التاريخي بشكل متدرج من الفوضى إلى التنظيم وذلك من خلال دراسة هذه الظاهرة ووضع أسس جديدة لها، وترسخ ذلك من الانتقال من الدائرة الضيقة في إطار الدولة إلى الدائرة الواسعة في إطار المجتمع الدولي والذي بدوره اسهم بظهور النظام الدولي، فالنظام الدولي يقوم على قاعدة تعدد الدول في إطار مجتمع دولي متكون من عناصر مختلفة ومتناقضة، وهو يهدف إلى ترسيخ نوعاً متميزاً من العلاقات بين الدول وهذه العلاقات تهدف إلى التخفيف من النزاعات القائمة، وتطويق مظاهر الصراع، والعمل على إيجاد أسس قوية للتعاون الدولي المتبادل، يقوم على قاعدة المصلحة العامة للمجتمع الدولي وليس على أساس المصلحة المنفردة لإحدى مكوناته.
لذا سنحاول في بحثنا المتواضع ان نقوم بتعريف مفهوم النظام الدولي العالمي من خلال قسيم البحث الى مطلبين المطلب الأول نتناول فيه مفهوم النظام الدولي ثم نتحدث في المطلب الثاني عن خصائص النظام الدولي العالمي.
المطلب الأول : مفهوم النظام الدولي العالمي
سنحاول ما امكن إيجاد تعاريف خاصة بمفهوم النظام الدولي العالمي، هو مجموعة القواعد والمعايير والأعراف التي تحكم العلاقات بين الجهات الفاعلة الأساسية في البيئة الدولية ويوصف النظام الدولي بأنه نمط مستقر ومنظم للعلاقات بين الدول، إذ يعكس جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية1 والأشكال الأخرى من التفاعل الذي ينشأ بين الدول.
سنحاول ان نميز في الفقرة الأولى عن ماهية النظام ثم ماهية النظام الدولي في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: ماهية النظام
تعد لفظة النظام2 من اكثر الالفاظ شيوعا في الادبيات السياسية وتمتد في جذورها الى زمن بعيد ترتبط بدايته حسبما يراه بعض الكتاب بالفلسفة التنويرية الراجعة الى أصحاب نظرية العقد الاجتماعي3، وهذه النظرية تذهب الى ان الافراد ورغبة منهم في ان يبتعدوا عن حالة الفوضى والانضمام الى حالة يسودها الامن والاستقرار يتنازلون عن بعض مصالحهم او كلها لصالح حاكم يكون بمقدوره تأمين هذه الغاية4 .
فبالنسبة الى ناول رابوبورت فإنه يعتمد على المبدأ الذي يحدد العلاقة بين أجزاء معينة أساسا لتحديد ماهية النظام ، فيقول " إن المجتمع الذي يعمل ككل نتيجة الاعتماد المتبادل بين الأجزاء هو ما يمكن تسميته بالنظام5 " في الفكر السياسي يعرفه " مورتن كابلن " بأنه مجموعة النماذج والقواعد المرتبطة التي تحكم عمل العلاقات بين الدول وتحدد مظاهر ومصادر الانتظام فيها خلال فترة زمنية معينة 6" . ويعرفه مولستي " بأنه تجمع يضم الوحدات السياسية المستقلة (دول مدن أمم امبراطوريات.....) ويكون التفاعل بينهما كبيرا ومتواصلا وطبقا لعمليات منظمة7 . بينما يرى مصطفى العلوي ان النظام شبكة معقدة من علاقات الاعتماد المتبادل بين أجزاء ظاهرة ما، ومكوناتها بالإضافة الى العمليات التي تنشأ من استمرارا هذه العلاقة وانتظامها وعلى علاقات التأثير المتبادل بين هذه الكيانات والبيئة المحيطة به8 .
الفقرة الثانية : ماهية النظام الدولي
يمكن تعريف النظام الدولي مما سبق: بأنه مجموعة من المتغيرات في تفاعل بعضها مع الآخر. وقد يكون هذا التفاعل، متكرر الحدوث ومعتمداً بعضه على بعض. إضافة إلى أن أي تغيرات في أجزاء النظام تؤثر في الأجزاء الأخرى . ويمكن القول إن كل الأنظمة لها قواعد وأعراف معينة، وحدود معرفة، وهيكل وتنظيم بالإضافة إلى مجموعة من المدخلات والمخرجات. وأما بالنسبة إلى الوحدات المشكلة للنظام فقد تكون دولاً مستقلة أو مجموعات من الدول كالأحلاف العسكرية والتجارية ومؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة، إضافة إلى فاعلين دوليين غير الدول وحتى بعض الأفراد. وأما بالنسبة إلى التفاعل في النظام بين هذه الوحدات فإنه يأخذ بعد وقت معين قواعد وأعرافاً تصبح دولية وأما بالنسبة إلى حدود النظام فإن المثال عليه هو نظام الدول الأوربية الكبرى (Européen System)، الذي يمكن وصفه بأنه نظام عالمي وأن الدول غير الأوربية هي البيئة الخارجية له.
غالباً ما يتسم النظام الدولي بالفوضوية، أي أنه نظام سياسي دون حكومة و دون قواعد مستقرة و قيم راسخة. ولذلك يجب أن نتصور نظاماً دولياً بقواعد دون منظم لهذه القواعد، وتحصل هذه الفوضى العالمية لأن كل الدول تتصرف حسب مصلحتها الذاتية، وأنه لا دولة ستتصرف بأخلاق، حيث لا يوجد من يؤمنها إذا تصرفت الدول الأخرى بسلوك غير أخلاقي . وباختصار فإن الجزء الأهم في تعريف أي نظام هو توزيع القدرات العسكرية والاقتصادية بين الوحدات المشكلة للنظام.
يعرف النظام الدولي على انه " مجموعة القيم السائدة والاليات المستخدمة والسياسات التي تعتمد من قبل الوحدات الدولية والتفاعلات الناجمة عنها 9" .
في الواقع النظام الدولي يمثل نسقا من التفاعلات او العلاقات التي تتميز بالوضوح والاستمرارية والتي تكون بمجموعها بنية للنظام او هيكله ، فالنظام يصف لنا من الناحية العلمية نموذجا سلوكيا او انماطا سلوكية للتفاعل بين مجموعة من وحدات او كيانات او فواعل مع بعضها البعض ، وبعبارة أخرى يمكن القول ان مدرك النظام الدولي10 يؤشر ذلك الاطار الذي تنتظم فيه وحدات كيانية، يترتب على وجودها سلسلة متعاقبة من الأفعال وردود الأفعال ، يتمخض عنها نتائج سلبية او إيجابية على البعض وعلى النظام الذي تنتظم فيه من ناحية أخرى11 .
وعليه فإن مفهوم النظام ينهض على جملة من الاشتراطات أساسية12 او يقوم على اركان عناصر لا بد من توفيرها حيث يشتمل على قوى وفواعل (Actors) تسمى بوحدات النظام (Units) وهذه الوحدات التي تعطي للنظام صفته الدينامية من خلال التفاعل القائم بينها ووحدات النظام تضم دولا او منتظمات دولية .
يتضح مما تقدم إذن أن مفهوم النظام بأبعاده ومضامينه الدولية ينصرف الى تحديد تلك العلاقات التي يمكن رصدها بين وحدات سياسية تشكل احد اهم عناصره الرئيسية وان هذه الوحدات زيادة على الشكل التراتبي الذي تتخذه في ضوء إمكانيتها وقدراتها وعملية التفاعل القائمة بينها والوسط الذي تتحرك فيه تشكل بمجموعها مقومات أساسية تعين على ادراك النظام الدولي ومن دونها يصعب الحديث عنه او التعرف عليه.
المطلب الثاني: نشأة النظام الدولي العالمي وخصائصه
من خلال مجموعة من التعاريف لمفهوم النظام الدولي العالمي نوجز بأنه القواعد المنظمة للعلاقات بين اطراف محددة في وقت معين.. في حين ذهب اخرون الى القول انه: مجموعة القواعد العامة للتعامل الدولي في جوانبه الصراعية والتعاونية، كما تضعها القوى الكبرى في الجماعة الدولية، وتفرضها على القوى الاخرى في مرحلة تاريخية معينة. لذا مما سبق درسناه سنحاول ان نقسم هذا المطلب الى فقرتين الفقرة الأولى سنتناول فيها نشأة النظام الدولي العالمي، والفقرة الثانية نتناول فيها خصائص النظام الدولي العالمي.
الفقرة الأولى: نشأة النظام الدولي العالمي
يرجع نشوء النظام العالمي الى عام 1648، ففي هذا العام عقدت معاهدة وستفاليا، التي وضعت اسس هذا النظام، وبقيام الثورة الفرنسية عام 1789، التي جاءت بأفكار جديدة عن الحرية والمساواة، وضعت نهاية للمرحلة الاولى للنظام العالمي. وشكلت المدة من عام 1815 حتى قيام الحرب العالمية الاولى عام 1914 المرحلة الثانية للنظام العالمي، فبعد هزيمة نابليون بونابرت، شكل مؤتمر فيينا (عام 1815) الحلف المقدس بين الدول الاوروبية، وبموجبه اصبحت بريطانيا القوة الرئيسة التي امسكت بزمام القرن التاسع عشر، في حين كانت بقية اطراف الحلف تتراجع، وكان مفهوم العالم، في ذلك الوقت، يقتصر في نظر المؤتمرين، على العالم الاوروبي.
فيما شكلت المدة من بداية الحرب العالمية الاولى حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 بداية لتأسيس نظام عالمي جديد، بني على انقاض النظام القديم، وفرض على حساب الدول المهزومة في الحرب، فبموجب مؤتمر الصلح، المنعقد في باريس عام 1919 وضعت اسس النظام الذي مثل هيمنة الدول المنتصرة في تلك الحرب (بريطانيا - فرنسا)، وتميز بهيمنة الدول المنتصرة في تلك الحرب، التي قننت بمعاهدات اعطتها الصفة الدولية والالزام، ومن الواضح، ان هذه المرحلة تميزت ايضاً بوجود اكثر من قوتين رئيستين في قمة الهرم السياسي للنظام العالمي، لذا اطلق عليه النظام المتعدد الاطراف.
ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1945) حتى انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، اتسمت هذه المرحلة بخروج القوى الدولية التقليدية، وتربع كل من الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفيتي على قمة الهرم السياسي العالمي، واطلق على هذا النظام (نظام ثنائية القطبية) وتميز بالحرب الباردة بين القطبين، كما شهدت، هذه المرحلة العديد من التطورات، اهمها: تزايد عدد دول العالم الثالث، وبروز فاعلين من غير الدولتين العظيمتين، واتساع دور الايديولوجية، وضعف التميز بين الحروب الاهلية والحروب الدولية، وبروز دور الرأي العام، والثورة التقنية.
ومنذ عام 1991 بدأت مرحلة القطبية الواحدة، اذ استأثرت الولايات المتحدة الاميركية بالعالم، وبها اعلن الرئيس الاسبق جورج بوش (الاب) ولادة النظام العالمي الجديد، في خطاب له امام الكونغرس، جاء فيه: (اننا نتطلع الى نظام عالمي يصبح اكثر تحرراً ازاء التهديد بالإرهاب). ثم طرح الرؤية الاميركية للنظام العالمي الجديد امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقوله: (ان لدينا رؤية تقوم على المشاركة الجديدة للدول، وهي مشاركة تتجاوز الحرب الباردة، وتستند الى التشاور والتعاون الدولي الجماعي، وبخاصة من خلال المنظمات الدولية الاقليمية، مشاركة يوحدها المبدأ وسيادة القانون، ويدعمها الاقتسام المتساوي للتكاليف والالتزامات، وتهدف الى زيادة الديمقراطية والازدهار والسلام، وتخفيض الاسلحة).
1 - النظام الدولي الجديد في القرن العشرين
يولد نظام عالمي جديد عندما يمر العالم بحرب كبري وتنهار أو تضعف مصالح الدول التي تسير ذاك النظام فيتولد نظام دولي جديد، كما حدث في القرن العشرين؟ أي: بعد الحرب العالمية الأولي.. وذلك في قصر فرساي سنة 1919، فقد اصبح النظام الدولي السابق نظاماً رجعياً قديماً اطلق عليه بـ نظام الكولينيالي العسكري . أما النظام الدولي الجديد الذي ولد في فرساي، فهو الذي رسم العالم وقسمه علي هواه في اطار وليد من الجغرافية السياسية، فظهرت دول جديدة وماتت دول قديمة. وان حدوث تغييرات من مشكلة نظام في شرق ادني اليها في شرق اوسط، ومن كولينيالي عسكري الي امبريالي سياسي. وعليه فان المسألة الشرقية التي عاشت طويلاً في القرن التاسع عشر في شرق اوروبا قد حققت اغراضها بالقضاء علي الدولة العثمانية التي تفككت وسقطت وقسمت اسلابها بين الحلفاء، ولم تجد حتي مَن ينعيها، اذ دفعت ثمناً باهظاً ولما وصفت بـ الرجل المريض لم يناصرها احد ابداً!
ان النظام الدولي الذي ولد سنة 1919 في القرن العشرين قد استمر تحت قبضة قوتين أساسيتين في العالم، تمثلهما كل من بريطانيا وفرنسا ولكن الفترة ما بين الحربين العالميتين حسمت الموقف لصالح تبلور قوتين جديدتين: الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفييتي. ومنذ سنة 1919، بدأ العالم تحولات كبري علي امتداد القرن العشرين. ان القانون الدولي يختلف هو الآخر بتباين المصالح. وعليه، فقد تخلت الدول الاستعمارية القديمة عن مستعمراتها اثر حركات التحرر التي نشأت في اسيا وافريقيا، وبدأت دولها تستقل وتتحرر، فتتولد دول جديدة وانظمة سياسية جديدة، وتكرس النظام الدولي في شكلياته علي ايدي كل من عصبة الامم والامم المتحدة، ولم يزل النظام الدولي موجوداً بوجود هيئة الأمم المتحدة، ولكن ثمة تغييرات ستحدث عند نهايات القرن العشرين وارتهان قوة عالمية واحدة للإردة الدولية ممثلة بالولايات المتحدة الامريكية.
2 - ولادة ما سمي بـ النظام العالمي
انهار الاتحاد السوفييتي عام 1992 وبدأت فكرة الاستقطاب العالمي اي انفراد قوة كبري وحيدة في العالم تستحوذ عليها الولايات المتحدة الامريكية التي تبشر بنظام عالمي جديد. وهذا النظام لا كما يربطه بعض بـ النظام الدولي ! فهو سعي امريكي لإحداث البديل واقراره علي العالم ليقبل به صاغراً او مستسلماً أو معجباً في القرن الجديد! ولكن متي ستولد هذا النظام؟ ومتي ستحدد له علاقاته الجديدة؟ هناك تكهنات وتنبؤات جديدة وعديدة، فالمرحلة حتي نهاية العقد الاول سيمر العالم خلالها بمخاض صعب جداً سيتخلى فيه عن نظام القرن العشرين ويدخل نظاماً عالمياً جديداً له سماته وخصائصه وتكويناته الجديدة. وعليه، فان دولاً عدة ستتلاشى، وان نظماً عدة ستنهار! وسوف تزداد قبضة القوي الكبرى علي المصالح الحيوية في العالم بانتظار توازن جديد ومرعب للقوي الدولية والاقليمية وحتي المحلية. وستكتفي اكثر من قوي في العالم بما سيصيبها.. وستلعب كتلة الاتحاد الاوروبي ضمن سياقات جديدة من التحالفات ومع دخول روسيا الاتحادية عضو في حلف الاطلسي، سيسهل التعامل مع الصين التي يبدو ان مصالحها الاقتصادية ستفرض عليها قبول النظام العالمي الجديد.
الفقرة الثانية: خصائص النظام الدولي العالمي
هناك عدة خصائص يتميز بهمها النظام الدولي العالمي سنحاول اجمالها في اثني عشر خاصية ، وهي على الشكل الاتي.
1- القطبية الأحادية Uni-polarity:
فالسمة الأساسية هي هيمنة hegemony الولايات المتحدة على النظام الدولي من الناحية السياسية والعسكرية ، وانفرادها بقيادة العالم والتصرف بصورة فردية دون حاجة للحلفاء بدلاً من القطبية الثنائية السابقة.
فعلى المستوى السياسي قامت أمريكا بدور المنظم للمجتمع الدولي، وراود الكثيرين في العالم الأمل بانتهاء الحرب والاتجاه بخطوات ثابتة نحو السلام العالمي، ومنذ أحداث 11 سبتمبر ظهرت نوعية جديدة من الاستقطاب وحلت ثنائية جديدة تتمثل في مواجهة بين الولايات المتحدة وقوى الإرهاب ودول وصفتها أميركا بالدول المارقة والتي تشكل ملاذاً للإرهاب. وفي هذا الصدد كشف التحرك الفردي للولايات المتحدة تجاه الحرب على أفغانستان واحتلال العراق عن عجز أوروبا عن أن تشكل قوى سياسة تتبوأ مكاناً يليق بقوتها إلى درجة وصفها بأنها عملاق اقتصادي لكنها ليست سوى قزم سياسي.
وعلى المستوى العسكري استندت الولايات المتحدة في فرض زعامتها على العالم، إلى قوتها العسكرية والنووية الكبيرة، مما أدى إلى انفرادها بالقرارات العسكرية دون الالتزام بالشرعية الدولية، بحكم قوتها الاقتصادية والعلمية والعسكرية في مجال الاستخبارات والتجسس الالكتروني والمراقبة بواسطة الأقمار الاصطناعية والعدة الحربية المتطورة من السفن والطائرات والمدفعيات والصواريخ الرشاشات... ،كما يتسم النظام الدولي الجديد بحل الأحلاف العسكرية الاشتراكية السابقة كحلف وارسو، إقامة القواعد العسكرية الأمريكية في مناطق مختلفة من العالم وخاصة في الشرق الأوسط- كالكويت والسعودية وقطر والضغط على الدول المنتجة للسلاح وخاصة النووي كإيران وكوريا الشمالية.
وعلى المستوى الثقافي نجد هيمنة العولمة الثقافية الغربية والأمريكية تحديدا، وتسخيرها لآليات إعلامية وفنية ولغوية لفرض نفوذها وتهديد وجود الهويات الثقافية المحلية على الصعيد العالمي ويطلق عليها البعض ثقافة الكاوبوي.
أما على المستوى الاقتصادي فيمكن القول أن النظام الحالي هو نظام متعدد الأقطاب تبرز فيه قوى اقتصادية كبرى سواء في أوروبا أو في دول شرق آسيا ،خاصة مع تصاعد حدة الأزمة المالية العالمية التي أظهرت هشاشة الاقتصاد الأمريكي.
2- تعدد الفاعلين الدوليين:
بتعدد وتوزع مصادر السلطة على مستوى العالم نتيجة تصاعد قوة الشركات المتعددة الجنسية والمنظمات عبر القومية والمنظمات غير الحكومية التي أصبحت تشكل تحدياً لسيادة الدولة وسلطتها، كما يمكن القول إن النظام الدولي قد عرف فاعلا جديدا كعنصر من عناصر المجتمع الدولي يتمثل في عولمة الإرهاب، فقد خرج الإرهاب من رحم العولمة الأمريكية ليمثل نوعاً من العولمة المضادة، وهو فاعل ليس قطرياً ولا إقليمياً ولا يمر عبر مؤسسات الدول وله مقوماته الذاتية واستقلاليته وكثير من الجماهير المتعاطفة معه ، وهناك أيضا تزايد دور منظمات ولجان حقوق الإنسان والدفاع عن البيئة.
3- تعدد الدول:
يتسم النظام الدولي الجديد بزيادة عدد الدول الداخلة فيه فبعد أن كانت الدول الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة 51 دولة من بينهم مصر أصبح اليوم عدد الدول الأعضاء 203 دولة تشمل جميع القارات، ومن ثم سقط مفهوم الاجماع حول الأولويات الدولية.
ويطلق البعض على هذه المرحلة مرحلة الاستقطاب Polarization ،حيث يرى بعض المحللين أن السنوات القادمة وتحديدا خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ستعيد الى الواجهة عدد من المتنافسين العالميين المتنمرين الصغار كالهند واليابان الى الساحة الدولية وعودة بعض القوى الكبرى كالصين وروسيا الى رقعة الشطرنج الدولية كذلك كدول متحدية ومنافسه للولايات المتحدة الاميركية ، وهو ما سيحول النظام الى نظام تعددي أكثر من ميوله الى نظام ثنائي القطب ، ولكن سيكون أقرب الى التعددية القطبية الفضفاضة منه الى المحكمة ، حيث سيبدو نظام التعددية القطبية فيه على شكل تحالفات بدلا من تكتلات.
وفي مقال للكاتب "دانيال دريزنر" تحت عنوان "ما بعد النظام العالمي الجديد" أو "جديد النظام العالمي الجديد" The New New World Order والذي نشرته مجلة Foreign affairs 2006، حيث يوضح أن المعطيات التي فرضها الواقع الدولي من تصاعد قوى ذات ثقل اقتصادي وسياسي متنام أصبحت محددات لا يمكن لأمريكا غض الطرف عنها. وفي سبيل بحث الولايات المتحدة عن مصالحها ربما تجد من الأفضل أن تتلاقى مصالحها مع مصالح هذه القوى المتنامية؛ لتعيد تشكيل النظام أحادي القطبية إلى نظام متعدد الأقطاب ، غير أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى تأسيس جديد لنظام متعدد الأقطاب بقدر ما تسعى إلى احتواء هذه القوى الصاعدة، وخاصة العملاقين الصيني والهندي.
4- وجود السلاح النووي وسيادة مبدأ توازن الرعب النووي:
كانت استراتيجية الولايات المتحدة العسكرية تتبنى سياسة الردع والاحتواء مع الاتحاد السوفياتي والدول المعادية الأخرى، وتقوم هذه السياسة على إقناع العدو بضرورة الابتعاد عن تهديد الأمن والمصالح الأميركية خوفاً من اللجوء إلى الأسلحة النووية والتدمير الشامل، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي اتجهت السياسة الأمنية الأميركية نحو تقليل تدخل الولايات المتحدة عسكرياً في الخارج وظهر هناك نوع من التوافق الدولي نحو تجنب الحرب والعمل على تسوية المنازعات بالطرق السلمية.
إلا أنه بعد أحداث 11 سبتمبر تحولت هذه الاستراتيجية نحو إعطاء أولوية للحرب على الإرهاب وتبني سياسة الضربات الوقائية ، وفي الوقت نفسه احتفظت السياسة الأميركية لنفسها بحق استخدام الأسلحة النووية بشكل محدود ضد الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة دول مارقة ترعى الإرهاب وتهدد السلم العالمي بامتلاكها لأسلحة الدمار الشامل مثل العراق وإيران وكوريا الشمالية، وقد قادت هذه السياسة إلى وجود مفهوم جديد للأمن .
أما على صعيد الأسلحة الاستراتيجية، فإن التوجه الدولي العام هو ضبط مثل هذه الأسلحة، خصوصاً وأن اتفاقية [ستارت2] START2 بين الولايات المتحدة وروسيا في العام 1993 قضت بتخفيض الترسانتين النوويتين بنسبة عالية. وهناك تعاون روسي - أميركي لضبط الأسلحة النووية الموجودة في أوكرانيا وروسيا البيضاء وكازاخستان. على أن التفجيرات النووية المتلاحقة في الهند وباكستان، وامتلاك إسرائيل لمئات الرؤوس النووية، من العلامات البارزة على انتشار السلاح النووي وبقاء المخاطر المهدّدة للإنسانية.
وفي نفس الوقت عقد مؤتمر الانتشار النووي بنيويورك في الفترة من 3مايو إلى 28 مايو الجاري لضبط المخزون النووي وتقنيات استعمالاته الحربية والغرض المباشر من هذا المؤتمر هو طبعاً ضبط المخزون النووي في دول الاتحاد السوفياتي السابق لمنع تسربه إلى الشبكات المعادية، وفي الوقت نفسه التضييق على الدولتين غير الخاضعتين لهذه المنظومة (إيران وكوريا الشمالية) لمنع تسريبهما التقنية والمواد لأطراف ما.
5- اضمحلال دور القانون الدولي وازدواجية المعايير:
ثمة مشاهد عن تجاهل القانون الدولي العام، أو عن التناقض في تطبيق قواعده في غير منطقة من العالم، سواء بالنسبة لحقوق الإنسان، أو حفظ السلام، أو حماية البيئة الطبيعية من التلوث والتدمير... ، حيث نجد ازدواجية في المعايير وتجاوزات عديدة في مفهوم حقوق الإنسان ، فحصار العراق على مدى سبع سنوات سبّب أضراراً بالغة في أوساط الشعب العراقي، من وفيات الأطفال إلى التهديد البيولوجي لحياة الملايين من المدنيين. هذا رغم احتجاجات الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الصحة العالمية على الإبادة الجماعية، المنافية للقانون الدولي،
كما سبّب حظر التجارة الأميركية المضروب على كوبا زيادة معدل الوفيات، وانتشار الأمراض التي تحملها المياه، وفي فلسطين تستمر انتهاكات القواعد الدولية من خلال الأوضاع المأساوية للمساجين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
6- تآكل سيادة الدول :
في الوقت نفسه تدهورت سلطة الدولة القومية ومن ثم سيادة الدولة وتضاءل دور المنظمات الدولية في تسوية الصراعات الدولية وحل المشكلات الدولية ليحل محلها دور الولايات المتحدة قائدة العالم ،ويعود تراجع مكانة الدولة في العلاقات لعدة عوامل أهمها:
بروز فاعلين أقوياء في شبكة التفاعلات الدولية: الشركات المتعددة الجنسية، المنظمات الإقليمية والدولية، المنظمات غير الحكومية، رجال الأعمال، الأسواق التجارية......الخ.
التحول في سلوك المنظمات الدولية، فقد كانت المنظمات الدوليــة في السابق عبارة عن مؤسسات تابعة للدولة القومية، أما الآن فقد غدا للمنظمات الدولية وجود متميز ومستقل عن إرادات الدول المنشئة لها. وليس أدل على ذلك من إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1991م الذي أيد التدخل الإنساني من دون طلب أو حتى موافقة الدولة المعنية كما حدث من استخدام القوة لمصلحة "السكان المدنيين" في الصومال.
التحول الكبير الذي طرأ على مفهوم السيادة للـدولة القومية، حيــث أنهت الاختراقات الثقافية والإعلامية الوظيفة الاتصالية للدولة، ما جعل من نظرية سيادة الدولة نظرية خالية من المضمون. وليست عملية التشابك الاقتصادي الدولي التي جعلت من سيطرة الدول على عملها أمراً غير واقعي، إلا إحدى تجليات انتهاء السيادة بمفهومها السابق.
7- استمرار عدم التوازن في القوى:
نلاحظ أن مجلس الأمن الدولي لا يزال يعكس موازين القوى السائدة منذ مؤتمر يالطا عقب الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب الباردة، فما زالت الدول تستخدم حق الفيتو إلا أنه برز النفوذ الأميركي في قرارات هذا المجلس، انعكاساً لموازين القوى الجديدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. فالقرارات المتعلقة بالغزو العراقي للكويت جاءت من دون اعتراض دولة من الدول الدائمة العضوية خاصة بعد غياب "الفيتو السوفييتي" .
8- تغير مفهوم القوة وظهور المنظمات الاقليمية:
في السابق كانت القوة العسكرية تتمتع بمزايا لا مثيل لها في تحقيق الفائدة السياسية والاقتصادية للدولة. لكن تحولات العصر وتطوراته قد جعلت الأداة الاقتصادية في سلم أدوات السياسة الخارجية وأصبحت القوة الاقتصادية المقياس الفعلي لقوة الدولة، وقد ترتب على هذا الأمر ما يأتي:
‌أصبحت هناك دول تمتلك قدرات عسكرية فائقة، ومع ذلك فإن أمنها مهدد مثل روسيا.
‌وكذلك أصبحت هناك دول لا تمتلك قدرات عسكرية جبارة ومثالها اليابان، ومع ذلك فإن أمنها غير مهدد.
‌تغيرت طبيعة التحالفات من تحالفات عسكرية إلى تحالفات ذات طبيعة اقتصادية ومثالها: النافتا، الاتحاد الأوروبي، آسيان، وابيك...الخ.
9- الميل نحو التكتلات الدولية الكبيرة:
من أبرز ملامح النظام الدولي الجديد هو اتجاهه نحو التعامل «الكتلي» أي إلى الكتل والمجموعات الكبرى ، إن لم تعد الدولة مرتكزاً أساسياً في رسم تصورات المستقبل مهما كان من حجم لهذه الدولة على المستوى السياسي أو العسكري أو الاقتصادي أو السكاني ، ولذا فإن أنظمة الدول المستقلة لن تجد لها مكاناً بارزاً إلاّ من خلال تكتلات كبرى بدت ملامحها من المجموعة الأوربية التي تشكل أقوى قوة اقتصادية إلاّ أن هذه التكتلات لا تتوقف عند نقطة المصالح الاقتصادية بل تمد نظرها إلى أفق بعيد أرحب وأشمل للتحول بعد ذلك إلى كتل سياسية كبرى . ولعل نموذج الوحدة الأوربية واضح في هذا الأمر فالعصر القادم هو عصر التكتلات أو المجموعات السياسية الكبرى الذي تحتفظ فيه الدول القطرية بشخصيتها القانونية ومكانتها وسيادتها ، إلاّ أنها تدور في فلك واسع هو الكتلة التي تنتمي إليها .
10- الثورة التكنولوجية:
من السمات المميزة لهذه المرحلة الثورة الهائلة في وسائل الاتصال ونقل المعلومات وسرعة تداولها عبر الدول، والتي انعكست بشكل كبير على سرعة التواصل وفي معدل التغير. فإذا كانت البشرية قد احتاجت ما يقرب من 1800 عام حتى تبدأ الثورة الصناعية الأولى واحتاجت كذلك إلى مائة عام تقريباً حتى تدخل الثورة الصناعية الثانية، فقد احتاجت إلى ما لا يزيد على ربع قرن لتدخل الثورة الصناعية الثالثة التي نعيشها الآن عبر التطور الكبير في مجالات الفضاء والمعلومات، والعقول الالكترونية، والهندسة الفضائية.
ونتج عن ذلك عولمة المشكلات والقضايا التي تواجهها الجموع البشرية مثل الفقر والتخلف والتلوث البيئي والانفجارات السكانية وغيرها الكثير، حيث لم تعد تقتصر نتائج هذه المشكلات على دولة محددة أو مجموعة دول، وإنما تعدى ذلك إلى دول أخرى بعيدة جغرافيا.
11- خاصية اللاتجانس:
فالنظام السياسي الدولي يشكل نظاماً غير متجانس، حيث تتجلى مظاهر عدم التجانس في:
حالة التباين الشديد بين وحدات النظام الدولي من حيث الحجم والقوة رغم تمتعها نظرياً بالسيادة والمساواة أمام القانون.
العلاقة غير المتوازنة بين دول الشمال ودول الجنوب، فعلى صعيد التجارة الدولية تستحوذ الدول الصناعية النصيب الأعظم من النشاط التجاري العالمي في حين لا يمثل نصيب الدول النامية إلا قدراً ضئيلاً.
وتظهر حالة انعدام التجانس في ازدياد الهوة التكنولوجية بين الشمال والجنوب، ما خلق حالة من التبعية التكنولوجية نتيجة سيطرة الشمال على أدوات الثورة العلمية والتكنولوجية.
12- تصاعد التوترات والصراعات:
فقد تزايدت التهديدات الإرهابية على الصعيد العالمي للمصالح الغربية والأمريكية تحديدا ، كما تزايدت التحديات البيئية التي تواجه العالم كالاحتباس الحراري والتصحر والتغيرات المناخية والأعاصير والفيضانات والتلوث، مع تزايد الحروب الأهلية والإقليمية بأسباب دينية أو عرقية أو اقتصادية مثل باكستان، الصومال، رواندا بروندي، رواندا وحاليا العراق وأفغانستان...ثم تنامي الهجرة القسرية بسبب الحروب والفقر والكوارث الطبيعية...وتزايد التوتر السياسي في الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان وإفريقيا الوسطى.

كما تزايدت حملات الولايات المتحدة الأمريكية في العالم بعد نهاية الحرب الباردة فقد شنت حملة عسكرية شنيعة على العراق سنة 1991 أعقبها حصار اقتصادي ساحق إلى غاية سنة 2003،لتعود الولايات المتحدة وحلفائها إلى احتلال العراق دون موافقة الأمم المتحدة.كماتدخلت عسكريا بشكل منفرد في الصومال خلال سنتي 1992-1994.وفي سنة 1999 أقحمت حلف شمال الأطلسي في حملتها العسكرية على يوغوسلافيا، كما شنت غزوا عسكريا بغطاء أممي على أفغانستان في سنة 2001 وفي الفترة الحالية يتخوف المجتمع الدولي من تداعيات التهديدات والضغوط التي تشنها ضد إيران وكوريا الشمالية وسوريا .
ومن أجل ذلك قامت الولايات المتحدة بتقسيم العالم إلى مناطق إقليمية وتسهيل قيادة هذه المناطق الإقليمية للدول التي تقبل بالزعامة الأمريكية وتقبل أن تكون حليفة للولايات المتحدة الأمريكية؛ بحيث تتولى هذه الدول ضبط الأوضاع في هذه المناطق مما لا يضطر الولايات المتحدة الأمريكية للتدخل في كل صغيرة وكبيرة في العالم ما سيترتب على ذلك من تكاليف مالية وبشرية لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية تحملها.
ختاما ومن خلال استعراض أهم خصائص النظام الدولي الجديد في مرحلته المعاصرة يتبين أننا على أعتاب مرحلة جديدة تبدو فيها الولايات المتحدة بيدها خيوط التأثير الدولي إلا أنها في الوقت نفسه تؤمن بضرورة إفساح المجال للقوى الصاعدة اقتصاديا لا لتزاحمها في مجال الصدارة بل لاحتوائها وطيها في ركابها والأيام القادمة ربما تكشف عن ملامح مرحلة جديدة من النظام الدولي تشهد نوع من القطبية المتعددة ولكن من طراز مختلف.


-------------------------------------------------------------------------
1 - مايكل مازار وأخرون، فهم النظام الدولي الحالي، الطبعة الاولى (كاليفورنيا، مركز راند،2016) ص7.
2 - النظام مجموعة من الكيانات المتنوعة التي يوحدها التفاعل المنتظم طبقا لشكل من اشكال السيطرة .
3 - ابراهيم البراشي ، حدود النظام وازمة الشرعية في النظام الدولي ، مجلة المستقبل العربي ، السنة السابعة عشر ، العدد 185، تموز 1994، صفحة 5.
4 - G.Mosca Histoir des doctrines politiques Nouvelle Edition complet par Gbouthoil paris: 1955 p 56.
5 - جيمس دورلي ، النظريات المتضاربة في العلاقات الدولية ، ترجمة وليد عبد الحلي، مكتبة شركة كاظمة للنشر، بيروت، 1985، ص 99.
6 - عبد القادر فهمي النظام الاقليمي العربي، دار وائل للنشر، عمان، الطبعة 1 ، 1999 ، ص 15.
7 - المرجع نفسه.
8 - مصطفى العلوي، التحرك البياني والتوازن الجديد في اسيا، مجلة السياسة الدولية، العدد 56، سنة 1979، ص، 68.
9 - عبد القادر فهمي، النظام الاقليمي العربي، مرجع سابق ذكره، ص 15،16.
10 - جاء استخدامنا لمصطلح النظام بدلالة المصطلح (système) وهو المصطلح المستخدم في مجال الآدب السياسي المعنى بالعلاقات الدولية تمييزا عن مصطلح (ordre) ذلك لان الأخير يفترض وجود سلطة عليا امرة وقاهرة ، قادرة على فرض ارادتها ، ما على الحرين الا الالتزام بها ،
أما مصطلح (système) فهو ينصرف الى توصيف تلك الأنماط السلوكية التي لا تفرض بالضرورة وجود سلطة عليا تنظمها بل ان ما يدفع الى ذلك مجموعة القواعد والأعراف والمبادئ والقيم التي تتبعها الدول.
11 - عبد القادر فهمي ، النظام الاقليمي العربي، مرجع سبق ذكره، ص 16.
12 - هناك اربعة شروط اساسية للنظام الدولي شرطين ماديين ، وشرطين معنويين ، اما الماديين فيضمنان وجود وحدات سياسية مستقلة وقيام قدر كبير من الصلة بينهما ، اما المعنويين فيضمنان وعي الاطراف (الوحدات) بالمشكلات التي تنشأ من وجودها المشترك ، ثم وصول هذا الوعي
الى الشعور بالحاجة لاتخاذ وسائل دولية.



#الحسين_افقير (هاشتاغ)       Houcine_Oufkir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى غدُهُ؟
- إلى حيث احلام تتحقق
- انا والقلم
- لست أنا
- ابنته الغالية
- اعترافات
- ليت الصبر
- لا يهم
- لا تنتظرني
- أيها القلب
- حاول مرارا
- انتحار الليل
- هواه القاهري
- على شطآنك
- لا يليق بكِ
- حلم
- عبر دروب
- مفردات
- اغمض عينيه
- لثمت شفتيه


المزيد.....




- مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف ...
- مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي ...
- الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز ...
- استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
- كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به ...
- الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي ...
- -التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
- أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
- سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ ...
- منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين افقير - النظام الدولي العالمي